آخر محاولة لإنقاذ اتحاد المصدرين السوري
بعد 10 أعوام على تأسيسه أصبح اتحاد المصدرين السوري قريباً من الإلغاء بعد أن أحال مجلس الشعب مشروع قانون خاص بإلغائه إلى اللجنة الدستورية والتشريعية لدراسته وتضمن تشكيل لجنة بقرار من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل مهمتها إدارة شؤون الاتحاد من حل وتصفية وتحديد الحقوق والالتزامات المترتبة عليه .
وبحسب ما تناقلته بعض الصحف المحلية فإن وزير الاقتصاد بين الأسباب الموجبة لإلغاء الاتحاد بأن مثل هذا الاتحاد غير موجود لدى دول العالم الأخرى باعتبار أن مثل هذه النشاطات تدار من جمعيات ونقابات ترعى مصالح المنتسبين وأن البنى المؤسساتية في سورية كفيلة بأداء الدور الذي يؤديه على النحو الأمثل تحت إشراف الوزارة كونه يشكل جزءا من اختصاصاتها المتعلقة بشكل مباشر بملف التجارة الخارجية وخصوصا مع وجود هيئة دعم الإنتاج المحلي والصادرات التي تتبع للوزارة.
وبين عدد من المصدرين أن هناك الكثير من الأسئلة التي تجيش بداخلهم و تحتاج إلى إجابات من المعنيين بهذا المشروع قد تبدأ.. بماذا استجد بعد 10 سنوات للإلغاء اتحاد مثلهم وتابع أمورهم ووقف معهم عندما تخلى عنهم الجميع ..مرورا بتوقيت طرح مشروع القانون تزامنا مع انتخابات الاتحاد.. ووصولا إلى إشارات استفهام كثيرة حول مطالبة وزارة الاقتصاد بإلغاء اتحاد المصدرين السوري في الوقت نفسه الذي تروج فيه لاتحاد المصدرين العرب ومكتبه الاقليمي ..!؟ معربين عن استغرابهم حول أحد “المآخذ العجيبة” كما وصفوها والذي اعتمده البعض كذريعة لطلب الإلغاء متمثلا بأن(اتحاد المصدرين يقوم بعمله وعمل غيره) .
وتساءل المصدرون.. كيف يمكن إلغاء اتحاد استطاع تأمين تسويق المنتجات السورية عن طريق المعارض الخارجية والمتخصصة في دول الجوار والتي أعادت الارتباط بالأسواق التقليدية وساهمت باستضافة رجال أعمال كان اتحاد المصدرين السوري فيها هو الضامن لحقوق المستوردين خارجيا طوال فترة الحرب إضافة الى المعارض الخارجية التي أقامها وشارك فيها والتي بلغ عددها (46) معرضا خلال السنوات الخمس الماضية وشملت العديد من الدول كلبنان والعراق وايران والامارات وايطاليا والسودان والهند والجزائر وروسيا والصين وليبيا.. ناهيك عن 25 معرضا داخليا ومعرض دمشق الدولي بدورته (59) 2017 والذي أرسل رسالة للعالم مفادها تعافي الاقتصاد السوري وانتصار سورية قيادة وشعبا كما جاء بالتصريحات الحكومية الرسمية تلاه معرض دمشق الدولي بدورته (60) 2018 والذي ميزته عقود الاستثمار والتصدير التي وقعت.
أكثر من (126) مصدرا من القطاع الزراعي وباقي القطاعات الاخرى أرسلوا اعتراضين إلى رئيس مجلس الشعب حموده صباغ التمسوا خلالهما من المجلس إنصافهم وحماية نقابتهم التي كانت طوال سنوات الحرب ترعى شؤونهم عندما لم يكن لهم أي مرجعية أخرى حيث ابتكرت لهم الوسائل للخروج بالصادرات ولاسيما الزراعية منها خارج القطر في ظل الظروف الصعبة والمعوقات مؤكدين أن وجود اتحاد المصدرين السوري ضرورة أساسية لهم باعتباره الممثل الحقيقي لهم في المحافل الداخلية والخارجية.
