الشريط الاخباريسلايدسورية

الرئيس الأسد: المقاومة والسيادة ضوابط.. ولا نرفض “المعجزة” إن حدثت

سيادة سورية ووحدة الأراضي السورية.. قرار الشعب السوري دون أملاءات خارجية.. مكافحة الإرهاب، أي مبادرة ليس فيها بند مكافحة الإرهاب كأولوية ليس لها قيمة.. لا يمكن تواجه العدو الخارجي ولديك عدو داخلي، لابد من حسم هذا الموضوع داخل سورية، عندها ستعود الأمور كما كانت ولن يتجرأ أحد على سورية، لا إسرائيل ولا غيرها… هكذا حدد الرئيس الأسد أسس وضوابط السياسة السورية تجاه المستجدات والتطورات والمبادرات المطروحة

 

السؤال الأول:

سيادة الرئيس أرحب بكم على شاشة المنار وأبدأ بانطباع شخصي لمسته منذ أتيت إلى هنا وكأني قرأت ملامح اطمئنان وثقة على مايبدو أعلى وأكبر في النصر على عكس مايُشيع الخصوم. هل قراءتي في محلها؟ هل أنتم بالفعل أكثر ثقة في النصر؟

الرئيس الأسد: قرأتها مني أم من الجو العام؟

مداخلة: من الشكل العام..

الرئيس الأسد:

لو لم يكن هناك أمل بالنصر لدى المواطنين لما صمدت سورية أربع سنوات ونصف، هذا الأمل هو الذي يشكل الحافز لمواجهة الإرهابيين ومواجهة المخطط الذي رُسم لسورية وطبق عليها كما طبق على عدد من الدول العربية الأخرى، نعم انطباعك صحيح.

السؤال الثاني:

نعم.. على ماذا تعتمدون في هذه الثقة بالنصر سيادة الرئيس؟

الرئيس الأسد:

أولاً على الشعب، طبعاً بعد الله، ولكن لو لم يكن لديك دعم شعبي فلا يمكن لك أن تصمد، إن لم يكن لديك دعم شعبي لا قيمة لأي توجه سياسي أو وطني تتبناه كرئيس أو مسؤول أو كدولة، الاعتماد الأول على الشعب، ثانياً على الأصدقاء الذين يقفون مع سورية بصلابة ويدعمونها في المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، وفي العالم.

السؤال الثالث:

توجد اجتهادات كثيرة سيادة الرئيس، في هذه اللحظة، في هذه الآونة توحي وكأننا أصبحنا في ربع الساعة الأخير من الأزمة في سورية.. إلى أي حد هذه القراءة صحيحة؟

 

 

الرئيس الأسد:

لا أستطيع أن أقول بأننا وصلنا إلى ربع الساعة الأخير حتى يتوقف أساس المشكلة في سورية التي تبدو معقدة، فيها تفاصيل كثيرة وفيها عوامل متداخلة، ولكن جوهر هذه المشكلة هو التدخل الخارجي، دفع الأموال، إرسال السلاح والإرهابيين إلى سورية. عندما نصل إلى المرحلة التي تتوقف فيها الدول المنغمسة بالتآمر على سورية والمنغمسة بسفك الدماء السورية، عندما تتوقف هذه الدول عن دعم الإرهاب عندها نستطيع ان نقول بأننا وصلنا إلى ربع الساعة الأخير لأن التفاصيل الأخرى مما يُسمى حل سياسي أو مسار سياسي أو أي شيء مشابه أو أي إجراءات أخرى تصبح تفاصيل سهلة ليست ذات قيمة، عندما نقول بأنها ليست ذات قيمة بمعنى ليست جوهرية في حل المشكلة.. تصبح تفاصيل يمكن الاتفاق عليها، أيضاً حتى مكافحة الإرهابيين الموجودين الآن داخل سورية، عندما يتوقف الدعم الخارجي تصبح مكافحة أولئك الإرهابيين أسهل بكثير، حتى الآن لم نصل إلى هذه اللحظة، قد يُظهر الجو العام تحوّلاً، صحيح هذا التحول موجود لكن التحول شيء والوصول إلى نهاية الأزمة شيء مختلف.. قد تكون قريبة، أنا لا أجعل الأمور سوداوية أو أُظهر نوعاً من اللاتفاؤل ولكن أحياناً قبل الوصول لربع الساعة الأخير ترى تصعيداً كبيراً، فقد يكون التصعيد هو مؤشر للوصول إليها، لكننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة..

السؤال الرابع:

ما الذي علينا أن نفهمه ويفهمه الجميع عندما يتحدث الرئيس بشار الأسد عن الحل السياسي؟

 

الرئيس الأسد:

أنا لا أستخدم كلمة “حل سياسي”.. أستخدم كلمة “مسار سياسي”. الحل هو حل المشكلة، هناك مشكلة، هناك حل يتكون من محاور فيها محور مكافحة الإرهاب، فيها محور سياسي بناءً على ما طُرح في بدايتها.. طُرح بأن الأزمة أسبابها سياسية، هذا كلام غير صحيح كما قلت قبل قليل، الأسباب هو التدخل الخارجي، ولكننا سرنا مع كل ما طُرح، قالوا بأن المشكلة متعلقة بالدستور، عدّلنا الدستور، قالوا المشكلة متعلقة بالقوانين، غيّرنا القوانين، قالوا المشكلة متعلقة بالمسار الاقتصادي أو السياسة الاقتصادية للدولة، غيّرنا الكثير من هذه السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت، ربما نكون نحن على خطأ وأولئك على حق ولكن بنفس الوقت كنا نريد أن نثبت للآخرين بأن هذا الكلام غير صحيح.

الآن يُطرح أنه لابد من حوار مع القوى السياسية من أجل الوصول إلى حل للأزمة، نقول لامانع، فلتتفضل تلك القوى التي تطرح نفسها بأنها ممثلة للشعب السوري وتثبت بأنها ممثلة للشعب السوري أو بأن لها تأثيراً، نحن مستعدون للحوار معها من دون أي تردد، فهذا ما يُسمى المسار السياسي، لكن في الواقع هذا المسار السياسي لكي يكون له تأثير لابد أن يكون بين قوى سياسية سورية، قوى سياسية سورية مستقلة تنتمي للشعب السوري، جذورها سورية، فقط داخل سورية وليس كما نراه الآن في كثير من القوى التي نحاورها: مرتبطة بالخارج مالياً وسياسياً، فلذلك إذا أردنا أن نتحدث عن الحوار السياسي والمسار السياسي هو ضروري ليس فقط لحل الأزمة وإنما لتطوير سورية، ولكن حتى الآن لم تتكوّن العوامل الضرورية أو البيئة المناسبة لكي نصل بهذا الحوار إلى نتائج نهائية، خاصة مع استمرار دعم الإرهاب الذي يشكل عائقاً كبيراً في وجه أي عمل سياسي حقيقي ومنتج على الأرض.

السؤال الخامس:

ربما دخول سلطنة عُمان على خط الأزمة وزيارة الوزير المعلم إلى هناك ساعدت في إعطاء انطباع لدى عدد من المراقبين بأننا كما ذكرنا في السابق في ربع الساعة الأخير.. ماهو دور سلطنة عمان هنا وإلى أي حد يمكن أن يكون ذلك أحد مفاتيح الحل، خاصة أن عُمان لعبت أدواراً بارزة في عدد من الأزمات ؟

الرئيس الأسد:

صحيح، لعُمان دور هام في التعامل مع نقاط التوتر المختلفة في منطقتنا لدفعها باتجاه البرود ولاحقاً الحل ومن البديهي أن تكون زيارة وزير الخارجية في هذا الإطار، في إطار بحث الأزمة السورية، ومن البديهي أيضاً أن يكون الدور العُماني هو المساعدة لحلها، لكن هذه اللقاءات كانت تهدف لاستطلاع التصوّر السوري لكيفية الحل وبنفس الوقت هم يستطلعون الأجواء الإقليمية والدولية من خلال علاقاتهم للوصول لشيء محدد، فإذاً هذه هي الزيارة الأولى واللقاء الأول منذ سنوات، من المبكر الحديث عن ماهو الدور الذي يمكن أن تلعبه عُمان، علينا أن ننتظر استمرار هذا الحوار ومتابعته لكي نحدد لاحقاً كيف تذهب الأمور.

