ثقافة وفنسلايد

الفن على الإنترنت فرصة لتحفيز إبداع الطفل

انغمر الفن بلوحات تعج بالأجسام الهزيلة والمريضة والجماجم التي تملأ اللوحات في ظل وباء انتشر في القرن الرابع عشر، وسمي بالموت الأسود لأنه أطاح خلال عشرين عاماً بنصف سكان أوروبا تقريباً.

انتشر الموت في كل مكان ولم تعد القبور تتسع للموتى تاركين ورائهم الكنوز والذهب، وبعد انحسار الوباء ساد على من بقي حياً جو من السكينة والفرح، بعد أن تحولوا إلى أثرياء وورثوا أملاكاً وأموالاً وأصبحوا ينفقون بشكل جنوني ليتناسوا تلك التفاصيل الأليمة الذي خلفها الطاعون، هنا انتعش فن جديد لينهض  بثورة معمارية وفنية في نهاية القرن الرابع عشر، وظهر ميل قوي للطبقات الغنية نحو الفن، هذا التحول الكبير أعطى للفنانين أهمية خاصة كرغبة كامنة لصنع حياة جديدة.

والآن في زمن الكورونا تتكرر هذه الأحداث رغم أن الحظر الصحي كان أقل نوعاً ما، بعد أن لجأ العالم كله إلى فرض حظر التجول منعا لتفشي الوباء، وفي اللحظة التي بدأت سورية فيها بفرض حظر التجول لساعات حفاظاً على سلامة الجميع أعلنت مبادرات فنية بالرسم والأدب، فتهافت الكثيرون عليها ما سمح للفن على الإنترنت أن يزدهر تحت ظرف فرض على الجميع البقاء في المنزل، باعتبار أن هناك الكثير من المواقع الإلكترونية التسويقية للوحات الفنية لم يسمع عنها من قبل.

الفنانة رؤى حسن وهي أستاذة في كلية الفنون الجميلة وكلية العمارة، كان لها دور بمبادرة لاستقبال رسوم الأطفال عبر تنظيم صفحة على السوشال ميديا واستغلال هذا الوقت بطريقة إيجابية بجمع مجموعة من الفنانين والأساتذة الجامعيين بما يقارب المئة مشارك من كل محافظات سورية ومن لبنان ومصر والكويت وألمانيا، وبينت حسن أن الفائدة التي تعود عليهم هي فائدة معنوية لأنها مبادرة طوعية اشترك بها أكثر من شخص لمتابعة الأطفال سواء في زمن الكورونا أو غيره، وهي فرصة ليظهر الفنانين المشاركين ما لديهم من قدرات ومواهب.

تهتم هذه المبادرة بأعمال الأطفال سواء في المدرسة أو المعهد، ونشر أعمالهم وإجراء مسابقات فنية وثقافية، وتم استقبال عدد كبير من المواهب في الرسم بشتى أنواعه حتى أنها ضمت الكاتب و المذيع الصغير، وما زالت المشاركات مستمرة حتى الآن بعد أن قاموا بتشجيع أكبر لبعض العائلات التي كان العمل ومشاغل الحياة تغيب نظرهم عن المواهب الموجودة لدى أطفالهم وخاصة في هذه الفترة لتواجدهم في المنزل.

­ وأكدت رؤى للبعث ميديا نجاح مبادرتهم بقولها:”في هذه المبادرة حققنا اكتشاف المواهب في ظل تواجد الأطفال وبقاؤهم في المنزل وتحويل مللهم وخوفهم إلى أمل وإبداع وبذلك تشجيع للطفل للبقاء في منزله وإنجاز عمله وإرساله ليتم نشره على المواقع الإلكترونية”.

شارك الفنانون السوريون والعالميون بمواقع إلكترونية عديدة لتسويق لوحاتهم وتسليط ضوء العالمية عليها لكن ربما هذه المواقع لم تأخذ الدور الحقيقي لها بسبب عدم معرفة الكثيرين بوجودها أو اعتبار الفن من الكماليات التي لا يمكن أن يجذب إلا الأغنياء وعن هذه المواقع تحدثت رؤى: “معظم المواقع المحلية والعالمية المهتمة بأعمال الفنانين هي لتبادل الخبرات وزيادة المعرفة والتحفيز على الإنتاج من خلال وصول هذه الأعمال إلى أكبر عدد من المتابعين وتسليط الضوء أكثر عليها لذلك هناك الكثير من هذه المواقع منها الفيسبوك الذي له فعالية جيدة في إيصال هذه الأعمال”.

وأضافت:” يعد زمن الكورونا فرصة الآن لانتشار هذه المواقع بسبب ازدياد متابعيها في هذه الفترة بالتالي التفاعل والمشاركة قد وصل لمرحلة لا بأس بها في معظم المواقع وبمختلف اتجاهاتها وسنكون على استعداد للاستمرار في دعم المواهب ونشر أعمالهم والعمل على قدم وساق لاكتشاف أفكار جديدة تصب في مصلحة أعمال الأطفال ودعم موهبتهم ونتمنى أن تكون هناك رعاية من مؤسساتنا ومن الأشخاص القادرين على دعم الأنشطة التي نقوم بها”.

الأحداث دائما تكون ملهمة الفن، وهو لا يستطيع أن يفقد حريته تحت أي ظرف لأنه وسيلة للعبور إلى حالة الهدوء والسكينة والرقي فماذا لو أخذت مكانها في عالم الطفل المبدع؟.

البعث ميديا اا  ريم حسن