“القيم الأخلاقية ودور الأسرة”.. مناقشة علمية في جامعة دمشق للحفاظ على المجتمع وحمايته
البعث ميديا – رغد خضور
مع التحولات والتغيرات الدخيلة التي تشهدها منظومة القيم والأخلاق والتي تهدف في مجملها لتفتيت المجتمعات وهدم المبادئ الأخلاقية والروحية، لا بد من العمل للمحافظة على قيم المجتمع ومنعه من الانحدار والانحطاط.
هذه الإشكالية طرحتها جامعة دمشق، ممثلة بكلية الشريعة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، خلال المحاضرة التي أقامتها على مدرجها، بالتعاون مع المركز الثقافي الروسي بدمشق، واستضافت فيها البروفيسور الروسي إبراهيم إبراهيموف، وذلك في إطار سعي الجامعة لتعزيز اللقاءات النوعية بين طلابها وبين شخصيات عالمية بارزة، بحسب ما أوضح رئيس الجامعة الدكتور محمد أسامة الجبّان.
الجبّان لفت في تصريح للصحفيين، إلى أن استضافة إبراهيموف فرصة مميزة لطلاب الجامعة للقاء والتشاور والمناقشة حول تعزيز التسامح والقيم الروحية والأخلاقية، خاصة مع وجود تشابه كبير بين البلدين من هذه الناحية، وذلك في سياق برنامج الجامعة لمناقشة كافة المواضيع التي تهم المجتمع.
وعلى اعتبار أننا نعيش أزمة أخلاق حقيقية، لابد من تحصين المجتمع وأبناءه، وفقاً لما أفاد به عميد كلية الشريعة، الدكتور محمد حسان عوض، حيث بين أننا بحاجة لأن نعود إلى هدي الأنبياء والتشريعات السماوية التي تجمع الأفراد ولا تفرقهم، والتي تعطي كل ذي حق حقه.
وفي حديثه لـ”البعث ميديا”، ذكر عوض أن علينا حماية الأسرة في سورية من هذا الغزو الثقافي والفكري والأخلاقي، من خلال المحاضرات والندوات والورشات، ومن خلال المؤسسات الدينية وتعزيز دور الأخلاق والقيم، ولفت إلى أن المحاضرة العلمية لم تتكلم بلغة وثقافة سورية حتى نقول هذا حلال وهذا حرام، لكن الحديث كان بلسان روسيا التي وجدنا عندها أننا على حق، ووجدنا الأشياء التي تضيع منا موجودة عند غيرنا، وما لنا رأي فيه وجدنا أصحاب العلم والقوة والنفوذ متمسكين بها.
ولفت إلى أننا أولى أن نعود إلى أمجاد آبائنا وإرثنا في سورية ونحيي فينا هذا النسيج الوطني الموجود من جهة، والقيم المتنوعة التي تصب في تحصين الأسرة من جهة أخرى، والتي بدورها ستنعكس على تنشئة الأفراد واستقرار المجتمع.
وأشار عميد كلية الشريعة، خلال المحاضرة، إلى حديث السيد الرئيس بشار الأسد أمام العلماء والداعيات في مسجد العثمان، عندما تحدث سيادته عن الليبرالية الحديثة، والتي تهدف في أساسها إلى هدم العقيدة الأسرة من خلال تمرد الأبناء على الآباء واختراقها بعلاقات جديدة وأسماء حديثة لتنهار بسببها وتضيع هويتها وقيمها وأخلاقها.
وبما أن المحاضرة تهدف لعرض التجربة الروسية في الحفاظ على القيم الأخلاقية والروحية، استعرض البروفيسور إبراهيم إبراهيموف، نائب رئيس جامعة بياتيغورسك الحكومية، المراسيم والقوانين الروسية التي تهدف إلى حماية المجتمع والحفاظ على تلك القيم وتعزيزها، ومنها المرسوم الذي وقع عليه الرئيس فلاديمير بوتين، عام 2022، والذي يعتبر وثيقة تخطيط استراتيجي في مجال ضمان الأمن القومي لروسيا الاتحادية.
وفي هذا السياق، تُعرف القيم التقليدية في روسيا بأنها مبادئ وتوجيهات أخلاقية تشكل النظرة العالمية للمواطنين الروس، والتي تنتقل من جيل إلى جيل، وموجودة أساساً في الهوية المدنية لروسيا والثقافة الموحدة للبلد.
كما تحدث إبراهيموف عن العلاقات بين الدولة والأديان، خاصة وأن روسيا تولي اهتماماً كبيراً للديانات التقليدية التي تحظى باحترام كبير في البلاد، وكذلك تولي اهتماماً كبيراً للتفاعل بين الهيئات الحكومية والمنظمات الدينية التي تتمتع بدعم واسع من الدولة، مشيراً إلى أن هناك دوراً كبيراً للزعماء الدينيين في تعزيز العلاقات بين الأديان في روسيا.
وفي تصريحه لـ”البعث ميديا” أشار إبراهيموف إلى أن هذه القيم تدعو لأسرة قوية وللعدالة والرحمة، إلى جانب أنها تغلّب الروحانية على المادية وغيرها، وعندما تُشكل القيم الأخلاقية والروحية يكون المجتمع في ازدهار وسلام، منوهاً إلى أن الشعب الروسي موحد وقوي وكل روسي يفهم لماذا يدعم الرئيس بوتين، لأن الجميع يعرف أنه على الطريق الصحيح، والكل يعمل ما بوسعه، من موقعه، لازدهار روسيا.
أهمية هذه المحاضرة، كما وصفها المستشار في المركز الثقافي الروسي، الدكتور علي الأحمد، تكمن في التعرف على روسيا في العمق، على المستوى التشريعي والقيمي الأخلاقي والديني ومعرفة تعدد القوميات والأديان والمذاهب وكيفية التعاطي مع هذا التعدد، ومعرفة مدى قربها من المجتمع السوري، خاصة وأن هناك تشابه بالقيم الأخلاقية والإنسانية والتقليدية.
وانطلاقاً من عنوان المحاضرة، الذي يركز على دور الأسرة، بين الأحمد أن الأسرة هي القيمة الأولى في المجتمع التي ترسخ الانتماء والمواطنة والحضور الاجتماعي والمبادرة والحفاظ على التقاليد وغيرها من المسائل منذ الصغر للوصول إلى جيل فاعل وقادر على صون قيمه، لافتاً إلى أنه بقدر ما تكون الأسرة متعلمة بقدر ما تكون مكتفية وفاعلة.