مساحة حرة

مشاريع الغرب إذ تنقلب عليه وعلى “حلفائه” ونظامه العالمي

وقعت 3 أحداث إرهابية متباعدة جغرافيا لكن متزامنة على حوافي البحر الأبيض المتوسط ارتكبها حمقي إرهابيي داعش، في حين ظنوا أنهم ( يحسنون صنعا ) !؟ ويقتربون بها من الله العلي عن أفعالهم الدموية العدوانية الإجرامية.

وبقدر ما توفرت عليه هذه الإرتكابات من حمق وعمى ألوان ودموية وسوء بصيرة وتدبير، فقد خدمت هذه العمليات الإجرامية محور المقاومة وأوضحت لكل راغب في معرفة حقيقة ما يجري ممن لم يكن بعد قد توصل إليها، صدقية محور المقاومة، وحسن تدبيرها، وصحة خياراتها ومواقفها وحرصها على السلم والأمن والإستقرار والعدل.

لقد وضعت هذه العمليات ؛ الغرب الأوروبي بعامة وفرنسا بخاصة  التي طالما احتضنت ودعمت كل معاد للدولة الوطنية السورية ( كما في ليبيا لعبت دوراً قذراً إلى جانب لاعبين دوليين وإقليميين ) أمام خيارات صعبة، وإلا سقطت الأنظمة السياسية الغربية، ومن ضمنها فرنسا، وما لم تقم هذه الدول باستدارات كاملة أو شبه  كاملة، فإن ذلك يعني أن تترك لمجاهيل داعش وشقيقاتها وبناتها .

لقد كان تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء ( وربما كان لواشنطن دوراً في ذلك للإنتقام من الكرملين وتوجيه فركة إذن للقاهرة التي تتجه وإن ببطء شديد لإتخاذ خيارات خاصة بها بعيداً عن التحالفين الأمريكي والسعودي في المنطقة ) ومن بعد تفجير البراجنة في الضاحية الجنوبية ببيروت، للإنتقام من المقاومة اللبنانية وبغرض خلق فتنة بين اللبنانيين الشيعة وبين فلسطينيي لبنان، وفي ذلك إعاقة لما بات يبدو في الأفق من مصالحات لبنانية محتملة، بحيث تنشغل المقاومة ولبنان الشيعي في مداواة جراح مجابهة جانبية.

لكن سيد المقاومة سماحة حسن نصر الله، استبق بحسن بصيرته ورؤيته الإستراتيجية أية ردود فعل ( غريزية ) فكشف عن خلفيات التفجير وأهدافه المريضة الفتنوية، وعالج دمامل كان من المحتمل ان تظهر هنا وهناك، وتسفر عن أعمال إنتقامية هوجاء وضحايا جدد لا صلة لهم بالتفجيرات،  يذهب بنتيجتها من هم حواضن حقيقية للمقاومة، ويستعدي آخرين.

اما تفجيرات باريس ( المفاجئة ) والتي قد تتكرر فيها أو في أي بلد غربي وغير غربي، ممن سبق ان صنّع أواحتضن أودعم أوموّل أودرب أوشجع أوبرر ممارسة الإرهاب في سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا والجزائر..هي في الواقع ليست مفاجئة، فقد سبق للرئيس العربي السوري دكتور بشار الأسد ان توقع ذلك محذراً تلك الدول والجهات من انها ستعاني هي الأخرى من الإرهاب الذي خلقته ورعته، داعيا إياها للكف عن دعمه قبل فوات الأوان.

وهو الأمر ذاته الذي أكده السيناتور الأمريكي ريشارد بلاك عن ولاية فرجينيا، حيث اكد في رسالة وجهها للرئيس الأسد، ان ( الحرب على سورية لم يكن سببها اضطرابات داخلية، بل كانت حرباً غير قانونية عدوانية من قبل قوى خارجية صَمّمت على فرض نظام عميل بالقوة.. وأن هدف الأتراك والسعوديين هو فرض دكتاتورية متشددة دينياً على الشعب السوري.. ومؤكداً أن الرأي العام العالمي بدأ ينقلب ضد الإرهابيين وداعميهم ).

