ألم جندي!
“يا له من ألم ألا يكون لك ألم”.. بوضوح قالها لوركا، وأنا أوافقه الرأي كليا، لقد مرت علينا الكثير من الحروب والأزمات السياسية الوطنية والقومية، عدا عن المشاكل الاجتماعية والظواهر السلبية، نحن والألم سيان في هذا الشرق، نديمنا الوفي في كل مرحلة عمرية.. لم يعد القدر يميز بيننا وتوزيعه لجرعات الألم عادلة علينا، والمساواة كاملة غير ناقصة، طبعا بيننا نحن الذين يحملون هموم أوطانهم وقضاياهم على ظهورهم، عاجزون حتى على الانحناء مع الانكسارات العربية، هكذا يتركنا القدر دون شفقة ويرحل تاركا مصائرنا لنا لنحدد وجهتها!
لم يعد باستطاعتي حتى شم الياسمين الدمشقي ولا الجوري ولا حتى رائحة البقدونس والنعنع!! لا اشتم سوى رائحتي البارود ودمي الذي يسيل مني في كل معركة جديدة، لم يعد لمتع الحياة صورة في ذهني، ربما لأن لا شيء يغري جسدي للنهوض من مقعدي سوى صوت الضابط المسؤول عنا، له مفرداته الخاصة التي تسير بنا إلى ميدان القتال بطاقة هائلة، مفرداته المفتاحية تنسيني ألمي وتفتح بابا جديدا لألم جديد.. لا أخاف من الموت كجميع رفاقي، بل أخاف من الخسارة أو الانسحاب، فكل شبر من الأرض هو الباب الكبير الذي يفتح لنا بوابات جديدة للنيل من هؤلاء السفلة.
لست متشائما بل مؤمنا بالنصر وبالحب وبالسعادة، ولكنني ربما لست متأكدا من صحتي الجسدية ومن عدم تألمي إن عشت حتى نهاية الحرب، لا أبحث عن الألم مثل غارسيا ولا مثل شوبنهاور، أنا فقط مرهق وأتألم ولدي كل العوامل والأعراض التي تفضحني، مستمر بفضل ايماني بهذه الأرض، ربما لن تصدقيني، أنا لا أشكو ولا أبكي وفي الحقيقة ليس لدي الوقت لذلك، وهدفي الوحيد كأرسطو التحرر من ألمي لتخطي هذه المرحلة بسلام في هذه الحرب، أريد فقط النصر وأنا بكامل عافيتي.
إن التقطت أنفاسي سأعثر على وطني، وأنا شبه مشلول بهذه الكوابيس التي تعزز آلامي.
اعثري عليّ يا امرأة أحببتها حتى التقط ألم الوحدة وأقتله، حتى أحارب بكل قوتي.
سلوى حفظ الله