الشريط الاخباريسلايدسورية

النص الكامل للقاء السيدة أسماء مع “روسيا 24”.. السوريون سينهضون من جديد

أكدت السيدة أسماء الأسد أن اختيارها عدم الظهور الإعلامي والتزام الصمت طوال هذه السنوات والوقوف إلى جانب الرئيس بشار الأسد أن “المسالة بالنسبة لي لم تكن مسألة تفضيل وقفت إلى جانبه لأن ذلك بتطابق تماما مع قناعاتي. أما بالنسبة للظهور العلني فإنني لم أكن أبدا أسعى إليه”.

وفي مقابلة مع قناة روسيا 24 اليوم، وردا على سؤال حول ما تتذكره عن سورية قبل الحرب، أكدت السيدة أسماء أن سورية كان قبل الحرب تمر بمرحلة تغييرات كبيرة في العديد من المجالات، وتشمل الأمثلة على ذلك تحقيق نمو اقتصادي واضح ومهم، وانفتاح المشهد الاقتصادي وإجراء إصلاحات تشريعية غير مسبوقة، ونشوء جيل جديد من منظمات المجتمع الأهلي. رغم هذا التقدم، ما من شك في أن العديد من التحديات ظلت موجودة، ليس أقلها ما يتعلق بعدم كفاية الفرص الاقتصادية المتاحة أمام الشباب، والتوزيع غير المتساوي للدخل، والتبعات غير المسبوقة لحالة من الجفاف لم تشهدها سورية من قبل، إضافة إلى تدفق أكثر من مليون لاجئ عراقي إلى البلاد. وفي جميع هذه المجالات كنت دائما أسعى لتعزيز النسيج الاجتماعي السوري ودعم مجتمعاته المحلية وبشكل أكثر تحديدا فإن هذا يترجم عبر تعزيز المبادرات التي تشجع النمو الاقتصاد الشامل بشكل أساسي من خلال مبادرات تمويل المشاريع الصغيرة، والعمل مع المنظمات المجتمعية بغية جعلها أقوى والعمل مع الشباب لضمان اكتسابهم المهارات والقدرات والفرص المناسبة بشكل يتيح لهم إطلاق إمكانهاتم الكامنة بشكل كامل.

وفي الإجابة على سؤال حول الهدف الذي وضعته لنفسها في بداية مسيرتها الشخصية، قالت السيدة أسماء: “عملت في الماضي في مجال الدراسات الاقتصادية الاستثمارية وكنت أعتزم الالتحاق بجامعة هارفرد للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وبالتالي يمكنك القول أن مخططي لمسيرتي المهنية لم يكن يتضمن أن أكون سيدة أولى. هذا الموقع لا يأتي معه توصيف وظيفي أو شرح لكيفية القيام به، ولذلك قررت أن أقاربه من منظور المواطن. ما لالذي بوسعي أن أفعله لأجعل بلدي أقوى وأكثر عدالة؟ ومن البداية اتجهت إلى المساعدة في مكني الأشخاص الذين يعملون بجد وبموارد محدودة في كثير من الأحيان لتحقيق الأفضل في حياتهم. إن لقاء الناس والاستماع إلى قصصهم والاطلاع بنفسي على الفرق الذي يحدثونه في مجتمعاتهم، وفر لي الفرصة لتوجيه الاهتمام إلى قضيتهم والمساعدة في توفير بيئة أكثر تمكينا كي يحققوا النجاح والازدهار.

إن عملي في هذه المبادرات التنموية مستمر دون انقطاع فهذه المبادرات بنيت أساسا على أسس طلبة وإن تأثرت بأي شكل من الأشكال فهي أصبحت أكثر أهمية منذ بداية الحرب، لكن بالطبع فإن أولوياتي اليوم تتمثل في مساعدة أسر الشهداء ومساعدة الجنود والجرحى والأشخاص المهجرين او الذين تأثروا بهذه الحرب. ‘إن الفضل يعود إلى كل هءلاء في صمود سورية اليوم ونحن مدينون لهم وحقهم علينا أن نقدر تضحياتهم. إن جزءا كبيرا من عملي ينصب على ضمان حصولهم على الوسائل الأساسية التي تمكنهم من إعادة الاندماج في الحياة اليومية سواء كان ذلك من قبيل توفير الأطراف الصناعية للجرحخى، أو فرص العمل لزوجات الشهداء أو توفير اجراءات وترتيبات تحفظ كرامة المهجرين ومساعدتي لهم هي مساعدة للرئيس بالطبع.

