ثقافة وفنسلايد

ثعالب صهيونية على شاشات العرب

لطالما اعتمدت الصهيونية أسلوباً ثعلبياً في تمرير أفكارها عن طريق أَتباعِها، ولم تعتمد أسلوبا مباشرا لتحصل على الربح الأكبر بقليل من الخسائر واعتمدت بقوة على تطبيق شعار فرق تسد.
وفي الموسم الرمضاني لهذا العام ظهر الانقسام العربي حول تقييم الدراما بعد أن تناول كل عمل درامي السياسة على طريقته، بل واتخذت بعض الدول التي تقف وراء إنتاج الأعمال مواقفاً سياسيةً إلى جانب دعم الصهيونية بعد أن كانت تعمل على ذلك خفية وخجلاً ومن تحت الطاولة، أما الآن لم تعد تخفي مكنوناتها وظهر ذلك جلياً في الدراما التي أنتجتها وعرضتها قنواتهم.

ويعتبر خروج الإعلام الصهيوني مادحاً مغازلات بعض الدراما العربية لهم، دليلاً كافيا لتأكيد الارتباط العضوي بين الطرفين ومدى تورط هذه الدراما بالتطبيع مع العدو الصهيوني فإعلام العدو يعتبر “مسلسلات رمضان الحالي تقسم العالم العربي أكثر من أي وقت” وهذا ما يسمى الأسلوب الثعلبي، فكلنا بات يعلم تورط قناة إم بي سي التي عرضت تلك المسلسلات، والتي كانت دائما وسيلة لتمرير مشروع ما يسمى “الربيع العربي”، مديح العدو لهذه المسلسلات يضعنا أمام حقيقة أنهم ربما كانوا على علم بإنتاج هذه المسلسلات وانتظروا عرضها بفارغ الصبر، ليخرجوا مادحين وفرحين ومتفاجئين من تغير مواقف بعض الدول منهم.

وعُرض مسلسل أم هارون مقدماً محتواه دون خجل وليضرم نار الغضب في قلوب الفلسطينيين، حيث ركز على حياة اليهود وتسامحهم مع العرب في عام 1948 وانسجامهم المجتمعي، وعرض حالة رومانسية لزواج فتاة يهودية بشاب مسلم متناسين ما حدث في هذه الحقبة، وربما كانت هذه القصة العاطفية واقعية فعلاً كما قالت الفنانة الخليجية حياة الفهد أحد أبطال هذا العمل، لكن تناول هكذا أعمال دائماً يصب في مصلحة التعاطف للتقليل من الغضب ونسيان الماضي وهنا مكمن الخطر والاستفزاز، باعتبار أنه لم يذكر لأعمال خليجية أن عرضت فيها حالة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع مسلسل مخرج 7 طريق “تمسيح الجوخ”، ضمن حوار بين القصبي مع راشد الشمراني، عندما قال الأخير: “إسرائيل” بشر مثلنا، “إسرائيل” موجودة، سواء أعجبكم أم لم يعجبكم”، لتهب عاصفة من التساؤلات على شاشات العدو عن تغير مواقف الدول الخليجية تحت عنوان “هل سئمت السعودية من تمويل الفلسطينيين”، لتترك الآخرين رهينة إجابات لا تعد ولا تحصى.

حارس القدس جاء ليشكل رداً قوياً على تلك الدراما الموبوءة، فهو تناول قصة حياة المطران هيلاريون كابوتشي، الذي أفنى حياته دفاعاً عن القدس والقضية الفلسطينية بعد أن اعتقلته السلطات الصهيونية وحاكمته ونفته ومنعته من دخول فلسطين حتى مماته.
هذا العمل أعادنا إلى ما تربينا عليه، وعله يذكر “إسرائيل” المزعومة بأننا ما زلنا على أفكارنا ولم نتغير حتى وإن أنتج ملايين الأعمال لتشويه الحقيقة، ولطالما عملت القنوات العربية المقاومة على تكرير الأعمال الدرامية التي تجسد الحقيقة وتروي معاناة الفلسطينيين، ونضالهم، ومقاومتهم للعدو الصهيوني، حتى وإن مر على إنتاجها زمن.

وإن أعجب العدو حالة الانقسام بالدراما العربية، ورسائل التطبيع العلنية التي حملتها الدراما هذا العام، فعليه أن يعي أن هذه الحركات التطبيعية المكشوفة لن تمنحه الحق بأرض فلسطين ولن تسقط عنه صفة المحتل، فهذه الكيانات السياسية المصنعة لا تمثل الضمير العربي ولا تمنح حقاً لمحتل غاصب، زائل لا محالة.

البعث ميديا || ريم حسن