السؤال السادس:

سيادة الرئيس، تكررت غارات العدو الصهيوني على الأراضي السورية، الخميس والجمعة كان أكثر من 14 هدفاً مستهدفاً علاوة على سيارة.. اسألكم عن تصوّركم للتعامل مع هذه الاعتداءات. والشق الثاني من السؤال حول تصوّركم هل في إمكان العدو الصهيوني أن يخلق مناخاً مختلفاً وأمراً واقعاً مختلفاً سواء في سورية بشكل عام او بالجولان بشكل خاص؟

الرئيس الأسد:

لو عدنا لتجربة لبنان خلال العقود الماضية ما الذي جرّأ إسرائيل على اللبنانيين، هو أن جزءاً من اللبنانيين كان يرتبط بالخارج، يرتبط البعض منهم بإسرائيل، البعض يستدعي ويستجلب التدخل الخارجي بأشكاله المختلفة، هذا أعطى صورة الضعف وبالتالي التجرؤ عليه، نفس الشيء بالنسبة لسورية عندما يكون هناك مجموعات سورية تقبل بالتعامل مع الأعداء، من إسرائيل إلى الأعداء والخصوم الآخرين وتستدعيهم للتدخل في سورية فهذا يجرئ الآخرين على الوطن، ولكن اليوم الأداة الإسرائيلية الحقيقية الأهم من هذا العدوان هي الإرهابيون في سورية أي أن مايقومون به هو أخطر بكثير مما تقوم به إسرائيل من وقت لآخر من أجل دعمهم، هم أساس المشكلة. إذا أردنا أن نواجه إسرائيل علينا أولاً أن نواجه أدواتها داخل سورية، لايمكن أن تواجه العدو الخارجي ولديك عدو داخلي، لابد من حسم هذا الموضوع داخل سورية، عندها ستعود الأمور كما كانت ولن يتجرأ أحد على سورية، لا إسرائيل ولا غيرها.

السؤال السابع:

للاستفسار.. هل تعتقدون أن إدراك العدو الصهيوني بأن الأولوية لدى سورية الآن هي مواجهة التكفيريين على أرضها يمكن أن يُغذّي عضلة الاجتراء عند العدو الصهيوني فيندفع في هذه الاعتداءات؟

 

الرئيس الأسد:

قد يكون هذا عاملاً، ولكن العامل الأهم هو وجود من هو مستعد للتعاون معه، ومن هو قابل أن يتعالج بمشافيه، من هو جريء لدرجة الوقاحة أن يكتب علناً على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها المديح لإسرائيل التي تقوم بقصف بلده. قوة البلد بالدرجة الأولى قبل أن تعتمد على الجيش أو على النظام السياسي أو على أي شيء آخر، تعتمد على وحدة الشعب، الشعب طبعاً بمعظمه موحّد، ولكن عندما يكون هناك بؤر من العمالة والخيانة وبؤر من التطرف والإرهاب فهذه نقاط ضعف لا يجوز أن ننكرها، هذه العوامل لابد من التعامل معها، عندها تصبح العوامل الأخرى التي ذكرتها هي عوامل ثانوية من وجهة نظري..

السؤال الثامن:

ولكن هناك ايضاً أمور تبدو مستعصية على الفهم.. مؤكد أن لدى سيادتك تصوراً، أن تندفع قوة ما في سورية ليكون بينها وبين العدو الصهيوني هذا القدر من التعاون والتنسيق تصل إلى درجة الدعم الناري والدعم بالطيران من قبل العدو الصهيوني لهم، سماحة السيد حسن نصر الله كان قد تحدث وأشار إلى هذا الموضوع وتحدث عن تغيير قواعد الاشتباك، يعني هل انت على نفس هذه الموجة، موجة تغيير قواعد الاشتباك؟

الرئيس الأسد:

طبعاً مع الأخذ بالاعتبار الفارق بين الساحة السورية والساحة اللبنانية، الفارق الجغرافي، الفارق الديمغرافي بالنسبة للحدود، الحدود بين المقاومة وإسرائيل هي المقاومة من الجانب اللبناني، أما الحدود الآن بيننا وبين إسرائيل هي عملاء إسرائيل، يشبه جيش لحد وجيش سعد حداد من قبل، فلابد أن تتعامل مع هذه المشكلة قبل أن تتعامل مع مايليها من الناحية الجغرافية أو من الناحية السياسية، عندما تكون المشكلة التي ذكرتها هي مشكلة بالأساس وطنية لابد من معالجتها أولاً عندها يمكن معالجة باقي المشاكل..

السؤال التاسع:

سيادة الرئيس، في خطابكم الأخير كانت هناك بعض الإشارات وبعض الجُمل ربما أوجدت التباساً عند البعض، وكانت مدخلاً للهجوم من البعض الآخر، أستأذنك في أن أقرأ ما اعتقده البعض أنه ربما اعتراف بضآلة تأثير أو قوة تأثير الجيش والبعض الآخر ذهب إلى أبعد من ذلك حيث قيل أنكم منحتم سورية لإيران وحزب الله.

سورية منحت إيران وحزب الله الوطن حينما تفضلتم وتحدثتم عن أن الوطن ليس لمن يسكن فيه ويحمل جواز سفره إنما لمن يدافع عنه ويحميه.. ما المقصود كان وأُسيء فهمه وتداوله؟

الرئيس الأسد:

بالنسبة للنقطة الأولى أنا كنت واضحاً وصريحاً لاشك بأن حالات الحروب، أي حالة حرب تؤدي للمزيد من الفرار من الجيش، أنا قلت هذا الكلام بشكل واضح في الخطاب، لم أُنكره، وأنا أتحدث بشكل شفاف مع المواطن السوري… لايهمنا مايتداوله الإعلام المعادي، هذا الشيء يكون له تأثير سلبي في أي معركة وفي أي جيش وهذا حصل حتى في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام وفي كل الجيوش، ولكن عندما تكون هذه الحرب من نوع خاص وانت تواجه عدواً إمداده لايتوقف، خاصة من الناحية البشرية، يصبح تأثيرها أكثر، لذلك نرى، عندما كنت أشرح موضوع التراجعات في بعض المناطق نرى بأن هذا التراجع حصل ولكن بعدها أيضاً كان هناك تقدم للقوات.. حصل تراجع وحصل تقدم في نفس الأماكن في هذه المرحلة التي لا تتجاوز الشهر من الزمن، فهذا الشيء طبيعي وبديهي في كل المجتمعات وفي كل الحروب، ولكن أنا أردت أن أُضيء على هذه النقطة لأن لها تأثيراً من أجل تحفيز الشباب لزيادة وتيرة الانضمام والالتحاق بالقوات المسلحة، لايوجد أي غضاضة في التعبير عن هذا الشيء بهذا الوضوح.

