أجهزة تتبع اللياقة البدنية ودقتها
يتزايد يومياً عدد مستخدمي الأجهزة القابلة للارتداء حول العالم. تلك الأجهزة التي يفضلها عشاق التكنولوجيا لمراقبة العديد من الأشياء بدءا من البيانات الفسيولوجية والجسدية وحتى الحالة المزاجية العامة للشخص.
وتشير أحجام مبيعات تلك الأجهزة وانتشارها إلى أنها أصبحت أقرب لطفرة الهواتف المحمولة التي حدثت في أواخر العقد الأول من الألفية.
أجهزة شائعة الاستخدام
مع الوقت تنوعت تلك الأجهزة وتعددت أشكالها واستخداماتها حتى كادت تصبح ثقافة سائدة حول العالم، فمن الساعات الذكية التي تتعقب خطواتنا إلى مراقبة معدل ضربات القلب، إلى الأساور الرياضية التي تسجل أنماط النوم والسعرات الحرارية المحروقة، أصبحت هذه الأجهزة الآن شائعة في كل مكان حيث تعكس شعبيتها هوسًا حديثًا بالفكرة التي تقول إنه إذا لم يُسجل شيء، فإنه لا يُحسب، وفق ما ذكرت دراسة نشرت في موقع المكتبة القومية للطب بالولايات المتحدة.
ويشير موقع “آرست تشنيكا” المتخصص في التقنية إلى أنه من المرجح أن يكون نصف الأشخاص في أي غرفة يرتدون جهازًا، مثل جهاز تتبع اللياقة البدنية، الذي يقيس بعض جوانب حياتهم وهو الأمر الذي يطرح سؤالاً هامًا: هل يمكن للأجهزة القابلة للارتداء قياس ما تدّعي أنها تقوم بقياسه بدقة؟
مؤخراً نشرت مراجعة شاملة منهجية قام بها عدد من الباحثين ونشرت في مجلة الطب الرياضي حول ما إذا كانت الأجهزة القابلة للارتداء التي يشتريها المستهلكون يمكنها قياس مؤشرات مثل معدل ضربات القلب، القدرة الهوائية، استهلاك الطاقة، النوم، وعدد الخطوات بدقة أم لا.
قياس كل شيء.. تقريباً
وتشير نتائج الدراسة إلى أنه بشكل عام، كانت النتائج إيجابية مع قبول بعض الخطأ بحسب ما قال الباحثون. إذ يمكن للأجهزة القابلة للارتداء قياس معدل ضربات القلب بدقة تصل إلى خطأ قدره زائد أو ناقص 3 في المئة، اعتمادًا على عوامل مثل لون البشرة، شدة التمرين، ونوع النشاط. كما يمكنها أيضًا قياس تباين معدل ضربات القلب بدقة وتظهر حساسية وخصوصية جيدة في اكتشاف اضطراب نبض القلب، وهو مشكلة تتعلق بمعدل ضربات القلب لدى الشخص.
بالإضافة إلى ذلك، يمكنها تقدير ما يُعرف باللياقة القلبية التنفسية بدقة، وهي الطريقة التي توفر بها الدورة الدموية والجهاز التنفسي الأكسجين للعضلات أثناء النشاط البدني. يمكن قياس هذا من خلال ما يُسمى بـ VO2Max، وهو مقياس لكمية الأكسجين التي يستخدمها الجسم أثناء التمرين.
ويشير الباحثون إلى أن قدرة الأجهزة القابلة للارتداء على قياس هذه الأمور بدقة تكون أفضل عندما يتم الحصول على هذه التقديرات أثناء التمرين (وليس في حالة الراحة)، لكنهم أشاروا إلى أنه في مجال النشاط البدني، تقدر الأجهزة القابلة للارتداء عمومًا عدد الخطوات التي يمشيها الشخص بشكل أقل بنسبة حوالي 9 في المئة.
فروق ضخمة في النتائج
لكن على جانب آخر، كانت الفروقات أكبر بالنسبة لاستهلاك الطاقة (أي عدد السعرات الحرارية التي تحرقها أثناء التمرين)، حيث تراوحت هوامش الخطأ من ناقص 21.27 في المئة إلى زائد 14.76 في المئة، حسب الجهاز المستخدم والنشاط الذي تم القيام به وهو مدى واسع للخطأ بحسب ما أشارت الدراسة.
أيضاً، لم تكن النتائج أفضل بكثير بالنسبة للنوم. إذ تميل الأجهزة القابلة للارتداء إلى المبالغة في تقدير إجمالي وقت النوم وكفاءته عادةً بما يتجاوز 10 في المئة. كما أنها تميل إلى تقليل تقديرات تأخير بدء النوم (أي الوقت الذي يستغرقه الشخص للوصول إلى النوم) واليقظة بعد بدء النوم. تراوحت الأخطاء من 12 في المئة إلى 180 في المئة، مقارنةً بالقياسات القياسية المستخدمة في دراسات النوم، المعروفة باسم المراقبة البوليسوموجرافية.
النتيجة هي أنه، على الرغم من القدرات الواعدة للأجهزة القابلة للارتداء، وجدت الدراسة أن إجراء وتوليف البحث في هذا المجال كان صعبًا للغاية وكانت إحدى العقبات التي واجهها الباحثون هي المنهجيات غير المتسقة التي تستخدمها مجموعات البحث المختلفة عند التحقق من صحة ودقة جهاز معين.
وتفيد الدراسة أن هذا الافتقار إلى التوحيد القياسي بين الأجهزة يؤدي إلى نتائج متضاربة وتجعل من الصعب استخلاص استنتاجات نهائية حول دقة الجهاز. مثال ذلك هو ما قام به الفريق البحثي لتقييم مدى دقة معدل ضربات القلب حيث يقيسها جهاز خلال تمرين رياضي قوي، بينما يركز جهاز آخر على الأنشطة الجلوسية، مما يؤدي إلى تناقضات لا يمكن تسويتها بسهولة وهذا إلى جانب اختلاف أعمار المستخدمين وحالتهم الصحة وظروف القياس وغيرها.
ودعا الباحثون إلى بذل المزيد من الجهد لتوحيد معايير التقدير والقياس بين الشركات المصنعة لهذه الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء لتتحول من مجرد أدوات مبتكرة جذابة الشكل إلى أدوات موثوقة للصحة والرفاهية.