( وكنت قد ادليت بحديث إذاعي لمحطة بريطانية في ساحة فندق الأردن كونتيننتال، قبل قرابة 4 سنوات أكدت فيه ان السحر سينقلب على الساحر جراء الحرب العدوانية الغربية والرجعية على سورية )

الان ومتاخراً جداً طالبت فرنسا شقيقاتها الغربيات المتورطات مثلها في دعم الإرهاب، مساعدتها في الحرب عليه ا، وعرضت خانعة التنسيق مع روسيا الاتحادية التي تشن حرباً حقيقية ضد الإرهاب، فيما كانت قبل أيام من أشد منتقدي روسيا لشنها الحرب على الإرهاب!؟، وفي حين بدأت الدول الغربية تتخذ التدابير الإحترازية ضد الإرهاب الذي رعته، تتوجه جهات عديدة في مجتمعات غربية أُشبعت بالعنصرية والتمييز، للإنتقام من الأقليات القومية الإسلامية والعربية من مواطنيها ومن لجأ إليها مؤخراً، ما ينذر بأعمال عنف واسعة وفتن، قد تكون تربة خصبة لتغذية الإرهاب والإرهاب المنفلت المضاد على صعيد دول غربية وجماعات عنصرية فيها.

لقد تدرجت روسيا في الحرب على الإرهاب، وأعدت له داخليا وإقليميا ودوليا، ولم تترك ثغرة في العمل المتميز ضده، في حيت يقع الغرب في متناقضات وخيارات وأكاذيب وتباينات، فجعل من نفسه مضطرا تابعاً لروسيا ( إن أراد شن حرب حقيقية على الإرهاب ) ومضطرا للتراخي بالتدريج تجاه سورية ( إن أراد حفظ ما تبقى لديه من ماء الوجه ) فالحرب على الإرهاب يعني إسقاطه نهائيا وبشكل كامل، وإسقاطه يعني إنتصار الدولة الوطنية السورية عليه، والكف ( غربياً) عن الكذب بزعم وجود معارضة معتدلة وأخرى غير معتدلة.

لقد بات على الغرب أن يدرك، أنه لم يعد قادرا على رسم خرائط الدول والقوميات ومستقبل الأجيال في المنطقة والعالم،وأنه لم يعد قادرا على كسب الحروب وتحديد نتائجها وأسماء الرابحين والخاسرين فيها،كما لن يعود قادراً على سرقة المقدرات والأسواق والتحكم في أسعار الثروات الباطنية والعملات الوطتية، فعلى ارض سورية، تتقرر استراتيجيات واجندات عالم جديد متعدد الأقطاب أكثر عدلاً واستقراراً وأمناً وتقدماً.

لا بد أن الغرب بمشي بـ ( ظلفه إلى حتفه ) فهو في حين أراد لنا على مقاساته مشاريع مدمرة كـ، شرق أوسط جديد، وفوضى خلاقة، وربيعا وهابياً إخونيا فتنويا رجعياً مذهبيا طائفيا عنصرياً جهالياً متبلداً، انقلبت كل مشاريعه عليه وعلى ( حلفائه ) وعلى نظامه العالمي، وأزماته الاقتصادية تتوالى، وبعض دوله في طريق التفكك بعد ان أراد إحداث المزيد من التفكيك في منطقتنا وعمل عليه في مناطق أخرى.

يحدث ذلك رغم كل التضحيات والآلام والأحزان والشهداء والضحايا والمصابين والخسائر في المقدرات والثروات والبنى التحتية.. التي أحدثها الغرب الأوروبي والأمريكي والصهيوني في غير ساحة عربية، سواء بشكل مباشر أو من خلال العصابات الإرهابية العديدة.

على العالم ان يدرك انه على أرض بلاد الشام تنحسر وتضمحل وتتلاشى، موجات الحروب الصاخبة الظالمة الطامعة على مدى التاريخ، مهما اكتسحت نلك الموجات وإحتلت من أراض وأسقطت من دول واستعبدت من شعوب.

 

محمد شريف الجيوسي