كيف نساعد أطفالنا على تجاوز آثار الحروب؟
لا تمر الحروب على الأطفال مرور الكرام، بل لها تأثيرها النفسي والسلوكي على الطفل. فالأطفال هم الضحية الأولى في هذه الحروب البشعة، حتى وإن لم يصابوا بأي مكروه جسدي، إذ أن للحرب تأثيرها على سلوكهم ونفسيتهم في المستقبل وعلى المدى البعيد. لذلك فإن دراسة وتتبع آثار الحروب على الأطفال شغل حيزاً كبيراً من الدراسات، سواء في الأوساط الأكاديمية، أو ضمن العمل الميداني للمنظمات الأممية ومنظمات المجتمع المدني.
فبحسب إحصائيات الأمم المتحدة هناك حوالي أكثر من ملايين الأطفال يعيشون في مناطق يوجد فيها حروب، وأوضحت منظمة الأمم المتحدة للتعليم والتربية اليونيسكو في السنوات الأخيرة، أن أكثر من 28.5 طفل خارج المدارس بسبب الحروب.
وعند التعمق أكثر في المشكلة المطروحة هنا، يبدو أن أهم المشاكل التي تظهر في هذه الحروب والتي يعاني منها الأطفال في ظل الحروب هي الخوف من الظلام ومن الأصوات المرتفعة مثل أصوات القصف والرصاص والقنابل، وكذلك اضطرابات التوتر ما بعد الصدمة أو ما يسمى طبياً: اضطراب الكرب التالي للرضح “post traumatic stress disorder” وهو ما ينتج من صدمة جراء ضغط حقيقي قد يؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب مثل الحروب. ومن أعراض هذه الحالة ظهور مشاعر وعلامات ارتباك وحتى انقطاع الطفل عن محيطه، وكذلك دخوله في حالات قلق وحزن واكتئاب.
ومن الممكن أن تزداد هذه الأعراض وتتفاقم مع مرور الأيام، وكل هذا يؤثر فيما بعد على سلوك ونفسية الطفل مما يؤدي إلى عدم نمو وتشكل وعي الطفل بصورة سليمة.
وبسبب هذه الاضطرابات، يصبح الطفل غير قادر على التعامل والتفاعل بإيجابية مع الأصدقاء والأهل وغير قادر على الانخراط في المجتمع، لأنه يصبح رهينة الخوف من الاختلاط مع الآخرين، كما يميل أكثر إلى العزلة والانطواء على ذاته.
وإلى جانب كل ذلك، هناك عامل مهم ومؤثر في سلوك الطفل، ويعتبر ظاهرة عامة في جميع المجتمعات، وهو التماسك الأسري والاجتماعي ودرجة الرعاية والدعم الذي يتلقاه الطفل، إذ أن منسوب التماسك الأسري والاجتماعي الذي ينشأ فيه الطفل، يكون له تأثير كبير، سلبا أو إيجابا، في نمو شخصيته.
في مقابل دراسات تحديد آثار الحروب على الطفل، هناك دراسات ركزت على طرق مساعدة الأطفال في تجاوز هذه الآثار.
وتجمع أكثر الدراسات على أن أهم طرق مساعدة الأطفال للخروج من تبعات الحروب يمكن أن تتلخص بالتالي:
– محاولة تهدئتهم وإشعارهم بالأمن والأمان
– مساعدتهم على تخطي ما حصل لهم وتعلمهم أمور وهوايات متعددة وإشغالهم بأمور تفيدهم في المستقبل
– الاستماع للأطفال والتحدث معهم عن مخاوفهم
– يجب مراقبة الأطفال الذين هم بحاجة إلى إرشاد أو طبيب نفسي حتى يتم مساعدتهم للحصول على العلاج والشفاء.
– تبسيط الأمور التي تحدث من حولهم لكي يستطيع الأطفال استيعابها للاطمئنان.
– الاستمرار في روتين الحياة اليومي من أجل تخفيف التوتر.
– تعليمهم كيفية حل النزاعات التي تواجههم في حياتهم بطرق سلمية وكيفية الصبر والتحمل.
ولابد من القول إن علاج الأطفال من الآثار النفسية التي تسببها الحروب مرتبط بانتهاء الحرب أو الأزمة أو على الأقل خروج الطفل إلى منطقة آمنة. فالعلاج النفسي للآثار السيئة التي تنجم عن الحروب والأزمات لا يمكن أن يؤتى ثماره إلا في حال كان “المريض” في حالة يسمح فيها باعتبار أن أزمته أصبحت من الماضي.
في الخلاصة، يمكن القول إن الحروب قد ألقت بظلالها على شرائح كثيرة من المجتمعات، وخاصة أطفال المناطق التي فيها أزمات بشكل خاص على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية حتى الآن تبين الآثار النفسية التي يعاني منها الأطفال، إلا أن الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أن هذه الآثار التي يعاني منها الأطفال بالغة، كما أظهر تقرير لجنة الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان أن الأطفال الذين يكونوا في دوامة الأحداث الدموية تبقى معهم ذكريات الأحداث الأليمة التي اختبروها، وتسبب لهم كوابيساً شديدة وتتدخل في مجريات حياتهم اليومية، كما تسبب لهم الخوف وعدم الشعور بالأمن والأمان.
البعث ميديا || إعداد: أسماء طه