ثقافة وفن

حدود التأمل والتوجّه المنتِج

بعيداً عما هو متداول وعما هو تقليدي مباشر، قد يتعرض المرء إلى أسئلة تأخذ أقصى حالات البعد الفلسفي المنطقي، كالتي تتعلق بتحقيق الذات الفنية وتجاوز حدود الحلم وأبعاده.

وقد يتساءل بعضهم أيضاً عن العين المفكّرة التي تَحدَّثَ عنها ” بول كيلي” في نظريته التي تقول:” إن الفن لايعيد إنتاج المرئي، بل هو يُنتج المرئي”.

سؤال من جملة الأسئلة التي نطرحها على أنفسنا لمعرفة ما إذا كان الفن يُنتج الوعي النقدي للواقع المرئي، ويجعل القارئ مشاركاً فعالاً في تفاصيل اللغة الفنية الواقعية؟.

طبعاً لا بدّ من القول: إنّ حاجتنا الملحة لمعرفة الأشياء وتفسيرها واستجلاء وجودها، يدفعنا إلى سبر أغوار الوجود وماهيته، وهو ما يدفعنا أيضاً لتقييم الحالات ونقدها.

ولعلّ ما يُحدثه الفن عموماً من إنتاج جديد للوعي الاجتماعي الذي يهدف أساساً إلى تغيير المحيط وتوجهه الخلاق، يجعلنا نعيش متأملين إلى أقصى حدود التأمل في هذا العالم الذي يشكّل تياراً  سرمدياً، على حد تعبير الفيلسوف اليوناني “هيراقليطس”.

ولا بد من الإشارة إلى أن الواقع النقدي أو الوعي النقدي يتمتع بخصوصية مطلقة، أو إذا صحَّت التسمية تكون المسألة ذاتية صرفة.

وقد كتبنا الكثير من المواد التي تتناول الفن والأدب والحاضنة المعرفية التي تعد قوة تقودنا إلى توصيف أدق وأعمق..فالجمع مثلاً مابين الفكرة والشكل الفني الحامل لها، يحرّض عقل القارئ تجاه العمل الإبداعي، ويثير مشاعره ويساهم في تكوين وعيه، وهو بذلك يمتلك القدرة على معاصرة المجتمعات ومواكبة تطوراتها.

ولكن لا يمكن أن يصل الوعي النقدي إلى أقصى درجاته، والقراءة الصحيحة للفنون والمشاركة الفعالة فيها تساهمان على نحو أو آخر في معرفة بعض تفاصيل الأمور، وهذا ليس استخفافاً بمقدرة القارئ على الاندماج مع الحالات المرسومة والمكتوبة.

إن الحديث في مسألة الفن وإنتاجه للمرئي يطول، وما يهمنا في واقع الأمر هو التذوق الفني، ومحاولة جادة لطرح نظرية “التوجّه المنتِج”،بحسب رأي أحد الفلاسفة.

 

رائد خليل