زيادة أسعار المازوت.. هل نمتلك سياسة زراعية واضحة؟
وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على زيادة سعر المازوت الموزع على القطاع الزراعي ليصبح بـ 5000 بدلاً من 2000 ليرة لليتر الواحد، وقد نشر المكتب الإعلامي في الرئاسة المداولات التي سبقت إقرار الزيادة، والتي أوضحت المبررات التي ذهبت إليها الحكومة لإقرار القرار من الحفاظ على المادة في الأسواق، ومحاولة ضبط التهريب إلى السوق السوداء والحد منها بسبب وجود عدد من الأسعار للمازوت المدعوم، وتخفيف العجز في الموازنة، ولكن لم يذكر بيان الحكومة ماذا بعد قرار الرفع الجزئي الذي أخذ وقته في الدراسة والتدقيق؟ ماهي الآلية الجديدة مثلاً لدعم الفلاح والعملية الزراعية التي سيكون عليهما العبء الأكبر من جراء هذا القرار، وكيف ستعمل الحكومة لتخفيف الآثار المترتبة على المواطنين ككل، ولاسيما أصحاب الدخل المحدود في كيفية التعامل مع تضخم الأسعار وزيادتها بفعل الزيادة في إحدى حلقات الإنتاج الزراعي؟.
يعكف الفلاحون حالياً على الإعداد لزراعة أهم محصول استراتيجي في سورية وهو القمح، وهم ينتظرون أن تبدأ الحكومة الجديدة بتلافي الأخطاء التي وقعت خلال المواسم السابقة من جهة دعم وتسويق هذا المحصول الاستراتيجي، ولا سيما تأمين البذار والسماد والمحروقات اللازمة للبدء بالزراعة، ومع الرفع الجزئي في سعر المازوت المدعوم، يمني النفس الفلاح أيضاً في أن تكون متزامنة مع تسعيرة جديدة للمحصول حتى قبل بداية الزراعة، والتي من شأنها ورغم كل الظروف والغلاء الكبير في مستلزمات العملية الزراعية، أن تساهم في الإقبال على زراعتها، ولكن للأسف لم يحصل ذلك؟. والأمر ذاته ينطبق على الشريحة الكبيرة من المواطنين التي ترى في الزيادة فرصة مناسبة للتجار والمحتكرين لزيادة أسعار المنتجات الزراعية، وبالتالي يجب على الحكومة التي درست وفق بيانها أن تكون قد لحظت الآليات التي من شأنها أن تخفف على المواطن وتحافظ على قوته الشرائية المهترئة، عبر زيادة ما في الرواتب مثلاً ، أو إعادة النظر بإعادة فرض تعويض المعيشة وغيرها على سبيل ضبط الأسواق والتسعير وما إلى ذلك.
منذ أربعة عشر عاماً وسورية تعاني من حرب إرهابية هوجاء عليها تستهدف البشر والحجر، ولعل أخطرها هو الحرب الاقتصادية، حيث تضطلع الولايات المتحدة الامريكية وأتباعها بتنفيذها بداية من احتلال لأرض عزيزة وهي الجزيرة التي تعتبر سلة غذاء سورية، إضافة إلى فرض إجراءات احادية الجانب تحاصر فيها سورية وتمنعها من استكمال أمنها الغذائي، وأمام كل ذلك يجب أن تكون الحكومة ومن خلفها وزارة الزراعة واضحة في انتهاج سياسة زراعية طويلة الأمد حيال أهم قطاع رافع وداعم لصمود البلاد في هذه الظروف الدقيقة التي نعيشها، صحيح أن قطاع المحروقات وتأمينها يعيش حالة معقدة بفعل العقوبات الجائرة، ولكن كما طالب مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بالتفكير خارج الصندوق وابتداع الحلول وفق ما هو متاح وعدم التعويل على الخارج، ولكن هذا لا يعفي المعنين في وزارة الزراعة واللجنة الاقتصادية والحكومة في تبني سياسة زراعية تعالج التراكمات السابقة، وتؤسس لتعاطي جديد مع أهم قطاع في الاقتصاد الوطني ألا وهو الزراعة ، فهل تعي الحكومة هذا الأمر أم تواصل اتخاذ قراراتها على أساس أني ولحظي؟.
سنان حسن