line1الشريط الاخباريسورية

وزير الداخلية في حديث للبعث: خطاب القسم رسم رؤية مستقبلية للنهوض بسورية وتجاوز الأزمة

أكد وزير الداخلية اللواء محمد الشعار أن خطاب القسم كان خطاباً استراتيجياً شاملاً، حدّد ملامح مستقبل سورية والمنطقة، وقدم تشخيصاً وتحليلاً مفصلاً للواقع المحلي والعربي والدولي بكل وضوح وشفافية، ورسم رؤية مستقبلية للنهوض بسورية وتجاوز الأزمة. وقال الشعار في حديث لـ”البعث”: إن وزارة الداخلية قطعت أشواطاً مهمة في تنفيذ مهامها سواء من الناحية التنظيمية أو ناحية الاستخدام الأمثل للقوة البشرية، أو من حيث المهام القتالية والأمنية والجنائية. وأبرز وزير الداخلية رئيس لجنة شؤون الأحزاب دور اللجنة، موضحاً أنها تعمل على إزالة العوائق والصعوبات التي تواجه الأحزاب وعلى تصويب عملها ورفع سويته، وشدّد الشعار على ضرورة متابعة المساعي لتحقيق المصالحات الوطنية وإزالة المعوقات التي تعترضها بتفعيل دور القوى الحيّة في مناطقها من أحزاب وطنية وهيئات اجتماعية ومنظمات شعبية وفعاليات ثقافية ودينية واقتصادية، وقال: إن الحزب أسهم في استنهاض همم الجماهير في مواجهة الإرهاب التكفيري، وأن الحراك الذي ساد نشاط البعث في العام الأخير قد حقّق خطوة ملموسة على صعيد تفعيل دور البعث الرائد وطنياً وقومياً. وفيما يلي نص الحديث:

> حدّد خطاب القسم مهام المرحلة القادمة في سورية، كيف تنظرون إلى الخطاب من هذه الزاوية؟

>> جاء خطاب القسم تتويجاً للانتصارات السياسيّة والعسكريّة والدستوريّة المتلاحقة التي يحقّقها الشعب السوري في وجه المؤامرة الإقليميّة والدوليّة التي حاكتها قوى الطغيان.

لقد كان خطاباً استراتيجيّاً جامعاً شاملاً بمضمونه غنياً بأفكاره، حدّد ملامح مستقبل سوريّة والمنطقة كلّها، وقدّم تشخيصاً وتحليلاً مفصلاً للواقع المحلي والعربي والدولي بكل وضوح وشفافيّة، ورسم رؤية مستقبليّة للنهوض بسوريّة، وتجاوز الأزمة.

والخطاب يعدّ بحق ميثاق عمل وطني سياسي، واقتصادي، واجتماعي، وأخلاقي رسم خارطة طريق أساسيّة تقوم على مكافحة الإرهاب، وتعزيز منظومة الأخلاق، ومكافحة الفساد، واعتماد الحل السياسي المبنيّ على المصالحات الداخليّة، وتقوية البناء الداخلي السوري، والبدء بإعادة الإعمار.

أكد السيّد الرئيس في خطاب القسم قدرة سوريّة على الصمود والنصر بعزيمة جيشها ووحدة شعبها، مشدداً على صوابيّة خيار سوريّة قيادة وشعباً في مكافحة الإرهاب وضربه أينما وجد دون تقديم أيّة تنازلات.

وبالتوازي مع مكافحة الإرهاب ركز السيّد الرئيس على ضرورة ترسيخ نهج المصالحات الوطنيّة لاستعادة من غُرّر بهم أو الذين ضلّوا الطريق للعودة إلى حضن الوطن، وفتح الطريق للحوار الوطني الداخلي السوري ــ السوري، وشدّد على مكافحة الفساد بكافة أشكاله بالقوانين والأخلاق، والقضاء عليه من الجذور، بدلاً من هدر الوقت في تقليم الفروع.

كما حدّد السيّد الرئيس هدف المرحلة القادمة بإعادة الإعمار والبناء، ومعالجة الثغرات الوطنيّة الكبيرة، وإيجاد علاقة تفاعليّة بين الشعب وقيادته وحكومته، والارتقاء بحس المسؤولية لدى كل فرد للسير نحو المستقبل.

