محليات

روتين مطلوب كسره.. العبرة في التّطبيق العمليّ للمخرجات!

في وقت تنكمش فيه فرص العمل، وتتزايد هجرة الكفاءات والخبرات، شهدنا الأسبوع الماضي افتتاح مركز “التمكين والريادة الطلابي”، بالتعاون ما بين الاتحاد الوطني لطلبة سورية وجامعة دمشق، وورشة عمل في طرطوس لبرنامج “العمل التشاركي” الذي تنظمه وزارة الثقافة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، والذي يهدف لتعزيز دور الشباب في بناء المجتمع وتطويره من خلال العمل على عدة محاور أهمها، إيجاد فرص العمل.

كالعادة في مثل هذه المناسبات نسمع كلاماً حماسياً يعطي أملاً للشباب الجامعي بمستقبل أفضل، ويصل الأمر إلى حد الوعد أن قطف الثمار سيكون في متناول اليد خلال فترة قصيرة ليعيش الشباب القابض على جمر المعاناة في جنة الأحلام الوردية لعلها تمطر خيراً!.

هنا لفتني تعليق لأحد الشباب على الخبر الخاص ببرنامج العمل التشاركي مفاده “شو بعد عندكم تجارب تخدرونا فيها!”، لا شك تلك الكلمات القليلة تختصر معاناة شبابية كبيرة عمرها عقود من انتظار ممل لتَفَتّح ورود الأمل التي يتغنى بها المعنيون على مختلف المستويات دون أن يرى الشباب أي أثر على الأرض، فأصبحوا بذلك كالأحياء الأموات!.

المشكلة في تلك المراكز والبرامج القديمة منها والحديثة، على الرغم من أهميتها وضرورتها للشباب كداعم لتنمية المهارات وصقل الخبرات، أنها غير مبنية على أسس متينة، والقصد هنا السؤال عن مصير المخرجات ما بعد اتباع الدورات، بمعنى، هل هناك مجالات متاحة أمام الشباب لدخول سوق العمل وفق ما يحتاجه ويتطلبه؟، وفق معطيات الواقع يلاحظ أن هناك حلقة مفرغة أو فجوة تصطاد الخريجين الذين يصطدمون بشروط تعجيزية للحصول على فرصة عمل، كشرط الخبرة المتراكمة، وخاصة في مؤسسات القطاع الخاص التي تريد كوادر على مزاجها، وغالباً ما يكونون من المقربين حتى وإن كانوا لا يملكون التخصص المناسب والخبرة!، ولعل خريجي قسم العلاقات العامة في كلية الإعلام أحد الأمثلة المحزنة على ذلك، فهؤلاء بلا عمل وإن صحّ لهم، فغالباً ما يكون أقرب إلى السكرتارية من العلاقات العامة، وقس على ذلك دون حرج!.

بالمختصر، مراكز تمكين الشباب، سواء التي ذكرناها، أو التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لا ننكر أنها تؤدي دوراً مهماً في إرشاد الشباب للوصول إلى هدفهم، لكن هذا الروتين مطلوب كسره، فمن السهل إحداث المراكز وإقامة ورشات العمل والدورات التدريبية في تنمية المهارات، لكن هذا لم يعد يكفي، المطلوب تحقيق شراكة حقيقية مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص في استقطاب الكفاءات الشابة المؤهلة والاستفادة من قدراتها من خلال زجها بالعمل الحقيقي، وغير ذلك ستبقى الشهادات الجامعية والتدريبية مجرد صور معلقة على الحائط للذكرى فقط!.

البعث ميديا – غسان فطوم