طروحات ومناقشات عديدة للاستثمار في التعليم.. كيف يمكن توظيفها لتحسين المخرجات؟
ماذا نستثمر؟ وفيما نستثمر؟ وماهو مفهوم الاستثمار الذي يجب التركيز عليه؟ أسئلة عديدة طرحتها الورشة التفاعلية التي أطلقتها جامعة دمشق، وضمت وزارتي التربية والتعليم العالي، وناقشت موضوع الاستثمار في التعليم ومستقبله في كلا المرحلتين، قبل الجامعي والجامعي.
وحول أهداف الاستثمار وتحدياته، وماهي الفرص التي يتيحها استعرض معاون وزير التربية للشؤون العلمية، الدكتور رامي الضللي، وجهة نظر الوزارة ورؤيتها المستقبلية، فيما قدم نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون الطلاب والشؤون الإدارية، الدكتور محمد تركو، عرضاً حول ما الاستجابة المطلوبة اليوم لتحقيق الاستثمار في التعليم وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على زيادة فعالية ومردود القطاعات الأخرى في الدولة.
وما بين التربية والتعليم كان الاختلاف في التوجه على ماذا يجب أن نركز، وبحسب وزير التربية، الدكتور محمد عامر مارتيني، فإن الحديث عن الاستثمار في التعليم يوصل إلى الشعار الذي أطلقته الوزارة هذا العام وهو عام التعليم المهني، حيث تم تحويل الكثير من الموازنة الاستثمارية لتطوير المدارس المهنية لتحسين جودة المخرج التعليمي المهني، على اعتبار أننا نخطط لإعادة الإعمار فنحن بحاجة لكوادر ضخمة من الشباب الذي سيدخل سوق العمل من حملة الشهادات.
الوزير أكد على أساسية مجانية التعليم، ولكن لابد من تحديد المخرج الذي نريده، هل هو طالب متعلم، وليس ناجح من الثانوية العامة، يذهب إلى الجامعة ولديه ذخيرة علمية، مشيراً إلى أن الدولة تتحمل أعباءً كبيرة، لذا لا بد من التنويه إلى قضايا أساسية وهي أن الاستثمارات التي يمكن أن تلجأ لها الوزارة يجب أن تضخ ضمنها وألا تذهب للخزينة العامة، بحيث تكون التشاركية في صالح المؤسسة، الأمر الذي يمكن أن يحسن الأداء قليلاً.
وعلى الرغم من التكامل بين التربية والتعليم العالي في المناهج الدراسية، إلا أن رؤية وزارة التعليم العالي والجامعة هو تخريج كوادر وكفاءات بشرية ذات قدرة ابتكارية لخدمة المجتمع وخدمة التنمية الاقتصادية والمجتمعية، بحسب الوزير الدكتور بسام إبراهيم، الذي بين أن مفهوم الاستثمار في التعليم يكون في الاستثمار بالكوادر البشرية، لذا لابد من إعطاء أهمية لهذا الجانب سواء في التعليم أو البحث العلمي وخدمة المجتمع.
وزير التعليم العالي لفت إلى أن هناك استثمار في التعليم الجامعي، من ناحية تقديم الدراسات والاستشارات بكافة أنواعها، ليست الهندسية فقط، بل الاجتماعية أيضاً، ودراسة الجدوى الاقتصادية لقطاعات حكومية وخاصة، وهذا ينعكس بمردود على الجامعة، إذ إن هناك ثقة بمخابر الكليات المختلفة، في الهندسة والصيدلة والطب، كونها تحقق في جزء كبير منها المواصفات القياسية العالمية من حيث الجودة والاعتمادية، وعليه يجب توظيفها في خدمة المجتمع.
وأضاف الدكتور إبراهيم أنه يمكن الاستثمار في الكادر البشري من خلال دورات التدريب والتأهيل المستمرة، والتي تكون على مستويات متعددة، والإبقاء على تواصل الكوادر التعليمية مع ما يجري من تطورات في العالم من علوم وتقنيات، وهذا كله يصب في خدمة الغاية الأساسية وهي تقديم الخدمات للمجتمع.
ومع كل تلك النقاط التي ركز عليها ممثلو الوزارتين المعنيتين، إلا أن توصيف عنوان الورشة توه الهدف من الفكرة الأساسية لها، وفقاً لرئيسة اتحاد الطلبة، الدكتورة دارين سليمان، التي ذكرت أنه إذا ما ناقشنا الاستثمار بعنوانه العريض يجب أن تكون المؤسسات التعليمية قادرة على الاستثمار في مواردها الذاتية لتحسين جودة التعليم ومخرجاته، وهنا لابد من وضع هدف ورؤية محددة لما نريده من قطاع التعليم في سورية.
وهذه الرؤية عندما تكون واضحة ندخل بعدها في تفاصيل التحديات التي تواجهها، سواء المالية أو البشرية أو غير ذلك، والتي تزداد صعوبة مع مرور الزمن، وربما التحدي الأكبر هو تحدي مادي مالي، إذ أثر ذلك على الكثير من العناوين في التعليم العالي، على حد تعبير رئيسة الاتحاد، وهذا يرتبط بشكل أو بآخر بالمورد البشري، وبشكل خاص توفر أعضاء هيئة تدريسية كافية وقادرة على الاستمرار والعطاء في بيئة مقبولة.
وبينت أن الأمر هو حلقة واحدة متكاملة، الموارد تؤثر على إمكانيات المؤسسة التعليمية والتي بدورها تؤثر على الإمكانية المالية لها، وبالتالي على تواجد عضو الهيئة التدريسية في الجامعات، وعليه فإن مناقشة التحديدات بعد وضع سياسات تعليمية واضحة يمكن من تحويلها إلى فرض تتناسب مع واقعنا وظروفنا.
الورشة التفاعلية شارك فيها الحضور بعرض أفكارهم ومناقشتها، وطرحوا حلولاً تساعد لتطوير الاستثمار في التعليم بشكل يضمن جودة المخرج، سواء في التعليم قبل الجامعي أو الجامعي، إضافة إلى ضرورة تغيير النظرة للعملية التعليمية، حيث تجد الدكتورة نادية الغزولي، مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج، أن المجتمع ينظر إلى التعليم على أنه خدمة تُقدم لأفراده، ولكنها الآن استثمار يهدف إلى تحسين دخل أفراد المجتمع، مشيرةً إلى أن العائدية على التعليم لا تقاس بعدد المخرجات وإنما بجودتها وكفاءتها بالدرجة الأولى.
الجدل الحاصل خلال الورشة مهم للغاية في تحديد ماذا نريد من التعليم، وهو ما ركز عليه المشاركون، والأهم من ذلك هو تحديد مفهوم الاستثمار لتكون الخطط الموضوعة تخدم الغاية الأساسية منه، فهل هو استثمار في المنتج التعليمي أن في عائدات الوزارات المعنية؟؟
البعث ميديا – رغد خضور