ثقافة وفن

الثقافة والتحوُّلات الكبر.. (منظور سوسْيوْ فلسفي)

مفهوم الثقافة قديم جداً منذ أيام اللغات القديمة اليونانية واللاتينية، وهي في اللاتينية كولْتورا –cultura بمعنى التحويل والمعالجة والصقْل، وسنجد هذه المعاني ذاتها في لغِتنا العربية الكلاسيكية المعجمية، حيث تجد دلالة تثقيف السيف أي معالجته وصقْله ليصير مثقَّفاً، وستجد الكلمة اللاتينية ذاتها في أهم لغات أوروبا الحالية: في الروسية كولتورا – kyᴧbtypα بذات اللفظ اللاتيني فعلياً، وفي الفرنسية كولْتور أيضاً، وفي الإنكليزية مِن ذات الجذْر مع تحويرات في اللفْظ – كولْتشور culture وكلّها تتضمّن معنيين متباينين متقاطبين: المادي والمعنوي الروحي، الملموس والمجرَّد المثالي معاً. وقد تَطوَّرت دلالات وتعاريف الثقافة كثيراً جداً خلال القرن العشرين بخاصة، بل وبصورة انفجارية في نهاياتِه على الأخصّ، بحيث بات يصعب حصْرها، وبحيث صار الحلم المتاح هو إيجاد تعريفات نوعية كيفية أساساً أو التركيز على منهجيات ومقارَبات فهم وتعريفات الثقافة بتواضع، فقط. وتطور كثيراً إرساء العلاقة بين الثقافة والكيانات الكبرى: المجتمع والعلم والتِقانة والبيئة…إلخ، وتكثَّف حضور ثقافة عصر الشبكات والمجتمع الاتصالوْماتي الشَبكي الآن مع ضرورات التفريق بين متمايزَين هنا: الثقافة الشبكية ذاتها، إضافةً إلى مهارات وثقافة التعامل مع الشبكة الدولية بدورِها؛ وصلة الثقافة بالحداثة والحداثِيّة وما بعدهما وصولاً إلى ثقافة الحداثويات ذاتها.

وفي أي حديث عن الثقافة والتحولات الكبرى يلزم أيضاً مِن الناحية المنهجية الميتودولوجية الانتباه إلى تحوُّلين أساسين هما التحوُّلات في الثقافة ذاتها، إضافة إلى التحولات في جواراتها ومحيطها، وفي تفاعلها مع تحولات العصر الكبرى ومشكلاتِه الأهم والأكثر راهنيةً وإلحاحاً.

على ضوء ما سبق سنهتم ونسترشد هنا في الثقافة ضمناً (داخلياً) وجوارياً محيطياً (خارجياً) بالمَسارب والمناحي التالية في علاقات هذه الثقافة بِالتحولات المركَّبة:

I– الثقافة قبل بداية الثمانينيات:

1- المنظومات والمنظوميات والتركُّبية، 2- الإشكالية العالمية في نشاطات نادي روما،  – النظام الدولي/ العالمي الجديد وإعادة بناء العلاقات الدولية، 4- موقع الثقافة في تصنيفات مشكلات العصر الكبرى، 5- الثقافة والعولمة، والعولمة الثقافية، 6- الثقافة في فلسفة المادية الجدلية والتاريخية مِنْ قبْلُ ومِنْ بَعد، 7- الثقافة في الاستراتيجيات التنموية  لهيئة الأمم المتحدة وعقودِها الإنمائية؛

-II- نحن والثَقافة: الانفجار الكبير Big Bang (1982-1984)؛

-III- الثقافة ما بَعد: مِنَ الخواء إلى التحوُّلات الكبرى؛

-IV- مِنْ أرشيفِنا الثقافي الأُوتوْ فكروْغْرافي.

وفي عجالةٍ كهذه لا يمكن الاسترسال طويلاً، فلا بدَّ من التركيز والتكثيف والاختصار الفعَّال.

