اقتصادالاقتصاد الدولي

السياسة وكبح جماح التضخم

بلغ معدل التضخم الأمريكي السنوي الحالي، من شهر  كانون الثاني 2021 إلى كانون الثاني 2022 ، 7.5٪ ، وهو يستمر في الاتجاه التصاعدي الذي كان في العام الماضي، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.8٪ في شهر كانون الثاني، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل.

ومن وجهة نظر سياسية، هناك بعض المقايضات غير الناجعة في مكافحة التضخم، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى النمو المفرط للنقود الذي يسيطر عليه الاحتياطي الفيدرالي. في المقابل، تخلق السياسة النقدية السهلة المزيد من الأموال، وتخفض أسعار الفائدة، أما السياسة النقدية المتشددة، التي تقيد نمو الأموال، فهي ترفع أسعار الفائدة، لذلك غالباً ما تتحدث الصحافة الشعبية عن السياسة النقدية من حيث رفع أسعار الفائدة وخفضها.

وهنا يكمن التحدي، فـللسياسة النقدية السهلة تأثير قصير المدى في تحفيز الاقتصاد، وهو ما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم به منذ سنوات. وعلى المدى الطويل، تؤدي السياسة النقدية السهلة إلى التضخم. وهذا هو واقع الحال، إذ تعاني الولايات المتحدة من التضخم الناتج عن استخدام السياسة النقدية لمحاولة تعويض الضعف السابق في الاقتصاد.

إن تشديد السياسة النقدية بمعنى رفع أسعار الفائدة، له تأثير قصير المدى على الاقتصاد، وتباطؤ النمو الاقتصادي أو حتى إيقافه، وفقط بعد فترة زمنية أطول سيبدأ في تخفيف التضخم.  وهنا يتساءل خبير الاقتصاد الأمريكي ميلتون فريدمان إلى متى سيسمر هذا الحال؟. ففيما يتعلق بتأثيرات السياسة النقدية، “هناك فترات تأخير طويلة ومتغيرة”، وليس من الممكن تحديد الوقت الذي سيستغرقه انحسار التضخم، لكن الآثار السلبية على الاقتصاد ستظهر أولاً.

إن  مكافحة التضخم تشمل عنصراً سياسياً، لأن الاقتصاد السليم يساعد شاغلي المناصب على إعادة انتخابهم، إذ يعمل الاقتصاد الراكد ضد شاغلي المناصب. فمع اقتراب موعد الانتخابات النصفية هذا العام، كلما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يحارب التضخم بقوة أكبر، كلما كان الاقتصاد أكثر تباطؤاً، الأمر الذي سيعمل ضد شاغلي المناصب، وشاغلي المناصب الديموقراطيين على وجه الخصوص.

ومع سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض والكونغرس، يميل الناخبون إلى اعتبار الديمقراطيين مسؤولين عن الظروف الاقتصادية، سواء كان ذلك صحيحاً أم لا. لذا سيوازن الاحتياطي الفيدرالي بين مزايا الإجراءات الأكثر عدوانية لمكافحة التضخم مقابل الضغوط السياسية للتخفيف من التضخم. ولن يكون لإجراءات مكافحة التضخم المتخذة الآن سوى تأثير على التضخم في السنوات القادمة، ولكنها ستؤدي إلى تباطؤ اقتصادي على الفور، لذا سيكون من المثير للانتباه رؤية كيف يوازن الاحتياطي الفيدرالي بين الضغوط السياسية ليسير بسهولة مقابل رغبته في كبح جماح التضخم.

 

تقريري إخباري- عناية ناصر