ورغم ما تمرُّ به البلاد من حرب كونيّة، إلا أنَّ السيّد الرئيس في خطاب القسم أكد على أنَّ القضيّة الفلسطينيّة كانت وستبقى القضيّة المركزيّة للسوريين وكل العرب، وربط في حديثه بين ما يجري في سوريّة وما يحدث حالياً في فلسطين.

ومن جهتنا، فإنَّ خطاب القسم هو النبراس الذي يضيء طريقنا في المرحلة القادمة، ولا بدَّ من تجسيده واقعاً، وعملاً، واعتماده نهجاً وبرنامجاً للمضي قدماً في بناء سوريّة المتجددة.

>  للقطاع الذي تديرونه دور أساسي في التصدي للعدو الإرهابي التكفيري الذي يستهدف الدولة الوطنية السورية، كيف تقوّمون أداء هذا القطاع؟ أين مكامن قوته؟ وبالمقابل أين مكامن ضعفه؟

> >  وزارة الداخلية، جهاز حكومي ذو طابع خدمي أمني، تختص بالأعمال والمهام المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة، وطبيعة عمل الوزارة متآتية من المهام المناط إليها القيام بها في الحفاظ على الأمن والنظام العام ومكافحة الجريمة بأشكالها كافة، ومجابهة أيّ خطر يهدد أمن واستقرار المجتمع، والمحافظة على أمن الدولة الداخلي وأجهزتها ومؤسساتها ومنع الجرائم وضبطها، وحماية النقد وضبط المتلاعبين بأسعار الصرف، وكل ما يسهم في تعزيز الأمن وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتوطيد الحريات الشخصية، وحماية حقوق الأفراد ورعايتها، كما يناط بها القيام بتقديم خدمات أساسية للمواطنين في مجالات عدة أهمها الأحوال المدنية والهجرة والجوازات والمرور.

وفي ظلّ الظروف الحالية، والأزمة التي يشهدها بلدنا، أضيفت إلى وزارة الداخلية مهام جديدة تتمثل في مكافحة الإرهاب، والتصدي للإرهابيين وملاحقة فلولهم، وجمع المعلومات الأمنية بكل ما يتعلق بهم، إذ تشارك جنباً إلى جنب مع قواتنا الباسلة في القتال و التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة، والتنسيق الدائم والمستمر بين وحدات الشرطة والجيش، للقضاء على هذه المجموعات في أماكن تواجدها.

ويمكن القول إن مهام وزارة الداخلية الكثيرة والمتشعبة تتركز في أربعة محاور أساسية:

– الأول: القتالي والميداني (حفظ الأمن والنظام، القتال والتصدي للمجموعات الإرهابية، فض الشغب…).

– الثاني: الجنائي والأمني المتمثل في مكافحة الجرائم بأنواعها ( قتل، سرقة، تزوير، خطف، تلاعب بالعملة، تخريب المنشآت العامة والخاصة، والجرائم الواقعة على أمن الدولة …).

– الثالث: الخدمي الأمني (الهجرة والجوازات، المرور، التسجيل الجنائي…).

– الرابع: الخدمات المدنية وتقوم به الإدارة العامة للشؤون المدنية (تقديم كافة الوثائق المدنية والشخصية التي تتعلق بالمواطن: بطاقات شخصية، بطاقات عائلية، إخراجات قيد فردية وعائلية….).