 

-I- الثقافة قبل بداية الثمانينيَّات

1 – الثقافة والمنظوميّات كان ثمة جهود ريادية في رؤية الثقافة كمنظومة ومقاربتها منظومياً قام بها بعض علماء الاجتماع والإناسِيّين والإثنوغرافِيين والباحثين المجتمعيِّين بإجمال ومنهم: بارسْونْز وهوميروف وليفي شْتراوْس وغيرهم، إلاَّ أن المنظوميّات كعلوم ومقاربات ومنهجيات لم تتبلور وتنضج عالمياً كما ينبغي قبل الستينيَّات، لكنَّها بالإجمال تجاهلت الثقافة عدا بعض الاستثناءات، ووُجِد عالمياً في السبعينيات معهداْ بحث للمنظوميَّات هما:

آ – المعهد الدولي للتحليل المنظومي التطبيقي – (إيْئِياسا) – في لاكْسينْبورغ قرب فيينا (تأسس عام 1972) وضم أهم دول العالم المتقدِم في الشرق والغرب على السواء، ودرَس أهم مشكلات العالم المعاصر وأكثرها راهنيةً وحضوراً وتأثيراً عدا الثقافة التي بقيت غائبة مغيَّبة،

ب – المعهد الاتحادي العام عموم السوفييتي للدراسات المنظومية – (فْنيْئيْسي) – في موسكو ( تأسَّس عام 1976) واهتمّ بدوره بأهم مشكلات العصر الكبرى باستثناء الثقافة كالعادة، عدا حالات نادرة استضاف فيها خبراء اليونسكو إلى ندوات (عام 1979 مثلاً). ولم يتغيَّر الوضع بوضوح في الموقف من منظوميات الثقافة قبل بدايات فأواسط الثمانينيَّات وتالياً.

2 – الثقافة والإشكالية العالميّة في نشاطات نادي روما

اشتهر نادي روما عالمياً بنشاطاتِه العلمية الفكرية وتقاريره المتخصصة التي أثارت اهتمامات ونقاشات سائر الأوساط الثقافية الفكرية والعلميّة في الشرق والغرب، بل وفي كل مكان، منذ أعتاب عام 1970 حتَّى بداية الثمانينيَّات، وكان له الدور الريادي في التعريف بالإشكالية العالمية المعاصِرة كِلّيانيّاً ومنهجياً وعلْمياً ومقاربتِها ككلّ بإجمالٍ وكوحدة، ما لقي اعترافاً بهذا الدور الطليعي ليس في الغرب وحده، بل وحتى في الشرق المخاصِم إيديولوجيّاً، وقد اهتمت تقاريره شبه المنتظمة سنوياً على مدى السبعينيَّات بكل شيء عالمي ومستقبلي وملح عدا الثقافة طبعاً، وكي تعرف جزْءاً من القائمة التي غابت عن حضورها الثقافة كلّياً، ولا حتى في المؤخِّرة، إليكها من عناوين بعضُها تُرجم عربياً (ولاسيما من وزارة الثقافة السورية) وبعضُها لم يُترجَم عربياً أبداً على أهميته الاستثنائية للعرب، لكنّ الثقافة غابت في سائر الحالات عربياً وأجنبياً: حدود النموّ – الخروج من عصر التبذير – العالم على مفترَق طُرق –إعادة تشكيل النظام الدولي (resheping، وفي نصوص أخرى rechaping أي ch بدل sh، وَتْشابّ chap تعني في الإنكليزية الفتِيّ أوْ الشاب أي أنها كالأصل العربي الذي أَفترِضُه – شاب لفظاً ودلالةً، وهنا يكون المعنى: إفْتاء أوْ تفْتية مع لاصقة re أي إعادة الشباب ß إلى النظام الدولي) – النوعيّات/ الخصائص البشرية – ليس للتعلُّم حدود – الطاقة العَدّ العكْسي – الميكروْ اليكْتْرونيّات والمجتمع للفرَح أَمْ للَبلاء – أهداف أمام البشرية…إلخ ولكن بلا موضوعة الثقافة لا تلميحاً ولا تصريحاً؛ وقد انحسر حضور وتأثير بل وإصدار تقارير نادي روما مع بدايات الثمانينيّات بطبيعة الحال.

