المبادرات الشبابية.. دعوة للانخراط في الحياة العملية
شكّل غياب النشاطات التي تعمل على صقل مهارات الشباب خلال السنوات الأخيرة، فجوةً كبيرة في حياة الناس في الوقت الذي هم فيه بأمس الحاجة لهذه النشاطات والفعاليات على مختلف أشكالها، ونظراً لحجم المعاناة التي خلفها هذا الغياب، ظهرت عدد من المبادرات الشبابية التي شكلت طفرة غير متوقعة لامسها قاطنو محافظة درعا، رغم الظروف الصعبة التي عانوا منها خلال سنوات الحرب.
نموذج يحتذى
أصبحت هذه المبادرات نموذجاً لجهد تكافلي مجتمعي يعكس وعي شابات وشباب هذه المبادرات تجاه مجتمعهم ومدينتهم التي عبثت بها الحرب من كل اتجاه، ومنها مؤسسة “مبادرة أهل الشام” التي انطلقت في نشاطاتها مع منتصف العام الماضي لتدخل في ميادين الدعم الشبابي فائق المدى.
نشاطات هادفة
على الرغم من ظهور عشرات المبادرات الشبابية المتنوعة بإمكانيات محدودة خلال سنوات الحرب، مقدمة نفسها كبديل اضطراري أو داعم ومساند للمؤسسات الحكومية، إلا أن مؤسسة “مبادرة أهل الشام” استطاعت خلال مدة وجيزة إثبات نفسها من خلال مئات النشاطات والبرامج التي نشطت خلال الأشهر القليلة الماضية التي شهدت حالة من الفوضى والفلتان الأمني، فقد استطاعت هذه المبادرات المساهمة في تنظيف وتزيين وإنارة الشوارع، بالإضافة إلى إحياء العملية التعليمية من خلال برنامج “التعلم عن طريق اللعب”، وإقامة العديد من فعاليات الدعم النفسي والأنشطة للفئة العمرية المستهدفة من سن 10سنوات إلى 26 سنة، وبرامج التوعية الصحية والوقائية والثقافية والبيئية. ولتلك المبادرات جهود في توزيع المساعدات الغذائية والإغاثية، حيث يقوم الشباب والشابات بكل ذلك بحماس وحيوية وتنظيم تلاقي رضى المجتمع المحلي وتقديره.
خطة عمل رائدة
مدير مركز “مبادرة أهل الشام” عبد الله العبد الله تحدث خلال حوار أجرته “البعث ميديا” عن انطلاقة هذه المبادرة موضحاً أن النشاطات بدأ ت بخطّة عمل رائدة في مجال العمل التطوعي تعتمد على برامج تنموية مهارية منها برنامج مهارات الحياة، من خلال تشكيل فريق يخرج بمبادرات تطوّعيّة مهمّة للنهوض بالمجتمع من عدة جوانب، منها تلك النشاطات التي تكمّل نشاط المؤسسات الخدميّة، كتخطيط ملاعب المدارس وتلوين مطبّات الشوارع وغيرها وتقديم مساعدات لوجستية في مختلف الفعاليات،وجانب آخر يهتم بالجانب الإنساني كدعم المرأة بمبادرات توعوية مهمّة،منها ما يخص تنظيم فعاليات لمناهضة العنف ضد المرأة،بالإضافة لفرق دعم نفسي من خلال تنظيم برامج دعم نفسي للفتيات المعنفات.
نواة لبدء مشروعات صغيرة
وأضاف العبدالله أن عمل المبادرة حالياً يركز على بناء القدرات التي تساعد فئة الشباب على اتخاذ الخطوة الأولى ببدء مشاريعها الصغيرة الخاصّة بالإضافة لدورات التنمية الذاتيّة مثل دورات التصوير ودورات صيانة الجوالات، ودورة الرسم على الزجاج، وإعادة تدوير الألبسة، ودورات الإسعاف النفسي الأولي التي تعنى بالجانب النفسي خلال الحروب والزلازل وغيرها من الكوارث، ودورات قيادة الحاسوبICDL ، وبرامج الإكسل، ودورات المنتسوري “التعلّم عن طريق اللعب”، وإعداد اختصاصيين لحماية الطفل مهمتهم الانخراط في مختلف مناطق المحافظة وتقديم الدعم لهم، وتلك التي أضيفت حديثاً كدورات التكييف والتبريد والدهان والحدادة، وآخرها التدريب على تركيب الطاقة البديلة التي ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة، وأضاف العبدالله أن عدد المستفيدين من نشاطات المركز، وهذه الدورات بلغ حوالي سبعة آلاف مستفيد ضمن المحافظة.
ذوو الهمم ضمن الخطة
ولم يغب عن متطوعي هذه المبادرة تقديم الدعم والخدمات اللوجستية لفئة ذوي الهمم، حيث ذكر العبدالله أن المبادرة ساهمت في تقديم إعانات صحية وعينية لهذه الفئة خلال حملة التوعية الصحية للحد من انتشار فيروس كورونا.
الانخراط في سوق العمل
أوضح عدد من المتدربين سواء في دورات الخياطة أو الرسم على الزجاج بأنّ مشاركتهم كشباب في هذه الدورات ضمن المركز، ساهمت بتطوير موهبتهم وصقلها، وذلك من خلال التدريب العملي على الخياطة والتصميم، مؤكدين أن ماتلقوه من معلومات وخبرات خلال الدورة، دفعتهم للتفكير بإنشاء مشروعاتهم الصغيرة التي ستدر عليهم أموالاً دون أن يكونوا بحاجة أحد.
دورات تدريبية فعالة
وبدورها صابرين الجلم، مدربة رسم على الزجاج، أوضحت بأنّها ومن خلال موقعها بتدريب الشباب على الرسم على الزجاج تعمل من خلال إمكانات بسيطة على إعداد مواهب شابّة لديها الحماس أيضاً لتطوير مشروعها الواعد وتشجيعهم على دخول سوق العمل بكل حرفية ودقة، حيث إن مايتلقاه المتدرب في هذه الدورات هو نواة حقيقية لينطلق في عمله الخاص.
درعا- دعاء الرفاعي