وحول الاستراتيجة المتبعة للتعامل مع أسر الشهداء، أكدت السيدة أسماء أن عائلات الشهداء ضحت بالكثير ومن واجبنا الأخلاقي أن نقدر ونكرم تضيحاتهم فلا يجوز التخلي عن جندي كان في ميدان المعركة. وقد عملت وزار الدفاع دون كلل لضمان وجود الآليات المناسبة وقد تم تغيير الشتريعات بحيث تتم تلبية احتياجات هذه الأسر وبحيث لا يتم التخلي عنها. لقاءاتي مع أسر الشهداء تهدف إلى ضمان ملائمة واستجابة هذه الأنظمة لاحتياجات هذه الأسر.

وأضافت، “على المستوى الشخصي فإنني أنحني أمام تصميمها ومقاومتها وحبها لسورية إنها مصدر القوة والأمل من أجل المستقبل”… يمكنني أن أخبرك بأني أشعر بالألم والحزن لكن كثيرين غيري سيقولون ذلك أيضا. أعتقد أن الأمر الأكثر أهمية هو ما نفعله بمشاعرنا. كيف نستطيع تحويل هذه المشاعر إلى مبادرات من شأنها أن تساعد هؤلاء الجنود أو الضحايا على إعادة بناء حياتهم. وبالتالي فإن الأمر الأكثر أهمية هو ما أفعله أكثر مما أشعر به.

مرة أخرى أعتقد أن الأمر الأكثر أهمية هو وجود البنى الاجتماعية سواء كانت طبية أو نفسية أو اقتصادية بحث تتمكن من مساعدتهم. هذا ما يتطلعون إليه. إنهم لا يتطلعون إلى الكلمات اللطيفة أو أن نربت على أكتافهم، إنهم بحاجة لمساعدة حقيقة، مساعدة تمكنهم من إعادة بناء حياتهم، وهذا ما يتركز عليه عملي.

للأسف فإن هذه ليست الحالة الوحيدة. فبقدر ما يؤمن جنودنا بالقضية التي يقاتلون من أجلها، ولماذا يقاتلون، لكن أكثر الأرواح عظمة وشجاعة تجد صعوبة بالتكيف مع واقع أنها أصبحت بحاجة للاعتماد على شخص آخر بشكل كامل.لقد ضحوا بالكثير وواجبنا أن نكرمهم وأن نضمن حصولهم على الرعاية اللازمة ولهذا السبب خصصنا فرقا من الأشخاص المحترفين الذين يتواصلون من الجنود وأسرهم ويعملون دون كلل لضمان وجود البنى التي ذكرتها سابقا: الاقتصادية والنفسية والطبية لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم رغم التحديات العديدة التي يواجهونها ببطء لكن بثبات، هؤلاء الجنود الشجعان يتلمسون طريقهم من جديد، يقدمون مساهمات للمجتمع ويكونون حياة أسرية. في هذه الأوقات العصيبة، فإن هؤلاء يمثلون منارات للأمل بالنسبة لنا جيمعا.

لقد سمعت القصص كما سمعتها أنا، هل كان بوسعك تجاهلها؟ هذا مستحيل. نحن في سورية نلتزم بوعودنا وهذا أمر مهم جدا. وأنا أعد بتقديم المساعدة أنني واثقة من وجود الترتيبات الضرورية القادرة على تلبية هذه الاحتياجات حيث يمكن توظيف شبكة قوية وشاملة جدا بنيت على مدى سنوات من قبل الحكومة، والمجتمع الأهلي والقطاع الخاص ولقد أظهرت التجربة أن معظم هذه الطلبات يمكن معالجتها من خلال هذه الأقنية القائمة. أما بالنسبة لي شخصيا، فإن كل زيارة وكل لقاء يشكل فرصة جديدة لتحديد نقاط الخلل التي ينبغي تصحيحها في العمليات والآليات القائمة. وهذه الطريقة فإن آثار هذا العمل تم وتتسع بالتالي عندما يتم إجراء التغييرات اللازمة فإنه لن يترتب على أشخاص آخرين مواجهة نفس المشاكل مرة أخرى. وكما قلت، أولا فإن كلمتنا في سورية هي شرفنا، وهذا مهم جدا ومن الواضح أن الأشخاص الذين يعملون معي يشاطرونني هذا الاعتقاد ويعملون في إطار هذه القناعة، إضافة إلى ذلك، فإني شخص يؤمن جدا بالأنظمة وبالأطر المؤسساتية التي تضمن وضوح المسؤوليات وتحديد الأهداف. وبالمناسبة فإن سورية مجتمع صغير، وأنا في العديد من المناسبات التقيت الأشخاص مرة أخرى وبالتالي فإن هناك دائما وسيلة للتحقق.