وانطلاقاً من سعينا في تنفيذ المهام المذكورة قمنا بإعادة هيكلة آلية العمل في الوزارة وتطويرها للنهوض بها وتأهيل كوادرها، ورفدها بالخبرات، وصقل مهارات العاملين فيها، وتعزيز قدراتهم بما يتناسب مع الأعباء المناطة بهم، وبما يوفر مناخ النجاح في أداء مهامها، وتنفيذ واجباتها في خدمة المجتمع، وقد شهدت وزارة الداخلية في السنوات الثلاث المنصرمة، نهضة في جميع المجالات القانونية والإدارية والتأهيل والتدريب بمقوماتها الأساسية (الوطنية، والعسكرية والمسلكية، والأخلاقية، والنفسية)، فمن أجل الارتقاء بمستوى الأداء في جهاز قوى الأمن الداخلي، وتنفيذ مهامه وبخاصة ما تعلّق منها بالمشاركة في التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة والحفاظ على الأمن الداخلي والنظام العام, قمنا بتطوير خطط التأهيل والتدريب وأدخلنا أساليب تدريب متطورة لإعداد الكادر البشري المؤهّل والمعدّ جيداً لمواجهة الإرهاب، فأصبحت ذات فاعلية قتالية ميدانية، تتناسب مع حجمها ومهامها، وسطر رجال قوى الأمن الداخلي إلى جانب رفاقهم في القوات المسلحة، وقفات عزّ وبطولة وشهامة وإقدام وتضحية، وقدّموا، ومازالوا يقدّمون قوافل الشهداء في مواجهة أعداء الوطن وملاحقة فلولهم، رافدين بدمائهم شهداء جيشنا البطل وشعبنا المقاوم على امتداد ساحة الوطن، كاتبين أبجدية النصر المرتقب الذي لا مفرَّ منه، لأنه قدر سورية على مرّ العصور والدّهور.

وإلى جانب المجال القتالي فإنَّ الوزارة مستمّرة في القيام بالمهام الأساسية المناطة بها قانوناً، إذ تعمل على  الحفاظ على الأمن الداخلي ضمن المناطق الآمنة، وتقوم بمهامها في مكافحة الجريمة الجنائية بكافة أشكالها، وإلقاء القبض على مرتكبيها، وضبط جرائم التلاعب بالنقد وسوق صرف العملة، وحراسة المؤسسات العامة والخاصة وحمايتها، وحماية البنوك، والتحويلات المصرفية، وتقديم المؤازرة لجميع المؤسسات العامة، والبنك المركزي، وتأمين نقل الأموال وترفيقها ذهاباً وإياباً، وترفيق القوافل من حدود المحافظة إلى مقاصدها (طحين، مشتقات نفطية، قوافل غذائية، قوافل الهلال الأحمر، وغيرها)، إضافة إلى الجانب الخدمي الأمني في مجالات الهجرة والجوازات، والمرور، والسجل العدلي، والشؤون المدنية.

ويمكن القول:

إن وزارة الداخلية قطعت أشواطاً وقفزات نوعية في تنفيذ مهامها بكافة محاور عملها سواء من الناحية التنظيمية أم من الاستخدام الأمثل للقوى البشرية، أم من حيث المهام القتالية، والأمنية، والجنائية، رغم كل العقبات والصعوبات التي تفوق هذه الأعمال، لكن بالإيمان والإرادة والعزيمة والإصرار، قطعنا هذا الشوط وتوّج بالنجاح الذي أصبح يراه ويحسّ به كلّ مواطن.

> كرئيس للجنة شؤون الأحزاب، هل ترون في الأحزاب الجديدة قيمة مضافة للخارطة الحزبية في سورية؟ وهل تتوافر لهذه الأحزاب القواعد التي تؤهلها للقيام بدور أساسي فاعل في الحياة الوطنية؟

>> قانون الأحزاب إحدى محطات الإصلاح التي أقرها السيد الرئيس بشار الأسد، وجاء ليعزز اعتماد سورية للتعددية السياسية أساساً للعمل السياسي من خلال قيام الأحزاب في الإسهام بتنظيم المواطنين وتمثيلهم سياسياً، والعمل على تنمية الوعي السياسي، بهدف تنشيط الحياة السياسية ، ومشاركة المواطنين فيها وإعداد قيادات قادرة على تحمل المسؤوليات العامة في ظل التعددية السياسية التي أقرها دستور الجمهورية العربية السورية، ويكمن هدف هذا القانون وجوهره في تأكيد الاندماج الوطني الحقيقي وتفعيل الحياة السياسية والفكرية، وإيجاد رافعة حقيقية تسهم في رفع الثقافة الوطنية وقيام أحزاب قادرة على المشاركة في إعلاء شأن الوطن ورفده بالكفاءات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وبناء سورية قوية ومتماسكة.

ولاشك في أنّ الأحزاب المرخصة حديثاً هي أحزاب وطنية مازالت في طور النشوء وتحاول إيجاد مكان لها على الساحة السياسية لسورية، للقيام بدور فعال ضمن منظومة فكرية مبنية على أساس الانتماء للوطن، والحفاظ على النسيج الوطني للمجتمع بكافة أطيافه، ومازال الحكم على هذه الأحزاب مبكراً، وأداؤها هو من سيحكم على مدى نجاحها واستمراريتها.

