سلايدمحليات

القادري.. العمال وتنظيمهم النقابي ركيزة أساسية من ركائز العمل الوطني وهم شركاء في مواجهة التحديات

ربط الأقوال بالأفعال ليس مهمة صعبة أو مستحيلة ولكن وللأسف نجدها عملية نادرة في الواقع الفعلي حيث تتملص الكثير من الجهات من وعودها بل وتخفق في تنفيذ خطط عملها ومهامها الأساسية وما قام به الاتحاد العام لنقابات العمل يشكل نموذجاً للمؤسسة الحية سواء خلال سنوات الحرب أو الآن مع بداية الدورة الـ 27 واستنفاره لمواجهة وباء كورونا فقد شكل حالة متقدمة في العمل النقابي على كافة المستويات و كانت النقابات العمالية في مقدمة الجهات المتصدية لهذه الجائحة لتثبت أنها الشريك الفاعل في خدمة الوطن والوقوف في وجه كل التحديات التي تواجهه.
جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال هنأ الطبقة العاملة السورية والعمال العرب وعمال العالم بعيد العمال العالمي ولخص لـ “البعث ميديا” خلال لقائنا معه أهم المحطات النقابية والأعمال والقرارات المتخذة من القيادة النقابية سواء في أطار العمل النقابي الإنتاجي أو على الصعيد المجتمعي الوطني.
استنفار نقابي
كثفت النقابات العمالية في كافة المحافظات جهودها في مواجهة وباء “كورونا” ومن هذه الحالة الواقعية انطلق رئيس الاتحاد العام ليؤكد أن الاتحاد استنفر وحشد طاقاته الخدمية والعينية في شراكة حقيقية مع الحكومة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا من خلال خلية طوارئ وإطلاق مبادرة تعقيم مواقع العمل في القطاع العام والخاص حفاظا على سلامة العمال حيث كان للكوادر الصحية “عمال الصحة ” دور هام في معالجة تبعات ما قد يحصل من آثار الفيروس ويضاف إلى هذه الإجراءات التنسيق بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل و الاتحاد العام لنقابات العمال لسبر عدد العمال المتعطلين عن العمل بهدف منحهم معونة تعطل وذلك بعد إيقاف الكثير من القطاعات عن العمل كإجراءات احترازية اتخذتها الحكومة وهذا الشيء أدى إلى تعطل أعداد كبيرة من العمال وخصوصاً في القطاع غير المنظم بينما رواتب وتعويضات العاملين في القطاع العام مستمرة ومؤمنة وكذلك في القطاع الخاص المنظم وقد تواصلنا مع أعداد كبيرة من أرباب العمل لتأمين استمرار دفع رواتب العمال وهناك جزء كبير من مؤسسات القطاع الخاص مستمرة بدفع الرواتب لعمالها”.
..وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومن خلال اتحادات عمال المحافظات يتم العمل الآن لتكوين قاعدة بيانات حقيقية تساهم في إنجاح العمل وتحقيق الأهداف المنشودة وقد تم إعداد قوائم أولية بأسماء المتعطلين وسيتم إعلانها بالقريب العاجل و التركيز فيها على عمال السياحة والنقل والبناء.
وعن الإجراءات والخطط المتبعة في المرحلة المقبلة في حال استمرت حالة التعطل تحت أي مستجد بخصوص انتشار وباء كورونا قال: “جهودنا هي جزء من الجهود الوطنية العامة وسنكون جاهزين لتنفيذ كل ما يطلب منا في هذا الجانب إضافة إلى الإجراءات الوقائية التي نتخذها بشكل ذاتي من خلال كوادرنا، وسنتعامل مع كل مستجد وفق الخطة الوطنية العامة لمواجهة هذا الوباء ولن يكون هناك أي تقصير في هذا الإطار”.
أسواق مأزومة
المحور الثاني في حديثنا كان من واقع الحياة العامة وتحديداً المعيشي والغلاء العاصف بالأسواق في حضرة الضعف الرقابي وإغراق وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لآليات عملها واذرع تدخلها الايجابي في أوهام الانجاز ورغم تحفظ القادري على بعض المصطلحات والتسميات التي يطلقها المواطن على هذه الوزارة إلا انه لم ينف صحة الكثير منها وخاصة تلك المستخلصة من واقع الأسواق المأزومة بالغلاء .
