Uncategorized

الواقع الزراعي والثروة الحيوانية تواضع في الدعم و تراجع في المؤشرات الإنتاجية والعددية

لا يمكننا في الوقت الراهن الاعتماد كثيراً على التجارب الاقتصادية ومغامراتها في رفع مستوى معيشة المواطن السوري، فقد أصبح الجميع يعلم ضبابية هذه السياسات، وعدم فاعليتها على أرض الواقع، بدءاً من عدم استقرار الدولار والسيطرة عليه، وانتهاء بأزمة الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وعدم ضبطها، لذلك من الحكمة التوجه إلى الواقع الزراعي والثروة الحيوانية لأنهما مصدر العمل الرئيسي لمعظم المجتمع السوري، ويمثّلان جزءاً كبيراً من مصادر الدخل الأساس في الناتج المحلي السنوي، وعلينا ألا ننسى الدمار الكبير الذي لحق بهما، بالإضافة إلى المشكلات العديدة التي تواجه هذين القطاعين كغياب تسويق الفائض لبعض المنتجات كالتفاح، والبرتقال، وغيرهما من المحاصيل التي تكلّف زارعيها الكثير، وخصوصية الزراعة في سورية التي تعتمد على مزروعات سنوية تعاني من نقص اليد العاملة، والأوضاع البيئية والتسويقية، كالقطن، والقمح، والشوندر السكري، والتبغ، والبقول، أما الأشجار المثمرة فهي أقل تأثراً بالأسباب السابقة كالزيتون، والعنب، والحمضيات، والتفاح، والكرز، والمشمش، والفستق الحلبي، وتعتبر الأكثر انتشاراً في سورية.

واقع مجحف

قدمت الحكومة مؤخراً العديد من الاقتراحات والإجراءات لدعم القطاعين الزراعي والحيواني، وتشجيع المزارعين للعودة إلى حقولهم، ومساعدة الشباب العاطلين عن العمل في الريف، والأسر الفقيرة، والأسر التي فقدت معيلها، في الوصول إلى مصادر التمويل الممكنة في كل منطقة، بما فيها توجيه جزء من العمل الخيري ليكون مصدر تمويل ممكناً، للعودة إلى العمل الزراعي، أو المشروعات المرتبطة به، وبعض المحاولات للتعاون بين مجموعات وقطاعات أخرى ترتبط مصالحها مع المنتج الزراعي، وبحسب رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو فإن الواقع الزراعي السوري، بما هو عليه، كان يسير نحو الأسوأ، فاليد العاملة الزراعية، والمساحات المزروعة تقلصت جداً، والأهم هو الانخفاض الكبير في كمية المحاصيل للمساحات المزروعة نفسها، وتلعب الطبيعة دورها في هذا القطاع، حيث يتحمّل الجفاف جزءاً يسيراً، وبالعموم هناك أوضاع مجحفة بحق هذا القطاع الإنتاجي، حيث يعاني من ضعف القدرة التصديرية، ويتطلب استيراد العديد من المواد  كالبذار والأسمدة، وبعض الأصناف الموسمية المبكرة من الخضار والفواكه.