أما بالنسبة للنقطة الثانية حول أن الوطن لمن يدافع عنه، هذا صحيح، ولكن الدفاع عن الوطن لايكون فقط بحمل البندقية والدفاع عنه، الدفاع عن الوطن هو بحسب الهدف المطلوب، على سبيل المثال، الخصوم والأعداء أرادوا لسورية السقوط أو في مرحلة من المراحل إن لم يكن السقوط ممكناً فليكن الشلل الآن بكل مناحي الحياة تمهيداً للسقوط، فكل من يواجه هذا الشلل يدافع عن وطنه، كل من يقوم بعمله اليومي، الموظف، التاجر، الطبيب الذي يعالج مريضاً، الشخص الذي يساعد فقيراً، الإنسان الذي يحاول نشر القيم الوطنية والأخلاق العالية.. كل هؤلاء يدافعون عن الوطن، هناك أشخاص لا يقيمون في الوطن، يقيمون في الخارج، ولكن يدافعون عن سورية كلٌ بحسب موقعه وبحسب إمكانياته، كل هؤلاء هم وطنيون، وهناك أشخاص يقيمون في الوطن ولكنهم يتمنون كل يوم لو تكون هناك غارات للناتو على سبيل المثال، وربما دخول بري لقوات أجنبية، فأنا لا أقصد الوجود بالمعنى الحرفي، ولا أقصد الدفاع بالمعنى الحرفي لحمل بندقية، وإنما أقصد كل من يدافع عن الوطن بأن يزيد مناعة الوطن ويُقوي كل العوامل التي تبقيه واقفاً في وجه هذه الهجمات.

مداخلة: ولا تقصد غير السوري كما فهمت، هل هذا صحيح؟

الرئيس الأسد: تماماً، أنا أتحدث عن السوري..

السؤال العاشر:

سيادة الرئيس ما هو تقييمكم لعمل دي ميستورا.. الرجل يعمل ولكن في كل تصريح له يكيل الاتهامات إلى الدولة السورية.. هل من أمل من عمل هذا الرجل؟

الرئيس الأسد:

نحن اعتدنا على هذا الموضوع.. فمن الصعب أن يأتي شخص بموافقة الولايات المتحدة والغرب لأنه حيادي.. لوكان حيادياً لما أتوا به.. الآن نرى تلك التصريحات غير الحيادية.. يتحدث عن سقوط قتلى عند الإرهابيين، طبعاً بالنسبة لهم كل قتيل هو مدني وبريء وكأنه لا يوجد إرهابيون ولا يحملون سلاحاً، وفي نفس الوقت عندما يسقط شهداء من المدنيين بسبب قصف الإرهابيين بالصواريخ لمدينة دمشق أو حلب أو أي منطقة أخرى في سورية لا نسمع أي تصريح.. فهذا هو الدور المطلوب منهم، إن لم يقوموا بهذا الدور فلن يكون لهم مكان وسيأتي شخص آخر.. هذه حقيقة.

السؤال الحادي عشر:

ولكن هل يكون لديهم فرصة؟ أعني هنا دي ميستورا شخصياً.. فرصة في وضع الأزمة على سكة الحل أم أنه دور يؤدى؟

الرئيس الأسد:

عندما طرح موضوع المصالحة في حلب دعمناه بشكل مباشر، لم نتردد بغض النظر عن الشخص.. عملياً بالعلاقات الدولية القضية لا تُبنى على الثقة.. ما يكون اليوم صحيحاً يصبح غداً غير صحيح وتنقلب الأمور باتجاه آخر.. وإنما هذه العلاقات تبنى على الآليات.. القضية ليست علاقة شخصية.. عندما تكون علاقة دولة مع دولة.. دولة مع منظمة دولية.. دولة مع شخص يمثل الأمم المتحدة أو منظمة دولية أو دولاً.. تصبح العلاقة هي علاقة آليات.. لكي نقول إننا نستطيع أن نسير مع دي ميستورا في مبادرته يجب علينا أن ننتظر ما هي المبادرة المنطقية وما هي الآليات المناسبة لتطبيق هذه المبادرة.. مبادرة حلب كانت مبادرة جيدة ولكن لم توضع الآليات ولم يُسمح له بوضع آليات أو بطرح آليات، لذلك لم نتمكن من دعمه لأن المبادرة انتهت ووئدت في مهدها.. فهذه الصورة متكررة مع كل هؤلاء الوسطاء لذلك إن لم يطرحوا طرحاً يناسبنا ويناسب مصالحنا الوطنية لن ندعمهم ولن نسير معهم.

السؤال الثاني عشر:

حتى تصريحات الرؤساء أصبحت تخضع على بعض وسائل الإعلام للقص واللصق. إحدى المؤسسات الإعلامية أجرت حواراً مع حضرتكم وحصل شكل من التزوير والتلاعب، من هنا يشعر المواطن العربي أحياناً أنه في حيرةٍ من أمره.. من يصدق؟ هنا سوف أتحدث بالتحديد عن الموقف الروسي رغم تأكيدات روسيا على عمق العلاقة مع سورية وعلى أنها لم تتخلَّ عن سورية لاسياسياً ولا عسكرياً، يخرج أوباما ويقول أنه يرى بارقة أمل للحل السياسي في سورية لأن روسيا وايران تعتقدان أن الرياح لا تميل لصالح الرئيس الأسد. للأسف الكثير من العقول العربية تميل إلى تصديق ما ينسب إلى الغرب أكثر مما ينسب إلى معسكرنا.

الرئيس الأسد:

لكي تحدد أيهما الأصح لابد أن تعود لسياق المسار السياسي أو الأداء السياسي لدولة من الدول. لانستطيع أن نقيّم روسيا اليوم فقط، لابد أن نقيّم روسيا لعقودٍ مضت.. كيف تعاملت مع الشعوب، مع الدول، مع الأصدقاء، مع الخصوم، ونقارن بينها وبين الولايات المتحدة لكي نعرف أين هي الحقيقة. الولايات المتحدة عبر تاريخها تراوغ بتصريحاتها، وطبعاً مع تقدّم الوقت تصبح هذه السمة بالنسبة للولايات المتحدة هي أساس السياسة، يعني ما يقوله مسؤول يقول عكسه مسؤول آخر خلال أيام، وما يقوله مسؤول صباحاً ربما في خطاب أو في تصريح في اليوم التالي يقول عكسه تماماً. هذه من سمات السياسة الأمريكية.. التخلي عن الحلفاء، التخلي عن الأصدقاء، الغدر. أما السياسة الروسية فلم تكن في يومٍ من الأيام بهذا الشكل لا أيام الاتحاد السوفييتي ولا أيام روسياـ هي سياسة مبدئية وهي تزداد مبدئية وبالتالي عندما يخرج وزير الخارجية الروسي في أكثر من تصريح ويخرج مسؤولون آخرون روس يصرّحون بنفس اللغة وبنفس السياق باتجاه معين فعلينا أن نعرف بأن السياسة الروسية هي سياسة ثابتة، مع التأكيد على أن روسيا لا تدعم شخصاً أو تدعم رئيساً، أساساً غير مقبول من دولة أن تدعم رئيساً، هذا يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية. روسيا تدعم مبادئ محددة، سيادة الدولة، سيادة الشعب، قرار الشعب، وهذا الشعب يضع النظام السياسي المناسب ويختار وينتخب الرئيس الذي يناسبه. هذا هو مبدأ السياسة الروسية وهذا لم يتغيّر ولكن روسيا لم تقل أساساً في يوم من الأيام بأنها تدعم الرئيس فلان والآن تخلّت عنه.

السؤال الثالث عشر:

هل نحن على أعتاب جنيف3.. الجهود الروسية التي تتم؟ وهل يزعجكم استقبال موسكو لأطراف سورية معارضة؟

الرئيس الأسد:

على الإطلاق. نحن نثق بالروس ثقة كبيرة، وأثبتوا خلال هذه الأزمة منذ أربع سنوات أنهم صادقون وشفّافون معنا بالعلاقة، ومبدئيون، هذه نقاط مهمة، لذلك عندما يلتقون بأطراف مختلفة لا يوجد لدينا قلق بأن هذه الأطراف ستشوش الصورة الحقيقية بالنسبة للروس، الروس لديهم علاقات وثيقة مع سورية وقادرون على معرفة كل ما يحصل بدقة، ونعتقد بأن هدف الروس هو جلب القوى السياسية باتجاه الحوار من أجل قطع الطريق على دعوات الحرب. هذا هو الهدف ولكن بالمحصلة لن يكون هناك اتفاق على شيء إلا إذا جلسنا كسوريين مع بعضنا البعض، وتحاورنا مع بعضنا، ولن يكون الروسي هو من يفرض أي حل. فلذلك بالعكس نحن نشجع على اللقاء بكل القوى ونرتاح عندما يلتقي مسؤول روسي بأي شخص بدون استثناء.

