ثقافة وفن

يوميّات تفاعلية حرَّة (6)

الإثنين 24/12/2012 مساءً

– 1 –

يمكن إيراد هذا في التمهيد أو المدخل أو المقدمة ليوميات مِفصلية حرة.  قفزة «فيليكس» كان يلزم أن تصبح طلقة البداية لماراتون كتابة هذه اليوميات الحرَّة، فهي إشارة رمزية كانت ملائمة «كفتيّشة»  لذلك. وربما قُصِد بتوقيتها هذا فعلاً، فهي قفزة حرة لهذه اليوميات، وهي لأول مرة في تاريخ البشرية مثل كون هذه اليوميَّات أوَّل تجرُّؤ شفاف على الحديث عن الغرائبيات/ العجائبيات والخوارق وغير المألوف تجريبياً – من تجربة شخصية بالذات – وبدمج بين تجربة الممارسة والتطبيق مع ما يُشبه التجارب الذهنية عند اينشتين فهي الأولى بهذا المعنى في تاريخ البشرية، ثم هناك عنصر المغامرة والمخاطرة الكبير الذي يجمع التجربتين ولا يجوز أن يستغرب أحد أن تجربتي الحالية – اليوميات الحرة والمفصلية – فيها مغامرة ومخاطرة في بعض الحالات أيضاً، وزاد في قوة وحضور الرمز حين تحقيق القفزة من الفضاء وحافَّة الغلاف الجوّي بصورة مفتوحة أن المهندس فايز فوق العادة رئيس الجمعية الكونية السورية اتصل بي لسببٍ ما حينها أيضاً.

الاثنين 24/12/2012

– 2 –

اليوم انطلاقة عيد الميلاد وأيضاً سهرة، ثم عطلة غداً(25/12)، وقد سجَّلْت الأحد في 23/12/2012 على قصاصاتٍ صغيرة بعضَ الخواطر والذكريات اللغوية العتيقة من تجربتي التفاعلية مع وسطنا الثقافي السوري (والإعلامي) منذ نهايات السبعينيّات، حين كان التحرُّش شديداً وباطشاً بأيّ شيءٍ أنشرهُ حينَها والتداعيات مضخمَّة ومرضية أسطورية سواء للعادي وغير العادي للهام والتافه – على السَّواء، وكان من ذلك تعبير التقييم الذي كان يتنطّح جميعهم للتدقيق والتفاصُح ببلاغة (سأوضح لاحقاً أنها تحوَّلت إلى بلاهة) أن الفصاحة تقتضي أن تكون الكلمة «تقويم» وليس تقييم، سواءً أكان المعنى إيجابياً أم سلبياً، بينما أصرَّيتُ على رأيي أن الكلمتَين تلزمان ولكن في سياقَين اثنَين ومتمايزين. التقييم للإيجاب والتقويم للسَّلب والتصحيح، معتمداً على أن فلسفةً بكامِلها مختصة بالقيَم هي فلسفة القِيَم متصلة بالقيمة حيادياً وموضوعياً ومنهجياً دون البتّ والقَطع أنها تشتغل على التقويم والتصحيح والنقد فقط، بل بيان القيمة بكافة أطيافها الإيجابية والسلبية واستيعابها معرفيّاً بحياد ودقة. وبالتالي لزم التقييم تماماً كالتقويم مع ضرورات التفريق والتمييز، وبقيتُ على هذا الإصرار، بالضبط كما بقي جمهورٌ من الفاعلين الثقافيين والإعلاميين واللغويين على عنادِهم و«تصليحاتهم» «الذكية» أو المتذاكية التي اعتمدتْ على حفظ قاعدة تراثية عن ظهر قلب من ماضي الكتب الصَفراء التليد، وكم «أخَذوا بيدي» وكم «أرشدوني» (يا دلَّاه) في عشرات المقالات المدبوجة على مدى سنوات أو عشرات السنوات كأنني ضالٌ عن هذه الحقيقة اللغوية الخارقة فقط عن جهْلٍ وعدم دراية وحتماً ليس بسبب موقف لساني (علم لغوي) متبلور وناضج ومدروس ومنهجي؛ وكم تكررت هذه القصة لاحقاً أيضاً، ما ذكرني بهذا ما أقابله وأصادفه كثيراً جداً في مطبوعاتِنا ودورياتنا الحالية الآن من استخدام مزدوج لهذا المفهوم كما أصرَّيتُ عليه تماماً منذ نهايات السبعينيات حتى الآن في أحاديثي وكتاباتي المنشورة عن التقييم والتقويم، فأجد الآن أنَّ جميعهم بات لا يكتفي بكلمة التقويم الوحيدة كممثل شرعي حصري لهذا المعنى، بل ولا التقييم أيضاً فقط، بل غالباً ما يجري الحديث عن التقييم والتقويم معاً وتلازماً للتعبير عن طيفٍ واسع يُشبه فلسفة القيم فعلاً في السلب والإيجاب في التصحيح والتَحْبيذ – على السواء، وقد مررتُ بشيءٍ من هذا مؤخراً كثيراً وعند كثيرين أيضاً.