إذا قلت لك بأني فخورة فإن ذلك يعني أنني انتهيت وأن العمل اكتمل وأن سورية أصبحت مزدهرة، ومن الواضح أن الأمر ليس كذلك، لا يزال هناك الكثير علينا فعله، ربما ذات يوم، عندما يعود الأمان إلى سورية، وتعود سورية مزدهرة مرة أخرى يمكنك أن تطرحي علي هذا السؤال.

أعتقد أن الكرامة الإنسانية مهمة جدا، وأنا أحاول قدر المستطاع أن أضمن ألا سعر الناسب الحرج أو بالانزعاج في أي مقابلة، إني أبادر دائما بسؤالهم عما أستطيع أن أفعله أنا لمساعدتهم وكيف أستطيع أن أخفف بعض مصاعبهم وأقول لهم دائما: “أعلم أنكم لن تطلبوا دعوني أسال أنا عملي هو أن أسألكم وهذا واجبي..” هكذا أحاول أن أقوم بتشجيعهم ومساعدتهم بأن يبادروا بالإفصاح عما يريدون.

وردا على سؤال حول خطورة قيادتها لسيارتها لاخاصة بنفسها عند التوجه إلى عملها، قالت، إني ببساطة أرفض العيش في حالة خوف، يمكنك القول إن جميع السوريين اليوم يتعرضون للمخاطرة وبالتالي لبماذا أكون مختلفة؟ الأمر الأكثر أهمية كيف لي أن أشجع الناس على الاستمرار في حياتهم والذهاب إلى عملهم وإرسال أطفالهم إلى المدارس. إن لم أقم أنا بذلك سيكون ذلك نفاقا. لكن بصراحة فإن المخاطرة الأكبر بالنسبة لي شخصيا هي أن أكون معزولة عن الحياة اليومية لأنه في المحصلة لا بديل عن الانخراط المباشر على الأرض.

وحول زيارتها للسويداء ومرورها بمناطق خطرة محاطة بالإرهابيين على جانبي الطريق، قالت السيدة أسماء أنه “من وجهة نظري، هناك نساء وأمهات وبنات سوريات تحاول كل منهم بطريقتها التعامل مع المصاعب التي سببتها هذه الحرب واهتمامي ينصب دائما على تقديم المساعدة لمن يحتاجها وهذه أولولة تفوق جميع الاعتبارات الأخرى. بوجود الأزمة أو بدونها، أصر باستمرار على أن أبقى على تواصل مع الناس ما أمكن لأنه ما من شيء يمكن أني كون بديلا عن التفاعل الإنساني. بهذه الطريقة أتعلم وبهذه الطريقة أتمكن من تحقيق فرق في حياة الناس”.

وعما تسمعه من السوريين خلال زياراتها أو استقبالها للبعض منهم، قالت السيدة أسماء الأسد: “تتنوع الأحاديث. هناك قصص من الشجاعة والصمود، وقصص عن المآسي والأمل, لكن هناك دائما لاسؤال الأكبر في أذهان الجميع متى يعود الأمان إلى سويرلة مرة أخرى؟ “متى نستطيع العودة إلى بيوتنا؟

وعن السيد الرئيس وفيما إذا تغير عن الشخص الذي عرفته قبل أن يصبح رئيسا، أكدت السيدة أسماء أنه في العديد من الجوانب أنه “لايزال الشخص نفسه الذي التقيته قبل أن يصبح رئيسا، وأنه هادىء جدا، وشديد المراعاة للآخرين، وهو خلوق دائما، لكن قد يكون أفضل ما فيه هو أن من السهل التحدث إليه. يمكن التحدث إليه عن أي شيء وكل شيء، وهذا أمر رائع. بطبيعة الحال، فإن المسؤوليات في الحرب أكبر بكثير مما كانت من قبل, العبء ثقيل جدا، وهو يركز كل طاقته ومعظم وقته عليه، لكن أحد الأشياء التي تثير إعجابي به أيضا هي أنه ورغم كل الأعباء وجدول أعماله المزدحم فإنه يحاول دائما أن يخصص بعض الوقت لأسرته، وخصوصا لأطفالنا الثلاثة. إنه يأخذ دوره كأب بجدية كبيرة. إنه رجل معطاء”.