ولفت القادري إلى أن المواقف النقابية لم تتبدل حيال السياسات الاقتصادية المعيشية المنتهجة باعتبار أن متوالية الأرقام التي يتم تكرارها في معظمها ليست موجودة إلا في التقارير أو في الواقع الافتراضي والاستعراضات الإعلامية لبعض من يتبوأ المواقع وخصوصاً الوعود المتعلقة بالإصلاح ومحاربة الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وأضاف الواقع المعيشي رغم كل الظروف الداخلية والخارجية التي قد تخفف أو تبرر جزءً من معاناة الناس وخاصة بعد حرب طويلة وشرسة مع الإرهاب وحصار جائر استهدف ومازال لقمة عيش المواطن السوري إلا أن ذلك لا يبرء احد من المسؤولية ولا يلغي حقيقة الأخطاء الموجودة في الكثير من القرارات والإجراءات.
واستشهد القادري بما يجري في الأسواق وخاصة غلاء الخضار المنتجة محلياً كالبندورة وكذلك الحمضيات التي تخطت أسعارها كل التوقعات وبات المواطن عاجز عن شراؤها حتى بالحبة (حبة الليمون أكثر من 700 ل.س) قياساً بدخله المكسور أمام موجات الغلاء المتتالية.
وقال: دون أي رتوش أو عمليات تجميل للواقع ولنسمي الأشياء بمسمياتها فالانعكاسات السلبية للظروف السائدة في مختلف الأصعدة على حياة المواطن السوري من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية إضافة إلى الجشع والنهب الذي يمارسه بعض التجار والفاسدون لسرقة لقمة الشعب والتحكم بزيادة الأسعار وتدني القدرة الشرائية لليرة السورية بشكل كبير على وقع الحرب والحصار يفرض على الحكومة والجهات المسؤولة الإسراع باتخاذ خطوات جدية وحازمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية والوضع الصعب الذي تعيشه الطبقة العاملة والمجتمع السوري بشكل عام فقد بات من الضروري إعادة النظر بشكل فعلي وجدي بمستوى دخل المواطن مقارنة مع المتطلبات الأساسية لحياة الأسرة السورية فمن غير المقبول والمعقول أن يكون متوسط دخل الأسرة /40-50/ ألف ليرة سورية في حين تحتاج الأسرة بأدنى الحدود إلى ما يزيد على /150/ ألف ليرة سورية لتأمين أدنى متطلبات المعيشة الضرورية وحد الكفاف .
كما لابد من انتهاج سياسات جديدة في مجال الدعم والضمان الاجتماعي وترشيد الاستهلاك بما يساعد على دفع عجلة الإنتاج وزيادته وتحسينه وخلق فرص عمل جديدة والنهوض بالاقتصاد الوطني ومحاربة التهرب الضريبي الذي يفوّت على خزينة الدولة مليارات الليرات هذا عدا عن تداعيات عمليات تهريب المواد الغذائية وغيرها إلى خارج الحدود إضافة إلى الاحتكار الذي يستدعي المعالجة الفورية .
لا أحب المجاملة
ويبدو أننا وفقنا في ترتيب أسئلتنا من خلال حالة الرضى والتجاوب التي أبداها رئيس الاتحاد العام والتي دفعته لمقاطعتنا بمجرد سماعه لكلمة قطاع عام ليكرر أمامنا ماقاله في احد الاجتماعات: «أنا لا أحب المجاملة، ومعروف بصراحتي وعليه لقد وصلنا خلال الاجتماعات السابقة المتعلقة بإصلاح القطاع العام إلى عدة نقاط، لكننا لم نتلمس الطريق الصحيح لأخذ خطوات عملية كما أننا لم نتمكن من أخذ أي قرار باستثناء النوايا الطيبة».
وأضاف: مشاكل القطاع الصناعي قديمة حديثة ومعروفة للجميع ومشخصة والحلول واضحة ولكن نتيجة السير بعكس الاتجاه وضعف الأداء والتدخل غير السليم في بعض الأحيان يفاقم معاناة هذا القطاع .