ونحن بدورنا كلجنة شؤون الأحزاب نعمل على دعم هذه الأحزاب، وإزالة العوائق والصعوبات التي تواجهها، وتصويب عملها، ورفع سويته، في ظل الدستور، وقانون الأحزاب، ولائحته التنفيذية.

> هل هناك طلبات ترخيص جديدة؟ فالملاحظ أن الإقبال على تأسيس الأحزاب قلّ بعد أن شهد فورة في البداية، ما سبب العزوف؟ وما هي نسبة الأحزاب التي لم تحصل على ترخيص؟ وأهم أسباب عدم حصولها عليه؟

>> رخّصت لجنة شؤون الأحزاب أحدَ عشر حزباً جديداً، حل إحداها قضائياً (وهو حزب الأنصار) لعدم التزامه بالخط الوطني، وخروجه عن الدستور و قانون الأحزاب، وبقي عشرةُ أحزاب جديدة إضافة إلى الأحزاب التي عدّها القانون مرخصة حكماً، وهي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وعددها عشرة أحزاب، ومازالت اللجنة تستقبل طلبات ترخيص أحزاب جديدة، ولا يوجد عزوف عن تأسيس الأحزاب، إذ وردت إلى اللجنة طلبات عدّة لتأسيس أحزاب، إلا أنها لم تحقق شروط التأسيس المنصوص عليها في قانون الأحزاب، ما أدّى إلى رفض هذه الطلبات، وقد بلغ عدد الطلبات المرفوضة ستة طلبات، والسبب في رفضها هو عدم تمكن المؤسسين من توفير العدد اللازم لتأسيس الحزب وهو ألف عضو، وفقاً لما اشترطته المادة الثانية عشرة بأن يصل الحد الأدنى لعدد الأعضاء في الحزب إلى ألف عضو، وأن يكونوا من المسجلين في سجلات الأحوال المدنية إلى نصف محافظات الجمهورية العربية السورية على الأقل، على ألا تقل نسبة الأعضاء في كل محافظة عن خمسة بالمئة من مجموع الأعضاء، وتنظر اللجنة حالياً بطلبات عدة، سيُبتّ فيها بما يتوافق مع القانون، وضمن المهل المحددة قانوناً.

> كيف تنظرون إلى أهمية المصالحات الوطنية التي جرت والجارية في أكثر من منطقة؟ وما أهم العقبات التي تعترضها، وكيف يمكن التغلب على هذه العقبات وتسريع عملية المصالحة؟

>> تنبع أهمية المصالحة الوطنية من كونها تجسد حالاً من الوعي لحقيقة ما يجري وطبيعة وحجم المؤامرة التي أحيكت ضد سورية بأطرافها، وحجم الإمكانيات التي استخدمت لتنفيذها، ورفض السوريين للتفكيرالتكفيري الظلامي التخريبي الدخيل على أفكار السوريين، والذي وقع الكثيرون ضحايا له نتيجة حملات التضليل الإعلامي، وفتاوى التكفير والحضّ على استباحة الدم السوري، وإثارة الفتن والشقاق والدعوة إلى الاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والتي كانت من أبرز أسلحة الأعداء في حربهم الإرهابية على سورية، تحت ذريعة “الثورة”.

لقد أدرك السوريون بمن فيهم غالبية من ضللوا وضلوا أن الثورة لا تقتل ولا تحرق، ولا تدمّر، ولا تخرّب، ولا تنهب، ولا تسطو، ولا تخطف، ولا تسرق، كما أنّ الثوار لا يمثّلون بجثامين من يقتلونهم، ولا يأكلون قلوبهم وأكبادهم، وأن من يفعلون ذلك ليسوا ثواراً  بل هم سفاحون وقتلة ومخرّبون وسارقون وناهبون، وأن من يشكل حاضنة لهم لا يقل عنهم إثماً وإجراماً بحق الوطن، كما أدركوا أن الإرهابيين الغرباء المستوردين لا تهمّهم مصلحة الوطن، ولا تعني لهم سورية شيئاً إلا أن تكون مقطّعة الأوصال، وأن يكون شعبها ممزقاً.

