مساحة حرة

الديمقراطية بتوقيع منتصرين

بدأت متوالية الصفعات المتلاحقة لكل “حافري الأنفاق السياسية” تحت أرض السيادة السوريّة، ولكل هواة اللعب والتلويح بالوريقات الأخيرة في سفر الأزمة السورية، وسجّل “عدّاد” الترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية، في سادس أيامه، ستة مرشّحين، وست ضربات موجعة، لكل من لم يفهم بعد أن دروس الديمقراطية لا تقبل شهادات المنشأ المستوردة، وأن الوطنية هي انتماء واضح الملامح إلى وطن محدّد وليس مائعاً، مرتسم ومُجسّد بأرض وحدود وبشر وثقافة وعواطف وهوى سياسي-وطني.

صفعات ست قابلة للزيادة على شكل مرشحين وطنيين تلقى مجلس الشعب إشعارات بطلبات ترشُّحهم من المحكمة الدستورية العليا، ستة سوريي الهوى والانتماء، وست قرائن دامغة تبرهن على حيوية الروح السورية المقترنة بمعاني الإصرار على تزيين لمسات الانتصار السياسي والعسكري بانتصار ديمقراطي، على أيدي سوريين نجحوا في امتحان الوطنية الصعب واختبارات التحمل لأجل الوطن، وخطوا رسالة بليغة لكل من يجيد القراءة، مفادها  ألا مكاسب لسورية ولا لأي سوري أصيل من حياة الفنادق المُذلّة في الخارج رغم مظاهر الترف، ولا مصلحة لسوري حرّ وراء “عواء كلاب الحراسة المسعورة” وإن انتشر صداها على شكل مداخلات سياسية تزعم حرصاً على سورية، فلقب المكي يسقط عندما يخلع عباءة أهله وينتهك حرماتهم، ولم يعد “أهل مكة أدرى بشعابها” لأنهم ليسوا أهل مكة.

خياراتنا نماء ونعمة، وخياراتهم بؤس ونقمة، استقووا بـ “إسرائيل”، أقذر وأخطر عدو كائن ومفترض، واستقوينا بوطنية أبناء شعبنا وجذوة الانتماء، التي غلبت جذوة الحقد اللا منتهية الاستطالات، التي وصمت كل الفارّين خارج حدود الوطن لتصنيع وتمويل قذائف الموت والفتك بسورية شعباً وأرضاً وبنياناً وحضارةً!.

والآن وبعد كل محاولات النهش والقضم المسعور للجسد السوريين، لم يعد أمام “الناهشين” سوى “النباح”، وللنباح في علم نفس الحيوان دلالات إفلاس وعجز، وإيحاء من غريزة إثبات خصوصية النوع الحيواني، وللعلم الكلاب التي تهاجم لا تنبح، بل الأخرى المطرودة والمهزومة هي التي تملأ الدنيا عواءً وضجيجاً، وهنا قد تتضح جليّةً معاني مقولة: “الكلاب تنبح والقافلة تسير”.

اليوم يترقب كل السوريين تفاصيل وتطورات تلبية الاستحقاق الرئاسي، وجولات الإعداد لانتخابات تعددية ذات خصوصية بالغة الدقّة، دقتها وحساسيتها من دقة وحساسية المرحلة، التي لا تقبل الخضوع ولا الرضوخ ولا الاستمهال ولا الإنصات لصوت إلّا الصوت السوري الحقيقي، صوت الشعب السوري الذي صمد وكابد ودفع ثمن صموده دماً وأصر على دفع المزيد.

هي ملامح سورية ما بعد المؤامرة والأزمة، بدأت تتشكل وبجلاءٍ ووضوح، والأبواب مُشرعة أمام كل سوري على أرض الوطن للمشاركة في البناء، ومن يحجم فقد أحجم عن حق من حقوقه، إن قبلنا بفلسفة إسقاط الواجبات. وهنا تغدو بيانات الإرجاء والتسويف الراشحة من أروقة الداخل، مكابرة بل تهمة ربما لا تليق بمن أُدرجوا في قوائم الوطنيين ولو أطلقوا على أنفسهم معارضة الداخل، فقطار الإصلاح والديمقراطية انطلق، ومن ينكفئ يبقى على مواقف انتظار الأحلام الخلبية التي بشر بها من نال منهم الهذيان بعد الوجبات المعلبة في مطاعم فنادق الفرار والخيانة.

ناظم عيد