ورأى أنه لم يعد القطاع العام الاقتصادي والصناعي ..يحتمل المزيد من التأجيل والتسويف للنهوض بواقعه الصعب فقد بات من الضروري جداً معالجة مشاكله وهمومه بطريقة جدية نظراً لأنه يشكل قاطرة النمو الاقتصادي الوطني الأساسية وبيّن أن من أهم مشاكل هذا القطاع هي تدني الرواتب والأجور التي أدت إلى هجرة وتسرب الأيدي العاملة وخصوصاً الفنية والخبيرة من المؤسسات والشركات العامة إلى القطاع الخاص وإلى خارج حدود البلاد كما حدث في قطاع الغزل والنسيج الذي يعد ركيزة أساسية وهامة قام عليها الاقتصاد الوطني وقد عانى بشكل كبير من تسرب الأيدي العاملة الفنية والخبيرة إلى خارج المؤسسات والشركات العامة بسبب تدني الرواتب والأجور والتعويضات التي تقدم للعامل إلى مستويات غير مقبولة .. حيث يدفع القطاع الخاص عدة أضعاف الراتب الذي تدفعه الدولة كذلك يعاني من قدم الآلات ونقص القطع التبديلية وتدني الخدمات والتعويضات التي تقدم للعاملين إضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل هذا القطاع وضعف الإشراف .
وتابع القادري لذلك يجب زيادة التعويضات التي تمنح للعاملين في القطاع العام كالوجبة الغذائية التي عملنا على استخلاص قرار برفع قيمتها من قبل رئاسة مجلس الوزراء وننتظر الوقت المناسب وتوفر الاعتمادات اللازمة لتنفيذها والحال ذاتها بالنسبة للعمل الإضافي وتعويض طبيعة العمل والطبابة واللباس بشكل يتناسب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام لمتطلبات حياة العامل الكريمة .
ركيزة أساسية
ولفت القادري إلى أن الاتحاد العام لنقابات العمال قام بإعداد مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء بين فيها واقع قطاع الغزل والنسيج والصعوبات التي يعاني منها والمقترحات اللازمة لحل مشاكل هذه القطاع، وكذلك قطاع صناعة الأسمنت حيث يعاني من تدهور البنية التحتية للمعامل والشركات وزيادة الهدر في المواد الأولية كما حدث في شركتي إسمنت عدرا وشركة اسمنت طرطوس حيث ازداد الهدر للمواد الأولية كمادة ( الكلكنر) وتآكل في بنية الأفران وتطالب كلتا الشركتين بتعويضات خسائر المواد الأولية من مجموعة شركة فرعون المسؤولة قانونياً عن تشغيل الشركتين وترميمهما ولم تقم بتنفيذ البنود المتفق عليها من حيث الترميم والصيانة وتقديم الحلول المناسبة مما زاد في استهلاك المواد الأولية وتشكل خسائر بمليارات الليرات حيث بلغت الخسائر أكثر من خمسة مليارات ونصف المليار ليرة في شركة اسمنت عدرا وأكثر من (14) مليار ليرة سورية في شركة اسمنت طرطوس وتطالب الشركتين مجموعة شركة فرعون بدفع هذه الخسائر بناء على العقود المبرمة والمتفق عليها بين الطرفين .
طليعة متقدمة
وفي المجال النقابي قال القادري :عملنا كاتحاد أن نكون إلى جانب عمالنا ونحن بالمحصلة طليعة متقدمة منهم، ونرصد معاناتهم وهواجسهم ونسعى مع الجهات صاحبة القرار لتحقيق مطالبهم ..و خلال السنوات الماضية تم التركيز على مأسسة العمل في الاتحاد العام وفي الاتحادات والمنظمات النقابية لتحقيق الهدف الأساسي المتمثل بمصلحة العامل الذي تحمل الكثير نتيجة الحرب العدوانية على بلدنا ، ولذلك قدمنا المساعدات للشرائح الأشد فقراً حسب الإمكانيات المتاحة خاصة أننا واجهنا معادلة شبه مستحيلة ومتطلبات متزايدة جداً مقابل تناقص الموارد، فأحدث صندوق مركزي للتكافل لصالح أسر شهداء العمال والجرحى لمنح إعانات مستدامة مادية بحسب إمكانيات الصندوق وتقديم المساعدة لجميع حالات الاحتياج لأسر شهداء العمال والجرحى بمناسباتهم الاجتماعية والمعيشية كتقديم المساعدة لأبنائهم بالدخول إلى الجامعات واستكمال علاج الجرحى” وكل ذلك من مواردنا الذاتية التي حددناها من كل موارد المنظمات النقابية في المحافظات” وذلك من خلال تحقيق زيادة عدد المنتسبين للتنظيم النقابي وخاصة بالقطاع الخاص الذين يتحملون دفع اشتراكاتهم وفق ما حدده القانون والمحولة إلى صناديق النقابات إضافة إلى واردات المشاريع الاستثمارية والخدمية التي تم التوسع فيها فحققت عوائد مادية ممتازة انعكست إيجابياً في عمليات سداد الإعانات للعمال وشهداء التنظيم النقابي وإحداث صندوق التكافل المركزي للشهداء والجرحى والمفقودين من العمال ومنهابدلات الاستثمار لدور الراحة العمالية وإيرادات مجمع صحارى السياحي والوحدات الإنتاجية التي تم إحداثها في الدورة النقابية في مجالات الطباعة وصناعة الألبسة والجلديات .