3 – الثقافة والنظام العالمي الجديد: لم توجد أبداً قبل بدايات الثمانينيات حتى في تقرير نادي روما المتخصص بهذا النظام، ولا في دراسات وإصدارات الشرق والغرب على السواء حول هذا النظام الذي عرف عشرات الإصدارات مع المزيد عنه ككل – عدا الثقافة – في تركيز إضافي وخاص على النظام الاقتصادي الجديد أساساً، وبعض الاهتمام بالنظام الإعلامي الجديد (هكذا فهمه العرب مذْ مذاك والذي هو فعلياً نظام معلومي جديد يشمل الجانبين، أو هو إعلامي / معلومي للتشريح والإيضاح)؛ وقد وجدت اهتمامات نادرة بالنُظم الأخرى: العلمي – التقني والتكنولوجي والاجتماعي بل والسياسي…إلخ لكن ليس بالثقافي؛ والحديث عن نظام عالمي حينها فيه تجاوُز أصلاً لأن الطروحات استخدمَتْ تعبير الدولي أساساً.

4 – موقع الثقافة في تصنيفات مشكلات العصر الكبرى

هي غائبة كلّياً تقريباً قبل الثمانينيّات، لأن نادي روما الذي عالج عدداً وفيراً من هذه المشكلات لم يتطرَّقْ إلى الثقافة أوْ يعدّها من بينها، وفي تصنيفاته النَسَقية المنهجية لمكوِّنات الإشكالية العالمية – على تعدُّدها – لم يوردْ الثقافة في التصنيف ضمن المكوِّنات؛ وفي الشرق الأوروبي السوفيتي الاشتراكي صدرتْ كتُب وأعمال كثيرة عن أكثر مشكلات العالم الملِحّة بصورة إفرادية عن كلّ منها في حقبة نهاية السبعينيّات ولكن بلا الثقافة ولو لمرَّةٍ واحدة في عداد مشكلات العصر الكبرى الراهنة الملِحّة، وفي نهاية عام 1981 نضَجت وتبلْورت تصنيفات هذه المشكلات هنا كمجموعة كلّية واحدة – ككتلة إشكالية مندمجة – لكنَّ أغلبَها أغفل الثقافة في التصنيف الكلّي، وقد صدرَ نِهاية ذاك العام في موسكو ثلاثة أعمال تحمل العنوانَ ذاته المركَّب/ التركيبي لأوّل مرة ولمؤلِّفين مختلفين هو: مشكلات العصر الكبرى (أوْ «الغْلوبالية» – أي العالمية الشاملة أو التي سمَّيناها الكوكبية سبقاً وتأْسيساً للمرة الأولى مذ ذاك عام 1982)، والمؤلِفون هم: «خَزين» (مِن منظور إيديولوجي ناقِد، وتَغيب لديه الثقافة كلِّياً)؛ والعمل الجماعي لباحِثيّ معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، وهنا حضرت الثقافة بخجل شديد في التصنيف كهامشٍ ذيليّ لمشكلة الإنسان بمعيّة الحضور الجانبي لمشكلات كثيرة أُخرى بدورها ملصوقة بمشكلة الإنسان وكانت تستحق التصنيف كمشكلات عالمية كبرى ومعتبَرة جديرة بالاستقلالية عن غيرها في التصنيف العام أمثال ما يلي: مشكلات التمدين (التحضُّر) ومستوى الثقافةوالتعليم وأزمة المعلومات؛ أمَّا المؤلَّف الثالث بالعنوان ذاتِه فهو الذي حضرت فيه الثقافة بوضوح تصنيفاً فبقي الوحيد أو الأوْحد الذي كرَّمها بالتصنيف ضمن مشكلات العصر الكبرى فعلاً والمؤلِّفان هما زَغْلادين وَفْرولوف (المختصَّان بالفلسفة) والعَملُ ذاتُه تناول المسألة من زاوية علمية واجتماعية.