بالنسبة لجنيف 3، هذه اللقاءات هي بهدف الوصول إما لجنيف 3 أو موسكو 3. طبعاً هذا يعتمد على الأجواء الدولية وليس فقط ما تفكر به روسيا، أو ما تفكر به روسيا مع سورية، هناك قوى مختلفة في مقدمتها الولايات المتحدة. هل يذهبون باتجاه جنيف أم موسكو، الفارق بينهما هو أن موسكو ستكون بهدف الوصول إلى قاسم مشترك، عندما نصل إلى جنيف 3 يكون جنيف 3 أسهل ويكون احتمالات فشل جنيف أقل بكثير لكي لا نكرر جنيف 1 وجنيف 2 الذي لم يحقق شيئاً وكانت نتيجته صفراً بشكل مطلق.

السؤال الرابع عشر:

سيادة الرئيس، وسط زحمة ما يُطرح أو يُقال أو حتى يُشاع من مبادرات، لو تضعنا في ضوابط ومحددات الموقف السوري من أي مبادرة يمكن أن تُطرح بصرف النّظر عن الجهات التي تطرحها؟

الرئيس الأسد:

أولاً، سيادة سورية ووحدة الأراضي السورية.. قرار الشعب السوري بمعنى أنه لن يكون هناك إملاء من أي جهة، ويجب أن يكون القرار بالنهاية قراراً وطنياً صافياً.

عملياً، يجب أن يكون هناك قاعدة لأي مبادرة، تبدأ وتستند وترتكز إلى مكافحة الإرهاب، أي مبادرة ليس فيها بند مكافحة الإرهاب كأولوية ليس لها قيمة.. كيف نضعها في جدول زمني؟ هذا موضوع آخر. هذه تفاصيل. ولكن هذه هي الأسس والضوابط والمحددات في أي مبادرة.

السؤال الخامس عشر:

حينما تُطرح في مبادرة ما أمور على شاكلة إعادة كتابة الدستور.. إجراء انتخابات تحت إشراف دولي أو ما شاكل ذلك.. هل تعتبرون ذلك تدخلاً في الشؤون السورية؟

الرئيس الأسد:

طالما أنها قرار سوري ونتيجة حوار واتفاق وطني لا يوجد فيها مشكلة.. أما انتخابات بإشراف دولي. لا، هذا تدخل بالسيادة السورية.

من هي الجهة الدولية المخوّلة أن تعطينا شهادة حسن سلوك، (بهذا المعنى) لا نقبل بهذا الشيء.. في الانتخابات الرئاسية السابقة اتفقنا مع عدد من الدول على إرسال مراقبين بصفة تعاون في مجال الانتخابات وليس بصفة الرقابة، وبالمحصلة تحديد إن كنّا نجري انتخابات شفافة أم ديمقراطية أم غير ذلك. فنحن سنتعاون مع الأصدقاء من أجل تأكيد وتقوية موقفهم بأن ما يحصل في سورية هو عملية سياسية صحيحة بامتياز وديمقراطية وهي تعبّر عن الشعب السوري لا أكثر ولا أقل.. أما أن نأتي بمنظمات دولية.. المنظمات الدولية بحاجة إلى شهادات حسن سلوك بأنها حيادية أولاً .. وهي ليست بموقع أن تعطينا شهادات.

السؤال السادس عشر:

أيضاً في المواقف الإقليمية والدولية، المُلاحظ أنه منذ توقيع اتفاق فيينا في 14 تموز /يوليو، هناك سوق عكاظ عربي فُتح وصراع ما بين اتجاهين، الاتجاه الأول يقول أنّ سورية هي من أهدت إيران هذا الإنجاز والرأي الآخر يقول أنّ العكس هو الصحيح …. هل من علاقة ما بين الأزمة في سورية وتوقيع الاتفاق النووي؟

الرئيس الأسد:

يعني أن تكون سورية ضحية للاتفاق.

مداخلة: أو مانحة لمكسب.

الرئيس الأسد:

أن تكون سورية ضحية بكل تأكيد لا.. لسبب بسيط وهو أنها لم تكن جزءاً من المفاوضات النووية، القوى الغربية حاولت بشكل أو بكل الأشكال وبكل السبل والوسائل أن تُقنع إيران أن يكون الملف السوري جزءاً من الملف النووي، وبالتالي، الهدف طبعاً هو أن تتنازل إيران عن أشياء لها علاقة بدعم سورية مقابل أن تحصل على أشياء تريدها في الملف النووي. الموقف الإيراني كان حاسماً، حول هذه النقطة ورفض بالمطلق أن يكون هناك أي ملف يُدمج أو يكون جزءاً من ملف المفاوضات النووية، وطبعاً هذا القرار قرار صحيح وموضوعي وذكي.

لذلك إذا أردنا أن نأتي للنقطة الثانية، هل كانت سورية قرباناً، بكل تأكيد لا ولكن أن نقول بأن سورية هي التي منحت، بكل تأكيد عندما يكون حلفاؤك أقوياء فهذا يزيد من قوتك وعندما يضعُفون فأنت تضعُف، هذه معادلة بديهية. ولكن أيضاً هذا العامل لوحده، أن يُطرح بأن صمود سورية هو الذي أدى إلى الاتفاق النووي فيه نوع من التبسيط، فهذا جزء من سياق طويل و مسار طويل للشعب الإيراني بدأه من قبل الثورة عندما بدأ يفكر في الموضوع النووي ويعمل من أجله ولكن بالمرحلة الأهم طبعاً بعد الثورة عندما انطلقت ايران علمياً في هذا المجال، والمرحلة الأهم أيضاً كانت عندما صمدت إيران في وجه الضغوط منذ حوالي اثني عشر عاماً عندما بدأ تداول هذا الملف على الساحة الدولية وصولاً إلى تمسكها بثوابتها خلال المفاوضات على مدى العامين الماضيين، هذا السياق، صمود الشعب الإيراني ووحدته حول هذا الموضوع النووي هي العامل الأهم الذي أدى لتحقيق هذا الإنجاز.

يبقى العامل السوري ربما لا أستطيع أن أجزم، فالإيراني هو الأقدر على تحديد هذه النقطة، ولكن قد يكون عاملاً من العوامل المساعدة.

السؤال السابع عشر:

على أية حال محاولة إيجاد رابط ما، ما بين سورية والأزمة فيها وما بين الإنجاز النووي هي نقطة في بحر العلاقات السورية الإيرانية خاصةً حينما يتم الكلام عن أن ملامح تكتلات جديدة تُرسم في المنطقة، هنا يقال أنّه إذا صح بأن العالم مُقبل على شكل جديد من التكتلات، فسورية ربما تكون أقرب إلى تكتل مع إيران، منها إلى أي تكتل يمكن أن يحدث، تكتل عربي؟

السيد الرئيس:

تحالفنا مع إيران عمره الآن ثلاثة عقود ونصف، فما هو الجديد عندما نكون مع إيران، نحن في الأساس علاقتنا قوية ونحن حلفاء، نحن مع إيران وإيران مع سورية، في مفاصل مختلفة عندما كانت الحرب الظالمة على إيران كنا معها واليوم الحرب الظالمة على سورية إيران معنا، فما الذي يختلف في أي تحالف جديد. بالنسبة لهذه النقطة لا يوجد أي شيء جديد أما عن التحالفات الإقليمية والدولية فهذا موضوع آخر.