هذا الوعي بدت ملامحه تتضح شيئاً فشيئاً، ومقوماته تنضج يوماً إثر يوم نتيجة انتصارات شعبنا وقواه الحية، وقواته المسلحة الباسلة، وقوى الأمن الداخلي فيه، وقبل ذلك كله الانتصارات السياسية التي انتزعتها قيادتنا الحكيمة ممثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد.

لقد فسر الأعداء، وصدّقهم الكثيرون أن دعوات القيادة للحوار الوطني تحت سقف الوطن ودعواتها للمصالحة ليست إلا ضرباً من الخداع والضعف والوهن، لكن بعد أن تجرع مواطنونا الشرفاء الذين وقعت مناطقهم ومنازلهم وممتلكاتهم تحت سطو الإرهابيين الكأس المرة من الذلّ والقهر والسرقة والنهب والقتل، أدركوا مصداقية الدولة، وأن مصير سورية لا يقرره إلا السوريون معاً، وفي مناخ الأخوة والتسامي فوق الجراح والحوار البناء، وليس بالاحتكام إلى السلاح والاقتتال الظالم، وبناء على هذا الوعي لا يمرّ يوم إلا ونشهد الكثيرين ممن حملوا السلاح في وجه الوطن والشعب والدولة يلقون بأسلحتهم، ويسعون إلى تسوية أوضاعهم عائدين إلى حضن الوطن، وقد شجعت القيادة هذه الخطوات، وأصدر السيد الرئيس عدة مراسيم عفواً عاماً كان آخرها المرسوم التشريعي /22/  الصادر بتاريخ 9/6/2014م، ويعدُّ هذا العفو تكريساً لنهج الانفتاح، واليد الممدودة للجميع والرغبة في التسامي على الجراح.

غير أنّ بعض المصالحات الجارية في بعض المناطق تتعثر بفعل وجود مسلحين باعوا أنفسهم إلى الشيطان وأوغلوا بعيداً في سفك الدم السوريين وهم يدركون أن لاصلح معهم، ويساندهم إرهابيون مرتزقة ودخلاء وهم يمارسون ضغوطهم غير الاعتيادية ويتابعون تهديداتهم بارتكاب المزيد من المجازر.

أمام هذه المعوقات لابدّ من متابعة المساعي بكثير من الصبر والجلد والإصرار مع تفعيل دور القوى الحية في هذه المناطق من الأحزاب الوطنية، ومن هيئات اجتماعية ومنظمات شعبية وفعاليات ثقافية ودينية واقتصادية، وبتنسيق دقيق للجهود يأخذ بعين الاعتبار واقعَ كلّ منطقةٍ على حدة.

> تعرّضتم غيرَ مرة لمحاولة اغتيال، ونجَوتم منها بعناية من الله، ماذا تقولون عن هذه التجربة الصعبة؟ وما الآثار التي ترَكَتها فيكم ؟

>> يهون أمام استهداف الوطن بكل ما يمثله من حق وخير وكرامة وشرف، استهداف أيّ شخص من أبنائه الشرفاء، ومن هنا أرى في محاولات الاغتيال التي تعرضت لها على أنها مسعى خائب للنيل من هيبة الدولة، والتأثير في معنويات المدافعين عن الوطن لأن استهداف القيادات الهدف منه إحداث شرخ في القواعد، وخفض معنوياتها، ولم أستغرب قطّ هذه المحاولات والتي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتعددت من مختلف اتجاهات أعداء سورية بدءاً من عصابات الإخوان المسلمين، مروراً بحلفاء إسرائيل في لبنان، وصولاً إلى هؤلاء التكفيريين المخربين في سورية، وأحمد العناية الإلهيّة التي حالت دون تحقيق مآرب أعداء سورية، وتكرار هذه المحاولات الفاشلة كان له أثر في تعزيز الإرادة والإيمان لدي وزادتني عزيمة وإصرار لمواصلة دوري في الدفاع عن الوطن، انطلاقاً من واجبي كمواطن أولاً، ومضاعفة العطاء ما استطعت إلى ذلك سبيلاً كمسؤول ثانياً، وكل ذلك دفعني للمزيد من العمل والعطاء والسهر لأداء الواجب على أكمل وجه لمواجهة الإرهاب، والتصدي لأزلامه من قتلة سفاحين، بإيمانٍ متجدد وعزيمةٍ لا تلين، فأنا جندي من جنود هذا الوطن، ولدّت في أحضانه، وحبوت على أديمه الطاهرة، واكتسبت هويتي وثقافتي وإيماني من اسمه وتاريخه وحضارته، وأغلى أمنياتي أن أوفيه ولو جزءاً يسيراً من فضله، وسيبقى في نظري وباعتقادي كما هو بالنسبة لكل مواطن سوري وفيِّ، الأجمل والأغلى والأحلى في الحياة.