وعما إذا غيرت الأوقات العصبية فيها شيئا، قالت: “أنا لا أختلف عن كثير من الأشخاص الآخرين في سورية. لقد تأثرت عائلتي كأي عائلة أخرى في سورية. إننا نشعر دائما بالحزن وبشكل يومي بسبب المآسي التي تواجهها البلاد. وبعد خمس سنوات من الحرب من البديهي القول إن الحزن يعم كل بيت في سورية وبيتنا لا يختلف عن هذه البيوت.

وقد تكيفنا مع خسارة العائلة لصهر السيد الرئيس كما تتكيف جميع الأسر، وما من أسرة في سورية إلا وفقدت عزيزا لها، اليوم يحضر الآباء مآتم أبنائهم بدلا من أن يحضروا أعراسهم. وبات على الجدود والجدات العودة لتحمل مسؤولية رعاية أحفادهم، ويتضاعف عدد الأسر التي تفقد إما الأم أو الأب بشكل يومي. بعض الأسر فقدت أربعة أو خمسة أو ستة من أفرادها أو حتى أ كثر، وهذا عبء هائل على المجتمع بأسره. بالتالي، عندما ننظر إلى خسارتنا في هذا السياق فإنها لا تشكل حالة فريدة ولا تستحق أن تحظى بأهمية خاصة. إننا نتكيف بنفس الطريقة التي يتكيف بها غيرنا. إننا نثابر ونستمر.

وحول اليوم الذي هوجمت فيه وزارة الدفاع السورية وأنها والسيد الرئيس تابعا أعمالهما اليومية، وأنها أخذت أطفالها إلى المدرسة، بما حمله ذلك من مخاطر، أجابت السيدة أسماء بأن “الحدث وقع عام 2012 أي في بداية الأزمة، حين ذاك كان ابني الأكبر في العاشرة والأصغر لا يتجاوز السابعة، وبالتالي، من المفهوم أن الأطفال جميعهم شعروا بالخوف لأن صوت إطلاق النار كان قريباً جداً، لكن في الصباح الذي حدث فيه الهجوم، عرفت أن هذه اللحظة ستكون إحدى أكثر اللحظات تأثيراً في طفولتهم، أذكر ذلك اليوم بوضوح شديد كما لو انه بالأمس، شعرت غريزياً بأني لا أريد الهرب والاختباء، وعندما اتصلت بالمدرسة وقالوا لي أن المدرسة مفتوحة كالمعتاد، اتخذت القرار. وعندما كنت أصطحب أطفالي إلى المدرسة سألني ابني الأصغر ما إذا كنت أحبه, أخذت أطفالي سيراً على الأقدام إلى المدرسة في ذلك اليوم، ليس لأني أردت أن أعرضهم للخطر، بل لأني أردتهم أن يعرفوا معنى أن يواجهوا مخاوفهم وأن يدافعوا عن قناعاتهم.

اثنان منهم لم يعودوا أطفالاً بل باتوا يافعين، لكن للأسف كأغلبية جيلهم فإنهم قضوا معظم طفولتهم في الحرب، لقد أجبرهم ذلك على النضوج بسرعة أكثر مما ينبغي، لكني أودّ أن أشعر بأن ذلك ساعدهم أيضاً على تقدير ما هو مهم فعلاً في الحياة، إنهم يعودون إلى المنزل كل يوم ولديهم قصص يشاطرونها وأسئلة يطرحونها، وكما بوسعك أن تتخيلي فإني لم أعد الشخص الذي يحدد موضوع الحديث وماهية المعلومات التي يمكنهم الوصول إليها، في بعض الأحيان يشعرون بالغضب والإحباط وفي بعضها يشعرون بالحزن، أعتقد أن دوري كأم هو مساعدتهم على تطوير المهارات التي سيحتاجونها لتشكيل آرائهم والتعامل مع العالم المحيط بهم، بدلاً من أملي عليهم ما ينبغي ان يفكروا به أو كيف ينبغي ان يشعروا. في المحصلة إذا نجحت في ذلك فإنهم سيكبرون وهم يتحلّون بالتفكير المستقلّ.

