معكم كل الحق، يا دولة الشيخ سعد… حسان دياب متهم، ارتكب جريمة بحق الوطن، لأنه على حدّ قولكم، قال “كلاماً خطيراً يتلاعب على عواطف الناس ليتبرّأ من التقصير الفادح الذي تغرق فيه الحكومة من رأسها إلى أخمص قدميها”. نعم، لقد صدقت، فهو المسؤول عن التقصير الفادح، لأنه حكم لبنان في زمن الرئيس رفيق الحريري، وفي زمن الرئيس النزيه فؤاد السنيورة، وفي زمن الرئيس أبي الفقراء نجيب ميقاتي، وأيضاً في عهدكم الزاهر الميمون، حيث كنتم كما تروّجون للناس أنكم كنتم مكبّلي الصلاحيات، رغم ما للحكومة من صلاحيات واسعة! نعم يا شيخ سعد! حذرتم وقلتم “احذروا أيها اللبنانيون، المتاجرة السياسية والحزبية بأوجاعكم ولقمة عيشكم، وضمور مداخيلكم، ولا تقدّموا لتجار الهيكل فرصة الانقضاض على النظام الاقتصادي الحر”… لكم كان حذركم يا دولة الشيخ سعد صادقاً وفي مكانه، لأنّ حسان دياب منذ مطلع التسعينيات أسّس للفساد، وفتح حقائب المال يوزّعها على هذا وذاك، وأنشأ مع زمرة من المنتفعين، شركة صادرت الأملاك الخاصة من دون وجه حق، وبأبخس الأثمان، مما تسبّب بعد ذلك، بتشريد أهالي بيروت ـ الذين كانوا ينعمون بالرزق في ما مضى في الوسط التجاري ـ إلى عرمون وخلدة، والناعمة والسعديات، والدبية وصولاً الى الرميلة وصيدا واللائحة تطول. نعم يا شيخ سعد! حسان دياب متهم لأنه ارتأى بنظركم، “الانتساب إلى مواقف تعوّدتم عليها منذ التسعينيات، بعد ان أنزلت عليه رئاسة الحكومة في ليلة لم تكن في الحسبان”، لأنّ الإقطاعي السياسي في لبنان تعوّد وللأسف الشديد، أن يرى المنصب، يتحدّر ويورّث داخل الأسرة الواحدة، حيث تجيّر عباءة الحكم، وتلبّس من الأب الى الابن، الى الحفيد والشقيقة وابن الشقيق، بمعزل عن قدراته العقلية، وكفاءته ونزاهته، وهذا التوريث لحسن حظ الدكتور حسان دياب، لا ينطبق على الأكاديمي والوزير السابق للتربية والتعليم. نعم يا دولة الشيخ سعد! حسان دياب متهم، لأنّ حكومته على حدّ زعمكم، “تستجدي التحركات الشعبية بإغراءات شعبويّة” على اعتبار أنّ هذه التحركات والمطالب الشعبية، والبطالة، وجوع الناس، والفساد المستشري منذ ثلاثين سنة، والذي فاق كلّ حدود، وفقدان هيبة القانون والدولة، لم تعرفه حكوماتكم، ولا الحكومات التي كانت تدور في فلككم، بل كان المنّ والسلوى يتساقط في أفواه الجياع لا سيما العاملين في مؤسّساتكم الباهرة! نعم يا دولة الشيخ! حسان دياب، أذنب بحق الشعب اللبناني وبحقكم، لأنه جمع الثروات الخيالية وبنى القصور، وامتلك البنوك، واشترى العقارات والفنادق والطائرات واليخوت، واستولى على جنى عمر الكادحين، فكنتم الضحية من بين ضحايا الشعب، حيث جوّعكم حسان دياب، وشرّدكم وهجّركم، وسرق عمركم وأحلامكم، وأمات الأمل والبسمة في قلوبكم، وأنتم تبحثون عن مأوى، وعمل وأمان. نعم يا دولة الشيخ! لقد ثبتت التهمة على حسان دياب، لأنه خرق الدستور والقانون مرات ومرات، وجمع الثروات غير الشرعية، وأُعفي من ضريبة الميراث من دون وجه حق، وأجرى الصفقات، واستولى على الأملاك البحرية والنهرية والبرية، وسخّر نفوذه للظفر بالصفقات المشبوهة، وتحصيل المال الحرام، وتزويد الجماعات الأصولية المتطرفة التي عبثت بأمن لبنان، بالمال وما أدراك ما المال، ولم