> لماذا تأخر صدور التعليمات التنفيذية للقانون الذي ينظِّمَ دخول العرب والأجانب إلى سورية والإقامة فيها، وإلى أيّ حدّ ترون أن هذا القانون سيحقق الفوائد الأمنية والسّياسية والاقتصادية المرجّوة منه.

>> صدر القانون رقم /2/ بتاريخ 11/3/2014م، ونظم إجراءات الدخول على الجمهورية العربية السّورية، والخروج منها، والإقامة والعمل فيها، وحددت المادة /45/ منه بدء العمل به بعد ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره أي بتاريخ 10/6/2014م، وقد قمنا بإصدار التعليمات التنفيذية الخاصة به قبل تاريخ نفاذ القانون، إذ أصدرنا بتاريخ 6/6/2014م، التعليمات التنفيذية لهذا القانون بالقرارات ذوات الأرقام ( 1233/ق، 1234/ق، 1235/ق )، وشملت الأحكام الخاصة بالعرب والأجانب، والفلسطينيين، والعراقيين، وتكمن أهمية هذا القانون في أنّه تعزيز للسيادة الوطنية، إذ وضع آلية قانونية لمنح السمات والتأشيرات، وإجراءات تسجيل العرب والأجانب، وكيفية دخولهم وإقامتهم، ومغادرتهم أراضي الجمهورية العربية السّورية، استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل، كما نظم شروط الإقامة بقصد العمل وضوابطها، وكل ذلك له انعكاسات إيجابية على القطر على جميع الأصعدة.

ونشير إلى أن وزارة الداخلية لا تألو جهداً في مراجعة القوانين وتطويرها وتحديثها بما يتناسب مع طبيعة العمل، وضرورات المصلحة العامة، ورفع مستوى العاملين فيها، والأعمال التي تقوم بها على جميع الأصعدة الأمنية، والجنائية، والخدمية، والقتالية، والمسلكية، وقد أعدت الوزارة العديد من مشاريع القوانين والتشريعات المتعلقة باختصاصاتها وطبيعة عملها وصدرت معظمها.

> حتى تجدَ مقولة الشرطة في خدمة الشعب تطبيقها الأمثل في الواقع، فإنّ تحسين أوضاع الشرطة، وتوفير مستلزمات عملها تعد من الأولويات الوطنية، ماذا حقّقت الوزارة على هذا الصعيد.

>> يستحوذ الارتقاء بجهاز الشرطة إلى أفضل الحالات التي تمكنه من أداء واجباته في خدمة الشعب والوطن، على اهتمام وزارة الداخلية الأول، ونسعى جاهدين لتحقيق ذلك، لأن خدمة الوطن والشعب هي المهمة الأساس الملقاة على عاتق الوزارة، كما ندرك أن الإنسان الأكثر اطمئناناً إلى بيته وحياته الاجتماعية والمادية هو الأكثر قدرة على العطاء والانصراف بموفور طاقته لأداء رسالته في الحياة.

فبالنسبة لأوضاع الشرطة كأشخاص يحملون مسؤولية إعالة أسرهم فقد خطت وزارة الداخلية خطوات ملموسة في هذا المجال:

– صدرالمرسوم التشريعي رقم /1/ لعام 2012م ، المتضمن قانون خدمة عسكريي قوى الأمن الداخلي، وقد نظم هذا القانون العديد من الإجراءات والقواعد المتعلقة بخدمة عسكريي قوى الأمن الداخلي، كما صدر المرسوم التشريعي رقم /2/ لعام 2012م ، المتضمن قانون معاشات عسكريي قوى الأمن الداخلي . وأصدرنا القرار رقم 3500/ق تاريخ 22/12/2013م ، المتضمن تعديل قيمة تعويض نهاية إعانة الخدمة لعسكريي قوى الأمن الداخلي.