وحول معاناة الشعب السوري جراء العقوبات، قالت السيدة أسماء: “لا أعتقد أن أحداً يجهل أن العقوبات أثرت على الشعب السوري بنفس الطريقة التي أثرت فيها العقوبات في التسعينات على المجتمع العراقي بشكل خطير ومهلك، الاختلاف الوحيد اليوم أن لا أحد يستطيع الادعاء وخصوصاً أولئك الذين فرضوا العقوبات أنفسهم، أنهم لم يتوقعوا تبعات ذلك على السوريين العاديين، عليك أن تسألي ما الفائدة من العقوبات المفروضة على السلع الغذائية الأساسية؟ ما هي فائدة منع وصول الأدوية الحيوية ومعدات الرعاية الصحية الأساسية؟! قبل عدة أيام فقط التقيت رجلاً عجوزاً كان قد شخّص الأطباء بأنه يعاني من السرطان وكان قلقاً من أنه لن يتمكن من الحصول على العلاج اللازم لأن العلاج الكيماوي لم يعد متوفراً، هذا ما تفعله العقوبات بالناس العاديين، وهذا مثال واحد فقط في الواقع، قبل بضعة أسابيع فقط بل أعتقد أن ذلك كان الأسبوع الماضي، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً أشار إلى زيادة كبيرة في حدة الفقر والمعاناة، هذه المعاناة غير المسبوقة التي تفوق الحد التي يعاني منها السوريون العاديون جراء هذه العقوبات، المفارقة الكبرى أن هذه العقوبات فرضت من قبل ما يسمى “أصدقاء سورية” إلا أن ما لا يذكره هذا لتقرير بالطبع هو أن الوضع سيكون أسوأ بكثير لولا أصدقاء سورية الحقيقيين الذين تدخلوا وساعدوا في تخفيف بعض التبعات الاقتصادية والسياسية لهذه العقوبات. وفي هذا الصدد فإن روسيا بذلت جهداً هائلاً وقدمت ولا تزال تقدم مساعدات إنسانية واقتصادية لا تقدر بثمن،هذه الجهود النبيلة وهي التي ساعدت في تخفيف حدة الحصار الخانق على السوريين العاديين، وهذا أمر لن ننساه أبداً أما فيما يتعلق باستهداف العقوبات لي على وجه التحديد فلا أعتقد أنها مهمة، خصوصاً عندما تضعين الأمور في سياق أوسع.

وعن الوضع في حلب، تابعت السيدة أسماء… “لقد قيل الكثير عن الوضع الإنساني في سورية، لكن الحقيقة هي أن قسوة الأوضاع تفوق حدود الإدراك.. حالات التهجير والفقر والمرض والمعاناة قد تكون غير مسبوقة. المفارقة هي أن وسائل الإعلام الغربية اختارت أن تركز حصرياً على محنة اللاجئين وأولئك الذين ظلوا عالقين في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة بينما الواقع هو أن الأغلبية الساحقة من المهجرين يعيشون في باقي أنحاء البلاد، وهؤلاء الناس لا يقلون أهمية عن أي أحد آخر. و ليس من حق أي شخص على الإطلاق نزع إنسانيتهم استنادا إلى خطوط الخريطة، أما من حيث جهودنا في تقديم المساعدات، فإننا نقدم المساعدات الإنسانية الطارئة، لكن هناك أيضاً حاجة ملحة لاستعادة قدرة الناس على الوصول إلى الخدمات العامة، وهذا أمر في غاية الأهمية، إضافة إلى ذلك، هناك برامج تقدم الخدمات النفسية الاجتماعية والتدريب المهني، والقروض الصغيرة بدون فوائد، كما يتم تقديم الدعم التعليمي للأطفال الذين يعانون صعوبة في التعلم أو الذين انقطعوا عن الدراسة لفترة طويلة من الزمن، في المحصلة فإن مهمتنا تتمثل في تخفيف عبء التهجير ورفع المهانة التي عانوا منها وعلينا أن نفعل أقصى ما نستطيع فعله للاستمرار بالقيام بذلك واستخدام جميع الموارد المتاحة لنا.

