ثقافة وفن

نزار بني المرجة في “نام الغزال”.. وجد في زمن الحرب

 

نام الغزال.. عنوان لافت جماليا وشعريا وإنسانيا، وهو يتخذ لذاته نسقا شعريا يحمل عدة دلالات ومكوّنات ذات أبعاد نفسية وترميزية، وهو في ذات الوقت كعنوان لافت، لايقدم مفاتيح نصوصه الشعرية ببساطة لقارئ هذا الديوان، لاسيما ونحن نقرأ على الغلاف العنوان الفرعي الثاني ( تشكيل بالضوء على ليل شيراز ). هذا التشكيل الجميل لا نصيب له إلا الربع أو الأقل من دفتي الديوان. حيث سننتقل فيما بعد لقصائد الحرب وأحزانها وكوارثها وحرائقها، خصوصا وأن الديوان صدر في العام 2014 أي أننا كنا في أوج جراحنا وآلامنا ودمارنا و ( خراب بيوتنا ) وكنا نحتاج لمزيد من المراثي ونحتاج لمعلقات تشيّد لجراحنا مناسك من طقوس الأبدية.

الشاعر الطبيب نزار بني المرجة. الذي صدرت له العديد من المجموعات الشعرية والحائز عدة جوائز. هنا الأمر مختلف معه إلى حد ما، في ديوانه الشعري هذا ( نام الغزال ) نخن أمام تناغم هارموني شعريا وبين أزيز الرصاص والقذائف وبين المرأة الحلم، والوطن الذي لايقهر. في البداية يهدي شاعرنا بني المرجة، ديوانه الشعري هذا إلى: ( الشاعرين سعدي الشيرازي وحافظ الشيرازي ).

ص5 ثم يبدأ ديوانه الموسوم ب: نام الغزال بالقصيدة التي تحمل اسم الديوان. يقول: ( نام الغزال لاتوقظوه لاتقلقوه / نام الغزال هو لايريد سوى الكمال/ هو لايريد سوى الجمال. لاتجرحوه: مفجع دم الغزال / موجع دمع الغزال. نام الغزال..نام الغزال ) ص 9. وبالذهاب إلى القصيدة الثانية، التي تحمل العنوان الفرعي الثاني للمجموعة ( تشكيل بالضوء على ليل شيراز ) المهداة إلى الشاعر سعدي الشيرازي،- قبل أن يتوفى في العام 691هجري – اعتكف الشاعر الفارسي: سعدي الشيرازي في الجامع الأموي بدمشق بجانب ضريح النبي يحيى – وفي بيت شعر له آنذاك يقول ما ترجمته: ( تعرضت دمشق لسنة من القحط / نسي فيها الأحباب العشق والود بينهم ). يقول الشاعر بني المرجة: ( ل شيراز قمر ساهر هنا. ليس مثل بدر هناك! رابض على جبل من الحب، مجد من العشق والصدق والأغنيات ص 14.

هكذا نحن أمام تشكيل بالكلمات يتقاطع مع التشكيل بالألوان لوحات شعرية مشغولة بعناية فائقة كما قطعة دانتيلا. ثمة تيمة تمزج  الطقس الصوفي وبن الحداثة الشعرية. القصائد بكليتها منجز شعري ينتمي لتيار الحداثة الشعرية، وتقرأ بكثير من الشغف، لما فيها من شفافية وعاطفة صادقة ونبيلة أبدعت لنا عذب الكلام وأجزله.

يقول: دع لنا يارباه آخر الأحلام / كي تبقى معنا في اليقظة ، دع لنا ورودا لاتذبل وضوءا لا ينطفئ/ دع لنا من حولنا يارباه ألوانا لاتبهت كي يبقى هذا الكون، جلا ما تريد! ص16.

في هذا الديوان نحن أمام تنويعات شعرية فمن قصيدة الومضة مثل (الفريسة. وحلم. وأمنيات. وصمت) وغيرها.مروا بقصائد تفعيلة ، إلى القصيدة الطويلة المنتمي إل القصيدة العامودية ( الصدر والعجز ) في قصيدة قال قابيل. التي فيها الكثير من البعد الميثولوجي، من الإسقاطات على أزمة معاناتنا وجراحنا ومآسينا في زمن الحرب. يقول: لاشيء غير الموت يالبضاعة / تنهي الحياة فتنتهي الأشياء. والصمت ياللصمت بعد فجيعة: صوت انفجار بعده أصداء. الراحلون تصاعدت أرواحهم/ وجميعهم في عرفنا شهداء!؟ الموت ياللموت نقتل بعضنا / والعابثون ببيتنا سعداء! ص 58 إلى قصيدة تيم بن الأيهم . يقول: الآن اكتمل المشهد ( ياتيم بن الأيهم ) سيعود الزمن جميلا. سيكون الوطن جميلا. ص 90.

ديوان نام الغزال. للطبيب الشاعر نزار بني المرجة من المجموعات الشعرية اللافتة والجديرة بوقفات أطول . إصدارات اتحاد الكتاب العرب 2014 –

البعث ميديا || أحمد عساف .