مساحة حرة

رغم أنف عصابة الكذابين

ليس العدوان الذي نفذه الكيان الصهيوني على مواقع في محيط القنيطرة أمس هو العدوان الأول الذي تتعرض له سورية منذ بداية الحرب الإرهابية الشرسة التي تستهدف دولتها الوطنية، فقد دأب العدو الصهيوني على هذا السلوك الإجرامي كلما حقق الجيش العربي السوري انتصاراً ميدانياً كبيراً على المجموعات الإرهابية. وقد جاء العدوان الأخير بعد الانتصار الاستراتيجي في يبرود، وتزامن، كما أوضح بيان قيادة الجيش، مع هجوم أعداد من الإرهابيين من اتجاه الأردن على السجن المركزي في درعا، وذلك بهدف مساعدة المجموعات الإرهابية ورفع معنوياتها المنهارة. ومع ذلك لا تتوقف المعارضة العميلة التي دعت مؤخراً، على لسان أحد رموزها، العدو الصهيوني إلى التدخل عسكرياً في سورية مقابل تنازلها له عن الجولان، وكأن هذا الجزء الغالي الذي لايتجزأ من الوطن العربي السوري ملك أبيها، لا تتوقف عن اتهام ماتسميه «النظام» بمهادنة «إسرائيل» والامتناع عن مقاومتها!

ولا عجب فهذه المعارضة البائسة التي بحّ صوتها من فرط مادعت الغرب للتدخل عسكرياً في سورية دون جدوى، أكدت منذ البداية أن هدفها الوحيد هو الوصول الى السلطة، وأنها مستعدة في سبيل هذا الهدف لدفع أي ثمن يرضي الولايات المتحدة و«إسرائيل». والمفارقة أن الذين يعرضون الجولان العربي السوري اليوم في مزاد العمالة، يستمرون، بكل وقاحة، في توجيه التهمة الباطلة إياها التي يدحضها وقوف الكيان الصهيوني الى جانب المجموعات الإرهابية، واعتداءاته المتكررة علـى المواقع السورية، وإعلان مسؤوليه منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، أنهم يفضلون القاعدة على انتصار عدوهم السوري اللدود.

مفارقة تفضح كذب المعارضة التي قام خطابها السياسي منذ البداية على تزوير الواقع وطمس الحقائق وقلب المفاهيم، إذ كيف يعقل أن يدعم الكيان الصهيوني المجموعات الإرهابية الى حد مداواة أفرادها في مشافيه وإحاطتهم بعناية حكومية خاصة، لو كانت سورية تهادنه أو تمتنع عن مقاومته كما تزعم عصابة الكذابين؟!

حقيقة الأمر التي يعرفها الجميع أن سورية كانت دائماً العقبة العربية الكأداء في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وأنها تتعرض اليوم لأقذر حرب إرهابية عرفها التاريخ بسبب رفض قيادتها التنازل عن ثوابتها القومية والوطنية والدخول الى بيت الطاعة الأمريكي على غرار المتأمركين والمتصهينين من الحكام العرب المحسوبين على العروبة زوراً وبهتاناً. وحقيقة الأمر هي أن الذين دأبوا على شكر «إسرائيل»  والتصفيق لها كلما نفذت عدواناً غادراً على سورية، لايجدون أي حرج في التنازل لها عن أي شيء مقابل مايتوهمون من قدرتها على إدخالهم دمشق على ظهور دباباتها…

ولكن خسئتم فلا الجولان العربي السوري الصامد قابل للبيع أو التنازل عن أي ذرة من ترابه الطاهر، ولا اعتداءات «إسرائيل» قادرة على تغيير مصير أدواتكم الإرهابية المحتوم، ولا الإرهاب الوحشي الذي لم يترك جريمة بحق السوريين إلاّ ارتكبها، يستطيع النيل من إرادة الصمود الوطني العربي السوري الذي تحطمت على صخرته أحلامكم وأحلام أسيادكم الإقليميين والدوليين.

فاخطبوا ودّ «إسرائيل» كما شئتم، وعِدُوها بما أردتم ، فلن يمنع ذلك عنكم الهزيمة، ولن يحمل لكم سوى العار، ولن يزيدكم إلاّ قبحاً في عيون السوريين الذين لا يشكون لحظة واحدة في أن مستقبل الجولان هو، رغم أنوفكم، عودته كاملاً غير منقوص الى حضن وطنه الأم..

ولن يتأخر أوان هذه العودة كثيراً.

محمد كنايسي