محليات

محاربون قدماء من السويداء: ملاحم تشرين خالدة في صفحات التاريخ

شكلت حرب تشرين التحريرية محطة مفصلية وصفحة مشرقة في تاريخ سورية والأمة العربية حيث أعادت الثقة للعرب وأثبتت جدارة المقاتل العربي السوري وقدرته على تحقيق الانتصار.

وتتزامن الذكرى الخامسة والأربعون لحرب تشرين اليوم مع تواصل انتصارات جيشنا الباسل على الإرهاب والتي هي امتداد لملاحم تشرين وإرث الآباء والأجداد البطولي .

عدد من أبطال حرب تشرين الذين دونوا أسماءهم بحروف من ذهب وشكلوا أمثولة في البطولة والشجاعة ليتحدثوا عن ذكرياتهم وما تعنيه لهم تلك الحرب.

العميد الركن المتقاعد نايف العاقل الحاصل على وسام بطل الجمهورية في حرب تشرين التحريرية كان قائد المجموعة الأولى التي اقتحمت مرصد جبل الشيخ وحررته يستذكر مرحلة التحضير والإعداد للمعركة بعد الحركة التصحيحية مباشرة حيث تم الوصول إلى مرحلة عالية من الجاهزية انعكست على معنويات الجنود لخوض أي معركة بأصعب الظروف.

وعن لحظات تحرير المرصد يقول العاقل:”في الساعة الثانية بعد ظهر يوم السادس من تشرين الأول 1973 هجمنا على المرصد المحصن هندسيا على ارتفاع يتجاوز2600 متر والمؤلف من 3 طوابق محفورة داخل الجبل أحدها تحت الأرض واثنان فوقها ويضم ساحة واسعة تستطيع الحوامات الهبوط فيها وهو محمي من أي قصف مدفعي خارجي ويشكل نقطة تجسسية مهمة على المنطقة.

ويضيف العاقل: تم تقسيمنا إلى مجموعات وخلال 4 ساعات وصلنا إلى المرصد بعد تمهيد سلاح الجو ويقول بفخر: “كان لي الشرف بأن أكون أول الواصلين للمرصد مع مجموعتي حيث أخذت حربة أحد المقاتلين وقطعت علم الاحتلال الإسرائيلي ووضعت العلم السوري مكانه وكانت تلك اللحظات زمنا قياسيا بالنسبة لي حيث لم تتجاوز عملية السيطرة على المرصد بشكل كامل 30 دقيقة”.

ويبين العاقل كيف كان لتوجيهات القائد المؤسس حافظ الأسد دور كبير في رفع معنويات الجيش واندفاعه لتحرير المرصد، لافتا إلى إصابته بذراعه وخاصرته في اليوم الثالث للحرب حيث طلب من قائده المباشر آنذاك إعطاءه بندقية لاستكمال القتال إلا أن جراحه كانت تتطلب إسعافه للمشفى وبعد تماثله للشفاء عاد إلى قطعته العسكرية ليجد نفسه مع المقاتلين الذين نالوا وسام الجمهورية وهذا ما حمله مسؤولية أكثر طوال خدمته في صفوف الجيش العربي السوري.

العميد الطيار الركن المتقاعد عادل سلامة الطويل بطل آخر تقلد وسام أبطال حرب تشرين من مرتبة فارس بعد ان أسقط 3 طائرات معادية في أماكن مختلفة ونفذ عملا بطوليا بعد نفاد الوقود من طائرته وأنقذها بهبوطه في أراض صحراوية إضافة لإسقاطه طائرات معادية قبل وبعد الحرب.

الطويل يروي كيف تم تنفيذ المهام المسندة للقوى الجوية والضربة الأولى والمباغتة في الساعة الثانية ظهرا من اليوم الأول للحرب بقوام 200 طائرة مقاتلة وقاذفة وحوامات على كل خطوط الجبهة وفي العمق العملياتي لمواقع العدو وتجمعاته مع التشويش على محطات رادارات العدو ووسائط قيادة نيرانه وصواريخه وكيفية الإنزال الجوي على مرصد جبل الشيخ ومواصلة القوات الجوية تنفيذ مهامها ضد الأهداف المعادية.

ويبين الطويل أن حرب تشرين أغنت التاريخ العسكري الحديث بالدروس العملية وكانت جديرة باهتمام جميع مفكري العالم وقادته العسكريين ممن عملوا على تتبع وقائعها واستخلاص الدروس المستفادة منها والتي أظهر خلالها الطيارون السوريون كفاءة كبيرة في المعارك الجوية وقدموا دعما ناريا وروحا معنوية عالية للقوات البرية.

رئيس رابطة المحاربين القدماء بالسويداء العميد سمير نصر الدين الذي كان قائد سرية مدفعية في حرب تشرين يشير إلى مدى التلاحم بين الشعب والجيش وقيادته وكذلك المعنويات المرتفعة التي كانت لدى الجميع ومدى الاستعداد والجاهزية لها رغم أنها حضرت بسرية كاملة.

ويروي نصر الدين كيف جاءتهم التعليمات لتحضير الذخيرة والمدافع والعناصر قبل نحو نصف ساعة من انطلاقتها ثم تقدمهم بالدبابات بعد ثلث ساعة على بدئها واصفا كيف تصدت وسائط دفاعنا الجوي لطيران العدو الذي بدأ بالتساقط وكانت أجمل اللحظات التي عاشها بالقطاع الشمالي رؤيته عملية الإنزال على مرصد جبل الشيخ والسيطرة عليه خلال الساعات الأولى مع رفع العلم السوري.

نصر الدين الذي حصل على وسام الشجاعة وقدم سنتين بالرتبة أبدى فخره بالمشاركة بتلك الحرب موجها التحية لرجال الجيش العربي السوري الذين يتابعون اليوم المسيرة بالتصدي للإرهابيين التكفيريين ومؤكدا أن الجيش العربي السوري سيبقى دائما في الطليعة يحمي الوطن ويتمسك بعقيدته القتالية وطن.. شرف.. إخلاص.