مساحة حرة

مناورات لتحويل “جنيف 2” الى بازار للابتزاز..؟!!

البعث ميديا – د.تركي صقر
ليست المرة الاولى التي تعطل فيها واشنطن وجوقتها من العربان وعلى رأسهم السعودية اي تقدم نحو ايجاد حل سياسي للأزمة في سورية منذ مهمة الفريق الدابي وماانتهت اليه مرورا بمهمة كوفي انان وافشالها ووصولا الى مهمة الاخضر الابراهيمي الحالية وتأرجحها بين الحياة والموت وكانت اللهفة للتعطيل لدى هذا الحلف المعادي تزداد شراسة كلما حققت سورية تقدما في ضرب المجموعات المسلحة الارهابية ..وبالطبع لايحتاج المتابع اليوم الى ان يضرب بالمندل ليستنتج ان كيري في زيارته الاخيرة للسعودية قد استرضى الرياض بتعطيل عقد مؤتمر جنيف2 الى حين ولاحاجة للقول ان وراء رغبة حكام المملكة بهذا التعطيل او لنقل التأخير انتظار جولة جديدة من العنف الارهابي الدموي على الارض السورية لان هؤلاء لم يرتوا حتى الان من الدم السوري وبدأوا يشعرون ان هزيمتهم قد باتت قاب قوسين او ادنى في سورية بعد الضربات المؤثرة التي تلقتها عصاباتهم على ارض الميدان وهم في حالة من القلق بل من الهلع الشديد ان ينقلب السحر عل الساحر وان تكون النتيجة النهائية ارتدادات مباشرة تقوض نظامهم المتهالك وانظمة الخليج الاخرى الخائبة ..
على اية حال وجد هؤلاء انفسهم في وضع لايحسدون عليه من الارتباك فمن جهة لايمكنهم رفض جنيف 2 بعد الاتفاق الروسي الامريكي ومن جهة ثانية يخشون من ان يكون انعقاده في هذا الشهر ليس لصالحهم في ضوء معطيات الواقع وميزان القوى على الارض ومن جهة ثالثة تنتابهم المخاوف الكبيرة من ان تأخير انعقاد المؤتمر ربما سيزيد من فرص القيادة السورية في تحقيق نقلة نوعية في معركتها الجارية تمكنها من فرض اية تسوية لصالحها وقد تفضي الى رفض جنيف 2 من اساسه وفي ظل حالتهم البائسة هذه والتردد والاضطراب في اتخاذ قرارات واضحة وجدوا ان قرار المناورة هو القرار الاقرب لمصالحم المشتركة والذي يتيح لهم فرصة جديدة للدخول بقوة لرفع مستوى دعمهم للمعارضة ومدّها بأسلحة نوعية ومنها المضاد للطائرات للمساهمة في تحقيق خرق ميداني قادر على قلب موازين القوى وتحسين شروط التفاوض قبل «جنيف ــ 2»، وهو ما كان محور اللقاءات العربية الاخيرة  ومحورزيارة كيري الى الرياض التي تستعيد حركتها بعد انكفاء سببه التراجع الامريكي عن شن عدوان صاعق ضد سورية وبروزبوادر تحسن طفيف في العلاقات الامريكية الايرانية ..
ان قرار المناورة الذي استقرعليه الرأي بين كيري والسعوديين يقوم على اظهار ان السعودية قبلت باصل انعقاد المؤتمر على ان تقوم واشنطن بالتلاعب لارجاء عقده بذريعة رفض المعارضة السورية التابعة لها المشاركة في جنيف 2 وبالتالي تأجيل موعد انعقاده مرة ومرات حسب الطلب السعودي مع اتباع لهجة امريكية ساخنة  ضد القيادة السورية باستبعادها في المرحلة القادمة حينا ولهجة هادئة حينا آخر وحسبما يكون عليه الوضع الميداني وترى كل من السعودية وامريكا ان هذا القرارالمناور يتيح لكل منهما مايلي :
اولا : اعطاء مزيد من الوقت لادارة اوباما لتحسين موقفها في ملفات عديدة لم تحسم بعد وبخاصة ملف الدرع الصاروخي وكوريا الشمالية والملف النووي الايراني وتسهيل خروج آمن لقواتها من أفغانستان  المستحق قبل نهاية عام 2014 وملفات اخرى عديدة .. وهذا الوقت على قصره تستغله الادارة الامريكية لممارسة  سياسة الابتزاز التي برعت بها مختلف الادارات الامريكية السابقة..
