أخبار البعث

بروين إبراهيم: البعث مازال مؤهلاً لحمل المشروع القومي النهضوي وعلاقتنا به تقوم على المصلحة الوطنية

< تمر الذكرى الثامنة والستون لتأسيس الحزب في ظل الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، والتفكك العربي غير المسبوق والظروف الإقليمية والدولية المتوترة، كيف تنظرون إلى دور الحزب ومشروعه القومي اليوم؟.
<< اسمحوا لنا بداية أن نهنىء حزب البعث وسائر البعثيين على امتداد وطننا الغالي سورية، بمناسبة حلول الذكرى الثامنة والستين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي لا نعتقد أن اثنين في سورية على الأقل يختلفان على سمو أهدافه ومبادئه، وتمثله لإرادة وتطلعات شعبنا، وعلى أن مسيرته النضالية، رغم ما اعتورها من هنات ومطبات وانتكاسات وأفخاخ لأسباب وعوامل وظروف بعضها ذاتي وأغلبها موضوعي، كانت حافلة، زاخرة ومشرفة.
وربما يكون ذلك سبباً في قدرته على الاستمرار وعاملاً مساعداً مكنه من مواصلة نضاله ومواجهة الأزمات التي مرت بها هذه المسيرة التي نشهد بها ولها، فكل عيد لتأسيس البعث وكل البعثيين ووطننا وأمتنا بألف خير.. وستبقى سورية بخير.
لقد تميز حزب البعث العربي الاشتراكي، على امتداد مسيرته الطويلة، بقدرته الفائقة على احتواء الأزمات التي مر بها المشروع القومي والانتكاسات التي مني بها والعثرات التي وضعت في طريقه أو التي من الطبيعي أن تحاول إعاقة مسيرته، ولاسيما في الظروف المفصلية في تاريخه النضالي وتاريخ الوطن ومنها حركة 23 شباط- هزيمة 67 -حركة 16 تشرين الثاني وغيرها) بل وشكلت هذه مصادر قوة له للنهوض بالمشروع القومي بقدرة أقوى مما كان عليها قبلها، ولم يفكر البعث يوماً في اعتقادنا وعبر قراءاتنا لمسيرته في التخلي عن هذا المشروع النهضوي الكبير، أو حتى في الانكفاء قليلاً كي يعيد ترتيب وتركيب آليات نهوضه، بل كان ذلك كله داخلياً وواصل نضاله ومواجهة التحديات المحيطة به وبهذا المشروع وطنياً.
ولاشك أن الأزمة الحالية التي يمرالوطن بها، والبعث من مكوناته الرئيسية ألقت بظلالها القاتمة، ليس على مسيرة البعث وحده، بل على كل تفاصيل ومكونات الكيان الوطني والقومي، ذلك لأن مالم يستطع أعداء سورية الذين هم أعداء العرب بطبيعة الحال تحقيقه منذ سان ريمو وسايكس بيكو أو من خلال زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، مروراً بالحروب الجزئية والكاملة، ووصولاً إلى غزو الكويت ثم احتلال العراق وإعلان بدء مرحلة «الفوضى الخلاقة» وإلى إعداد النظم الحاكمة المناسبة وتجهيز وتجييش الفكر الظلامي  المتأسلم وحشد عصاباته وإطلاق ذئابه من الخارج وخلاياه النائمة من الداخل وتمكين حلفائه الإقليميين من الوصول إلى سدة الحكم، كل ذلك وغيره كثير كانت التهيئة والإعداد له يتمان بصمت وهدوء.
ولكي لانكون طوباويين، فإننا لا نعفي البعث من مسؤوليته في التنبه واليقظة وتهيئة الداخل الوطني على الأقل للمواجهة المحتملة بل والأكيدة مع هؤلاء الأعداء.
لكننا كحزب للشباب الوطني نعتقد ونثق بأن البعث، رغم ذلك ورغم ما فعلته الأزمة بنا كشعب وسورية كوطن، مايزال قادراً ومؤهلاً لأن يظل الحامل الأساسي للمشروع القومي النهضوي، وعلى معالجة ما اعتور مسيرة الوطن والحزب أيضاً من عثرات وما نصب لها من أشراك، لأنه لم يتخل يوماً عن أهدافه أو مبادئه وعلى أن يقوم مسيرة نضاله بشفافية الحزب المناضل الصلب وينطلق ماداً يد الندية والقبول لكل الوطنيين الشرفاء الذين يتفقون معه على الثوابت الوطنية التي لاجدال فيها، ولا نقاش حولها لأنها مسلمات مبدئية راسخة.
< ما هو واقع علاقتكم بحزب البعث، وما هي أهم المصاعب الذاتية والموضوعية التي تعترض عملكم كحزب ناشئ وهل تعتقدون أنكم تمتلكون حظوظاً للوصول إلى البرلمان في الانتخابات القادمة؟.
<< إن علاقتنا بقيادة حزب البعث وبالكثيرين من مناضليه وأنصاره جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل، وعلى المصلحة الوطنية، نناقشهم ويناقشوننا بكل شفافية وصدقية دون تزلف أو مداهنة أو بحثاً عن موقع هنا ومكسب هناك، لكن المشكلة في الذين يرفضون الآخر وهم يحسبون أن العدد والكم هما الأهم وربما يعود ذلك إلى تخوفهم من خسارة ماهم فيه أو لعدم إدراكهم أو تناسيهم للعمر الزمني لحزب البعث.
ونحن كحزب ناشىء كما عبرتم ندرك أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة أولى وقيادتنا وقواعدنا الحزبية في مختلف المحافظات تغلب الهم الأكبر، الذي هو الهم الوطني، لامكاسب ولا مناصب بل ربما تضحيات وشهداء، وقد قدمنا لله الحمد الشهداء على مذبح تطهير أرض الوطن من رجس العصابات التكفيرية السوداء، إلا أننا في الوقت ذاته لانخفيكم أن علاقتنا بالحكومة الحالية غير صحية، وكذلك ببعض المنتسبين لحزب البعث من بعض الذين أتيح لهم الوصول إلى مقاعد البرلمان.
أما علاقتنا بالإعلام الحكومي فهي بين مد وجزر، لأن الكثيرين من القائمين عليه وعلى بعض مفاصله مازالوا يظنون أنه إعلام حصري ليس للوطن ومكوناته، وهنا تبرز مسؤولية التربية العقائدية على الاعتراف بالآخر والقبول به.
أما عن حظنا في الانتخابات التشريعية المقبلة فهذا رهين بسيرورة هذه الانتخابات والإعداد لها والشفافية التي ينبغي أن تحدث في ظلها.
< ثمة رأيان متناقضان بخصوص الأحزاب السورية في مواجهة الأزمة، أحدهما يذهب إلى أنها قامت بدورها المطلوب وشكلت إحدى ركائز الصمود الوطني السوري والثاني يذهب إلى أن أداءها كان أقل بكثير من المطلوب، ما يعكس أزمتها وضعفها، من خلال تجربتكم ماذا تعلقون؟.
<< الرأيان صائبان ولا يجوز التعميم كما لا يجوز تحميل حزب ما أو فصيل ما فوق طاقته وقدرته واحتماله، والكثير من أحزاب المعارضة الوطنية شكلت حقيقة إحدى ركائز الصمود الوطني السوري، وبعضها الآخر حتى في أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، التي نحترم ونقدر، كان أداؤه وتفاعله يتماهى وقدراته واستطاعته، فلماذا نطالب الجميع أن يكونوا بسوية واحدة وبقدرات تفوق إمكاناتهم.