محليات

تحقيق || رغم الصعوبات.. المحاصيل الشتوية في طرطوس بوضع جيد

يبدأ التنظيم الزراعي للخطة الإنتاجية الزراعية الشتوية اعتبارا من شهر آب من كل عام، وبعدها يتم تنفيذ الزراعات حسب المواعيد لكل محصول وموعد الأمطار، لتملأ أسواقنا طيف من ألوان وأنواع المحاصيل الشتوية المتنوعة، وكل الفضل للمزارعين الذين لم تمنعهم الصعوبات والخسائر من مزاولة عملهم في أراضيهم، فمنهم من يسعى ليحقق اكتفاء ذاتيا لأسرته من الزراعات الشتوية التحميلية التي يقوم بزراعتها تحت الأشجار المثمرة كونها لا تحتاج إلى مساحات واسعة وخاصة، كالملفوف والبصل الأخضر والسلق والفجل.. ومنهم من لديه دونمات يستثمرها في زراعة محاصيل متنوعة ويسوق إنتاجه إلى سوق الهال… وللوقوف على  أبرز التحديات التي تواجه المزارعين تحدثنا إليهم فبماذا أفادوا …؟ وما نسبة تنفيذ الخطة الزراعية الشتوية…؟ وعلى ماذا ركزت ؟ وبالتالي ما الأسس التي تم اعتمادها في إعدادها…؟

 

 

التشبث بالأرض

حيان، من قرية المعمورة، وهو مزارع من ست سنوات، لديه دونم سقي وخمس دونمات بعل، وفلاحون آخرون أكدوا أن الملفوف خسر الفلاح الموسم الماضي بسبب انخفاض سعره بالسوق، يقول حيان: زرعت دونم ملفوف ووضعت تكاليف 225 ألف، ربحي الصافي 215 ألف، وبهذا يكون ربحي 90% من التكلفة، ووصل سعر كيلو الملفوف 30 ليرة بسوق الهال والبطاطا بين 90 -100 ليرة، في حين أن تكلفة كيلو البطاطا لمزارع يستخدم سماد متوازن 100 ليرة، وبهذا تكون تكلفتها تساوي سعرها، وأوضح أن الدونم يحتاج إلى خمسة كيلو سماد متوازن، وكمسيون سوق الهال 8% فإن كانت فاتورتي 100 ألف يأخذ السمسار 8 آلاف ليرة إن بقي المحصول في محله ساعة أو أكثر! ويخضع المنتج للعرض والطلب، وتكلفة الإنتاج على الدولار الذي وإن نزل لا تنزل الأسعار، ويأخذه تاجر سوق الهال بالعملة المحلية!

وعن دواعي الاستمرار بالزراعة رغم الخسائر المتتالية التي يتعرض لها المزارع؟ لفت حيان إلى الأمل الذي يعيش عليه كل موسم وبرحله إلى العام المقبل! وإلى التشبث بالأرض رغم كل الصعوبات والخيبات، كما أن وجود أرض وماء جانب المنزل يشجع المزارع على الاعتماد على نفسه وزراعة محاصيل تحقق اكتفاء ذاتيا لأسرته، كما أن ضيق الحال وعدم وجود مهنة أخرى تساعدنا في ضنك العيش يجعلنا نتشبث بأرضنا أكثر وأكثر، متسائلا: من لديه أرض هل يتركها؟ وأشار إلى أن مناطقنا مشجرة لذلك فإن أغلب المحاصيل الشتوية تحميلية بنسبة 90%، والزراعات التحملية تحقق اكتفاء ذاتيا بينما توجد مساحات خاصة لزراعة القمح والشعير، وبرأي حيان وحتى لا يستدان المزارع من الصيدلية الزراعية يجب دعم الدولة لمشروعه الزراعي وذلك بمنحه قرضا .

 

إنتاج يكفي و يزيد

والدريكيش كمنطقة ذات مناخ بارد و مرتفعة عن سطح البحر، تزرع فيها المحاصيل الشتوية وبوفرة، كسواها من مناطق المحافظة، حيث بين المهندس حازم كنعان، رئيس مصلحة زراعة الدريكيش، أن سلة غذاء المنطقة بالخضار هما قطاع الدريكيش وقطاع بقعو إضافة إلى سرير نهر قيس والدلبة، وذلك لتوفر المياه، وفي المنطقة اكتفاء ذاتي من الخضر والفواكه الشتوية ويزيد.. وتقسم المحاصيل الشتوية إلى قسمين محاصيل الحبوب والخضار الشتوية، وتتركز زراعة الخضار الشتوية في أماكن تواجد مياه الري، آبار أو ينابيع أو أنهار…وتوجد زراعات بمساحات قليلة حو ل المنازل تسمى الزراعة الأسرية وتحقق الاكتفاء الذاتي.

