ثقافة وفن

التشكيلي حسن حمدان العساف: جداريتي القادمة سورية تاريخ وحضارة

الفنان التشكيلي حسن حمدان العساف.. ليس اسما نافلا على المشهد الفني التشكيلي السوري والعربي،هو المنتمي لجيل مابعد الرواد بالحداثة التشكيلية في الجزيرة السورية- تحديدا الحسكة- التي قدمت أسماء على غاية من الأهمية في سورية والوطن العربي والعالم.

منذ بداياته المبكرة في الرسم نجح الفنان حسن حمدان العساف، في تحديد الخطوط العريضة لمشواره الفني. من حيث الخط واللون والموضوع والفكرة، مع اقتراب أكثر وبكثير من الشغف في تكريس بصمة فنية سرمدية. وهذا ماحدث مع مرور الزمن وتعاقب السنوات. في رصيده من العمر سنوات عديدة قضاها مع مشروعه الأكبر وهاجسه النبيل في عشق الفن، رصيده في الإبداع الكثير من المعارض داخل القطر وخارجه، وعشرات الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية. هنا حوار مع الفنان التشكيلي حسن حمدان العساف.

تجربة في عالم التشكيل

مرت تجربتي الفنية بعدة مراحل فنية متنوعة، لكنني اتخذت من التعبيرية والواقعية منهجا فنيا للمراحل الأخيرة من تجربتي الفنية، ولا أغالي حين أقول أن تجربتي الفنية تميزت وتتميز بتلك النكهة الخاصة التي ابتدعتها من ذاتي لذاتي، بمعنى آخر أنا ابتكرت منهجا فنيا يخصني ويكرس علامتي الفارقة في المشهد التشكيلي السوري والعربي. ولا أخفيك أني استفدت كثيرا من مكونات البيئة التي انتمي إليها، والتي انغرست مع شريان إبداعاتي منذ طفولتي، والتي ظلت ترافقني كالوشم في ذاكرتي المكتظة بسحر وغواية وطقوس وفولكلور تلك الجزيرة الجميلة، أقصد الحسكة.التي كونتني وأطلقتني إلى العالم فنانا له بصمته الخاصة،وله خصوصيته وهذه آراء للنقاد.

 

شغف باللوحات الجدارية؟

منذ مايقارب الأربعين سنة، وأثناء عملي كفنان تشكيلي في بعض الدول العربية، كانت اللوحات الجدارية التي أرسمها هي مسرحي وملعبي وملاذي الجميل والآمن، وهي الرئة اليسرى التي تمنحني أوكسير الحياة لأن أقدم المزيد. هي تلك المساحة الناصعة البياض كما قلوب الأطفال، تفتح ذراعيها لاحتضان ألواني بكثير من الفرح والمحبة، نعم الجداريات هي ملعبي الذي أفنيت عمري من أجل أن يكون علامتي الفارقة، وتلك السمة التي تخص بصمتي الفنية الخاصة بي. هذا لايعني أنني لاأرسم لوحات بمقاسات محددة ومختلفة، لكنني أميل أكثر إلى اللوحات الكبيرة. رسمت جدارايات كبيرة بطول ( 14) متر. ورسمت عدة جدارايات عن: (حرب تشرين التحريرية) و(معركة حطين) وغيرها.

 

مشروع الجدارية القادمة؟

أقوم الآن على رسم جدارية تؤرخ لبلدي سورية، منذ بدء تاريخها لغاية أيامنا هذه. هذا المشروع الذي أسست له عدة دراسات، وهذه الجدارية سترى النور قريبا.

 

الثالوث المميز في لوحاته، (المرأة – البورترية – والجياد)؟

المرأة ينبوع الحياة وبدء تكوينها، هي ملهمة الشعراء والأدباء، وهي التي تشكل نسغ الحياة للأديب والفنان، هي اللوحة الخالدة التي أبدعتها الحياة في أقصى تجلياتها، فهطلت على عالمنا الفني كيمامة نذرت روحها وتحليقها عشقا أزليا للحياة. فكان لها علينا الكثير من الدين الجميل.

بالنسبة للبورتريه، نحن في الحياة عموما وفي علم النفس بشكل خاص، نجد أننا وفي اللقاء الأول مع أي شخص سيكون معظم النظر متجها لوجه من نلتقي أو من نحاور، ونمعن كثيرا في انفعالات الوجه بكل ملامحه وانفعالاته، على الصعيد الفني والجمالي البورتريه نجد تواجده وحضوره منذ عصر: (دافنشي ومايكل انجلو إلى بول سيزان وبول غوغان مرورا ببيكاسو ومايلي ذلك من أسماء) أن البورتريه كان المكوّن لمادة فنية راسخة في تقاليدها الفنية ومؤشر هام بل هام جدا على قدرات الفنان وما يملكه من أدواته الفنية وما مر بها من تجارب وخبرات في مختبره الفني.

أما الجياد فهي ذاك العشق الموغل في القدم، هي صنو الروح والهاجس الجميل والشغف المحلق في دياجير الليالي، هي عشق قديم، تتخذ في لوحاتي معادل فني وبصري ومعرفي وجمالي، هو علامة فارقة في تجربتي الفنية والحياتية، هذا الكائن الجميل والأصيل والنبيل، له تلك الفسحة الكبيرة في أعمالي الفنية وفي حياتي. وأنا افخر وأعتز بذلك.

عن المعرض الجماعي الأخير الذي أقيم في صالة المعارض في المركز الثقافي العربي في الحسكة. سألته عن انطباعاته ورأيه؟

المعرض فرصة مناسبة ولقاء حميمي جميل ومؤثر للغاية، وبالتالي فهو رسالة إنسانية نبيلة وسامية،رسالة إلى العالم أن الحياة الإبداعية في سورية لم ولن تتوقف رغم الحرب الجائرة، التي كابدنا الأمرين منها ومن ويلاتها لقد جاء هذا المعرض ضمن فعاليات الاحتفاء بيوم الثقافة السورية. ضم 25 لوحة لفنانين رواد جاءت نتاجات من مختلف المدارس الفنية التشكيلية كالواقعية والتعبيرية والكلاسيكية والتجريدية، عبر مواضيع متعددة عالجها الفنانون وفق رؤيتهم الفنية تركت أثرا لدى زوار المعرض. هذا المعرض بمثابة التحية لهذا الشعب السوري الذي صمد ولسنوات أمام هذه الحرب الشنيعة. أما من حيث المشاركة فيه لقد كان المعرض مفعم بتجارب فنية لأجيال متتالية من فناني الحسكة. والمعرض بكل أطياف لوحاته شكّل، فسيفساء لونية متناغمة ومتجانسة من حيث تكّريس الوحدة الوطنية في هذه المحافظة المعطاء. وهو وعلى الرغم من قسوة الظروف، كان رسالة أمل وتفاؤل ليعلن أننا شعب يعشق الحياة، وكله شغف بالفن والإبداع . والرسالة الأهم أن الحركة الإبداعية والفنية تتعافى مع تعافي سوريتنا الحبيبة.

البعث ميديا || حاوره: أحمد عساف.