دعم متواضع

يلجأ المزارعون لتربية المواشي، والاعتماد على الثروة الحيوانية لدعم وتحسين واقعهم المعيشي، وتم دعم مربي الأبقار عبر اتحاد غرف الزراعة، واستيراد كمية من الأبقار وزعت على الفلاحين، ويضيف كشتو: نعمل على تحسين واقع الثروة الحيوانية من خلال الجولات الدائمة على المربين، وتأمين كل ما يلزم لهم من الإرشادات الطبية، وتأمين الأدوية لمواشيهم، والعمل مستمر حالياً في عملية الترقيم للأبقار، وتقديم الإحصائيات اللازمة من الوفيات والولادات، بالإضافة إلى تأمين الأعلاف بأسعار مقبولة، خاصة أن بعض معامل الأعلاف بدأت بالإنتاج والتوزيع، وتأمين متطلبات هذا القطاع بالكامل، وهناك مؤشرات إيجابية في تحسن واقع تربية الأبقار، وإنتاجه على المستوى المحلي، ويجب أن نذكر مزارع النحل  بخلايا نحل جديدة وزعت في معظم الأرياف، وتم العمل على تسجيلها ضمن إحصائيات جديدة أضيفت إليها خلايا النحل القديمة، وتشير بعض الإحصائيات  لتطور في تربية الحيوانات الحلوب، وهو متواضع في الأبقار والأغنام، حيث لا يتماشى مع نسب النمو العام، في حين تضاعفت نسبة تربية الماعز 100%، ما يدل على توجه معظم الفلاحين لتربية حيوانات حلوب ذات كلفة وجهد أقل من الأبقار التي تحتاج إلى جهد أكبر.

 

هشاشة الفروج

وبالنسبة للدواجن التي تعتبر جزءاً من الثروة الحيوانية بسبب أهميتها  الاستهلاكية، ورخصها مقارنة باللحم الأحمر، ويتراوح متوسط الإنتاج السنوي من طير الفروج 25 مليون سنوياً، ويبدو هذا المتوسط شبه ثابت، يشير مدير عام مؤسسة الدواجن سراج خضر إلى أن قطاع الدواجن شهد تقلبات كبيرة بفرعيه البياض والمعد للأكل، وذلك بسبب خسارات المربين الكبيرة في هذا القطاع نتيجة هشاشة الفروج، والمدة الثابتة لتربيته، وغياب إمكان التأخر في تصريفه لما يترتب على ذلك من خسارات، وينطبق الأمر على البيض بصورة أقل الذي استفاد من فتح الطريق البري إلى العراق، ويبلغ عدد مداجن الفروج المرخصة وغير المرخصة حوالي 10 آلاف مدجنة يصعب حصرها بشكل دقيق، كما أنها لا تعمل جميعها بعمل واحد، ولا بأرقام منتظمة، وإنما يخضع عملها للمواسم والتقلبات السعرية، أما فيما يتعلق بتربية البط والاوز والديك الرومي فتبقى ضمن أعداد متواضعة جداً، ومعظمها تكون تربية منزلية عند الفلاحين.

تعرّضت الثروة الحيوانية في سورية للعديد من المشكلات والعوائق  التي سببتها الحرب، ولعل أكثرها يتعلق بنقص المعروض العلفي، وارتفاع أسعاره، بالإضافة إلى الجفاف الشديد، وصعوبة تنقل القطعان في مناطق الرعي الرئيسة للبادية السورية، ومنطقة الجزيرة، وهنا يؤكد مدير الصحة الحيوانية حسين سليمان بأن هذا القطاع كان يعاني من النقص المستمر بالأدوية واللقاحات والخدمات البيطرية، وتعرّض بعض قطعانها للسرقة والموت، ما دفع مربي المواشي إلى التوقف عن مزاولة العمل، أو الانتقال إلى مكان آمن،  كما يواجه القطاع البيطري صعوبات مع الشح الخطر في لقاحات التطعيم الحيواني، لذلك اضطر بعض مربي القطعان في ظل هذه الأوضاع للتخلي عن جزء من قطعانهم، أو الانتقال إلى دول مجاورة كالأردن، والعراق، وتركيا، ويتابع سليمان: تعرّضت  الثروة الحيوانية إلى التقهقر والتراجع أمام تلك الصعوبات، ونتيجة لذلك فإن سورية تشهد تقلصاً في أعداد قطعان الماشية بشكل كبير جداً منذ بداية الأزمة، علماً بأنها كانت من المصدرين للمواشي، وبحسب الإحصائيات انخفضت أعداد الماشية بنسبة 30%، والأغنام والماعز بنسبة 40%، وسجلت أعداد الدواجن انخفاضاً كبيراً وصلت نسبته إلى 60%.

ميادة حسن