ونفوا ما تم تداوله حل عدم وجود مثل هذا الاتحاد في باقي الدول حيث أبرزوا لنا صورا لاتحادات المصدرين في كل من تركيا ومصر والهند اللتان لهما تجربة كبيرة في هذا المجال وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية .
الاتحاد بدوره تحرك لنقل وجهات نظر أعضائه بمشروع القانون حيث قدم لمجلس الشعب كتابا في تاريخ 1/6/2019 وتحت رقم /172/ حيث طالب باسم جموع المصدرين السوريين من أعضاء غرف التجارة والصناعة والزراعة والحرفيين والجمعيات الفلاحية نواب البرلمان برفع الظلم الواقع على الاتحاد مؤكدين ثقتهم بهم كممثلين للشعب ومصالحه وموضحين أن إحداث الاتحاد بموجب القرار/27/ لعام2009 كان نتيجة وضرورة حتمية لتسهيل عمل الصادرات السورية في محاولة من المشرع السوري لتجاوز العقبات وكانت تلك المبررات لاحداثه مقدمة لمجلس الشعب آنذاك مع وجود (اتحاد غرف الصناعة والتجارة والزراعة والحرفيين والفلاحين) التي لم تكن تغطي جوانب التصدير الأساسية يضاف إليها وجود هيئة تنمية الانتاج المحلي والصادرات الحكومية وفي وقت لم تكن البلد قد دخلت ظروف الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية .
وبين المصدرون في كتابهم أن دور الاتحاد برز في فترة الحرب على سورية عندما انكمش دور كل الغرف والفعاليات الاقتصادية ليرتقي بدور الريادة في السنوات الصعبة (2014 _ 2015) لجهة تفعيل العمل الاقتصادي داخليا وخارجيا معربين عن اعتقادهم أن الاتحاد يُحاسب اليوم على ذلك الدور الريادي حيث يتم السعي لتفكيك بنيته تشريعيا بعد أن فشلت الجهود لفك ارتباط المصدرين به نظرا لما قدمه لهم ولقضاياهم مشاكلهم الأمر الذي يستدل عليه من أعداد المنتسبين إليه ضمن سنوات الأزمة.
الكتاب لم يغفل تصريحات وزير الاقتصاد حول أن مثل هذا الاتحاد غير موجود لدى دول العالم الأخرى باعتبار أن مثل هذه النشاطات تدار من جمعيات ونقابات ترعى مصالح المنتسبين حيث أكد أنه لا تكاد دولة في العالم تخلو من اتحاد مصدرين رغم وجود الغرف التجارية والصناعية والزراعية وغيرها كونه اتحاد تخصصي لا يتعارض نشاطه مع نشاط الغرف بل يكملها باعتبار أن التصدير مهنة مستقلة وهو ما أكده مصرف سورية المركزي في قراره رقم /3416/ بتاريخ 23/9/2015 عندما أحدث مهنة (المصدر للغير) وهيئة دعم الانتاج المحلي والصادرات بمنحها دبلوم خاص في تقنيات التصدير (الدبلوم الاحترافي للتصدير) للدلالة على أنها مهنة مستقلة.
وبين اتحاد المصدرين في كتابه أنه استطاع في ظل الحصار الاقتصادي الكبير على التحويلات المصرفية وحركة الاموال وعدم وجود معابر برية أو شحن بحري أو جوي منتظم أن يحقق قيمة صادرات عام 2017 بلغت 600 مليون دولار أمريكي و400 مليون دولار في عام 2018 وبالاسعار الرسمية وذلك إلى 114 دولة.. لافتين إلى أن الاتحاد استطاع تمثيل المصدرين محليا وعالميا بتمويل ذاتي من رسوم انتساب أعضائه بدون تلقي أي تمويل من الدولة لنشاطاته باعتباره بموجب القانون (27) جهة خاصة وليست حكومية..في الوقت الذي لم تفلح الكثير من الاتحادات الحكومية تحقيق ذلك.
وكان رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح قدم استقالته من الاتحاد بشكل مفاجئ معلناً عدم الترشح للانتخابات القادمة وأعلن أنه سيرشح نفسه لانتخابات غرفة تجارة دمشق.