ثقافة وفن

بارعة القدسي في دراسة حول «التحقيق الجنائي والطب الشرعي»

تقدم الدكتورة بارعة القدسي في كتابها “التحقيق الجنائي والطب الشرعي” الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب دراسة هي الأولى من نوعها محليا حول التحقيق الجنائي وأهميته وأساليبه والدور الذي يلعبه فيه الطب الشرعي كإحدى ضرورات العمل في كشف نوع وطبيعة وسبب وقوع الجريمة.

وتوضح القدسي في كتابها الذي يقع في 159 صفحة من القطع الكبير أن علم التحقيق الجنائي يختص بالتدقيق والبحث في الجرائم المقترفة من مختلف أفراد المجتمع مستعرضة تطور هذا العلم تاريخيا عبر العصور وجنوحه لاستخدام التعذيب بحق المتهمين وسعي الإسلام للتخفيف من هذه الممارسات.

وتعرض القدسي في كتابها لتطور التحقيق الجنائي في العصر الحديث واستخدامه التطور العلمي للكشف عن الجريمة لإثبات وقوعها ومعرفة وقت حدوثها وكيفية وسبب ارتكابها وتحديد مرتكبها لافتة إلى ضرورة أن يتوافر في التحقيق الجنائي عنصرا السرعة والسرية واحترام كرامة المتهمين وعدم جواز تعذيبهم مبينة أن من يقوم بالتحقيق الجنائي في التشريع السوري جهاز قضائي.

وتبين مؤلفة الكتاب أن المحقق الجنائي يحتاج للاستعانة بأشخاص آخرين يساعدونه في عمله من الضابطة العدلية والمخبرين السوريين والخبراء الفنيين والمحامين والإعلام الذي يقوم بدور مهم في معاونة المحقق الجنائي عبر كتمان أو نشر أخبار محددة عن سير التحقيق مشيرة للعوامل المساعدة على نجاح المحقق الجنائي كإجراء التحقيق في مكان الحادث والتعرف على منطقة العمل وعلى مساعديه واكتساب صداقتهم والإحاطة بأساليب الإجرام المتنوعة.

وتذكر المؤلفة الصفات الواجب توافرها في المحقق الجنائي كالاستقامة والنزاهة والدقة في العمل والشجاعة والهدوء وسرعة البديهة وقوة الذاكرة إضافة لضرورة إلمامه بعدد من القوانين والعلوم كالقوانين الجزائية وعلم النفس الجنائي وعلم الإجرام ومبادئء الطب الشرعي وعلم الفراسة وفن التنكر والثقافة العامة.

وتعرف القدسي بأدلة التحقيق الجنائي وماهيتها وأنواعها من مادية ومعنوية لتنتقل بعدها إلى دراسة الآثار المادية وأهميتها معرفة إياها بأنها ما يتركه الجاني من مواد سواء كان ذلك ناتجا منه أو من أدوات استخدمها في الجريمة.

وتبين المؤلفة أن مسرح الجريمة هو المكان الذي تنبثق منه كل الأدلة وهو من يعطي المحقق الجنائي الخيط الأول للبحث عن الجاني بما يضمه من آثار بيولوجية كالبقع الدموية والبصمات بأنواعها والشعر وآثار غير بيولوجية كآثار الأقدام وإطارات السيارات والأسلحة النارية والتراب والزجاج.

وفي الفصل الأخير بالكتاب عن الطب الشرعي تشرح القدسي نشأته وتطوره عبر العصور مبينة أن الطبيب الراغب بالعمل في هذا المجال عليه أن يتخصص في علم الأمراض والتشريح وأن ينال تدريبا وخبرة في الطب الشرعي والسميات لتنتقل بعدها إلى أقسام الطب الشرعي من الطب الشرعي الباثولوجي الذي يعنى بالتشريح المرضي للأموات لمعرفة سبب وفاتهم والطب الشرعي السريري للأحياء الذي يبحث في قضايا كالاعتداءات الجنسية وتحديد الإصابات ونسب العجز لدى المصاب.

والطب الشرعي وفق المؤلفة أحد الطرق العلمية التي تساعد على كشف عوالم الجريمة والتعرف على الحقائق ويرتبط عمل الطبيب الشرعي بالمحقق الجنائي بصورة وثيقة مؤكدة أهمية التوثيق الطبي الشرعي عبر تقرير شامل يعده الطبيب ليستعين به المحقق خلال تقصي الجريمة.

يشار إلى أن الدكتورة بارعة القدسي حاصلة على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق وعلى شهادة الدكتوراه من جامعة بواتييه في فرنسا وتعمل استاذة في كلية الحقوق بجامعة دمشق وعملت نائبة للشؤون الإدارية في الكلية كما شغلت منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ولديها عدد من الكتب الجامعية حول قانون العقوبات الخاص وأصول المحاكمات الجزائية والعديد من الأبحاث التي نشر بعضها في جامعة دمشق.