انعكاسات ارتفاع أسعار الطاقة على سورية
بديهي أن تتأثر أكثر من 22 مليون أسرة في إنكلترا، بعد إعلان مكتب أسواق الغاز والكهرباء البريطاني ارتفاع أسعار الطاقة بأكثر من 54% مرجعاً ذلك لارتفاع تكاليف بيع الغاز الطبيعي.هذه الزيادة ستفاقم أزمة تكلفة المعيشة في إنكلترا، حيث ارتفعت تكاليف الغذاء بشكل مطرد، ومن المقرر أن تدخل الزيادة الضريبية حيز التنفيذ في نيسان المقبل، ما سيفرض على الحكومة الحاجة لمساعدة ملايين المواطنين، خاصة ذوي الدخل المنخفض وذلك لمواجهة تكاليف الطاقة المرتفعة، كما من المتوقع أيضاً أن يرفع بنك إنكلترا، وهو البنك المركزي للمملكة المتحدة، أسعار الفائدة مرة أخرى لمكافحة ارتفاع أسعار المستهلكين.
الخبير الاقتصادي الأوروبي في مؤسسة نومورا “جورج بوكلي”، أوضح الأمر بتصريح له: “يرى الناس كل شيء يرتفع – الأسعار وأسعار الفائدة وحتى الضرائب – وهو ما يمثل مشكلة للأسر، هذه مشكلة الحكومة التي سوف يتعين عليها التحرك”.
حقيقة انعكاسات هذا الارتفاع على كافة القطاعات في سورية، وسبل المواجهة، وخاصة في ظل الحصار الجائر المفروض، وما هي الآمال الحقيقية المعوّل عليها بغية التحايل والتخفيف من وطأة هذا التأثير، يوضحها الباحث الاقتصادي “فادي عياش” كاشفاً معاناة سورية الشديدة من محدودية مصادر الطاقة ،وقلة حواملها، مع صعوبة تأمينها والكلفة الباهظة لها، نتيجة الظروف القاسية التي يعانيها بلدنا بحكم الحرب الغاشمة التي فرضت عليه والعقوبات الجائرة والحصار الظالم، وكذلك الاحتلال الأمريكي لحقول النفط والغاز، وتدمير الإرهاب لخطوط النقل، مضيفاً بأن معظم حوامل الطاقة يتم تأمينها بالحد الأدنى وبصعوبة بالغة عبر الاستيراد وبكلف مضاعفة.
وبالتالي _والكلام للباحث_فإن أي زيادة في أسعار الطاقة العالمية وفي تكاليف لوجستياتها، ينعكس سلباً وبمعدلات كبيرة على أسعار حوامل الطاقة في أسواقنا. يتابع عياش في حديثه لـ “البعث ميديا”، لاحظنا في الآونة الأخيرة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، والذي تواكب مع أزمة سلاسل الإمداد والتوريد الدولية، وبالتزامن مع منعكسات وباء كورونا، هذه العوامل الخارجية، بالإضافة للعوامل الداخلية المذكورة آنفاً، ستؤدي إلى زيادة صعوبة وتكاليف تأمين حوامل الطاقة، وبالتالي سيشكل ضغطاً كبيراً على موازنة الدولة واستنزاف القطع من جهة، ويعيق الإنتاج ويؤخر التعافي الاقتصادي.
وفي الظروف المعقدة الراهنة محلياً ودولياً، ينوه عياش، إلى أنه لا تتوافر لدينا الكثير من البدائل كحلول لأزمة الطاقة وارتفاع تكاليفها، لذلك تضطر الحكومة لفرض تقنين قاس، ومحاولة إدارة العجز في الوارد المتاح، وتضطر أيضاً إلى زيادة الأسعار نظراً لزيادة التكاليف في محاولة منها للحفاظ على مستوى التوريدات الراهنة وتأمين الحد الحالي من حوامل الطاقة، وهذا ما يرخي بظلاله الثقيلة على كاهل المجتمع ككل وعلى محدودي الدخل بالأخص، نتيجة تآكل الدخول وعدم تناسبها مع الاحتياجات حتى الأساسية منها، وتراجع القدرة الشرائية بفعل الركود التضخمي المخيم على اقتصادنا كنتيجة للحرب والحصار والعقوبات، ولا بد من الترشيد الشديد من خلال ضبط دقيق للفواقد وتقليل الهدر. ويبقى الأمل الأكبر في جيشنا العظيم ووحدة المجتمع لتحرير حقول النفط والغاز، وإعادة تأهيل محطات التوليد مع الاستعانة بمشاريع الطاقات المتجددة ما أمكن ذلك.
البعث ميديا|| ليندا تلي