ثقافة وفن

الهيبة.. المنتقمون!!!

لا يكفي زج قضية بحجم القضاء على الإرهاب في عمل ما لإعطائه بعداً معيناً، ولا يعني ذلك نفي التهم المنسوبة لأبطاله وتبييض صورتهم التي تكرست على مدى أجزاء سابقة، كمحاولة للخروج من العباءة التي صنعها لنفسه ولكن دون مخطط واضح..

هذا ما بدا في الجزء الأخير من مسلسل الهيبة – جبل، الذي انتهى عرضه قبل مدة، فمنذ جزئه الأول كان التركيز على صراع الشخصية الأساسية، جبل، مع من يريد التحكم بمصدر رزقه ويأخذ منه عمل عائلته المتوارث “التهريب”، إلا أن المواجهة في الجزء الأخير تكون مع خصم مغاير تماماً، أكثر خطراً وأكثر تدميراً.

ولإخراج شخصيات العمل من دائرة الترويج للعنف التي أُحيطت بهم، حاول صناعه جعلهم يواجهون شراً أكبر، يهدد وجودهم وحياتهم وأرضهم وتاريخهم، ليصبح ذاك العنف حالة إنسانية، يتحولون خلالها إلى منقذين ومضحين، وكأنهم يقولون لا بأس بالفوضى والعنف إذا كان ذلك لخدمة هدف آخر..

ولا خيار أفضل للخصم الجديد من تنظيم إرهابي كـ”داعش” لحل مشكلة الختام، إذ فجأة ودون مقدمات صارت مسألة التهريب قضية أمنية ودولية، من المواد الغذائية والأمور “العادية”، على اعتبار أن هناك ممنوعات وخطوط حمراء حتى في العمل غير القانوني، إلى الآثار التاريخية لطمس هوية البلد التي سُرقت منه وتدمير جذوره والعبث بتاريخه، ولكن مهلاً، ألم يُقدّم العمل على أنه من وحي صناعه وأحداثه وشخصياته لا علاقة لها بالواقع، إذاً كيف يمكن أن يُدخل مثل هذا الكيان الواقعي أيما واقعية إليه؟؟!!!..
مما هو ظاهر فإن الارتكاز على الحبكة القديمة، الثأر والتارات العشائرية لم يعد يجدي، أو لم يعد ينفع لإكمال العمل، وكأنه لا توجد لدى صناعه فكرة واضحة للنهاية بهذه الأحداث، التي امتدت لأربعة مواسم سابقة، لذا انتقلوا إلى صراع للبقاء بمواجهة من يريد تدمير أرضهم، فكانت النهاية كما شاهدناها، معركةٌ حامية الوطيس بين جبل ومعه أهل الهيبة والقرى التي كانت على خلاف معه ضد محتل غاصب معتدٍ.

وبإبهارٍ هوليوودي كانت لقطات الختام، كما نراها في تلك الأفلام، البطل وحيد أمام أعدائه، قادر على التصدي لهم دون أي مساعدة، وكأنه خارجٌ من أعمال مارفل الخيالية، فمن مشهد المفخخة وحتى الرصاصة الأخيرة، كلها تصب في هذا الإطار، المبالغة في صورة البطل الذي لا يوجد إلا في الخيال، وهذا سبب إرباكنا، فما بين فانتازيا العمل وواقعية الأحداث بتنا لا نعرف إذا كان “سوبرمان” موجوداً فعلاً، أو أن الرجل الحديدي سيظهر حقاً إذا ما وقعنا بمشكلة!!..

ربما يكون الجزء الأخير أفضل أعمال السلسلة، إخراجياً وتمثيلياً، لكن الإثارة لا تتعدى حلقات بسيطة كانت فيها معارك جبل وأعدائه، وفيما عدا ذلك كان تكراراً لأحداث قديمة.. وبانتظار فيلم الهيبة لعلنا نجد تفسيراً لبعض القضايا العالقة التي انتهى المسلسل دون إيضاحها..

رغد خضور