مساحة حرة

«شغيلة» نأكل من عرق الجبين ونغني عاش الوطن

الأول من أيار ومن كل عام يحتفل سمر الجباه معذبوا الحياة، الصابرون الكادحون الأباة، يظلمون سنة وسنوات! نحتفل بهم يوم وعلى مضض نحتفل! هم بناة الحضارة وكل ما ننعم به، مرفهون نحن على حساب الشغيلة! نحصد بيدر حقلهم بلا خجل أو وجل! رغم الجحود ونكران الجميل يواصلون العمل، بحب يعشقونه.

ترتسم على الوجوه إبتسامة أمل كلما قدموا لنا خلاصة عمل، عمالنا كل عام وأنتم بألف خير، حي على العمل سلاح الأمل، في كل الميادين بصمة نفخر بها نقدسها، لو بيدي لأعطيتكم الجمل بما حمل، أنتم الوطن صدقوني دونكم لا وطن، ما قيمة الوطن بلا الشغيلة؟ بالتأكيد = صفر.

لم يتوانى عمالنا عن تقديم إبداعاتهم وعلى كافة الصعد، نجرح صبرهم بإزدراء! إن رأينا عاملا في الطريق تبتعد خوفا أن يتسخ ثوبنا الذي صنعه هو الذي عنه إبتعدنا! نتعالى ونحن الصاغرون أمام عنفوان التحدي والشرف، عمال وعمال نغني نبني الوطن ومن داخل المكاتب وننسى من على أرض الواقع! ما قيمة المهندس وما يهندس بلا عمال؟ وما قيمة المدراء والوزراء بلا عمال؟ من ينفذ مشاريعكم يا سادة؟ الحدائق والساحات؟ نصول ونجول نعشق ونحب! هل سألنا أنفسنا يوما من الذي قام بالبناء؟ من زرع شجرة ومن سقاها؟ ومن أنارها؟ ومن ومن ومن ومن؟ للأسف نتجاهل سواعد الخير نتذكر “اللحيسة”! بوقاحة نحتفل ويجب أن نحتفل ولكن وفي نفس الوقت علينا أن نوفي الشغيلة الحق، كاملا غير منقوص ليرضى عنا الرب.

في كل العالم العامل له قدسية إلا في بلاد العرب أوطاني يهان! آن الأوان لنرتقي ونخجل، هذا العامل يقدم جل حياته راضيا بالقليل لننعم بالكثير ويهان! يكبر ولا يكترث له أحد، يفارق الحياة كأن شيئا لم يكن! كل المشاريع والمصانع سبحان الله نرى إسم المالك أو الذي إفتتح وبرعاية وعناية! أين إسم العامل الذي دونه لا كان ولا “لعلع” مصنع ومنشأة؟ عطوفة المدير وسيادة الوزير وللعامل نقول “ولك”! ويسألونك لما هانت على بعضنا الأوطان وكيف لا تهون ويهان فيها الإنسان؟! آه أيها الشغيلة ويحنا كم ظلمنا! يا ليتنا ما ظلمنا الشغيلة لكان الوطن أفضل بل أروع وأحلى. العامل مقاتل صابر يأبى الخنوع، التعب بادي لا يكترث ماضي، كادحا ساحقا مستحيلات الزمن، في خضم الحرب باق، في السلم باق، صيفا شتاءا باق، ليلا نهارا بلا كلل أو ملل يعمل ويعمل سعيد بالعمل، طوال العمل يرضى برغيف خبز مبللا بعرق الشرف، راضيا يشكر الله على النعمة. هل نقدره؟ وهل أوفيناه الحق؟ وهل يا ترى ظلمناه أم ما ظلمناه؟ عندما نجيب بأمانة حتما لن يضام الشغيلة، ترفع لهم القبعة على الأقل مني بأمانة.

رغم الألم والجراح يصدح الشغيلة في أغبر الزمان والمصيبة جلل، شغيلة نأكل من عرق الجبين حتى وإن ما قدرتم قيمة العرق تعبا وبناء! سنظل نقولها ومن القلب نغني عاش الوطن. كل عام والعمال “الشغيلة” في وطني وفي كل مكان بألف ألف خير.

 عصام عوني