الشريط الاخباريمحليات

معرض سيريا مود: خطوة أولى في طريق استرجاع مجد النسيج السوري

كادت صناعة الغزل والحياكة والنسيج أن تكون اختراعاً سورياً بامتياز عرفته سورية مع الحضارات القديمة في ممالك إيبلا وماري وتدمر وأورثه السوريون لأحفادهم جيلا بعد جيل متحدين النكبات التي عصفت بالبلاد ليعود في كل مرة أقوى مما كان وهذا ما تأكد مرة أخرى بقوة من خلال تصميم السوريين على حماية صناعاتهم النسيجية رغم الأخطار التي عصفت بها خلال الأزمة الراهنة.

ولعل النجاحات التي حققها معرض سيريا مود 2 والذي اختتم فعالياته مؤخرا في العاصمة اللبنانية بيروت دليل آخر على قدرة صناعة النسيج والألبسة السورية على تجاوز أقسى الظروف وصنع انطلاقة جديدة تحفظ لهذه الصناعة ريادتها وتفوقها إقليميا ودوليا.

ودفعت التهديدات الحقيقية لمكانة الصناعات النسيجية السورية في الأسواق العالمية خلال السنوات الأخيرة إلى ابتكار منافذ ومعارض جديدة لتذكير العالم أجمع بأن خزانة ملكة فرنسا ماري انطوانيت كانت تحتوي 72 ثوبا مصنوعا من قماش البروكار الدمشقي الفاخر ولعل معرض سيريا مود الذي أقيم مؤخرا في العاصمة اللبنانية بيروت أحد أبرز هذه المعارض

وشكل المعرض الذي شاركت فيه 95 شركة سورية تعمل في مجال الألبسة والنسيج واللانجري وحضره نحو 600 زبون وعميل من لبنان والعراق والخليج ومصر والمغرب العربي فرصة جديدة لتوجيه رسالة للعالم أجمع أن النسيج السوري سيبقى حاضرا بقوة ولا يمكن أن يندثر مهما بلغت التحديات التي يواجهها.

وشجع النجاح الذي حققته النسخة الأولى من المعرض التي أقيمت في بيروت خلال شهر أيلول الماضي على تكرار التجربة في فترة قصيرة نسبيا والتي بدورها حققت زيادة في عدد المشاركين والأجنحة المقامة عن المعرض الأول بنسبة بلغت 50 بالمئة كما يؤكد القائمون على سيريا مود.

وبالعودة إلى أرقام المعرض السابق نلاحظ حجم التطور بين النسختين الأولى والثانية إذ ضم سيريا مود 1 مشاركة 62 شركة سورية واستضاف أكثر من 250 تاجراً ورجل أعمال ونتج عنه توقيع عقود مشتريات بنحو 50 مليون دولار.

وبالنظر إلى رقم قيمة العقود الموقعة في سيريا مود 2 والتي وصلت إلى 70 مليون دولار يكون سيريا مود حقق للقائمين على المعرض والمشاركين فيه جملة من الأهداف التي سعوا إليها من خلال الترويج لصناعة الالبسة والنسيج السورية ولاسيما أن المعرض حظي بتغطية إعلامية كبيرة.

ولعل النجاح الآخر الذي يسجل لسيريا مود فتح قنوات تواصل خارجية للصناعيين في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها الصناعة السورية وتشجيع الصناعيين السوريين الذين لم تثنهم الأزمة عن العمل وحفزهم على الاستمرار ومساعدة شريحة أخرى تتمثل في الصناعيين المحبطين نتيجة تخريب مصانعهم.

وفي المحصلة يحتاج قطاع النسيج حتى يعود إلى عهد قريب كان فيه ثاني أهم مصدر دخل وطني في سورية إلى أكثر من سيريا مود رغم كونه خطوة على طريق طويلة نسترجع فيه مجد أجدادنا وتحديهم للصعاب ولنحافظ لأولادنا ما كان دوما عصب الاقتصاد الوطني عبر التاريخ.