وحول الانتقادات التي تسوقها قنوات الإعلام الأوروبية والأميركية، ردت السيدة أسماء الأسد بأنه “أولاً اعتقد أن هذا متوقع وجزء مما يترتب على الوجود في مثل هذا الموقع، حتى مع انتهاء هذه المقابلة فإن من شبه المؤكد بأنني سأتعرض لبعض الانتقادات القاسية من قبل أشخاص معينين أو وسائل إعلامية مهتمة فقط بتصويري بشكل سلبي او حتى سطحي، هذه أجندتهم ولا أستطيع فعل شيء حيال ذلك، أعتقد أن هذه الملاحظات تستخدم بشكل أساسي لاختبارنا كأفراد، وإذا لم تتمكني من الحفاظ على توازنك عندما تسمعين الملاحظات الإيجابية فإنه من المرجح أن يتداعى هذا التوازن عن سماعك التعليقات السلبية، ربما تذكرين أيضاً أنني في مرحلة معينة كنت “وردة الصحراء” السيدة الأولى الأنيقة التي تحدث الإصلاحات، وما إلى ذلك، مهما بدت هذه التعليقات لطيفة، فإنها لا تؤثر بي، المهم هو أن أبقى متواضعة ومخلصة للشخص الحقيقي الذي في داخلي، وكما قلت، إذا لم تدفعك التعليقات الإيجابية للغرور فإن التعليقات السلبية لن تؤذيك أيضاً.

وعن سورية قالت السيدة أسماء: “سورية أرض عاش عليها الإنسان وباستمرار منذ زمن بعيد جداً. على مدى آلاف السنين، تعرضت هذه الأرض لعشرات الحروب والغزوات، وبعض مناطقها دمر بشكل كامل، أنا أعرف أن سورية بإمكانها أن تعيد بناء نفسها، وأنها ستفعل ذلك حتماً، المهم ان نعالج العوامل الداخلية والخارجية التي غذت وأطالت هذه الحرب. إننا مدينون بذلك للأجيال القادمة، كسوريين تمكنا دائماً من الانتصار، وهذه المرحلة من تاريخنا لا تشكل استثناء، من المعروف أو كما يقال دائماً، فإن سورية تعني “الشمس المشرقة” وأؤكد لك أن السوريين سينهضون من جديد”.
وردا على سؤال حول “العروض” التي قدمت لها لتغادر الوطن، كشفت السيدة أسماء الأسد أنه: “أولاً، لقد كنت هنا منذ البداية ولم أفكر أبداً أن أكون في أي مكان آخر، ثانياً نعم عرض علي مغادرة سورية أو بالأحرى الهرب من سورية تضمنت هذه العروض ضمانات بالسلامة والحماية لأطفالي بما في ذلك ضمانات مالية. لا يحتاج الأمر لعبقرية لمعرفة ما كان يسعى إليه هؤلاء الأشخاص فعلياً، لم يكن الأمر يتعلق برفاهي أو رفاه أبنائي. لقد كانت محاولة متعمدة لزعزعة ثقة الشعب برئيسه، ويكفي القول أن هذه العروض اتسمت بالحماقة وقدمها لي أشخاص ليسوا سوريين”.

وحول ما تقوم وسائل الإعلام الغربية بنقله حول معاناة الأطفال واتهام الجيش والدولة بقصف الأطفال في حلب وغيرها، خاصة قضية الطفلين “إيلان وعمران”، تساءلت السيدة أسماء “لماذا لم يحظ مصير أطفال الزارة بنفس التغطية الإعلامية التي حظيت بها مأساة إيلان وعمران؟ لقد قررت وسائل الإعلام الغربية التركيز على هذه المآسي لأنها كانت تناسب أجندتها الإعلامية، في الواقع فإن الغرب يقسم أطفالنا في هذا الصراع طبقاً للمعتقدات السياسية لآبائهم، كان إيلان طفلاً سورياً بصرف النظر عما يعتقده والداه، وكذلك عمران، وكذلك الأطفال الأبرياء في مذبحة قرية الزارة، جميع هؤلاء الأطفال، جميعهم أطفال أبرياء، وجميعهم يشكلون خسارة لسورية بصرف النظر عن الجانب الذي ندعمه في هذا الصراع وكسوريّة، فإني أحزن شخصياً لخسارة كل طفل، سواء كان إيلان أو عمران أو العديد العديد من الأطفال الآخرين الذين لم تصل أسماؤهم إلى عناوين الأخبار في الغرب، لا ينبغي ان يتم تحديد المساعدات الإنسانية طبقاً للجغرافيا أو التوجه السياسي، أو المعتقد الديني، لا يمكن أن يسمح بأن تكون المساعدات الإنسانية مدفوعة بالأجندات السياسية.

البعث ميديا ||