ومفاهيم كهذه حصلت تجارب مشابهة معها عندي هي الدول: مِنَ التداوُل: «الحربُ دول» («مَن سرَّه زمنٌ ساءته أزمانٌ») نتيجة استخدامي ألفاظ الدولي مع العالمي والكوكبي والعولمي، وكذلك، مع ابتكاري المقترح لِمعنى تفاعل التأثير: التآثُر، إذْ يوضح «المرشدون» المساكين معاني الأثَرة والإيثار المختلفة كأنني لا أعلم ذلك يا حرام أنا المسكين لغوياً!!

ولا أدري متى يفيق هؤلاء المساكين المغفلون من غفوتهم حقاً وينتبهون إلى حالِهم وتواضُع أفهامِهم وتقديراتهم للموقف الفعلي: مَن الغافل الغافي ومن اليقظ المتوقِّد ابتكاراً وإشراقاً وتأصيلاً معاصراً!! قد أعود إلى هذه القضايا وأشباهها في وقتٍ لاحق، خصوصاً مع أولئك الذين يفترضون بثقةٍ عمياء وعنجهيةٍ غير متواضعة أنهم يعرفون ويعلمون وأن الآخرين بالمقابل جاهلون بالضرورة.

– 3 –

من تسجيلات قصاصة البارحة (الأحد 23/12/2012) أيضاً تذكير عاجل بمحور آخر حول «الرؤية بَصَراً وبصيرةً» للمعالجة: وهنا استرسالات مِن الكلمات التي انتشرت أسطورياً وكالنار في الهشيم في السنوات القليلة الماضية كلمة مرتبطة بنشر كتابي ذي الجزْءَين: «أفكار ورؤى ومشروعات تأصيلية جديدة» وأتت كمية من الفعاليات والعناوين والتوصيفات و.. و…. بما يُشبه هذا العنوان لاحقاً لصدوره بعد عام 2009 (الجزء الأول) و2010 (الجزء الثاني)، أو باستخدام أجزاء من العنوان ومتواليات أو تركيبات توافقية ما (متوافِقات) ولكن الكلمة التي سادت إضافياً بكثرة ووضوح أكبر هي كلمة رؤية ورؤى، هنا ستجد قافلةً من التحليلات اللغوية والفلسفية وعلم النفسية والفكرية و.. و… في خصوص الرؤية والرؤيا واجتهاداتٍ كثيرة للتفريق بين رؤية بمعنى ما ورؤية بمعانٍ أخرى وأحتفظ توثيقياً بجزءٍ لا بأس به ونماذج غير قليلة من هذه التحليلات والمنظورات والمقاربات لأجل المتعة والفضول ولغيرهما أيضاً، أُريد هنا باختصار التذكير فقط بالمعينَين الأساسين الأصليَّين للرؤية وهما رؤية البصر ورؤية البصيرة وعليكم السَّلام، وأُشير عابراً إلى الأحلام والمنامات والرؤْيا، وهذه الاستخدامات والدلالات موجودة منذ قِدَم العربية وحتى قرآنياً، فثمة رؤيا النبي زكريّا وقصة ارتزاقه بالنبي يحيى، وثمة في القرآن أيضاً عمى البصر والبصيرة: وأنه لا تعمى الأبصار بل البصائر….

