ثقافة وفن

الشاعرة صالح من الظل إلى الضوء

إذا كان وراء كل عظيم امرأة فمبدع وشاعر سورية العظيم محمد الماغوط لم تكن وراءه امرأة عادية فحسب بل كانت أديبة اكتنزت البهاء والإبداع تجسدت في شخصية الشاعرة الراحلة سنية صالح.

الشاعرة التي أفردت لها وزارة الثقافة ندوة خاصة في مكتبة الأسد بعنوان “سنية صالح شاعرة في الظل” بمشاركة أدباء ونقاد قدم خلالها الدكتور عبد الله الشاهر نبذة عن حياتها منذ ولادتها في مصياف سنة 1935 والطفولة القاسية التي عاشتها بسبب فقدها لأمها وكانت قليلة الكلام شديدة الحياء في طفولتها مبينا أنها درست الأدب الإنكليزي في بيروت وتعرفت في بيت أختها خالدة سعيد على الماغوط.

ولفت الشاهر إلى أن المرض العضال الذي أودى بحياة سنية انعكس على شعرها فطبعه الحزن والألم لغاية وفاتها عام 1985 مبينا أن عالمها الأدبي حمل طابعا صوفيا بعكس الماغوط الذي يغوص في الوحل والفجيعة ومن مؤلفاتها من الشعر “الزمان الضيق .. جسر الإعدام .. قصائد .. ذكر الورد” ولها مجموعة قصصية بعنوان “الغبار” وحازت خلال حياتها جوائز أدبية عديدة وكتب لها الماغوط بعد وفاتها رسائل مفجعة.

وتطرق الشاهر لميزات النص الشعري عند سنية من حيث بناء النص في الإفصاح عن مكنونات ذاتها والمسكوت عنه في شعرها وبحثها الدائم عن طفولتها الضائعة إضافة للخطاب الذاتي بقصائدها فكانت تخاطب نفسها وتصالح قضاياها ذاتيا ما يشي بوحدانية الروح وكليتها كما اتسم شعرها بالتضاد بين الحب والعنف واستحضار الأزمنة والتمكن من اللغة الشعرية وانزياحاتها الدلالية والإيجاز والتكثيف والترميز ما جعل قصائدها تتجاوز الحدود بين الواقع والمتخيل.

الشاعر بديع صقور الذي تماهى مع نص سنية صالح ليقدم مزيجا شعريا حالما متقمصا نصها الشعري غائصا في عوالمها ليخرج بنصوص شعرية علامتها سنية ومبدعها الشاعر صقور قال في تصريح لـ سانا: “هناك تناص أو تماه بين نصوص سنية صالح ونصي بعنوان (سنية صالح سهرة في بستان القمر) ” مشيرا إلى أن الشاعرة الراحلة سكنت الظل لكنها وصلت من خلال قصائدها وتمكنها من لغتها وإبداعها وصوتها المتميز إلى اختراع كوكب هادئ يسوده الحب والعدالة.

الدكتور اسماعيل مروة الذي قدم محورا خلال الندوة بعنوان سنية صالح ورفقة الماغوط قال بدوره: “سنية صالح شاعرة في الظل لأنها في ظل قامة مبدعة هي الماغوط ولأنه كان لها مزايا نفسية حياتية جعلتها تبتعد عن الضوء فآثرت أن تكون أما وزوجة على أضواء الشهرة” مبينا أن علاقتها بالراحل الماغوط بدأت من مجلة شعر لتجمع بين إنسانين على درجة من الحساسية.

ووجد مروة أن سنية رغم أنها شاعرة نثر لكنها اختلفت عن الماغوط في تناولها للشعر حيث قالت “لا أريد قصيدة تطرب الجمهور بل أريد قصيدة تستنفر الجمهور “ليخلص إلى نتيجة أن الراحلة امرأة من نوع خاص ولدت في زمن الحركات الفكرية التي تدعو إلى حرية المرأة لكنها أرادت بحريتها أن تكون امرأة قبل أن تكون شاعرة”.