الجعفري: على واشنطن وأنقرة وقف ممارساتهما العدوانية الداعمة للإرهاب
صرح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، حول “ألحفاظ على السلم والأمن الدوليين.. تحديات السلم والأمن في الشرق الأوسط”، أن احترام مبادئ المساواة في السيادة بين الدول التي تأسست عليها الأمم المتحدة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وكذلك عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، يستوجب أمورا من ضمنها إلزام الولايات المتحدة وحلفائها، بمن فيهم قوات الاحتلال التركي، بإنهاء وجودهم العسكري اللاشرعي على أراضي سورية، ووقف ممارساتهم العدوانية الداعمة للإرهاب وجرائمهم بحق السوريين والمنشآت المدنية والبنى التحتية.
الجعفري لفت، في هذا الشأن، إلى قيام نظام أردوغان، خلال اليومين الماضيين، بإدخال مرتزقة وإرهابيين من الأوزبك والطاجيك والقوقازيين والإيغور وأتراك وغيرهم من أوروبيين وعرب، عبر الحدود التركية مع سورية إلى إدلب، وذلك دعما لتنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي، بالإضافة إلى آليات محملة بالأسلحة والذخائر، مشيرا إلى أن حالة التواطؤ وصلت بالبعض إلى تسمية أولئك الإرهابيين الأجانب بـ”المعارضة السورية المسلحة المعتدلة”.
وأضاف بأن وفد سورية اطلع على الورقة المفاهيمية التي عُممت على الدول الأعضاء في المجلس تمهيدا لهذه الجلسة، مبينا أنه على غرار ما شهدناه في جلسات كثيرة سابقة، فإن بعض الدول الأعضاء في هذا المجلس تعمدت حرف النقاش عن هدفه المرتجى، وهو تشخيص ومعالجة الأسباب الجذرية للتحديات التي تعترض تحقيق السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، أي عرقلة استقراء تلك الأسباب الناجمة عن الاحتلال وأعمال العدوان والتدخلات الخارجية الهدامة في شؤون دول المنطقة، بكل أشكالها، بما فيها تلك الرامية لقلب أنظمة الحكم بالقوة والاستثمار في الإرهاب وافتعال الأزمات وإطالة أمدها وجر المنطقة إلى حروب دموية مصطنعة تبدد ثرواتها وتقوض رفاهية وأمن شعوبها.
مندوب سورية اعتبر أن النجاح في التعامل مع التحديات التي تعيشها المنطقة يستلزم إعلاء مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق، والتي تمثل القاسم المشترك بين الدول الأعضاء والكف عن محاولات تشويه الميثاق والتلاعب بأحكامه.
وأكد أن معالجة تلك التحديات بشكل جدي ووفقا للقانون، لا تمثل مصلحة إقليمية فحسب، بل تصب في مصلحة العالم بأسره، مشددا على أن أي نظرة موضوعية لأسباب التوترات في الشرق الأوسط يجب أن تنبع من الإقرار بأن السبب الرئيس لهذه النزاعات كان ولا يزال هو الاحتلال “الإسرائيلي” للأراضي العربية، بما فيها الجولان السوري المحتل، وليس أي عوامل “عرقية” أو “دينية” أو “مذهبية” مصطنعة يروج لها البعض.
وأشار إلى أن غياب الآليات اللازمة لفرض تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالصراع العربي “الإسرائيلي” أدى إلى استمرار الاحتلال وتمكينه من مواصلة جرائمه بحق أهلنا في الأراضي العربية المحتلة، وشجع الإدارة الأمريكية على محاولة التنصل من التزاماتها بموجب تلك القرارات، وهو ما تجلى بقيام الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وبما سماه “السيادة الإسرائيلية” على الجولان السوري المحتل، ومحاولة تمرير صفقة مشبوهة هي بمثابة جريمة العصر.
وغياب تلك الآليات شجع أيضا، وفقا للجعفري، المنسق الخاص للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف على الإخلال بواجبات ولايته، مؤكدا أن كل من يشكك بوجود ترابط عضوي بين ما جرى ويجري في المنطقة، وبين السعي لتكريس واستدامة احتلال “إسرائيل” للأراضي العربية وللجولان السوري واهم أو مضلل أو ساذج.
كما لفت إلى أن احترام مبادئ الميثاق يستوجب أيضا الرفع الفوري واللامشروط للتدابير القسرية أحادية الجانب، التي أكدت الأمم المتحدة مرارا عدم شرعيتها، والتي تلحق آثارا كارثية بشعوب المنطقة وبالمنجزات التنموية لدولها، وتدفع بأبنائها لمغادرة أوطانهم إلى دول أخرى.
وبحسب الجعفري فإن تلك التدابير القسرية تشكل إرهابا اقتصاديا مكملا لإرهاب التنظيمات الإرهابية، وتعبيرا عن النفاق القائم على تجويع الناس وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم المعيشية الأساسية، وادعاء الحرص على مصلحة الشعب السوري وعلى تحقيق الأهداف الإنمائية لعام 2030 وعدم تخلف أي أحد عن الركب.
وأكد ضرورة التصدي بشكل حازم للتهديد الذي تمثله ترسانة كيان الاحتلال، من أسلحة الدمار الشامل، على أمن وسلامة شعوب المنطقة، وإلزامه بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار، وإخضاع جميع منشآته وأنشطته ذات الصلة لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقا للقرار الأممي رقم 487 لعام 1981.
وفيما يتعلق بالأوضاع في الخليج، قال الجعفري إن سورية تدين السياسات الرامية لافتعال الأزمات وإشعال حروب جديدة لإشغال أبناء المنطقة عن قضيتهم الأساسية المتمثلة بإنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” والتصدي لمحاولات الهيمنة ونهب مقدرات المنطقة وثرواتها، مضيفا بأن الإخفاق في الحيلولة دون تحقيق ذلك، من خلال افتعال حروب جديدة، يجعل منطقتنا وقودا لها ولن تقتصر آثارها الكارثية على منطقة الشرق الأوسط.
وختم مندوب سورية بالقول بأنه قد آن الأوان لشعوب منطقتنا لتعيش كباقي شعوب العالم بأمان ورفاهية واستقرار، وأن تستعيد دورها في إثراء الحضارة الإنسانية التي كان مهدها في الشرق الأوسط، وإرساء قيم السلام والتآلف بين الشعوب والثقافات، الأمر الذي يستلزم انتهاج مجلس الأمن مقاربة جدية وفعالة لمعالجة مسببات عدم الاستقرار، بعيدا عن الانتقائية والازدواجية الصارخة في المعايير.