– 4 –

ومن تسجيلات البارحة (23/12/2012 الأحد) أيضاً ما يلي:

«كنية الشوملي من شَومل شوملةً (وهو أردني على الأغلب)، ومن شُومِل (أصلاً: شامل) كما في عولمي (مِن عَوْلم عَولمةً) ومِن عُوْلَم (أصلُها عالَم) – وقد كتبتُ عن هذا في مكانٍ سابق، وكما كنْية دولي، وهي جميعاً كنيات موجودة بالملموس: حسام دولي في سورية مدير مسؤول، ووسيلة العولمي مذيعة في الفضائيات العربية (الجزيرة وربما العربية) والآن الشوملي الأردني الساعة 11.15 مساءً كمشارك في برنامج للقناة السورية الرئيسية، وأجد هذا كله تأكيداً على صحة ودقة ابتكاري المصطلح الشهير عولمة مِن عالَم (عُوْلَم في لفظ القلمون عندنا على الأقل وربما السريان ككل) وقد تبين وجود كنية سابقة بهذا المقياس، وكذلك شوملة (من شامل)…

الاثنين 24/12/2012 مساءً

لُبانة مشوّح وصَولاتُها في دراسة محكمة في مجلات جامعة دمشق المحكّمة حول مصطلحات الحضارة باستخدام دليل مطوَّل غزير أعطيتها منه نسخة ولزملاء لها في مجمع اللغة العربية ومن بين هذه المصطلحات ما ذكرته مِن «مُواطَنة» و«مواطِنَّية»  (الدراسة وجدتها في الانترنيت/ الشبكة) وبعد معالجات ومناقشات خلصَت إلى «أننا نقبل المواطَنة بدل المواطِنيَّة» بهذا المعنى كأنّ القضية هي مجرد خيار أو استبدال بدلاً من التدقيق والتمحُّص والتفريق في المعاني فالكلمتان تلزمان كل منهما في سياقاتِها: المواطِنية هي غير المواطَنة نوعياً وعلى خلاف كبير المهم التمعُّن في المعاني والتدقيق وستتكرر أسطوانة التقييم الذي استمات كتابُنا في «إرجاعِه» كلياً إلى كلمة وحيدة هي التقويم سلباً وإيجاباً وبقيت هذه ثقافة قطيعية سنواتٍ عجافاً أوْ بضعةَ عقود، قبل أن يُعْتَرفَ بانتصار رؤيتنا في التمييز والتفريق وضرورتهما معاً بالحديث عن التقييم التقويم في سياقين: هذا سيحصل.

الأربعاء 26/12/2012 مساءً

– 1 –

إضافةً إلى التقييم والتقويم، والمواطَنة والمواطنية وغيرها، كانت قد حصلت إشكاليّات خفيفة مع الأدعياء ممَّن لم يفهموا مِن كلمة عرفان سوى معنى عرفان الجميل والاعتراف بالفضل وما إلى ذلك، بينما طرحته أنا منذ بدايات التسعينيات كمحاولة تأصيلية (اعتماداً على أصل وأصول) لمعنى مختلف عن معنى ودلالات «المعرفة» المتداوَلة، بل كمحاولة لوصف طلب المعرفة – تحصيل المعرفة استرشاداً بمعنى العرفان عند الصوفية في طُرقِهم وطرائِقهم وسُبلهم ومسالِكهم.. ما قد يُقارب معنى طلب وتحصيل المعرفة وليس إيّاها ذاتها حصراً وبالتحديد، وقد طوَّرتُ هذا المعنى للعرفان بمنظور معاصر في كتابات ومنشورات كثيرة لي منذ أواسط التسعينيات حتى الآن، ولاسيما في سياق معالجة قضايا ما يُعرَف في الثقافة العربية حتى الآن على أنه نظرية «المعرفة» موضحاً بإسهاب أنَّ هذه النظرية فعلياً، – قديماً وحديثاً – ، لم تكن تعني المعرفة أو تُعنى بالمعرفة جاهزةً وحاصلةً بل طلباً وتحصيلاً تماماً كما في معنى الكلمة السلافية الروسية «بوزنانييي» وليس «زنانييي»، والنظرية في هذا المجال هي تحديداً بهذا المعنى للكلمة التي لا يجوز أن تكون المعرفة، بل العرفان أو التعرّف أو الاستعراف، ومن هنا اقترحتُ أن يكون الكلام في هذا المجال ليس عن نظرية المعرفة، بل عن نظرية العرفان أو التعرف أو الاستعراف أي باختصارٍ ورشاقةٍ إضافية أيضاً عن العرفانية/ التعرفية/ الاستعرافية، وخلاصة ذلك: علينا نسيان أن العربية محصورة في كل كلمة بمعنىً واحد ووحيد لهذه الكلمة: معنى عرفان الجميل والاعتراف بالفضل في مثالنا الحالي باعتباره ليس الوكيل الحصري أو المنظور الاحتكاري لهذه الكلمة، وهذه الخصائص غير مقتصرة على العربية، بل إن كافة لغات العالم تحتوي كلماتٍ -أو الكلمات- متعددة المعاني والدلالات وليس الأمر مقتصراً على العربية فقط.