السؤال الثامن عشر:

ولكن اسمح لي.. من وجهة نظري يوجد جديد حينما تخرج سورية منتصرة من هذه الأزمة بدعم تلعب فيه إيران دوراً مميزاً ومؤثراً.. الوضع سوف يختلف.. صاحب الانتصار يختلف عن مدير المشكلات السياسية العادية؟

 

الرئيس الأسد:

ربما الذي يختلف هو تأثير هذا التحالف على الساحة الدولية، بمعنى أن اليوم إيران في ساحة دولية جديدة.. الأفق أوسع بالنسبة لإيران لكي تمارس دوراً على الساحة الدولية.. لم يكن هذا الأفق موجوداً منذ بضع سنوات.. قوة إيران ستنعكس قوة لسورية وانتصار سورية سينعكس انتصاراً لإيران، ولكن مبادئ التحالف هي نفسها لذلك أقول المسألة ليست أن نقترب أكثر فنحن أساساً مقتربون ولدينا وجهات نظر متشابهة ولدينا مبادئ واحدة.. ندعم نفس القوى.. نحن محور واحد هو محور المقاومة.. فهذه المبادئ الأساسية لا تتغيّر.. ربما تتغيّر بعض التكتيكات.. ربما تتغيّر بعض النتائج على الأرض.. هذا ما أقصده.

السؤال التاسع عشر:

في المزاج العام السوري.. بالتأكيد أنتم لاحظتم.. ولا أريد أن أصل بالوصف إلى حد الكفر ولكن هناك لدى المزاج السوري عدم ارتياح للحالة العروبية والقومية.. المواطن السوري يشعر بقدر من الخذلان.. هل تعذره في ذلك أم أنك تريد أن توجّه كلمة إلى المواطن السوري بهذا الخصوص؟

الرئيس الأسد:

أن أعذره لا يعني أن نسير كلنا بهذا الاتجاه.. نعذره لأن الظروف دفعت بالمواطن للكفر بالعروبة وهذه حقيقة.. معظم المواطنين.. ودفعتهم لعدم التفريق بين العروبة الحقيقية الأصيلة وبين بعض العربان الذين يتلطون خلف العروبة ولكنهم في الحقيقة بقلبهم وعقلهم وبكل مشاعرهم ومصالحهم في مكان آخر خارج هذه المنطقة كلياً.. كما حصل في الماضي وربما في كثير من المناطق ولكن أقل من قبل.. الخلط بين مستخدمي الإسلام كالإخوان المسلمين وغيرهم من التنظيمات المتطرفة والإرهابية والإسلام الحقيقي.. كان هناك خلط.. كانوا يعتقدون أن كل من يستخدم كلمة إسلام أو مسلم فهو مسلم حقيقي.. هذا الخلط يحصل بشكل مستمر.

أنا أريد أن أقول لكل واحد يشك أو يخلط بين الموضوعين أن العروبة هي هوية، لانستطيع أن نستنغي عنها. أنت تنتمي لعائلة ربما يخطئ معك شخص أو أكثر من هذه العائلة لكن لو غيّرت كنيتك فأنت ستبقى تنتمي إلى هذه العائلة بتربيتك وهويتك، بطباعك.. بكل شيء فيك، فأنت لاتستطيع أن تخرج من الهوية. الهوية العربية ليست خياراً.. أن تنتمي لدين معيّن ولقومية معيّنة هي هويتك، فعندما نصل لهذه المرحلة فهذا ما يريده الأعداء.. نتنكر للهوية. جوهر القضية الآن والحروب التي تحصل ليست إسقاط أنظمة، هي مرحلة، هي أداة، وليس ضرب الدول وتخريب الاقتصاد.. كل هذه وسائل. الهدف النهائي هو ضرب الهوية. فعندما نصل إلى هذه المرحلة من الكفر بشكل مسبق فنحن نعطي الأعداء هدية مجانية من دون الحاجة لاحقاً لأي تدخل عسكري أو عبر الإرهابيين، هذه هي الرسالة.

السؤال العشرون:

سيادة الرئيس.. هل يؤثر الحراك السياسي في العراق على حجم التنسيق بين العراق وسورية وأنتما تواجهان نفس الخطر؟

الرئيس الأسد:

التنسيق مع العراق لم يتأثر سلباً.. هناك وعي كبير في العراق لوحدة المعركة لأن العدو واحد والنتائج واحدة، أي بمعنى ما سيحصل في العراق سينعكس على سورية والوضع في سورية سينعكس على العراق، فعندما نوحّد المعركة كما يحصل الآن بيننا وبين حزب الله في لبنان.. الساحة واحدة وعندما نوحّد البندقية سوف نصل إلى النتائج الأفضل بزمن أقصر وبثمن أقل.

 

السؤال الواحد والعشرون:

على ذكر حزب الله هناك من يسأل ما الفارق بين أن يكون لحزب الله مقاتلين على الأرض في سورية وأن يكون لدى الطرف الآخر مقاتلين من جنسيات غير سورية؟

الرئيس الأسد:

الفارق هو الشرعية. من دعا حزب الله إلى سورية؟ أتى بالاتفاق مع الدولة السورية، والدولة السورية هي دولة شرعية وبالتالي هي تمثل الشعب السوري، هي دولة منتخبة ولديها دعم غالبية الشعب السوري، فمن حقها أن تدعو قوى للدفاع عن الشعب السوري. بينما القوى الأخرى إرهابية أتت من أجل قتل الشعب السوري وأتت من دون إرادة الشعب ومن دون إرادة الدولة التي تمثّل هذا الشعب.

السؤال الثاني والعشرون:

إذا سألتُ سؤالاً فيه شيء من الجانب الشخصي حول العلاقة الشخصية بينكم وبين سماحة السيد، نفترض أن التاريخ سوف يُفرد صفحة أو صفحات للعلاقة سواء ما بين سورية وحزب الله أو بينكم وبين سماحة السيد، إذا أُعطيتم الفرصة لتملوا على كتاب التاريخ ما يقال عن هذه العلاقة.. حدثنا ولو بسطرين عنها..

الرئيس الأسد:

بالنسبة للعلاقة لا أستطيع أن أتحدث عن جانبي.. أستطيع أن أتحدث عن الجانب الآخر، عن سماحة السيد..

الصحفي: الابتسامة نصف الإجابة..

الرئيس الأسد (متابعاً): ..لأنها علاقة وثيقة عمرها الآن أكثر من عشرين عاماً، ولكن أعتقد بأن أي شخص تابع هذه العلاقة وتحديدا سماحة السيد، لاحظ بأن العلاقة تتسم بالصدق.. بالشفافية.. لأنه هو شخص صادق بشكل مطلق.. شفاف بشكل كامل.. مبدئي إلى أقصى حدود المبدئية.. وفيّ لأقصى حدود الوفاء، لمبادئه وللأشخاص الذين يعمل معهم، لأصدقائه، لكل من يلتزم معه بغض النظر عن موقع هذا الشخص أو تلك الجهة.. العلاقة علاقة دولة مقاومة مع شخص مقاوم حقيقي قدّم ابنه شهيداً دفاعاً عن لبنان.. عن الوطن، هذا هو الجانب الآخر من العلاقة، كيف يُنظَر للعلاقة يعني أنه لا بد من شخص ثالث ينظر إلى هذه العلاقة ويتحدث عنها.

السؤال الثالث والعشرون:

عودة إلى الساحة السورية، سيادة الرئيس.. كل الوثائق تتحدث أو يوجد قاسم مشترك بينها اسمه وقف إطلاق النار، أفهم أن سيادتكم القائد الأعلى للقوات المسلحة هنا، حينما تعطي أمراً بوقف إطلاق النار سوف يلتزم الجنود السوريون بهذا، على الطرف الآخر من هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي يملك أن يوقف النار.

