ثقافة وفن

سارة شما.. بين اللون والشغف

“أهتم بالإنسان، وأهتم بتعبير العين والوجه، وهناك الكثير من الوجع والألم، وفي كل الوجوه هناك حالات وجدانية أحرص على أن أظهرها من خلال الملامح”. يلفتني الحزن في الوجه الإنساني، واللوحات التي تكون خالية من الحزن لا تجذبني كثيراً، أما رسمي لنفسي فهو يأتي بكل الحالات، لذا أبرز أحياناً تعابير غريبة ومختلفة/ أنا لا أصنع رسومات تخطيطيّه أنا أذهب مباشره إلى الغير معروف الذي تبدأ فرشاتي بصياغته على القـِماش”.
هذه باختصار الرؤية الفنية والإنسانية للفنانة التشكيلية السورية “سارة شما” التي رسمت في مجتمع متناقض في منحاه الجمالي فهو يحمل قسوة الواقع وجماله بآن ، من وجوه مشوهة وناقصة إلى دراويش يرقصون ، ورجال بوضعيات مختلفة، لكنها الأنثى هي الأكثر تكراراً في مجتمعها المرسوم بألوان الزيت.
تمنح “شما” الحرية للأشخاص في اللوحة، إذ تعطي للعين رؤية ما وراء الجسد من ألوان وأشياء، فيتحرك أشخاصها مع ظلالهم البيضاء، و يتدلى في أغلب لوحاتها خيط أبيض كأنه من صنع عنكبوت، كما يحضر الموت كذلك في البورتريه الذاتي المعتاد للفنانة التشكيلية أيضاً، فتحمل جمجمة وتضعها بالقرب من وجهها كأنما تستمع لوشوشاتها أو تشاركها لحظة حميمية، في حين يعيش بالون زهري معلّق بخيطٍ رفيعٍ أمامها آخر لحظاته، معلناً نهاية الأوقات الفرحة ذات الخيط الرفيع نراه حاضراً في أغلب اللوحات، بتموضعٍ مقصود بين الرأس والرقبة، ملقياً بظلٍ يخلق بعداً إضافياً للوحة ويفارق بدقته ضربات الريشة العريضة على باقي التفاصيل، ولدت الفنانة سارة شما في دمشق عام 1975، في عائلة شجعتها على دخول الفن، وقررت دخول المجال في عمر صغير جداً، حيث إنها حينما بلغت الـ14 من عمرها اتخذت هذا القرار. كان الفن طريقها منذ الصغر، وبعد أن تخرجت بدأت تقدم مجموعة من المعارض في سورية، والدول العربية وأوروبا وأميركا وأستراليا، دعيت شما للتدريس في مؤسسة أدهم إسماعيل للفنون بدمشق، وقد عملت هناك لمدة ثلاث سنوات و شاركت في لجنة التحكيم لمسابقة في الفنون قدمتها وزارة الثقافة السورية حينها.
تصف سارة فنها بأنه فن سارة، وهي عادة تنسى عبارات المديح الذي يوجهه إليها الناس وتهتم بتعابير وجوههم وردود أفعالهم وهم يتابعون أعمالها..وأجمل تعبير واجهته كانت دموعا ذرفها عدد من زائري أخر معارضها بدمشق بعد أن حركت لوحاتها مشاعرهم وعن أحب اللوحات إليها تعترف سارة بأنها لوحات رسمتها للمغني الأمريكي العالمي بوب ديلون ، حيث رسمت له خمسين لوحة وحضرت حفلة له على الطبيعة وشعرت كم أن هذا الإنسان هو فنان قريب لنفسه بفنه.
حازت شما مجموعة من الجوائز، منها الميدالية الذهبية في اللاذقية عام 2001، وكذلك الجائزة الرابعة في لندن لرسم الوجوه، والأولى في الرسم وتوجد أعمال شما في بلدان العالم المختلفة، منها أعمال اقتنيت في المتحف الوطني بدمشق، وكذلك في مجموعة القنصلية البريطانية بدمشق، ومجموعات خاصة في كندا، والنمسا، ومصر، وفرنسا، وألمانيا، وتونس وتركيا، وقطر، ولبنان، والكويت، والأردن، واليابان، وهولندا، وإسبانيا، وأميركا.

البعث ميديا || تمّام علي بركات