سلايدسورية

ناهض حتر: كل الأوراق بين يدي الرئيس الأسد

رأى الكاتب الأردني ناهض حتر أن الاعتراضات على شرعية رئاسة الرئيس بشار الأسد، سقطت سريعاً؛ موضحاً أنها بضعة تعليقات عابرة وصمت، وفي النهاية، اعتراف واقعي بأن أغلبية سياسية سورية تقف وراء الرئيس؛ في الوقت نفسه، هناك الاعتراف الصريح بالجيش العربي السوري، بتماسكه وصلابته وقدراته وإنجازاته على الأرض. بالإضافة، تتوالى المصالحات المحلية والجهوية، وكذلك السياسية؛ من المنتظر أن تشمل الحكومة السورية الجديدة، معارضين ومستقلين. اتضح اليوم أن في سورية دولة وطنية مدنية لم تتفكك، برغم كل ما حدث، وحافظت على أجهزتها وعملياتها… إلخ.

وأشار الكاتب في مقالته أن تنظيم “داعش” الإرهابية تتزعم في هذه اللحظة التمرد المسلح في العراق، وترتكب أبشع المذابح، وتهدد الأمن الإقليمي كله؛ يتباطأ القرار الدولي حتى تنجلي الصورة: موجهاً عدة تساؤلات ما هو حجم «داعش»؟ هل يمكن الأخيرة احتواء «داعش» وفرض تغييرات سياسية في بغداد في الآن نفسه؟ لكن قوة «داعش» التنظيمية والعسكرية وإمكاناتها التسليحية والمالية، وعنفيتها الإجرامية الهمجية، كلها تفرض سيطرتها على التمرد؛ سيجري ابتزاز بغداد، مشيراً إلى أن الإجماع الدولي لمواجهة «داعش» لن يتأخر كثيراً؛ هل يمكن منح الغطاء السياسي لمقاتلة «الدولة» في العراق من دون غطاء مماثل في سورية؟ ليس ذلك وارداً بالطبع، مثلما هو غير وارد الآن التمييز بين «داعش» و«النصرة» والجماعات السلفية المقاتلة الأخرى في سورية؛ التفويض الدولي سيشمل، موضوعياً، القتال ضد جميع تلك الفصائل. هذه هي الورقة الثانية في أيدي الأسد.

وأضاف الكاتب أن معركة الإرهاب الجيوسياسية التي تتوقع أنها ستحقق شيئاً انتقلت الآن إلى العراق؛ حيث الحاضنة الاجتماعية المذهبية الساخنة تحتضن كل ألوان المتمردين، في مواجهة جيش ضعيف في تماسكه وتدريبه وتسليحه وقدراته؛ العراق الآن هو مغناطيس الإرهابيين الأجانب، سيهاجرون، حتى من سورية، إلى ميدان الجهاد الجديد. تكتيكياً، هذه اللحظة فريدة للانقضاض على الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية؛ منذ أول من أمس، بدأ الطيران السوري بقصف مواقع «داعش»؛ نادراً جداً ما حدث اشتباك كذلك سابقاً، لكن الحظة جاءت.

وأوضح حتر أن المعركة السريعة لتحرير كَسَب، كان هناك ما يشبه الاستسلام من قبل عناصر «النصرة» والتنظيمات المسلحة الأخرى؛ التي انسحبت وهي تتجرع المرارة بسبب «عدم توافر الذخائر»؛ في الواقع، ربما أكثر بسبب اليأس؛ وبينما رفض الأتراك استقبال الإرهابيين إلا الجرحى من الحالات الخطرة، جرّ مَن كانوا إلى الأمس القريب يتوعدون اللاذقية، خيبتهم إلى ريف إدلب؛ ماذا سيفعل المهزومون هناك سوى توقع هزيمة جديدة أو البحث عن مهرب إلى العراق؟

وبين الكاتب أن تركيا الأردوغانية الإرهابية هي اليوم على عتبة تغيير مفروض بقوة التطورات؛ سياسات أردوغان تصطدم بانفجار الظاهرة الإرهابية إقليمياً؛ تقديراته المستندة إلى دوافع مذهبية حقود، وإلى حسابات التمدد في سورية والعراق، والإمساك بالملف الكردي، يواجهها قلق مؤسسة الحكم إزاء ارتداد كل ذلك على أمن تركيا. ومع الاتجاه الدولي إلى منح الأولوية لمكافحة الإرهاب، ستكون لعبة الغازي المهووس الإرهابي في انقرة قد انتهت.