ارتفاع أسعار المستلزمات

وعرض كنعان الصعوبات التي تواجه مزارعي المحاصيل الشتوية، كما بين أسباب ارتفاع أسعارها، ابتدءا بارتفاع أسعار البذار والأسمدة ومبيدات المكافحة وارتفاع أجور النقل التي تؤثر على أسعار المنتجات، وأضاف: يتم تأمين البذار عن طريق مراكز بيع الأدوية الزراعية، وهي ذات أسعار مرتفعة، والنوعية تختلف من مركز إلى آخر، وأحيانا غير مضمونة المصدر، يشتريها المزارع بسعر مرتفع ولا تعطي نسبة إنبات كبيرة،  وانتشرت المبيدات المهربة مجهولة المصدر والتي تنعكس سلبا على البيئة وعلى فعالية المكافحة، في حين الأدوية التي تأتي ممهورة بختم وزارة الزراعة مضمونة، والأسمدة مضمونة لكن أسعارها مرتفعة فسعر كيس اليوريا 50 كيلو 10,500 ليرة العام الماضي بينما يصل سعره هذا العام إلى 8750 ليرة، وبينما كان سعر كيس السوبر فوسفات 4500 ليرة  وصل حاليا إلى  7560 ليرة من أرض المصرف يضاف إليه أجور عتالة وأجور نقل، وكلما ابتعد المزارع عن المصرف كلما تكبد تكاليف أكثر، كما وترتفع أجور نقل الخضار وأجور اليد العاملة لقلتها بعد أن كان المزارع يعتمد على أبنائه في الزراعة ما ينعكس سلبا على المزارع وأسعار منتجاته.

الأسباب

ونفى كنعان نفيا قاطعا أن يكون الفلاح سببا في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه ومحاصيل الحبوب،  وعزا الارتفاع إلى الظروف الجوية التي تعد إحدى العوامل التي تؤثر على الإنتاج، فإن أتت موجة صقيع على الخضار يدبحها الجليد كذلك الرياح القوية، والعامل الأهم في ارتفاع أسعار المنتجات هو استغلال السماسرة في سوق الهال للمزارعين عند تسويق منتجاتهم، وأوضح ذلك بالقول:  إن كان إنتاج الكيلو من إحدى المنتجات يكلف المزارع 100 ليرة يأخذه السمسار بـأقل من تكلفته الحقيقية، مبينا أن تاجر سوق الهال والمفرق رابح، ووحده الفلاح من يتحمل الخسارة.

مقترحات

وتعتبر منطقة الدريكيش من مناطق الاستقرار الأولى وكميات الأمطار فيها كافية، كما أن المطر يساعد على زيادة كمية الإنتاج / حسب كنعان/ ولتسهيل عمل المزارعين اقترح رئيس مصلحة الزراعة تخفيض أسعار مستلزمات الانتاج وإلغاء دور الوسيط في تسويق المنتج، والأهم فتح أسواق شعبية بإشراف الدولة في كل منطقة لتصريف المنتجات القروية مقابل دفع الفلاح سعر رمزي.

أهداف الخطة

ومن جهته لخص المهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس، أهداف الخطة بتحديد المساحات المزروعة لكل نوع أو مجموعة نباتية وتحديد مستلزمات الإنتاج اللازمة لتنفيذ الخطة، إضافة إلى تحديد المحاصيل التي لها ميزة نسبية (حسب الهدف المطلوب تحقيقه)، أما بالنسبة إلى مساهمتها في زيادة الإنتاج فهذا مرتبط بزيادة المساحة المزروعة.

وحول تنفيذ الخطة الزراعية للموسم الحالي أوضح بلال بأن المساحة المقررة لزراعة القمح /10942/ هكتارا والمساحة المنفذة /10962/ هكتارا، وبهذا تكون نسبة التنفيذ 99 %، في حين أن المساحة المقررة للبطاطا الربيعية 2591هكتار والمنفذة/ 1011 / هكتارا بنسبة تنفيذ 39 %، بينا بلغت نسبة التنفيذ للخضار الشتوية 84% بمساحة مقررة وصلت إلى / 1786 / هكتارا ومنفذة 1508 هكتارا، وكانت نسبة التنفيذ للبقوليات الغذائية 19 %، مشيرا إلى أن زراعة البقوليات الغذائية كالحمص مستمرة، كذلك البطاطا الربيعية.

التركيز على القمح

وردا على سؤالنا حول أهم ما ركزت عليه الخطة الزراعية للموسم الشتوي ؟ وحول المساحات المخططة ومقارنتها مع الخطة السابقة ؟ بين المهندس بلال أنه تم التركيز على زراعة القمح، ونظرا لمحدودية الأراضي الزراعية وخاصة السليخ فإن الزيادة في مساحة محصول ما ستقابلها تناقص في محصول آخر، ويتبين ذلك من المساحة المخططة للتبغ المروي في خطة موسم 2017- 2018  هي /1042/ هكتارا، وفي خطة موسم 2016 -2017 فإن المساحة المخططة /760 / هكتارا وتم ذلك على حساب الخضار الشتوية .

وعن الأسس التي تم اعتمادها في إعداد الخطة ….؟ أفاد مدير الزراعة : يعتبر الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية والتخطيط وفق ميزان استعمالات الأراضي والموارد الطبيعية، كذلك التركيز على زيادة المساحة المخططة بمحصول التبغ والتوسع بزراعة الأعلاف الخضراء…ورأى بلال أن عدم تمكن بعض المزارعين من تقديم الوثائق المطلوبة كانت من أهم الصعوبات التي واجهتهم، وأبرز ما قامت به الزراعة هو الموافقة على اعتماد الكشف الحسي في منح التنظيم الزراعي واعتماد الثبوتيات القديمة في منح التنظيم للموسم الحالي.

دعم المشاريع الزراعية

يمكن القول بأن إنتاج المحاصيل الزراعية بوفرة وتوفيرها بكثرة في أسواقنا المحلية أمر جيد وضروري،  لكن يبقى الأهم المحافظة على توفر وانسياب المنتجات بالأسواق، وانخفاض ثمنها وزيادة كميات الإنتاج وهذا لا يتحقق إلا بدعم المزارع والوقوف إلى جانبه في مشاريعه الزراعية التي ينهض ويتابع بها رغم التحديات …!

البعث ميديا || طرطوس/  دارين حسن