ثانيا : يتيح استمرار تصعيد الازمة في سورية وتسعيرها دمويا فرصة اضافية ضاغطة لكي تحقق ادارة اوباما انجازا سياسيا على مستوى المنطقة طالما حلمت به الا وهو تحقيق تسوية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية لصالح هذا الكيان بالكامل في اجواء مؤاتية للغاية نتيجة حالة التفكك العربي ووصول الاهتمام بالقضية الفلسطينية الى ادنى مستوياته  وهو مااستدعى عودة كيري السريعة الى المنطقة بعد يومين من مغادرتها ..
ثالثا : تريد السعودية فرصة إضافية لمحاولتها تعديل موازين القوى في الميدان السوري، وخاصة من الجبهة الجنوبية في درعا. وفي المحصلة،فإن مؤتمر جنيف 2 لن يُعقد في 23 تشرين الثاني الجاري قبل ان تظهر نتائج جولة التصعيد الدموي الجديدة التي تبنتها السعودية امام كيري في زيارته الاخيرة للرياض والقائمة على ضخ اموال هائلة واستقدام مرتزقة جدد وشحن اسلحة جديدة متطورة لاستكمال الحرائق في سورية ..
رابعا : اتاحة الفرصة لمحاولة تلعبها قطر تقوم على تجميع وحشد كل مماهب ودب من مجموعات مسلحة ومرتزقة الخليج والناتو وتوحيد صفوفها من اجل تنقيذ جولة جديدة من العدوان الارهابي على سورية بهدف تحقيق اي تغيير على الارض وبأي ثمن ومن خلال تسهيل تسلل حشود الإرهابيين المستقدمين من جميع أنحاء العالم ولذلك قام وزير خارجية قطر العطية بالاجتماع في تركيا بعد لقائه بكيري في القاهرة بقادة تنظيم الأخوان المسلمين وحضرفي لقاء موسع بقيادة الوزير القطري معظم متزعمي المجموعات الارهابية في سورية  وكان العنوان المركزي تحقيق امرين الذهاب موحدين الى متابعة القتل والتصعيد الارهابي في جميع المناطق السورية والاستعداد في المرحلة التالية للقبول بحضور مؤتمر جنبف 2 ..
لايمكن القول ان هناك انقلاب امريكي على الاتفاق مع روسيا لانعقاد مؤتمر جنيف 2 وانما هو مناورة امريكية تقوم على كسب الوقت لممارسة اكبر قدر ممكن من الابتزاز السياسي على جميع الاطراف .. ففي الوقت الذي تعلم وتصرح به علنا ادرارة اوباما بسقطوط الرهان العسكري تتهيأ للتراجع وتحضر معها عملاءها في التركيبة السياسية والعسكرية لتجمعات المرتزقة لحضور جنيف2 بالتعاون مع تركيا الشريك الإقليمي الثالث في مخطط إسرائيل والولايات المتحدة والناتو لتدمير سوريا الذي بلغ مراحل متقدمة من الفشل في هذا الوقت يعمل فيه كيرى على تحريك الدمى الامريكية لمزيد من اشعال النار في الازمة السورية .
لكن الوقت لن ييقى متاحا على طول الخط امام كيري وتلاعبه ومناوراته للتعويض عن فشله وفشل اتباعه في المنطقة ولاسيما السعوديين الذين وصلوا الى حالة من النزق والهستريا غير مسبوقة نتيجة هذا الفشل فالحقائق على ارض المعارك في سورية تمضي لغير صالحهم ولن تعود الى الوراء مهما اعدوا من جولات ارهابية جديدة والاوضاع على الساحة الدولية لم تعد تسير على التوقيت الامريكي والاستحقاقات المطلوبة من ادارة اوباما الدولي لاتحتمل مزيدا من التأجيل ..
و كانت آخر الرهانات التي سقطت هي حشد اوباما الكبير للعدوان على سورية ومن المستحيل تكرارها مما يوحي ان لامفر امام كيرى وادارته سوى الاستدارة مرة ثانية والاستعجال بعقد مؤتمر جنيف 2 لان هذا المؤتمر اضحى حاجة لأمريكا واتباعها في المنطقة اكثر من الاخرين وخصوصا بعد ازدياد الاقتناع لديهم بان تقدم العمليات على الارض بفضل التلاحم البطولي والاسطوري بين الجيش والشعب في سورية سوف ينزع من حلف العدوان اوراق الضغط والابتزاز كلها وسيجعل كلمة الدولة الوطنية والسيادة السورية هي العليا دون ريب..