–  كما عملنا على تأمين السكن الوظيفي لنسبة كبيرة من العناصر المتزوجين، وبأجر رمزي، وهناك مشاريع عدة لتأمين السكن الوظيفي لأكبر عدد ممكن من العناصر، وفي جميع المحافظات، إضافةً إلى ذلك تقدم الوزارة من خلال إدارة الخدمات الطبية وفروعها ومشافيها ومستوصفاتها ومراكزها الطبية في المحافظات كامل الرعاية الصحية ــ بما في ذلك توفير الدواء والعمليات الجراحية بمختلف اختصاصاتها ـ مجاناً لعسكريي الشرطة وعائلاتهم ولأسر الشهداء والجرحى والمصابين مجاناً، كما صدر القانون رقم /18/ تاريخ 25/10/2011م وسمح بمعالجة العاملين المدنيين في قوى الأمن الداخلي وأسرهم في مشفى الشرطة مجاناً، وأحدث فرعاً عاماً وخاصاً فيه للاستشفاء.

– وفي إطار رعاية أسر الشهداء وذويهم و تسهيل حصولهم على حقوقهم بأقل جهداً تقديراً لتضحيات أبنائهم ، وحفاظاً على حقوقهم التي كفلتها لهم القوانين والأنظمة، أحدثنا قسم شؤون شهداء عسكريي قوى الأمن الداخلي .

– وتقوم الوزارة بشكل عام بتوفير كل ما من شأنه رفع معنويات عناصر قوى الأمن الداخلي من (لباس، وطعام، واستشفاء، وتأهيل وتدريب، وتوفير السلاح والعتاد) بما يعزز صمودهم واستمرار قيامهم بمهامهم بالشكل الأمثل.

– أما على صعيد توفير مستلزمات العمل، فهذه مسألة مستمرّة ومتواصلة، بحسب الحاجة التي تفرضها مصلحة العمل ونجاحه، ونولي مسألة التقنية ومساعدات الخدمة الفنية من مخابر وتجهيزات وأدوات كل الاهتمام ونتابع كل مستجدات العلم لوضع ما يمكن توفيره سلاحاً مساعداً لمكافحة الجريمة والمجرمين.

> من نافل القول إنّ الأمن مطلب حيوي للدول والشعوب، وإن في غيابه لا معنى لمطلب سياسي أو اقتصادي، وقد رأينا كيف يتم في أعرق الديمقراطيات الغربية تقديم الأمن على الحرية ذاتها.ما تعليقكم على هذا، ولا سيما أن مطلب المواطن السوري اليوم هو الأمن  قبل كل شي؟

>> الأمن قيمة عظيمة، وحاجة إنسانية أساسية، وهو قرين وجود الإنسان وشقيق حياته، ولا يمكن مطلقاً أن تقوم حياة إنسانية، إلا إذا اقترنت بالأمن، فالأمن يمثل مفهوماً مركزياً في حياة المجتمعات كلها بغض النظر عن درجة تطورها، وهو يثير في الأذهان معنى البقاء والتكامل والتماسك الاجتماعي وحماية المصالح والقيم، فبدون الأمن لا يمكن أن يكون هناك تنمية أو حياه مستقرة، أو حرية أو ديمقراطية.

ومن هنا يتصدر توفير الأمن حاجات الأفراد والمجتمعات والدول والحكومات، ويُعدّ الإرهاب في مقدّمة مهددات الأمن بمجالاته كافة، وهذا ما يفسّر إصرار الإرهاب التكفيري وكل أشكال الاستعمار على استهداف الأمن أولاً، لأنه بتخريب الاستقرار يسهل تخريب كل شي وتعطيل أي نوع من حالات الحياة والاستمرار، ومع توفير مناخ الأمن والطمأنينة يغدو تأمين المطالب الأخرى أمراً في متناول اليد، وعلى سبيل المثال رأينا كيف أن الحياة انعدمت لفترات طويلة تجاوزت العامين في المناطق التي عاث فيها الإرهاب فساداً وقتلاً وترويعاً، ولنأخذ بعض أحياء مدينة حمص مثلاً، حيث هرب من بيوتهم من هربوا، إلا أنهم سرعان ما عادوا مع عودة الأمن إلى أحيائهم، وسكنوا بيوتهم المهدمة، ودبت الحركة والنشاط، وأحس الناس بنعمة الحياة لأنهم باتوا آمنين على أنفسهم.