ورأى الكاتب أن السعودية ، وقد رأت جنونها يصل إلى ذروته، وقد يصلها مردوده قريباً جداً، بدأت بالاستدارة في بيان يدعو إلى «حكومة وحدة وطنية تعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد»؛ ليس لدى الرياض خيارات أخرى في العراق؛ فالدعم الإيراني ـــ غير المرفوض أميركياً ـــ لبغداد، (وهنا، علينا التوقف عند تصريح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الداعي إلى التنسيق مع طهران بشأن الوضع في العراق) سيحول دون سيطرة المتمردين، من كل الفصائل، على العاصمة؛ فالتوغل جنوباً يعني حرباً طائفية غير مسموح بها دولياً. بالمقابل، انقسام المحافظات العراقية في إقليم يعجّ بالفصائل المسلحة المتعددة المشارب والتوجهات، التي يبرز من بينها تنظيم «داعش» بوصفه الأقوى، سيشكّل عبئاً أمنياً غير مسبوق، سواء من جهة العراق أو عبر الأردن، على السعودية التي ستنتظم الآن، شاءت أو أبت، في أي غطاء دولي مضاد للإرهاب؛ الطريق الوحيدة السالكة أمامها هي التفاهم مع دمشق.

وأوضح حتر أن الأردن وبعد أن بدأ إرهابيو «داعش» الاقتراب من الحدود الأردنية، لم تعد عمان في وارد الضلوع في أي مخططات على الحدود الشمالية مع سورية؛ تحشد المزيد من القوات تحسباً من تسلل الإرهابيين إليها من الشرق (والمعلومات تتوالى عن اصطياد متسللين فعلاً، وضبط سيارتين مفخختين حاولتا عبور الأراضي الأردنية) وتتحسب من هجرة عراقية جديدة، ولم يعد بإمكانها سوى الاتكاء على دمشق.

وفي كردستان العراق، الشريكة ـــ موضوعياً ـــ في مؤامرة الموصل، حصلت على كركوك، ولكنها حصلت، أيضاً، على عدو قديم متجذر، ليس الإرهاب فقط، وإنما النزوع القومي العربي المعادي للأكراد؛ فحالما يستقر الإقليم العربي الكردي ستنفتح أبواب المواجهة مع أربيل والسليمانية ودهوك، وتجديد الحرب القديمة ضد كردستان المغرقة اليوم بالعنصر العربي؛ أعني أن التغيير الديموغرافي الذي كان الرئيس صدام حسين يسعى إلى إنجازه بالقطعة، يحدث اليوم بالجملة؛ وكما كان دائماً ليس أمام الكرد سوى العودة السياسية إلى الشام.

وأشار حتر إلى أن الصراع بدأ بين عناصر التمرد العراقي بأسرع مما كان متوقعاً: جماعة عزت الدوري ضد «داعش»، و«المجلس العسكري للعشائر» ضد الفريقين معاً، داخل العشائر نفسها انقسامات تنذر بتفتيت التمرد الذي أعطته «داعش» صورتها الإجرامية، بل وسرعان ما جرت الترتيبات لإقامة قوة عسكرية من شمر للسيطرة على حدود «اليعربية» ضد «داعش» وسواهم من المتمردين؛ وكما هو معروف، لدى دمشق نفوذ تقليدي وسط القبائل، اهتز وقتاً، لكن التطورات الإيجابية، داخل سورية، تسترده؛ وسيكون ذلك أساسياً في أي حل للأزمة العراقية.

وإلى ذلك رأى الكاتب أن جميع الأوراق الدولية والإقليمية والمحلية والميدانية تجمعت مرة أخرى، بين يدي الرئيس الأسد؛ ولعله من العقلاني أن تتحضر قوى 14 آذار اللبنانية لاستيعاب التطورات اللاحقة: الرئيس الأسد هو الناخب الذهبي المقبل لرئيس لبنان!