يكترث للفقراء الذين يبحثون عن عمل ومستشفى ورغيف الخبز ولقمة العيش. نعم يا دولة الشيخ سعد! حسان دياب خلال شهرين فقط، ارتكب المعاصي، لأنه جمع حوله الأزلام والانتهازيين، والمحسوبين، والمنافقين، والمنتفعين، والمحظوظين، والمرتشين، والمختلسين، وأنعم عليهم بالمكرمات، والامتيازات والاحتكارات، والصفقات المشبوهة، والمشاريع الحصرية المدرّة للمال الحرام، واقتسمه معهم. نعم يا دولة الشيخ! حسان دياب متهم، لأنه وضع يده على القضاء منذ التسعينيات، ولم يسمح له أن يفتح ملفاته الشخصية، وملفات حاشيته، ومعرفة ثرواته وثرواتهم، وأمواله وأموالهم غير المشروعة، ومصير عشرات المليارات التي حوّلت وهرّبت إلى الخارج، حيث كان في كلّ مرة، يريد القضاء مساءلته وفتح ملفاته، كان يحرّك المنافقين، من وعّاظ السلاطين، والعازفين على الوتر المذهبي في وجه القضاء، ليرفعوا صوتهم الباطل ليقولوا له: هذا خط أحمر! نعم يا دولة الشيخ سعد! تريدون لبنان كدولة سكسونيا! بكلّ تأكيد سمعتم بقانون سكسونيا، الذي كان سائداً في إحدى المقاطعات الألمانية في العصور الوسطى، وللتذكير فقط – وقد تنفع الذكرى – فإنه بموجب هذا القانون، كان المجرم، يحكم عليه بقطع رقبته إذا كان من طبقة الرعاع، أيّ من عموم أبناء الشعب، الذين لا ينتمون الى طبقة النبلاء (الحكام). أما إذا كان من النبلاء وارتكب جريمة فظيعة، فإنّ هذا النبيل يُحضر بُعيد شروق الشمس، أو قبيل غروبها، حيث يكون ظله طويلاً على الأرض، فيقف النبيل بفخر واعتزاز مبتسماً، بكلّ وقاحة وعنجهية وغرور أمام الجلاد، الذي يهوي بفأسه على رقبة ظله، والجمهور المغفل المسكين، يصفّق فرحاً بتنفيذ حكم العدالة السكسونيّة! في دولة سكسونيا، يُسجَن السارق المحتاج إلى رغيف الخبز، وتطبّق عليه العقوبة الصارمة، ويُترَك اللصوص من النبلاء، لا يدفعون الضرائب، بل ينهبون، حيث القانون يطبّق باستنسابية بين فئة وأخرى. في دولة سكسونيا، يقبض على الدولة النبلاء وأولادهم ونساؤهم، وأمراء الحرب وأباطرة المال، مصاصو دماء الشعب وعرقه، ويُزَجّ بالأحرار الأبرياء في السجون، ويوضع المطالبون بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان وراء القضبان. هذا في سكسونيا! فماذا في لبنان يا دولة الشيخ سعد؟! مشكلة حسان دياب أنه إبن الشعب، يتحسّس بضمير حي مشاكل الوطن، وهموم الجائعين المنهوبين المعذبين على يد “نبلاء” طبقة الفاجرين، ويعرف مدى فساد وطغيان الطبقة المكروهة وفجورها التي حكمت اللبنانيين… حسان دياب أتى مع فجر جديد واعد يريده نظيفاً نقياً، ولم يأتِ قبيل أو بُعيد شروق الشمس وغروبها. في لبنان حيث يريد البعض ان يسود فيه قانون سكسونيا، ينبري حسان دياب، بسياسة الأخلاق، ومعه كلّ الأحرار الشرفاء، في وجه ممارسي أخلاق السياسة من الفاسدين والمفسدين في الأرض، والعابثين بحقوق الشعب، الذين ينسّقون اليوم في ما بينهم، يهرولون، مذعورين، يتنادون يجمعون صفوفهم المنهارة، يعربون عن قلقهم ومخاوفهم من يوم آتٍ لا محال، والأرض تهتزّ من تحت أقدامهم، وصوت عالٍ يأتي من بعيد، موجهاً النداء لهم ولحاشيتهم وأتباعهم، يناديهم، يدعوهم للتأهّب، يقول لهم: يا رفاق مواخير السياسة والفساد اتحدوا…! صحيفة
Read More