لماذا غابت أغنية الأسرة؟!
ما بال أغنية الأسرة التي كانت تملأ الأسماع في خمسينيات وستينيات القرن الماضي قد اندثرت تماماً، فما سبب ذلك، أهي أزمة موسيقا أم أزمة كلمات، أم أزمة أداء، أم أزمة تمويل؟..
والحقيقة يمكن أن نقولها بصراحة: إن هناك عوامل عدة ساعدت على نهضة الأغنية الأسرية وانتشارها، فمن ناحية كان المجتمع العربي اشتد استقراراً مما هو عليه الآن، كان الصبية يرجعون إلى منازلهم فيجدون أباهم وأمهم في انتظارهم، كانوا يحتضنون بعضهم البعض، الصغار يبذلون التوقير، والكبار يبذلون الرفق، ومشاربهم فيها متقاربة، والتزاور بين أفراد العائلية يحدث دفئاً معنوياً، كانت الأسرة مترابطة أشد الترابط، وفي مناخ كهذا يصبح لهذا النوع من الأغاني ما يبرره.
أما الآن فقد تفرقت السبل وتشعبت مشكلات الحياة، وأصبح كل فرد قانعاً بأن ينغلق على ذاته بما فيها من أفراح وأتراح، كما أن التلفزيون ساعد على تفتيت الأسرة، نظراً لتقديمه المسرحيات والأفلام المغناة، لكن الإذاعات العربية استطاعت أن تموّن أغنيات الأسرة في الكلمات والتلحين، وقد برزت أغان كثيرة في مجال الأسرة أشهرها (ست الحبايب) التي غنّتها فايزة أحمد، وأغنية (أكثر ثلاثة بحبهم، ابني وبنتى وأمهم) لـ اسماعيل شبانه، وأغنية (وحياة ابنك وحياة ابني ارجع وإن شاء الله تعذبني) للفنانة نجاة، و(يا حبيب قلبي يا ابني يا ضناية) للفنانة شريفة فاضل، وأغنية (يا ابنى الدهر هدني) للفنان سعدي الحلمي، وأغنية (أسعد ومحمد وحسين وبشرى وعدوية) للفنانة العراقية مائدة نزهت، وغيرها من أغاني الأسرة العربية.
في الآونة الأخيرة يرى المستمع والمشاهد العربية أن دور أغنية الأسرة قد تقلّص بسبب هجرة بعض كتّاب هذه الأغنية الأسرية وعدم الاهتمام بهذا النوع من الفن العربي الأصيل، ما جعل الشوق إلى هذه الأغاني يتذكّره كل المحبين لها، ومن هنا يجب وضع حلول فنية بدعوة أكثر كتّاب أغنية الأسرة في البلدان العربية وتقديم الدعم لهم مادياً ومعنوياً، وقيام المؤسسات المعنية بإجراء مسابقة لكتابة أغنية الأسرة والتي تهدف إلى زرع روح المحبة والتعاون والألفة، ونبذ الكراهية، وشد أزر الأسرة العربية وربط ماضيها بالحاضر لكي نسعد الأطفال ونسير بهم نحو مستقبل أفضل.
د.رحيم هادي الشمخي