منوع

الأسر العائدة إلى بلدة سقبا:كل شيء جميل سيعود

بعد عودته وأسرته من مركز الإقامة المؤقتة في الحرجلة إلى الغوطة بدأ غسان خميس أعمال التأهيل في صالة “زهرة الشرق” للموبيليا ببلدة سقبا التي طالما زارها زبائن من كل سورية والكثير من دول العالم لما كانت تتمتع به من سمعة عالمية بصناعة المفروشات تجاوز عمرها الخمسين عاما.

في صالته الواقعة على الشارع الرئيسي وسط البلدة يعيد غسان المعروف بأبي محمود ترتيب وسائد على أريكة من خشب الزان تعلو حوافها زخرفة جميلة تحكي بأن أيدي ماهرة صنعتها وإلى جانبها خزائن للملابس داكنة اللون مغبرة. هي جزء مما بقي من قطع موبيليا بعد سرقة الإرهابيين مجموعة منها وإحراق المعمل كما يقول.

ورغم الخسائر التي تكبدها إلا أن أبا محمود يملك الإصرار على البدء من جديد “نفكر بالرجوع لمصالحنا ومعاملنا ونحن على ثقة بأن صناعة الموبيليا ستعود إلى سقبا بهمة أهلها”، ويضيف وهو يلقي نظرة على بعض قطع الموبيليا “للخشب روح وبدها ترجع”.

ينزل أبو محمود إلى قبو البناء يستعرض مجموعة من الكراسي الفخمة المزخرفة الجاهزة للبيع وأخرى غير منجدة تعود إلى 2011 وينحني على أحدها يمرر أصابعه يمسح الغبار ويفيض حديثه بالدفء عن هذه الصناعة الوطنية “سنعيد تصديرها إلى دول المنطقة والعالم.

ومن شرفة منزلها في الطابق الثاني تبدأ منى الخطيب أم النور إعادة ترتيب حياتها الجديدة بعد عودتها وأسرتها من مركز الإقامة المؤقتة. تقول بفرح وهي تبعث الحياة في أحواض الورد بعد سقيها: “هذه شتلات باذنجان زرعتها حديثا.. عندما أرى عرق زريعة أشعر بعودة الروح.. أحب شرب القهوة بالقرب منها”، تلقي نظرة على أرجاء الشرفة مستعيدة الأيام السابقة “في الصباح كنت هنا أخبز على الفرن.. كل العادات الجميلة سترجع”.

وتتحدث أم النور من داخل منزلها الذي تفوح منه رائحة النظافة كيف قامت بتعزيله وتنظيفه وبرضى تلفت انتباهنا إلى تلافي تضرر أحد جدران الصالون بتركيب ستارة من القماش قائلة.. “كله سيصلح”.

تصف أم النور الأجواء بأنها آمنة في سقبا وتبعث الأمل بحياة جديدة قائلة “تبادلت الزيارات مع إخواتي وحماتي وليالي رمضان عادت كما قبل 8 سنوات ورجعت العزائم والسهرات”، مشيرة إلى أن ابن أختها اصطحبها لرؤية والدته الساعة 12 ليلا وعادت بعد الساعة الثانية قبل السحور.

الروح الإيجابية لدى الأم تنتقل إلى ابنتها تبارك 14 عاما التي تعبر عن سعادتها الغامرة بالعودة إلى المنزل وتقول: “رتبنا أمورنا ونظفنا البيت وعزمنا أخواتي واحيينا الفرحة”.

تبارك ستقضي هذا الصيف الى جانب زملائها في المدرسة لتعويض ما فاتها في السنوات الماضية، مؤكدة بنبرة ثقة أنها لن تتوقف عن التحصيل العلمي حتى تحقيق حلمها بدراسة الطب.

في بيتهم تحاول أم غسان بناء حياة جديدة بعد عودتها هي وإفراد أسرتها إلى منزلهم في سقبا وتقول: “نحاول إعادة رونق الحياة إلى المنزل قمنا بتعزيله وتنظيف جزء منه ويبقى تنظيف الجدران” لكن الحياة الجديدة بالنسبة إلى أم غسان أيضا هي باستعادة طقوس رمضان كما كانت في السابق تقول: بينما كانت تجهز للإفطار.. “الحمد لله عزمت أختي وأولادها على الافطار”.

على الكنبة في صدر غرفة الضيوف يعبر أبو غسان عن ثقته ببناء حياة جديدة أفضل من قبل رغم أن الإرهابيين لم يتركوا شيئا في صالة الموبيليا التي كان يملكها.

ويضيف أبو غسان الذي تجاوز بصلابته مخاطر عدة تعرض لها منها التهديد بالقتل من قبل الإرهابيين” “عندما رجعنا من مركز الإقامة وجدنا كل الأمور بخير.. نظفنا البيوت والشوارع وسنرجع نشتغل بمصلحتنا تصنيع غرف النوم”.