عُملة فيسبوك.. من ينقش ملامح الحياة الاقتصادية المقبلة؟
كشفت شركة فيسبوك في حزيران الماضي النقاب عن عملتها الرقمية والتي أطلقت عليها اسم libra.
عملة الـ Libra هي عبارة عن عملة رقمية تعتمد على تكنولوجيا “البلوكتشاين”، تستخدم من أجل إجراء عملية تحويل الأموال وشراء المنتجات بسهولة، و لكن بطريقة مختلفة عن العملات الرقمية التقليدية.
ماذا يميز libra عن غيرها من العملات ؟
أولاً:
عملة مشتركة مع مجموعة من الشركات ذات الثقل الاقتصادي العالمي, حيث انضم إلى مشروع libra 27 شركة نذكر منها: master card ،ebay ، vodafon و قائمة طويلة أخرى ستساعد عملة فيسبوك على تحقيق التبني الجماعي.
ثانياً:
عندما ترغب في شحن رصيدك بعملة الليبرا يمكنك استخدام بطاقات الائتمان الخاصة بك، أو يمكنك أن أن تشتريها من مقدمي الخدمات في السوق – مثلما تشحن رصيد هاتفك المحمول أو تدفع فواتير الإنترنت, وبنفس الطريقة يمكنك تحويل عملة الليبرا التي لديك إلى عملات عادية في بلدك حتى تستخدمها كما تشاء.
ثالثاً: عملية تحويل وتداول هذه العملة ستكون برسوم ضئيلة للغاية (مبلغ أقل بكثير من 0.1 دولار)، وذلك عكس خدمات تحويل الأموال مثل( باي بال و ويسترن يونيون).
رابعاً:
لأن فيسبوك هو من أطلق عملة الليبرا سيمكنك من تحويل واستقبال هذه العملة عن طريق تطبيق واتساب و ماسنجر، وأيضاً عن طريق تطبيق مالي منفصل اسمه Calibra.
Calibra
احدى الادوات التى صنعتها فيس بوك لتقديم الخدمات المالية وهي بمثابة محفظة مالية ” مثل محافظ العملات المشفرة الأخرى والتى سوف يتم استخدامها من خلال تطبيقات الفيس بوك للمراسلة مثل ماسنجر و واتساب, فضلاً عن تطبيق منفصل ومستقل يحمل اسم المحفظة, مما يعطي الحرية للمستخدم في إرسال واستقبال العملة الجديدة ليبرا بكل سهولة ويسر وسرعة عن طريق ارسال رسالة بأقل تكلفة ممكنة, حيث يمكنك الدفع من خلال التطبيق بوجود رمز خاص بك فى محفظتك , كما تستطيع السحب من خلال ماكينة ATM فورا ومن المتوقع أن توفر Calibra المزيد من الخدمات المالية مستقبلا، على أن تبدأ في توفير خدماتها خلال العام المقبل 2020.
خامساً:
سيتم دعم ليبرا بعملات مثل الدولار واليورو,وبمجموعة من الأصول تتراوح من الودائع المصرفية إلى الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل, حيث يرى محللون أنه السبب الوحيد الذي جعلهم يفضلونها بالفعل عن العملات الرقمية الاخرى, على عكس التقلبات التي شوهدت حول العملات المشفرة الأخرى في الماضي, ستعمل ليبرا على إنشاء عملة تضخم منخفضة ومستقرة مدعومة باحتياطي أو موجودات حقيقية, وهذا سيضفي لها طابعي الثقة والقيمة.
شروط الانضمام لليبرا:
يجب أن تستثمر أي مؤسسة مشاركة مبلغ لا يقل عن 10 مليون دولار في هذا المشروع.
يجب أن يكون للشركة تاريخ معروف، ولديها إمكانيات عملاقة تساعد في تطوير المشروع.
كل شركة ستكون مسؤولة عن 1 % من أسهم الشركة, لذلك تطمح فيسبوك أن يصل عدد المساهمين إلى 100 شركة قبل الانطلاقة الرسمية في 2020.
هذه الشركات مجتمعة ستكون مسؤولة عن اتخاذ القرارات من أجل تنظيم وتطوير عمليات التداول المختلفة، والتعاون مع المؤسسات الحكومية.
مقر هذه المؤسسة سيكون في سويسرا من أجل الحياد، كما أن الأموال التي سيتم الحصول عليها مقابل الحصول على عملة Libra سيتم التحكم فيها عن طريق هذه المؤسسة, للحفاظ على بيانات العملاء المالية.