الرئيس الأسد:

هذا ما كنا نناقشه مع المبعوثين الذين يتحدثون بموضوع وقف إطلاق النار، أولاً كمصطلح نحن نرفضه لأن وقف إطلاق النار يحصل بين دول وجيوش ولا يحصل بين دولة ومجموعات إرهابية.. نحن نتحدث احيانا عن وقف عمليات أو تهدئة، نعطيها هذه التسميات، ولكن عندما كنا نسأل المبعوثين، نقول لهم نفس الكلام.. إذا كنتم تريدون وقف إطلاق النار، من هي المجموعة.. من هو قائدها.. من هو الذي سيلتزم أمامكم.. ما هو عددهم.. كانوا يقولون نحن نقيّم وجود ليس المئات بل أكثر من ألف، البعض قال ألفاً ومئتي مجموعة، ربما مع الدمج أصبحوا الآن مئات، ولكن كلامك صحيح لا يوجد شخص يضمن كل هذه المجموعات بالرغم من معرفتنا بأنها تابعة لقوى أخرى، فلا نستطيع أن نقول بأن تلك القوى قادرة على أن تُلزِم تلك المجموعات بقرار معين لأن هذه المجموعات أيضا جزء من عمليات سطو ونهب وأموال وفساد وفسوق، فهو يلتزم بالقرار إذا كان يناسب مصالحه، لذلك لن تتمكن أي مجموعة وأي دولة وأي جهة أن تُلزم هذه الأطراف بأي تهدئة أو بأي وقف للأعمال القتالية ولو لفترة وجيزة.

 

السؤال الرابع والعشرون:

أيضاً حينما نتحدث عن محاربة الإرهاب.. حينما يخرج مقترح روسي يتحدث عن تكتل لمحاربة الإرهاب، تعاملكم الذي نلحظ فيه قدر من الأريحية والموضوعية يثير تساؤلات، كيف يمكن أن تكون سورية جزءاً من تكتل لمحاربة الإرهاب، إلى جانب من تتهمهم سورية بأنهم يدعمون الإرهاب؟

الرئيس الأسد:

في العمل السياسي أنت تريد أن تحقق هدفاً ولابد أن يكون هذا الهدف يحقق مصلحة الشعب في سورية.. أي تحالف أو عمل أو إجراء أو حوار يؤدي إلى وقف نزيف الدم السوري يجب أن يكون بالنسبة لنا أولوية وأن نذهب باتجاهه من دون تردد.. ما يعنينا في هذا الموضوع هو النتيجة على الأرض.. منطقياً كما تقول لا يمكن لدول وقفت مع الإرهاب أن تكون هي الدول التي ستحارب الإرهاب.. ولكن يبقى احتمال بسيط بأن هذه الدول قررت التوبة أو عرفت بأنها كانت تسير بالاتجاه الخاطئ.. أو ربما لأسباب مصلحية بحتة قلقت من أن ينتشر هذا الإرهاب باتجاه بلدانها فقررت أن تكافح الإرهاب .. لا يوجد أي مانع.. المهم أن نتمكن من تشكيل تحالف يكافح الإرهاب.. لذلك في سورية أطلق عليه وزير الخارجية السوري تسمية “المعجزة” لأنه يظهر كالمعجزة.. ولكن ماذا لو حصلت.. هل نرفضها؟ بكل تأكيد لا نرفضها.. سنسير معها.

السؤال الخامس والعشرون:

ربما التصريحات الروسية برزت في توقيت ترددت فيه أنباء عن لقاءات سورية- سعودية تمّت على مستوى ما، ثم أكدت بعض الصحف السعودية أن هذا ما تم، لكن الحاصل هو أن السعودية بعد تسريب هذه الأخبار زادت من حملة العداء والانتقاد لسورية ، هل لديكم تفسير لهذا التصعيد السعودي؟

الرئيس الأسد:

التصّعيد الإعلامي ليس له وزن.. ما يهمك في الواقع هو الممارسات الفعلية لتلك الدولة..

مداخلة: “وزير الخارجية السعودي بنفسه صعّد”..

الرئيس الأسد:

صحيح، ولكن إذا كانت هذه الدولة بالأساس تدعم الإرهاب فما قيمة التصعيد أو غياب التصعيد أو التهدئة.. إذا هدأ بالكلام وهو يدعم الإرهابيين، هذا ما يعنينا، النتيجة واحدة.. أي أنه بتصعيد ومن دون تصعيد ما زالت الدولة السعودية تقوم بدعم الإرهابيين في سورية، هذه حقيقة الكل يعرفها.. فالتصعيد هنا ليس له معنى، إذا أردنا أن نتحدث عن التصعيد اللغوي الذي ذكره وزير الخارجية.. نستطيع أن نرد بكلام مشابه، أن نتساءل ماذا نتوقع من مجموعة، من فئة لم تدخل عصر الحضارة الإنسانية؟ هل نتوقع منها كلاماً أخلاقياً أم موضوعياً أم ذا بعد سياسي أم حصيفاً.. ولا واحدة. إذا كنّا نتوقع هذا الشيء فالمشكلة فينا وليست فيهم.

السؤال السادس والعشرون:

في خطابكم الأخير سيادة الرئيس أشرتم إلى المعارضة السورية وصنفتموها إلى وطنية وعميلة وانتهازية، المفهوم من الكلام أن أي تعاطٍ سوف يكون فقط مع المعارضة الوطنية، ولكن اسمح لي أن أقول يبدو لدى بعض المراقبين أنكم تتعاملون مع المعارضة السورية وكأنها حالة طارئة وليست جذرية وأنها غير قادرة على التأثير في الرأي العام.. إلى أي حد هذا الانطباع صحيح؟

الرئيس الأسد:

هذه نقطة مهمة، كما قلت قبل قليل إذا كان الحوار سيعطي نتائج فلا بد أن يكون حواراً بين سوريين وطنيين جذورهم في سورية، فهذا منطقياً صحيح، ولكن بالنسبة للتعامل مع الواقع السؤال الأهم هو من هو صاحب التأثير، يعني إذا خضنا حواراً معمقاً مع شخصيات وطنية ولكن ليس لها تأثير، وتوصلنا إلى نتائج وقلنا لهم تعالوا نطبق هذه النتائج، وقالوا لنا ليس لدينا تأثير على الأرض، ماذا نستفيد من هذا الحوار، نُضيع الوقت، لذلك الحوار… يجب أن يستند إلى شخصيات وطنية ولكن يجب أن تكون شخصيات وطنية مؤثرة، المشكلة الآن أننا… لا أريد أن أقول بأنها ليست مؤثرة، لا هذا كلام غير دقيق هناك تأثير بنسب مختلفة ولكن المشكلة الأكبر أن الجزء الأكبر من الذين نحاورهم ليسوا من الشخصيات الوطنية.. هذا ما تفرضه الدول التي تدعم الإرهاب في سورية وتتدخل في موضوع الحوار، هي تفرض وجود شخصيات تمثل تلك الدول ولا تمثل الشعب السوري، فلذلك نحن بحاجة إلى معيار.. الوطنية هي معيار ولكن أيضا التأثير على الأرض هو معيار آخر وخاصة بعد أن رفض الإرهابيون التعامل مع ما تسمى المعارضة الخارجية بشكل واضح ومعلن.

السؤال السابع والعشرون:

سيادة الرئيس، هل أزعجكم أو أربك حساباتكم تدريب واشطن لمعارضين سوريين؟ رغم أن واشنطن قالت إنّ التجربة ليست ناجحة.

الرئيس الأسد:

هذه حلقة في سلسلة طويلة، فإذا كنّا نريد أن نقلق فيجب أن نقلق من السلسلة، السلسلة من بدايتها إلى نهايتها، وهذه السلسلة هي سلسلة تآمر مستمر على سورية في مراحل مختلفة، لن تتوقف عند هذه الأزمة، فهذه الحلقة بحد ذاتها لن تغير شيئاً من سياق الإرهاب في سورية لأنها لو لم تقم بتدريب هؤلاء فهناك دول أخرى تدرب غيرهم وهناك دول أخرى تقوم بدعم الإرهاب وترسل السلاح والمال، فلن يتوقف مسار الأحداث في سورية على هذه المجموعة. هناك شيء أكبر وأخطر نقلق منه وهو عدم رؤية الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة لخطر الإرهاب وماذا يعني أن ينتصر الإرهاب في منطقة مثل منطقتنا، لا يتوقف الأمر اليوم على سورية، ليبيا سورية.. مصر.. اليمن، حتى في لبنان والعراق وغيرها من الدول، عندما لا يفهمون هذه الأخطار والمخاطر علينا أن نقلق أكثر من هذا الحدث الصغير بحد ذاته.