أما بالنسبة للدول الغربية التي تتشدّق بالحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، فهي بالنسبة لها شعارات تخدم (( أجنداتها))، وتلبي مصالحها، فباسم الحرية والديمقراطية انتهكت سيادة الدول وحقوق الإنسان وأججت الحروب والصراعات وما سمته “بالثورات”، فكانت ديمقراطيتهم بالقتل والتدمير والنهب والتخريب، وحريتهم بالإرهاب والتكفير والجهل والتضليل، أين هم من الديمقراطية الحقيقية التي مارسها الشعب السوري بأرقى صورها عندما اختار رئيسه بكل حرية متحدين كل أشكال الإرهاب والتخويف والتشويه والتضليل، فكان نصراً لكل السوريين، نصراً للحق على الباطل، نصراً للسيادة الوطنية وحرية القرار على الهيمنة والعدوان،  وتأكيداً على استمرار الصمود والولاء والانتماء للوطن.

> كبعثي قديم، هل لمستم تطوراً ما في عمل الحزب، وكيف تنظرون إلى دوره في مواجهة العدوان الإرهابي التكفيري على سورية.

>> لا يوجد بعثي قديم، أو بعثي جديد، فليس للسنين من معنى ما لم تكن حافلة بالعطاء والحيوية، تماهياً مع معنى البعث، حيث يعني الولادة والتجدد والحياة والحركة والتقدم والازدهار.

البعثي صاحب رسالة، وصاحب الرسالة يحمل الراية، ويتقدم الصفوف في ساحات مواجهة الأعداء ويكون أول من يحمل السلاح، وفي حالات الاستقرار والأمن يتقدم صفوف المنتخبين فكراً، وصناعةً وغلالاً، وفي طليعة بناء الحياة، ورافعي شوامخ البناء والعمران.

وإذا شخّصنا حالة الإرباك التي مر بها حزب البعث العربي الاشتراكي بحجمه الكبير، واتساع رقعة انتشاره على مساحة الوطن ــ وهو أكبر الأحزاب القومية على الساحة العربية ــ تعود إلى عوامل متعددة تتعلق بالإعداد العقائدي والثقافي لكوادر الحزب وبخاصة جيل الشباب، إضافة إلى أسباب تنظيمية وإدارية، وهذا ما انعكس أيضاً على المنظمات والنقابات والاتحادات الرديفة للحزب، وبالتالي من لا يعرف فكر الحزب لا يدافع عنه ولا يتمثله في سلوكه، وهذا ما انعكس على أداء المؤسسات التي أنتجها الحزب أيضاً.

ولا نبالغ إذا ما قلت أن الحراك الذي ساد ساحات النشاط البعثي في العام الأخير، قد حقق خطوة ملموسة على صعيد تفعيل دور البعث الرائد وطنياً وقومياً، وقد قامت القيادة القطرية الجديدة ومنذ انطلاقتها بمعالجة عناصر الخلل في الواقع التنظيمي الداخلي للحزب، وقد بدأت باتخاذ إجراءات إيجابية جديدة على صعيد إعادة تمتين علاقة البعثي بحزبه وتلافي الثغرات في نقص الإعداد والتثقيف، وإعادة تفعيل دور الحزب، وهذا ما بدا واضحاً في الكثير من الفعاليات التي قام بها الحزب في مختلف المحافظات، وترجم إلى نجاح في إعادة تفاعل الشارع السوري مع فعاليات الحزب ومنتدياته التي أقامها على اتساع الأراضي السورية، وأسهم في استنهاض همم الجماهير في مواجهة الإرهاب التكفيري، فحزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب الأمة في مواجهة أعداء الأمة، وهو خشبة خلاصها وطريقها الأسلم إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والبناء.

صحيفة البعث- حاوره: بشير فرزان