خطورة الليبرا:
1- يمكن لفيسبوك أو أي شركة مالكة لتطبيق تداول عملة ليبرا إغلاق الحسابات، فوعد شركة فيسبوك ليس كافياً، كما أن الحكومات يمكنها أن تضغط على هذه الشركات بطريقة أو بأخرى.
2- فيسبوك يدعي أن هذه العملة تساعد الفقراء، وما لا يعلمه الكثير أن الفيسبوك يحاول منذ فترات طويلة السيطرة على الأسواق الفقيرة بتوفير خدمات الأنترنت مجاناً، وبعد تقديم الخدمات المالية سيسيطر فيسبوك على كل شئ.
3- عملة الليبرا هدفها مقاومة جشع شركات تحويل الأموال، على الرغم من هذا فإن أكبر عدد من المساهمين في هذا المشروع هم هؤلاء الشركات أنفسهم مثل (فيزا وماستر كارد وباي بال واسترايب).
4- في حالة عملة الليبرا فإن كل من يتحكم في هذه العملة هم 100 شركة فقط, مما يجعل مصير هذه العملة في يد مجموعة معينة من الناس، وهذا ينافي الهدف من تكنولوجيا البلوكتشاين بشكل عام.
5- إن نجحت عملة ليبرا ستجعل من الشركات المساهمة شركات كبيرة وعملاقة أكثر وأكثر مما هي عليه بالفعل، مما يجعل المنافسة معدومة، وستتحكم تلك الشركات في السوق أكثر نظراً لأن أغلب هذه الشركات تعمل في قطاع البنوك.
6- بالرغم من إدعاء فيسبوك بتأمين خصوصية مستخدميها، إلا أن أغلب المحللين لا يعتقدون ذلك إطلاقاً خصوصاً بسبب وجود لغة برمجة جديدة لها أهداف محددة.
7- ستساعد ليبرا فيسبوك على الهروب من أي اتهامات متعلقة بسرقة البيانات, إن اشتركت فيها العديد من الشركات العملاقة، ووافقت على استخدامها المؤسسات الكبيرة والمتاجر.
8- لكي تحصل على حساب “الليبرا” عليك إعطاء صورة من هويتك الشخصية، معنى هذا أن بياناتك ستكون مسجلة بشكل قانوني, هذا على عكس العملات الرقمية العادية، والتي يمكن لأي شخص بدون تقديم أي معلومات فتح محفظة و تداول العملات، وهذا يعني سيطرة الحكومات على كل المعاملات المالية للمواطنين.
هذه المخاطر أصبحت تؤرق مضاجع الدول الاقتصادية ولاسيما الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي أمام هذه العملة الرقمية المشفرة.
وكان لفرنسا “حصة الأسد” من الهجوم حيث لم تتوانى عن مهاجمة المشروع عن لسان وزير اقتصادها “برنو لومير” الذي توعد حرفياً بمنع تداول العملة في أوروبا لأسباب وصفها بـ”التهديد للسيادة النقدية للدول الأوروبية”.
كما طالبت جهات تنظيمية دولية بتوجيه أسئلة لـ”فيسبوك” عن عملتها المشفرة “ليبرا”، وسط القلق المتنامي بشأن التهديد الذي قد تمثله العملة الرقمية للاستقرار المالي.
ويضاف إلى ذلك انسحاب شركة pay pal من المشروع لتفرغها “لعملها الأساسي”, حسبما ذكرت وكالة رويترز.
هذه التناقضات وغيرها تضعنا أمام عدة اسئلة, لعل أهمها ما هو مقدار الخطورة التي تراه هذه الدول الاقتصادية العملاقة, وهل شركة فيسبوك تطمح لجعل المال بين يدي الجميع كما وعدت أم لها غاية اخرى؟ شركات أخرى مثل (فيزا وماستركارد) تعيد حساباتها في هذا المشروع.. فهل تعرضت للضغط من الحكومات الأوروبية للتخلي عن الفكرة؟.
مجمل القول أن الدول الثقيلة اقتصادياً ترى في مشروع ليبرا معركة وجود أو لا وجود, فكلا الطرفين يسعى جاهداً.. ومن ينجح أخيراً سيكون هو الناقش الاول والأقوى لملامح الحياة الاقتصادية المقبلة.
اعداد مجد عمران || البعث ميديا