السؤال الثامن والعشرون:

قراءتكم بعيداً عن التصريحات الإعلامية التي يمكن أن يكون فيها قدر من الضغوط النفسية أو الضغوط الدبلوماسية هل ترون أن الموقف الأمريكي الآن أميل إلى مزيد من التشدد أو أنه يميل إلى فرض الاعتراف بأمر واقع ليس في صالح الإدارة الأمريكية؟

 

 

 

الرئيس الأسد:

التشدد والتساهل هو مظهر من مظاهر الموقف الأمريكي لا يجسد حقيقة السياسة الأمريكية، والتشدد والتساهل الهدف منه أحياناً حرب نفسية، أحياناً إرسال رسائل للوبيات الموجودة داخل الولايات المتحدة، أحياناً رسائل لحلفاء أمريكا ولعملائها في المنطقة، لذلك قراءة هذه المواقف لاتعطيك الصورة الحقيقية للموقف الأمريكي. الأمريكي مرَّ ربما بمراحل (ولكن نرى منها مرحلتين أساسيتين) الأولى هي: عندما خدع بالمواقف العربية التي صوّرت له أو ربما من داخل أمريكا هو من صوّر للمؤسسات الأمريكية بأن إسقاط الدول ممكن واستبدالها سهل والنتائج ستكون مضمونة، أتت النتائج في دول مختلفة بعكس ما يتوقعونه. انتقلوا الآن إلى مرحلة هي مرحلة الضياع، لايعرفون كيف يوجهون الأمور، طبعاً هذه الحالة – حالة الضياع – ومعرفة بأنهم كانوا على خطأ لايعني أنهم سيتحولون بالاتجاه الإيجابي وسيصبحون مع الدول التي فعلاً تكافح الإرهاب، ما يقوم به اليوم بالمختصر لا يسمح للإرهاب ربما بالانتصار ولكن لا يسمح له بالضعف بدرجة أن يكون هناك استقرار. فهو يترك الأمور تسير باتجاه الفوضى وإضعاف الدول – كل الدول – وليس فقط سورية، حتى حلفائه ومنها تركيا، يريد أن يضعف هذه الدول ريثما يكون هناك واقع جديد يفرض على الأمريكي أو ربما يسهّل على الأمريكي اتخاذ قرار باتجاه معين يخدم مصالحه. لذلك التشدد والتساهل ليس شيئاً يُبنى عليه بالنسبة لنا.

 

 

السؤال التاسع والعشرون:

وكأن سورية أصبحت مصنعاً لتفريخ المعادلات. معادلة جديدة أصبحت متداولة سورية مقابل اليمن؟ ما مدى صحة هذه المعادلة؟

الرئيس الأسد:

هذه مطروحة في الإعلام لكن في الحقيقة لم نسمعها من أية دولة صديقة كروسيا وإيران، وربما إيران تكون معنية بهذا الموضوع أكثر كونها تقع على الخليج، لكن لم يطرح معنا هذا الموضوع، وأشك بأن أحداً ما طرح هذا الموضوع بشكل مباشر مع إيران.

السؤال الثلاثون:

إلى أي حد تأخذون بجدية الكلام التركي عن المنطقة العازلة. وهل تملك تركيا على أرض الواقع أن تحوّل هذا الكلام إلى موضع التنفيذ؟

الرئيس الأسد:

أردوغان لديه أحلام. أحلام كبيرة، أن يكون زعيماً، أن يكون سلطاناً إخوانياً، هو يريد أن يدمج ما بين تجربة السلطنة وتجربة الإخوان المسلمين الجديدة التي بنى آماله الكبيرة عليها في البدايات في مصر وتونس بالدرجة الأولى. الآن انهارت هذه الأحلام بحكم الواقع، بقي لديه آمال بأن يستجيب أسياده له لأن أردوغان وربيبه أوغلو أثبتا في هذه الأزمة أنهم مجرد دمى لديهما حلم كبير الآن في سورية هو حلم المنطقة العازلة وهو الحلم الأخير بعد فشل كل أحلامهم السابقة في سورية ولكن هم بانتظار إشارة من الناتو أو من الأمريكي لكي يقول له نعم سنقيم المنطقة العازلة وأنت ستكون أساسياً فيها. فهم لديهم أحلام ولكن لايستطيعون أن يتحركوا باتجاه هذه الأحلام إلا إذا أشار إليهم أسيادهم بهذا الاتجاه.

 

 

السؤال الواحد والثلاثون:

هل تصدق الأمريكي عندما يقول أنه لا تتم مشاورته تركياً في أمر المنطقة العازلة؟

الرئيس الأسد:

إذا كان أقرب حلفاء الأمريكي لايصدقونه هل تريد من سورية أن تصدقه في شيء، هذا مستحيل، لم نصدقه في يوم من الأيام لأنه لم يلتزم بأقواله وبوعوده في يومٍ من الأيام.

السؤال الثاني والثلاثون:

الأردن أيضا تتحدّث عن منطقة عازلة، وفيها غرفة عمليات أمنية عسكرية مشتركة..

الرئيس الأسد: يعني الأردن تتحدث عن قرار أردني؟ أم عن قرار أمريكي؟

هذا هو السؤال.. لذلك عندما تتحدث دولة ما.. أو مسؤول ما.. علينا أن نسأل ما مدى استقلالية هذا المسؤول وتلك الدولة لكي يعبر عن رأيه، عدا عن ذلك فهو يعبر عما طُلِب منه أن يعبر عنه.

السؤال الثالث والثلاثون:

حينما تقومون الأدوار سيادة الرئيس، يعني إذا افترضنا أنكم أطللتم على الموقف أو الضلوع الأردني في الأزمة السورية، هل يمكن أن يتشكل لديكم تصور عما يمكن أن يريده الملك عبد الله من وراء هذا الضلوع..

الرئيس الأسد:

يعني نعود لنفس السؤال، هل الأردن مستقل بسياساته لكي نسأله عن تصوره، أو عن تصور مسؤوليه؟ عندما يُثبِت بأنه مستقل نستطيع عندها أن نناقش، حتى الآن معظم الدول العربية تسير بحسب المقود الأمريكي، وليس لديها أي دور ولو عبرت عن رأيها بشكل ربما مخالف في بعض الأحيان، فهو كالطفل الذي يتدلل على أمه ليست أكثر من ذلك.

السؤال الرابع والثلاثون:

سيادة الرئيس، في كل تصريحاتكم منذ بدأت الأزمة حتى هذه اللحظة لم تتعرض لمصر بأي انتقاد أو سباب، الخارجية المصرية قبل يومين تحدثت عن إمكانية التعاون، أيضاً سورية ومصر يواجهان نفس العدو، تأخير عودة العلاقات مصر مسؤولة عنه بالكامل؟ أم أن الظرف غير ملائم لعودة العلاقات.. أم ماذا؟

الرئيس الأسد:

طبعاً، لاشك بأن العلاقة بين سورية ومصر والعراق لها خصوصية لأن هذه الدول هي أساس الحضارات العربية عبر التاريخ، وهي كانت دينامو السياسة عبر التاريخ العربي، فنحن نحرص على العلاقة مع مصر بكل تأكيد.. حتى خلال وجود الإخونجي مرسي كرئيس لمصر وكل إساءاته لسورية لم نحاول أن نسيء لمصر، أولاً لأهمية هذه العلاقة، وثانياً.. لأن التواصل بين سورية ومصر لم ينقطع حتى في ظل مرسي .. هناك عدد من المؤسسات في مصر رفضت قطع العلاقة واستمرت بالتواصل مع سورية وكنّا نسمع منها خطاباً وطنياً، خطاباً قومياً، أخوياً يعبّر عن ما كنّا نراه من الشارع المصري، مع الوقت.. مع مرور الوقت.. مع اتّضاح الصورة لما يحصل في المنطقة وفي سورية، كنّا نرى بأن هذه اللغة تتصاعد، لأن هذه العلاقة موجودة ليست مقطوعة، ولكن لا توجد بشكل ظاهري كما نريد.. السبب هو أن مصر دولة هامة وبكل تأكيد من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق إلى الخصوم في المنطقة يركّزون الضغوط على مصر لكي لا يسمحوا لها أن تلعب دورها المأمول “المأمول من قبلنا طبعاً” الذي نريدها أن تلعبه.

