ثقافة وفن

تفوز بجائزة حنا مينه.. رواية (فينيقيل) لأحمد ونوس الناجية الوحيدة من حرق الإرهابيين لبيته

الشاعر والروائي أحمد ونوس حالة ثقافية سورية تشبه أشجار السنديان الراسخة جذورها في الأرض وفرعها في السماء ومع ذلك بقي في الظل يقرأ تاريخ وطنه وآدابه لا ليكتبه قصائد وروايات تحترق على يد الإرهاب بل ليعيشه حلما ويكون أحد أبطاله وصانعيه.

الروائي ونوس الفائز بجائزة حنا مينه للرواية في سورية هذا العام عن روايته “فينيقيل” لم يسع إلى الجائزة بل هي من سعت إليه بعد أن قدم له أحد الأصدقاء مخطوطها بقصد طباعتها عن طريق وزارة الثقافة فدهش قراء الهيئة العامة السورية للكتاب بما تحتويه من غنى ليعرضوا عليه المشاركة في المسابقة ففاز بالمركز الأول.

ونوس قال عن روايته: “انطلقت في فينيقيل على مستويين في تقاطع للمستوى الأسطوري والواقعي الذي هو المجزرة التي ارتكبها الصهاينة على السفينة مرمرة وكان طاقمها دعاة سلام مع المستوى الأسطوري عبر حكاية أميرة سورية استحضرتها من التاريخ تدعى “سيليا” تسافر في تجارة لها باتجاه الشواطئ الفرنسية فتنذر نفسها لتحضير تلك الشعوب التي لم تكن تعرف النار ولا اللغة فتعلمهم الكلام والكتابة والطبخ وكل ما له علاقة بالحضارة وتتحول إلى قديسة أطلقوا عليها اسم “مار سيليا” أي القديسة سيليا ويطلقوا اسمها على مدينة مرسيليا تخليدا لها”.

ويتم عرض الرواية وفق ونوس ضمن مقاربات أو مقابلات بين ما تقدمه الأميرة السورية من حضارة وبين ما واجهته السفينة مرمرة على يد الصهاينة ليوحي بأن الأميرة السورية تجلت في السفينة التي ارتكب الصهاينة على متنها مجزرتهم فقتلوا سيناتورا أمريكيا سابقا وبرفيسورة يهودية انكليزية وبرفيسورا فرنسيا في التاريخ بجامعة السوربون وفنانة تشكيلية ألمانية وموسيقيا اسبانيا إضافة إلى البطل الذي هو مراسل حربي لإحدى وكالات الأنباء الفرنسية والذي يعتقد أن جذوره سورية وكلهم جاؤوا ليتضامنوا مع فك الحصار عن أهل غزة بهدف رسالة السلام.

ويضيف ونوس: “كنت حريصا على تعرية هذه القوميات من خلال الحوارات التي دارت بينهم في ظل العولمة وحوار الحضارات ومحاولة الصهيونية تكريس كل ما له علاقة بالحضارة لتدعي بأنها صاحبته وربط نشوء الفكر والثقافة بالتلمود لذلك عملت في الرواية على إبراز الدور الحضاري للفينيقيين الذين أبحروا إلى كل العالم حاملين مشاعل الحضارة والفكر ليأتي الرد إلينا أدوات القتل والتدمير”.

وبين الروائي ونوس أنه اتجه إلى الرواية إضافة إلى الشعر لأنه وجد في الرواية مساحات واسعة لهدم قيم وبناء قيم جديدة بلغة شاعرية شفافة إضافة إلى قدرتها على استيعاب فكري واسع يستطيع المبدع أن يطوف بخياله في كل الاتجاهات مشيرا إلى ما طال منزله من إرهاب وحرق لجنى عمره الفكري مخطوطات رواياته الثمانية ومجموعاته الشعرية الثلاث إضافة إلى دراستين في مجال الفكر والنقد الأدبي.

الشاعر بشير دحدوح رفيق رحلة الروائي وقارئ أعماله المحترقة أوضح أن رواية فينيقيل عمل ملحمي جميل يعيد الاعتبار لسورية التي يحاول البعض تغييبها وطمس تاريخها الحضاري كما أنها الرواية الحقيقية وليست المزورة للتاريخ لأن هناك الكثير من أعداء سورية من أشباه مثقفين يحاولون طرح رواية أخرى مزيفة عنها فجاءت فينيقيل كرد عليهم وتوثيق للحقيقة.

وفينيقيل برأي دحدوح تحمل من الشعر والجمل الشفافة الشيء الكثير الذي أغنى الرواية وأخذها إلى عوالم الجمال التي تملكت لها لغة الشعر دون أن تتخلى الرواية عن جنسها الأدبي معتبرا أنها تمثل نقطة انعطاف في تاريخ الرواية السورية.