وفي التصنيف العربي الأنضج غابت الثقافة كلياً أيضاً، في أهم وربما أول تصنيف، في مجلة الفكر العربي بمحور «المستقبلية علم العلوم»، ع/10/عام1979 ضمن “أهم التحديات والأخطار لحضارتنا”.

5 – الثقافة والعولمة: غابت نهائياً وقطعياً لعدم ابتكار مفاهيم ومصطلح العولمة بعد، مما حصل منتصف الثمانينيّات فقط وبعد.

6 – الثقافة في فلسفة الشرق الأوروبي وفي المادية التاريخية: الفلسفة المادية الجدلية هي فكر وإيديولوجيا الشرق الأساسة حينها، ومع الجناح الآخر – المادية التاريخية – شَكَّلتْ فلسفة الماركسية واليسار العالمي النافِذ؛ لا توجد في المادية الجدلية مسألة الثقافة من أساسِه وفي المبدأ، لأنها إنْ وجدت فسيكون حضورها في المادية التاريخية وليس هناك، خصوصاً وأنَّ هذه هي بمثابة الفلسفة الاجتماعية التاريخية أوْ هي النظرية السوسيولوجية العامة، لكنَّ الثقافة مع ذلك لم تَنْوجدْ ولم توجد هنا بدورها ولا حتَّى في مباحث الوعي الاجتماعي الأقرب إليها فطْرةً وبداهةً (حتى هنا لم يقل أحدٌ للثقافة : “ما أحلى الكحل بعيونك”)، تريد توثيقاً تأكيديّاً على مزاعمي إليكَها إذنْ:

