دولي

موسكو: لا يمكن معاقبتنا

أعربت وزارة الخارجية الروسية عن الأسف لاتخاذ الاتحاد الأوروبي قراراً بتطبيق عقوبات إضافية ضد روسيا والمسؤولين الروس على خلفية الأزمة في أوكرانيا.

وقال الكسندر لوكاشيفتش المتحدث الرسمي باسم الوزارة في تصريح له اليوم إن هذا القرار الأوروبي “منفصل عن أرض الواقع” مشدداً على أن الجانب الروسي يحتفظ لنفسه بالحق في إعطاء رد مماثل عليه.

وأضاف لوكاشيفتش إننا “نرى أنه آن الأوان للرجوع إلى التعاون البراغماتي الذي يتجاوب مع مصالح بلداننا”.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن قبل يومين عن توسيع قائمة المسؤولين الروس الذين فرضت عليهم عقوبات على خلفية الأزمة في أوكرانيا وذلك في خطوة تلت خطوة أمريكية مماثلة اتخذتها إدارة الرئيس باراك أوباما تضمنت عدم منح تأشيرات دخول وتجميد أرصدة في البنوك الغربية لهؤلاء المسؤولين.

وردت روسيا على الفور على هذه الخطوات التصعيدية عبر أكثر من مسؤول بالتأكيد على أنها سترد بالمثل على كل العقوبات المفروضة ضدها وخصوصاً أنها تعتبر لجوء شركائها الغربيين إلى هذه الخطوة “أمراً غير مقبول”.

ميدفيديف: لا يمكن معاقبة روسيا ولكن يمكن بناء علاقات صحيحة معها

من جهته أكد رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أنه “لايمكن معاقبة روسيا بل يمكن بناء علاقات صحيحة معها”.

ونقلت وكالة ايتار تاس الروسية عن ميدفيديف قوله على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك “اتذكر أنه كان علي في آب من عام 2008 اتخاذ قرار بشأن استخدام القوة الروسية على أراضي دولة أجنبية ومن ثم الاعتراف باوسيتيا الجنوبية وأبخازيا كدولتين مستقلتين مضيفاً أن “هذه كانت قرارات صعبة ولكن التطورات اللاحقة أظهرت انه لم تكن هناك طريقة أخرى للتعامل مع هذا الأمر”.

وذكر ميدفيديف بأن المجتمع الدولي فيما بعد وجد نفسه في موقف يجب عليه فيه مناقشة مسألة كيفية إعادة بناء علاقة مع روسيا.

وأشار ميدفيديف إلى أن “الأزمة الحالية في أوكرانيا لم تحدث من قبيل الصدفة وأن الناس الذين نزلوا إلى الشوارع امتلكوا الحق في الاحتجاج السلمي ضد الفساد وتعسف بعض السلطات غير أن هذا لا يلغي حقيقة ان الاستيلاء على السلطة عبر التمرد المسلح والعنف والقتل أمر غير مقبول على الإطلاق”.

وقال ميدفيديف “إن عزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش لم يتم بشكل قانوني ما يعني انه لا يزال الرئيس المنتخب من الناحية القانونية الذي أقيل عنوة من السلطة” مضيفاً أنه “ينبغي على الجميع ان يدركوا هذا الامر بمن في ذلك ممثلو ميدان ساحة الاستقلال في كييف وأعضاء الحكومة والبرلمان والسياسيون الحاليون في كييف وشركاء روسيا الغربيون”.

وتابع أن “السلطات الأوكرانية الجديدة لا تملك الشرعية وأن الأمر الأسوأ من ذلك أنهم لا يملكون تأثيراً حقيقياً على الوضع في أوكرانيا اذ أن مجموعة مختلفة من المتطرفين والمسلحين وقطاع الطرق يستولون على السلطة وهم من يتخذ القرارات النهائية ومن المرجح أن يواصلوا اتخاذها حتى بعد تاريخ 25 أيار المقبل وهو الموعد الذي حدده البرلمان الأوكراني لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة”.

وقال ميدفيديف إن “تقاسم السلطة مع الآخرين لا يشكل أي معنى بالنسبة لهم اذ أنهم سادة فقط في الشوارع وعلى مداخل المباني الإدارية” محذراً من أن هذا “السيناريو خطير وأن اتباع أساليب مماثلة لأي إدارة يترتب عليها انهيار الدولة”.

وقال إن “الوضع الراهن حدد سلفاً عدم وجود علاقات طبيعية بين رئيسي حكومتي البلدين في روسيا وأوكرانيا رغم بقاء الاتصالات على مستوى العمل بطبيعة الحال”.

وكان ميدفيديف أعلن أمس خلال اجتماع مجلس الأمن الروسي بحضور الرئيس فلاديمير بوتين أن حجم الديون المترتبة على أوكرانيا لروسيا يبلغ نحو 16 مليار دولار وهو يتوزع على ديون حكومية وديون شركات مضيفاً ” أن روسيا لا تنوى التفريط بهذه الأموال نظراً لأن ميزانيتها تمر بمرحلة صعبة وهي أحق بهذه

الأموال من أوكرانيا” داعياً إلى النظر في هذا الوضع في الوقت المناسب.

إلى ذلك أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن المجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا اتخذ يوم امس قرارا بنشر بعثة رقابة خاصة لهذه المنظمة في أوكرانيا مشيرة إلى أن هذا الاتفاق جاء نتيجة لمفاوضات معقدة وبحث مشترك عن حلول مقبولة للجميع وجهود فعالة من قبل الدبلوماسية الروسية واتصالات على أرفع المستويات.

وقالت الخارجية الروسية في بيان لها اليوم إنه تم في المرحلة النهائية للمفاوضات وبصورة عاجلة الاتفاق على الجوانب الأساسية لصلاحيات البعثة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيريه الألماني فرانك فالتر شتاينماير والسويسري ديديه بورهارتير مضيفة ان “صلاحيات البعثة تعكس الوقائع السياسية القانونية الجديدة ولا تشمل القرم وسيفاستوبول اللذين أصبحا جزءا من روسيا”.

ولفتت إلى أن تفويض البعثة ينص على نشر 100 مراقب مدني دولي في كييف وتسع من المدن الأوكرانية الأخرى في جنوب وجنوب شرق أوكرانيا ويمكن في حال الضرورة زيادة عددهم إلى 500 شخص حيث سيتابع المراقبون الوضع في مجال الأمن ويقدمون تقارير عملياتية عن أي حوادث ومظاهر التعصب القومي العدواني وانتهاك حقوق وحريات المواطنين بما في ذلك حقوق الأقليات القومية موضحة أن هذه البعثة ستنتشر لمدة نصف سنة قابلة للتمديد بقرار من المجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وأعربت الخارجية الروسية عن أملها في أن يسهم عمل المراقبين الدوليين الموضوعي وغير المتحيز في تجاوز الأزمة الداخلية في أوكرانيا ووقف أعمال المجرمين المتعصبين قوميا والحيلولة دون انتشار الميول المتطرفة والتوصل إلى وفاق قومي ومراعاة الحقوق الاجتماعية والسياسية واللغوية والتعليمية والثقافية والدينية للسكان في جميع مناطق أوكرانيا.

يذكر أن أوكرانيا تشهد أزمة داخلية عاصفة منذ أكثر من أربعة أشهر وصلت ذروتها الشهر الماضي بعد استيلاء القوى اليمينية المتطرفة على السلطة بغطاء من المعارضة المدعومة من الدول الغربية .