وفي المجال التثقيف النقابي أشار القادري إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها لإعداد دراسة وتصميم برنامج تعليمي تدريبي لتدريب الكوادر النقابية الجديدة في اللجان النقابية ومكاتب النقابات عن بعد تدرس الخيارات المتاحة بهذا الخصوص مع التأكيد على أهمية هذه الخطوة وضرورة الإسراع بها لكون ملف تثقيف مختلف مستويات القيادات النقابية من أولويات التنظيم النقابي لتعليم الكوادر النقابية الجديدة آلية العمل النقابي وأصوله والاستفادة من طاقاتهم الإيجابية ليكونوا قادرين على خدمة أبناء الطبقة العاملة في مختلف مواقع العمل والإنتاج من خلال إعداد قادة نقابيين أكفاء وملمين بكل القوانين والأنظمة وقادرين على تمثيل العمال والدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم وحل قضاياهم الإدارية والقانونية وغيرها من القضايا.
الوحدة النقابية
حديثنا مع القادري انتهى بتهنئة الطبقة العاملة بعيد العمال حيث منعت الإجراءات الاحترازية من إقامة الاحتفال المركزي بهذا العيد كما جرت العادة إلا أن ذلك لم يمنع رئيس الاتحاد من التأكيد على تعزيز وحدة الطبقة العاملة ووحدة الحركة النقابية العمالية السورية ،وتفعيل مشاركة المنظمة النقابية العمالية في حياة المجتمع السوري وحماية المنجزات وتطويرها والدفاع عن الوطن وتشجيع المبادرات المبدعة فيما يتعلق بالتنظيم والعمل والإنتاج ومواصلة الاهتمام بعمال القطاع الخاص والمشترك والتعاوني والعمل بجد ونشاط أكبر بين صفوفهم ومع أرباب العمل بغية كسبهم للمنظمة النقابية وتنفيذ قرارات المؤتمر /27/ في كافة المجالات التنظيمية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والقانونية والثقافية والخدمات العمالية وغيرها كونها تؤدي إلى تطوير أوضاع العمل والعمال والنشاط النقابي وبالتالي الإسهام بجدية وقوة أكبر في احتضان حياة الطبقة العاملة السورية ..
الجند الأوفياء
وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في نهاية حديثه على أن التنظيم النقابي سيبقى صوت العمال وضميرهم الحي، والمدافع الصلب عن حقوقهم ومكتسباتهم ولن يوفر جهداً لتحقيق المزيد لهم في شتى المجالات، وسيبقى تحسين وضعهم المعيشي من أولى الاهتمامات، وقال :إننا بذلك نقوم بأبسط واجباتنا ومسؤولياتنا تجاه عمالنا ووطننا الذي يحميه جيش عقائدي لم يتوان يوماً في الذود عن الوطن وسيبقى عمال سورية الجند الأوفياء لبلدهم ولقائدهم وفي صدارة الصفوف دفاعاً عن الوطن ونصرة لقضاياه خلف القيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد الذي نرى فيه رمزاً لصمودنا وانتصارنا وعنواناً لسورية المنتصرة بجهود وتضحيات كافة أبناءها.
البعث ميديا || بشير فرزان