-آ- نهاية الستيّنيّات ظهرت في سورية أوّل ترجمة مكتملة لكتابٍ في المادية التاريخية عربياً ولا وجود لمفردة ومصطلح الثقافة ثَمّةَ على الإطلاق ولا حضور لها في أيّ عنوان فهْرسي شامل لا في العناوين الرئيسة، بل ولا في الفرعية: غياب كامل في منظومة المقولات… والكتاب مِن تأليف كيللي وَكوفا لزون، -ب- أفانا سييف مختص بالفلسفة ومجدِّد في الإدارة والمنظوميات، له كتاب مترجم إلى العربية عام 1983 عن دار التقدم بعنوان «أسس المعارف الفلسفية»، وفيه لن تلمح عنوان الثقافة أبداً لا في الأصول ولا في الفروع، كما لن تجد أثراً لتراثِه المنظومي الثريّ فعلاً مع بدايات الثمانينيات بالروسية (في كتب عديدة حول المنظومية والمجتمع ومنظوميات الإدارة…إلخ)، لكنْ ليس في مجال الفلسفة ككل ولا المادية التاريخية بخاصة ولا في حقل الثقافة من باب أولى، وقد نجد لذلك بعض العذر في أن الكتاب المترجم عام 1983 ربما كان صادراً منذ نهايات السبعينيّات بالروسية، وهذا ما يقود إليه المكتوب على الغِلاف: «صدرت من هذا الكتاب 12 طبعة وترجم إلى عشرات اللغات الأجنبية».-ج- الأكاديمي ف. كونْسْتانْتينوف رئيس المجمع الفلسفي السوفييتي حينها له كتاب صدر في موسكو عام 1982 بالروسية عن دار نشْر «العلم» بعنوان «الفلسفة الماركسية اللينينيّة والعصر» في إطار أكاديمية العلوم السوفييتية والمجمع الفلسفي السوفييتي، وستجد الحكاية ذاتها مكرَّرةً هنا: الحديث عن أيّ وكلّ شيء عدا الثقافة، مع العلم أن الكتاب لم يهتم كثيراً بالمادية الجدلية، بل بالحاضِنة المفترضة للثقافة أساساً أيْ: المادية التاريخية والعصر. -د- الاستثناء الوحيد الذي حضرتْ فيه الثقافة بخجلٍ شديد وبحجم صفحَتين لا أكثر مِن كتاب حجمُه 464 صفحة في الفلسفة جامعياً وتدريسياً هو كتاب: «أسس الفلسفة الماركسية – اللينينيّة»: كتاب تدريسي مقرَّر وبالروسية صادر في موسكو عام 1981 عن دار نشر «الأدبيات السياسية» كمقرَّر للمؤسَّسات التعليمية العليا من وزارة التعليم العالي… السوفيتية، الطبعة الخامسة، وهنا تجد الثقافة في مكانِها الأولي الإجرائي المفترض والصحيح أَي في الفصل الخاص «بالوعي الاجتماعي» – (ترجماتُنا السابقة غير دقيقة استخدمتُها للإيضاح فقط والصحيح هو: الوعي المجتمعي) – أي الفصل الذي حمل عنوان: «بنْية وأشكال الوعي المجتمعي»في البند الأول بعنوانِه الفرعي: «مفهوم الثقافة الروحية» ص322-324. وبالطبع تميَّز الكتاب ويستحقّ الشكر، لكنَّ الثقافة الروحية الآن لم تعد شيئاً في محيط وأوقْيانوس مفاهيم الثقافة الحالية. وسنجد لاحقاً انقلاباً حقيقياً كبيراً في هذا الشأن بعد البيريسترويكا (إعادة البناء) وخصوصاً في مقرَّر للفلسفة ذاتِها طباعة 1988.

7 – الثقافة والاستراتيجيات التنْموية الأممية: اهتمت الأمم المتحدة بوضْع وإصدار سلسلة ما عُرِف بالاستراتيجية التنموية العالمية على مدى عقود بدْءاً من الستينيَّات وصولاً إلى نهاية الألفية عام 2000، وقد رصدتُ الأمر في العقود الإنمائية العشرية لأجد الثقافة غائبة كلّياً حتى عن العقد الإنمائي الرابع بعد مرور قرابة أربعين عاماً عليها وبروز وصعود ما استجدّ وحضر من جديد عصرنا الراهن وتراثِه المتنامي على الدوام. وكي تعلم حجم الإهمال والإجحاف بحق الثقافة أمميّاً أيضاً سأعرِّفك على بُنود وعناوين هذا العقد الرابع الأحدث نسبياً والذي لم تجد الثقافة لها مكاناً من بينها في الاستراتيجية التنموية: منحى الثمانينيّات وتحدّيات التسعينيَّات – أهداف وموضوعات – في مجال الديون – وفي مجال التمويل الخارجي للتنمية – السلع والبضائع – العلم والتكنولوجيا – السياسات والمعايير الصناعية – جوانب الأولوية في التنمية – الثورة الإنسانية والتنمية المؤسّسية – في مجال الرعاية الصحية الأولية والحماية من الأمراض المزمنة – السكان – البيئة – دور منظمة الأمم المتحدة – المراجَعة – التجارة الدولية – أوضاع البلدان الأخفض نموّاً (البْلدان «حضيضِيَّة النموّ» أوْ بلدان «العالم الرابع») – الزراعة – استئصال الفقر والجوع. [تجد هذا كلَّه في كتابنا: «العولمة اجتماعياً العولمة الاجتماعية والمنظمات الدولية؛ دار «المنارة»، بيروت/ دمشق، 2003، ص17-27].

 

البعث ميديا || د. معن النقّري