– 2 –

في برنامج الشيخ الدكتور «محمد سعيد رمضان البوطي» الدوري التلفزيوني (التلفازي) الديني في القناة السورية الرئيسة (الأولى) الفضائية اليوم طنين وتوافق كلّي مع ما سجَّلتهُ هنا المرة الماضية عن المنظور اللغوي والفكري… وأشمل من ذلك أيضاً عن معاني ودلالات كلمة ومصطلح الرؤية (بصراً وبصيرةً) والرؤيا (المنام/الحلم) وآفاق ذلك نفسياً ودينياً ولا تقليدياً أو حرْفياً ورمزياً. كان الطرحُ متقدماً من شيخٍ عارف.

– 3 –

كما كان لي دور حاسم في ملازمة وتَلازُم العربي والإسلامي (والعروبية والإسلاموية…) كذلك حصل الحسْم مع ملازمة الأوروبي والأميريكي (أو الأورو – أميريكي) في الحديث عن الغرب بجناحَيه هذَين: الغرب الأورو – أميريكي، وذلك بخاصة منذ نهايات القرن العشرين الفائت («الفارِط» كما يقول مغاربةُ عربيَّتِنا) ومنذ أعتاب وبدايات الألفية الراهنة، ولاسيما بعد المؤتمر الدولي الذي شاركت فيه في الجامعة الأردنية حول العلاقات العربية- الأميركية في منظورِها الثقافي (وتلى ذلك منشورات دورية كثيرة لاحقاً مع ملازمة هذين الغربَين الأوروبي والأميريكي بكثافة)؛ وكنتُ قد حسمتُ التلازم والملازمة أيضاً بين اليهودية والتلمودية (وليس فقط بين اليهودية والصهيونية مما تبلور منذ زمنٍ سابق في الثقافة العربية) ولازمتُ أيضاً بين الصهيوينة والتلمودية باستخدامي المكثَّف لهذه الثنائيات المستجدة متلازمةً: اليهودية – التلمودية والصهيونية – التلمودية

– 4 –

من اجتهاداتي المسجَّلة والمنشورة منذ عقدٍ ونصف فما بعد إرجاعُ السيميولوجيا والسيميوطيقا (سيميولوجي وسيميوتيكْسْ) إلى جذْرٍ عربيٍّ واحد في أساسِها ركنياً هو كلمة «سِمة» العربية: «سيماهم في وجوهِهم»: السيمياء، وقد أثَّر هذا الاجتهاد فعلياً وبالملموس على إنشاء وتأسيس مجموعات تحمل هذه الراية وهذه الشارة / السِمة: السِّمة – مجموعات رقْص، فرَق فنّية، وإشارات «قريبة» في تسمية فضائيات سوريّة – إلخ وصارت شعبيَّةً.

الجمعة 28/12/2012 مساءً

يتوجَّب عليَّ جمْع قصاصات ولصقُها هنا قبل تضخُّمِها وتراكمها واستفحال الأمر، وعليها توليفاتي المناسبة ومنها – أو أغلبُها – من فصيل التفاعليَّات:

موضوعات ومحاور للمعالجة عند توفر الظروف والوقت

من الأحد 9/12/2012

– نحن والإسكندر والبتريوت: تسجيلات لحيثيَّات ضافية.

– نحن وريجكوف (في روسيا اليوم R.T>): وغورباتشوف والبيريسترويكا.

– نحن وطالبان و«الصَنَمان»/ تمثالا بوذا في أفغانستان.

– نحن والبُرْجان و11/9/2001: تسجيلات ضافية.

 

د. معن النقري