مساحة حرة

خيوط اللعبة.. وإستراتيجية المواجهة

يُجمع المراقبون على أن الولايات المتحدة الأمريكية تُدير اللعبة بشكل كامل على ساحة المنطقة وخاصة ما يتعلق بتكتيكات الحرب الافتراضية على “داعش” وأنها تقوم بتسخير عناصر المعركة المتنوعة مجتمعة وخاصة موضوع الوقت الطويل عبر حرب استنزاف طويلة الأجل لتحقيق الأهداف التي تنسجم مع إستراتيجيتها المحددة مسبقاً لهذه الحرب بمعزل عن موقف ودور القوى الدولية الأخرى، متجاهلةً بذلك كل التشريعات والقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة الناظمة لمثل هذه الأزمات.

وعلى الرغم من التصريحات المتتالية من قبل كل من الصين وروسيا بضرورة الالتزام بالمواثيق الدولية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وتغيير الأنظمة بالقوة، والعودة إلى مجلس الأمن للحصول على تغطية قانونية لأي تدخل عسكري في أي منطقة من العالم، ولم تخف الإدارة الأمريكية أهدافها من حرب الاستنزاف الطويلة الأمد المراد لها إضعاف الأنظمة القائمة وإنهاك جيوشها الوطنية وتحويلها إلى دول فاشلة تستطيع معها الولايات المتحدة وحلفاؤها تمرير المشروع الصهيو – أمريكي وتنفيذ خطتها لإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية لبلدان المنطقة كاملة وتحويلها إلى كيانات طائفية هشة وخاصة الدول الخارجة عن الطاعة الأمريكية وأكثر دقة دول الطوق مع الكيان الصهيوني (سورية والعراق ولبنان والأردن) التي يُشكل استقرارها وقوتها عامل خطر دائم على أمن ومستقبل الكيان الإسرائيلي.

يقول كبار حكام العصابة الصهيونية في فلسطين المحتلة من وزير الاستيطان “أوري أريل” إلى رئيس حزب إسرائيل بيتنا وزير الخارجية “ليبرمان” في كافة جلساتهم العامة والخاصة: “بأنه لا يُمكن أن تضمن إسرائيل أمنها إذا لم يتحقق لها الشرطان التاليان، وهما:

– أن تكون فلسطين كلها دولة لليهود وحدهم ” قيام الدولة اليهودية ” ، كي تضمن بذلك أمنها الداخلي.

– وأن تتحول الدول المحيطة بها إلى كيانات منفصلة ومجزأة طائفياً أو إثنيا بما يضمن أمن إسرائيل من الحدود الخارجية.

كل ما تقوم به الإدارة الأمريكية من أعمال شيطانية تحت أي تسمية أو تحرك يخدم هذين الشرطين، وهو شبيه بالدور البريطاني الذي هيأ لإنشاء “إسرائيل” عند منحها وعد “بلفور” المشؤوم، وتأتي عملية التحالف الأمريكي المشكوك بجديتها في الحرب على الإرهاب، لِتُثبت بأن بروبغندا الحرب على “داعش” تأتي ضمن هذا السياق على اعتبار إطالة زمن الحرب هو السبيل الوحيد لاستنزاف قدرات دول المنطقة وتدمير قدراتها العسكرية والاقتصادية وإلحاق الأذى بسكانها، وحثهم للانخراط في عملية الفوضى الكبيرة المخربة للدول وأنظمتها القائمة.

السؤال الذي يدور في الشارع هو: إلى متى تستطيع الولايات المتحدة وأتباعها اللعب على أوراق المنطقة المعقدة؟ وما هو الزمن المتوقع لإنهاء حربها الافتراضية على داعش؟

إن التهويل الذي تنشره إدارة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” حول قوة التنظيمات الإرهابية، وأن القضاء عليها يتطلب مواجهتها لثلاثة عقود قادمة، ما هو إلا كذبة كبرى لتبرير الفشل الذي تحققه الولايات المتحدة في هذا المجال أمام الرأي العام الأمريكي والدولي، وهي لن تستطيع بكل تأكيد الاستمرار بتلك الحرب الكذبة لسنوات قادمة وليس عقود، لأن إستراتيجية المواجهة وعملية الحسم من قبل الدولة قادمة بقوة، وبفضل جهود القوات المسلحة الوطنية في كل من سورية والعراق التي تلقى تأييداً ودعماً غير محدودين من قوى شعبية محلية ودولية واسعة سيتم تحقيق الإنتصار على الإرهاب وكشف الزيف الأمريكي وتعريته.

إن الانجازات اليومية التي يحققها الجيش العربي السوري البطل على كافة الجبهات تُعد مقدمة مطمئنة وخطوة لا رجعة فيها للقضاء على كافة التنظيمات الإرهابية، وإن عملية تنظيف سورية بالكامل من رجس الإرهاب هي حتمية ومؤكدة ومستمرة، وإن عامل الوقت يخدم الاستراتيجيات السورية سواء تدري الولايات المتحدة بذلك أو تتجاهل، ويشكل حافز موضوعي للدول الصديقة لسورية والداعمة لمواقفها الثابتة في رفض كل أشكال القولبة المسبقة للأنظمة، من أجل ترتيب الأوراق المعقدة لأزمة المنطقة وإيجاد الحل المنطقي، والذي سيجعل لانتصار سورية وجيشها الباسل فرصة دولية هامة لحلفاء سورية على الساحة الدولية بالانقضاض على العنجهية الأمريكية المتسلطة وإنهائها إلى الأبد وتحييدها عن هرم القيادة الدولية وحرمانها من السيطرة على المقدرات الدولية كقوة عظمى مستبدة.

 

محمد عبد الكريم مصطفى