الأمم المتحدة.. دور مشبوه بقبعة زرقاء
في كل النزاعات أو الحروب التي تحدث حول العالم، تقدم الأمم المتحدة ووكالاتها وممثلوها، نفسها على أنها المخلص لكل عذابات الشعوب، والسبيل الآمن وربما الوحيد لنقلها إلى السلم والأمان، ولكن المتتبع لعمل هذه الوكالات الأممية يرى عكس ذلك، وفي حالة الحرب التي تتعرض لها سورية منذ ثماني سنوات هناك الكثير من الأدلة والشواهد التي تؤكد انحراف المنظمة الأممية عن لعب الدور الذي أناطه بها ميثاقها، ولعل ما جرى مؤخراً من توقيع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة فرجينا غامبا على خطة عمل مشتركة حول حماية الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح، مع ممثل ميليشيا ما يسمى “قسد” مظلوم عبدي، دليل دامغ على ذلك.
فالأمم المتحدة وبدلاً من تحذير الدول من التعامل مع المجموعات والميليشيات المسلحة الخارجة على سلطة الحكومة السورية و”قسد” منها، ومن تقديم أي دعم مادي لها أو عسكري أو سياسي، نجدها هي نفسها تشرّع وجود تلك المجموعات وتدعم تطلعاتها الانفصالية، في مخالفة واضحة وصريحة لنص ميثاقها “ليس في هذا الميثاق ما يسوّغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما- الفصل الأول المادة الثانية من الميثاق”، ما يؤكد الشكوك حول الدور الذي تقوم به هذه المنظمة الدولية.
والأمر الثاني وهو الأخطر أن توقيع المنظمة الزرقاء مع ميليشيات “قسد” الانفصالية، يتقاطع مع ما تنادي به قوى العدوان على سورية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، من أن الحكومة السورية غير قادرة على الاضطلاع بمهامها، وبالتالي فالتوقيع معها على خطة عمل، إنما هو صك أممي ممهور بخاتمها لكل قوى العدوان للاستمرار في حربها ضد الدولة السورية ومؤسساتها الشرعية.
والأمر الثالث أن ما حدث لم يكن وليد اللحظة الراهنة فقد كان للأمم المتحدة ومندوبيها السامين الكثير من الأعمال التي تؤكد نيّاتها المبيتة ضد سورية حكومة وشعباً وأرضاً، فالأخضر الإبراهيمي قدّم طروحاً مسمومة وحاول أن يفرض حلولاً تقسيمية على سورية من منبر الأمم المتحدة على غرار ما فعل في لبنان واليمن..، والمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك لا ينفك يعبّر عن قلقه عند أي عملية للجيش العربي السوري ضد التنظيمات الإرهابية القاعدية، وآخرها بعد ردّ الجيش على هجوم إرهابيي النصرة في إدلب المحتلة، في حين لا نرى هذا القلق ولا التنديد مع كل المجازر التي تحدث يومياً بحق الشعب اليمني على يد طائرات العدوان السعودي، بل نرى العكس تكريم الرياض والتبجيل بدورها في دعم وتمويل الأمم المتحدة، انتخاب الرياض لرئاسة لجنة الخبراء المستقلين بمجلس حقوق الإنسان!!. مثال.
وعليه فإننا نستطيع القول أن الأمم المتحدة بما تمارسه من ازدواجية مفضوحة أمام العالم بأسره، يدعو وبقوة إلى التفكر ملياً في الدور الذي تضطلع به، والوقوف على تصرفاتها وقراراتها، بعد أن باتت مسخرة لتنفيذ أجندات دول محددة. لكن ما قامت به مؤخراً بالتوقيع مع ميليشيا “قسد” وعلى خطورته، لن يغير من واقع الأمر بأن سورية التي انتصرت على القوى الإرهابية التي دعمتها واشنطن وحلفائها، ستتمكن من إعادة فرض سيادتها على كامل ترابها الوطني إما بقوة الجيش العربي السوري أو بالمصالحات، طبعاً وفقاً لما أقرته المنظمة الدولية ووكالاتها من قرارات “الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن رقم 2254 تعطي الحق لسورية في مواجهة الأعمال التي تقوم بها الجماعات والمؤسسات والكيانات الإرهابية التي تسعى إلى النيل من وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية”.
سنان حسن