لا أريد أن أُحمّل الأخوة في مصر المسؤولية.. قد تكون الظروف ضاغطة جداً.. ما نريده نحن في المرحلة الأولى أن لا تكون مصر منصة انطلاق ضد سورية أو ضد غيرها من الدول العربية لكن في المرحلة الثانية نريد من مصر أن تلعب دور الدولة الهامة، لا أقول الدولة الكبيرة، “فالكبر ليس مقياس للفاعلية”، ولكن الدولة الهامة الفاعلة الشقيقة التي تساعد بقية الدول العربية انطلاقاً من تاريخها العريق وليس انطلاقاً من قليل من البترودولار وحضارة عمرها.. لا أريد أن أقول حضارة.. تاريخ عمره بضعة سنوات.

السؤال الخامس والثلاثون:

أي أن مصر كانت معنية بمقولة “عش الدبابير” التي تحدثتم عنها قبل نقل المشروع إلى العراق.. وكانت مصر أيضاً هي المعنية بوضوح حينما قيل أنها الجائزة الكبرى بعد إعادة رسم خارطة المنطقة.

الإرهاب الآن يحاول أن يوجد نفسه على أرض مصر.. أنتم أصبح لديكم خبرة كبيرة في معرفة كيف تسلل التكفيريون، وما هي الظروف الذي مكّنتهم، ماذا يقول القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإقليم الشمالي في الجمهورية العربية السورية إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإقليم الجنوبي حتى يستفيد ربما من تجربتكم في محاربة الإرهاب؟

الرئيس الأسد:

ما قلته حول التواصل، قلناه بتواصل مباشر بيننا وبينهم على مستوى مسؤولين هامين.

مداخلة:

” أمنيين وعسكريين”؟

 

 

الرئيس الأسد:

نعم، تحديداً أمنيين من سورية ومصر في الأسابيع القليلة الماضية من دون تحديد الموعد بدقة.. لديهم تصوّر بالنسبة لكيفية الاستفادة من سورية، لدينا تصوّر الآن كيف يمكن أن نستفيد من مصر، ولا بد من خلال هذا التواصل أن نصل إلى هذه النقطة، المهم بالموضوع أن خبرتنا الآن عميقة في هذا الموضوع من خلال الأربع سنوات وبضعة أشهر الماضية وقبلها من خلال صراعنا مع الإخوان المسلمين الإرهابيين في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات.. ولكن أيضاً مصر هي من انطلق في هذا الإرهاب منذ الخمسينات عندما اصطدم مع عبد الناصر لأسباب معروفة بالنسبة لكل مصري، ما أريد أن أقوله لأي مسؤول مصري بكل المستويات ولأي مواطن مصري: أولاً، بأن العلاقات بين سورية ومصر هي التي تحقق توازناً على الساحة العربية.. هذا موضوع معروف عبر العصر الحديث ولكن كان معروفاً أيضاً بالنسبة للفراعنة الذين كانوا يعتقدون أن أمنهم القومي في ذلك الوقت موجود في سورية، وكانت أول معاهدة نتيجة الصراع بين الفراعنة والحثيين في عام 1200 قبل الميلاد. لا يمكن أن يكون الفراعنة واعين لهذا البعد القومي أو عمق الأمن القومي المصري ولا يكون اليوم المسؤول المصري واعياً له، أعتقد بأن هذا الوعي نما اليوم، وسورية تعتقد بأنها في نفس الخندق مع الجيش المصري ومع الشعب المصري في مواجهة الإرهابيين الذين يبدلون مسمّياتهم كما تبدل مسمّيات أي منتج فاسد مرة يأخذ اسم الإخوان ومرة يأخذ اسم داعش وربما نسمع بتسميات جديدة بالمستقبل.

السؤال السادس والثلاثون:

سيادة الرئيس، ربما يكون السؤال الأخير في لقائنا مع حضرتكم، الوضع السوري لا يمكن لمراقب أن يغفل حجم التضحيات وحجم الضريبة التي تدفعها سورية ربما نيابة عن العرب ولكن، بين قوسين، ما الذي يمكن أن يكون في جعبتكم على أمل تخفيف بعض الأزمات الحياتية المعيشية بالنسبة للمواطن السوري الذي يشارك هو الآخر في دفع هذه الضريبة؟

الرئيس الأسد:

نحن الآن بدأنا بمشاريع لإعادة الإعمار وهي من اهم المشاريع على الإطلاق بالنسبة لأي دولة دمرتها الحرب أو دمرت بنيتها التحتية أو أجزاء منها، فهذا المشروع يسير بخطى وثيقة إلى الأمام وطبعاً هناك مشاريع إنتاجية أو لأقل قطاعات إنتاجية تضررت بالحرب ولكنها عادت وأقلعت أولاً بإرادة القيّمين عليها من المستثمرين السوريين الذين ما زالوا يعيشون في سورية بالإضافة إلى بعض الإجراءات والتسهيلات التي قدمتها الدولة، فنحن بالرغم من كل الظروف ما زال لدينا القدرة على أن نقلع اقتصادياً ولو مجرد إقلاع لنقل بأن له سقف قد لا يكون بالضرورة الآن عالياً، وقد لا يكون سريعاً ولكن لدينا القدرة، أعتقد بأن أهم شيء يمكن أن نقوم به بالإضافة للإجراءات التي تقوم بها عادة أي دولة، تسهيلات مالية وضرائبية وغيرها، ونحن نقوم بها بشكل مستمر، هو الاستفادة من هذه الظروف للقيام بإجراءات جذرية إصلاحية على مستوى الإدارة في الدولة ولذلك الدولة قامت بتأسيس أو بإضافة وزارة للإصلاح الإداري لأن مشكلتنا بالنسبة للفساد وهدر الأموال وعدم وجود تكافؤ فرص، هي الفساد الإداري الموجود في الدولة، إذا تمكنَّا من إضافة هذه الخطوة على التسهيلات الأخرى أعتقد بأننا نستطيع أن نقلع بشكل مقبول في هذه الظروف.

وفي الختام قال الرئيس الأسد أوجه التحية لكل العاملين في قناة المنار المقاومة، مضيفاً: أوجه التحية عبركم لكل مقاوم في لبنان، في البداية للبيئة المقاومة الموجودة على الساحة اللبنانية، لكل عائلة، لكل أبويين، لكل زوجة، لكل أبناء كانوا هم الحاضنة والأساس لإنتاج ولإنشاء أولئك المقاومين الأبطال، أوجّه التحية لكل مقاوم في لبنان ولكل مقاوم في سورية لكل عائلة شهيد من شهداء لبنان الذين استشهدوا في سورية، وعبّروا بشكل صاف وحقيقي عن ماذا تعني كلمة وحدة الدم بين أشقاء في شعبين يعيشون في بلدين متجاورين.. وطبعاً أختم التحية، بتحية السيد حسن نصرالله الذي كان الابن النجيب لهذه البيئة المقاومة وكان بنفس الوقت القائد الصلب والحقيقي لها