تكريم الفنانة العالمية ندى الحمصي: ضرورة تعليم المسرح كما الأبجدية
لم يكن المسرح بالنسبة للمسرحية السورية العالمية ندى الحمصي مهنة فحسب بل كان حالة عشق وشغف استمرت لخمسة عقود جابت معه مختلف أنحاء العالم فقدمت موهبتها وإيمانها به للجمهور معتبرة أن المسرح من أهم ما في الحياة وأنه هو جزء من التربية الثقافية فضلا عن حضورها في العديد من لجان تحكيم المهرجانات العالمية.
ابنة دمشق بدأت علاقتها بالمسرح منذ أن كانت في الخامسة عشرة من عمرها لتجد طريقها مع بداية سبعينيات القرن الماضي نحو الخشبة فتعلمت على يد كبار المسرحيين السوريين وكانت من أوائل المشتغلين بالمسرح الإيمائي الذي تعتبره فنا صعبا ويحتاج إلى دأب ومتابعة فكانت أول ممثلة سورية تكتب وتمثل عرضا مونودارميا، وعندما انتقلت إلى خارج سورية أسست العديد من الفرق المسرحية في أوروبا ودربت أخرى فاستحقت جوائز التكريم عربيا وعالميا.
ندى الحمصي استعرضت في الندوة الحوارية التكريمية التي استضافها النادي العربي بدمشق وأدارها الناقد الإعلامي ملهم الصالح مسيرتها مع أبي الفنون في رحلة غنية بعشرات الأعمال التي كتبتها وألفتها ومثلتها لتجول بها العالم وكان آخرها “اسمي داخل فرج” الذي قدمته بثلاث لغات إلى جانب مشاركتها في المهرجانات والندوات والورشات المسرحية.
وتؤكد الحمصي ضرورة تعليم الأطفال المسرح كما يتعلمون الأبجدية إلى جانب الفنون الأخرى، مشيرة إلى أن جمهور المسرح الحالي “نخبوي ومثقف” ولا بد من العمل لجذب كل شرائح المجتمع، معتبرة أن أحد أسباب أزمات الشعوب العربية “ضعف حضور المسرح في حياتها اليومية” وعندما يشتغل المسرح بجدية يكون ساحة للتعبير عن مشاكل الناس.
وبينت في تصريح لها أن المسرح عشقها وهو حالة استثنائية بالنسبة لها وهو بنظرها حالة عشق وعذاب وتعب وإرهاق وصاحب هدف ورسالة ترتفع بالمستوى الإنساني والمعرفي الخاص والعام وفي الوقت ذاته هو متعة شديدة عندما يتجاوز الفنان نفسه ويصل إلى حالة يؤمن بها الجمهور، لافتة إلى أن الفنان الحقيقي بالرغم من كل ما يقدمه لا يحقق حالة الرضا وإنما يبقى يبحث ويطور نفسه ويحاول تجاوزها والوصول إلى الأجمل والأكثر إنسانية وشمولية.
وتؤكد الحمصي أن سورية تمتلك فنانين مسرحيين مهمين على مستوى العالم من حيث الجدية والاهتمام والحب والبحث سواء في النص أو التمثيل أو الإخراج، متمنية أن يولى المسرح اهتماما أكبر من كل المؤسسات.
وعن رصيدها من الجوائز ترى الحمصي أن التكريم مهم جدا بالنسبة للفنان المسرحي باعتباره بعيدا عن الأضواء والشهرة وحاله مختلف عن فناني التلفزيون والسينما لذلك تعني لها هذه الجوائز الكثير وتعتبرها بمثابة اعتراف واحترم لجهود المسرحيين.
المخرج المسرحي الدكتور محمد قارصلي إلى أن الحمصي تميزت كفنانة بالرغم من أنها ليست أكاديمية إلا أنها أتقنت مفردات المسرح وأضافت له الإيماء، لافتا إلى أهمية الأعمال المسرحية التي نفذتها على مدى عشرين عاما وعرضت في دول مختلفة فنشرت المسرح السوري عالميا فضلا عن كونها إنسانة معطاءة ووفية لمسرحها ولأصدقائها مبدعة في كل ما قدمت.
السيناريست والكاتب المسرحي سامر محمد اسماعيل لفت إلى أننا بحاجة إلى سيدات مسرح من قامة ندى الحمصي التي وهبت حياتها للمسرح وما زالت مؤمنة به وبأهميته وتكريمها احتفاء بكل المسرحيين ولا سيما أنها استطاعت أن تحمل المسرح السوري إلى مهرجانات عربية ودولية وانتمت إلى جيل المسرح القومي الذي قدم من خلاله عشرات المثقفين المسرحيين السوريين روائع أعمالهم.