الشريط الاخباريسلايدمحليات

قرض الـ«300» ألف.. كما يراه الموظفون

بعد الظروف القاسية والمعاناة التي يعيشها المواطن السوري، وبعد تفكير وتجهيز و”مصاريف”، ما أنزل الله بها من سلطان، ورغم اجتماعات الحكومة وقراراتها وإجراءاتها على أساس توفير المعيشة  الكريمة لكل السوريين، إلا أن الوضع الاقتصادي عموماً، في تراجع مستمر، وبالتالي فالوضع المعيشي للمواطن إلى أسوأ حال.

وفي واقع الأمر، فإن المعاناة القائمة على أرض الواقع والضغوط التي طالت مفاصل الحياة المجتمعية بكافة جوانبها، بدءاً من المائدة، وليس انتهاء بتأمين أبسط أمور الحياة، وخاصة أن رواتب الموظفين لاتكفي سد حاجة العائلة من الخبز اليومي، وأجور النقل التي تتضاعف في ظل غياب الرقابة عنها، وضعت الحكومة في مأزق ليس بالقليل، فكانت جملة من القرارات، من ضمنها الموافقة على آلية تنفيذية لمنح قروض للموظفين بقيمة 300 ألف ليرة، لشراء السلع الأساسية والغذائية من صالات السورية للتجارة، موزعة على ستة أشهر دون فائدة ومن غير كفلاء بمعدل 50 ألف ليرة شهرياً، على أن يتم تسديد القرض على مدى 4 سنوات، كما تقوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بتقديم الضمان في حال تم منح قروض دون فائدة للمتقاعدين، وذلك “تحت بند دعم القدرة الشرائية للمواطن”.

وفي الوقت الذي يجب أن يكون دخل المواطن فيه لايقل عن 300 ألف ليرة شهرياً، يأتي هذا القرض اليوم المقسط على ستة أشهر.. فقط للسلع الأساسية والغذائية..

حسبة بسيطة

وبحسبة بسيطة لاتعقيد فيها يقول موظف في البنك المركزي لـ”البعث ميديا”: أنا موظف وأسرتي مؤلفة من خمسة أشخاص، بيتي أجار، وراتبي لا يتجاوز الـ40 ألف ليرة، وكما هو معروف يلزمني ضعف راتبي لتأمين المازوت ومثلها لمؤونة الشتاء وكسوته، بالتالي فالراتب لايحتمل دفع قرض لشهر واحد فكيف لأربع سنوات، مضيفا: حتى أن شروط القرض تعجيزية فهو فقط للمواد الغذائية، وبكل صراحة لن أفكر بأن أرهن راتبي لهم كل تلك الفترة.

ومن جانبها تقول سيدة مازالت تؤسس لحياتها الأسرية، وهي طالبة جامعية وموظفة: أعتقد أن هذا النوع من القروض هو اعتراف ضمني من قبل المعنيين أن راتب الموظف بحاجة لقرض شهري يساوي ضعف راتبه تقريبا حتى يستطيع أن يؤمن احتياجاته الأساسية، ومن جهة أخرى حين ينتهي هذا القرض الذي يستمر لستة أشهر.. كيف سيؤمن الموظف احتياجاته.. هل سنكون مرهونين لقرض آخر؟.. وهل يتحمل راتبنا الصغير كل هذا العبء الكبير؟، مشيرة إلى أن هذا النوع من القروض هو عبء على المواطن وليس لمصلحته.

كما تحدّثُنا طالبة دراسات عليا وموظفة حول القرض فتقول: “لو تعطى الـ٥٠ ألف كل شهر على مدى ستة أشهر ولا يشترط أن تصرف بمكان معين لكان الوضع أفضل نوعا ما، بحيث يكون الفرد قادر على التصرف بالمبلغ كما يشاء.. وهو بكل الأحوال لن يحل أي أزمة في ظل ارتفاع الأسعار التي لاتتناسب أبدا مع رواتبنا”.

ويفضّل السيد جهاد، يعمل في قطاع الإعلام، أن يقوم بالمشاركة بجمعية قوامها عشرة أشهر، ويقول: القرض لايحل أزمة ولايستحق حجز راتبي كل تلك الفترة.. إلى جانب ذلك فهو مفتت..، مضيفا: من سيحصل عليه لن يكون قادراً على تأمين أي شيء من مستلزماته المتنوعة من مدارس ومؤونة شتاء وتدفئة.. فاستمرارنا لايتوقف فقط على تأمين الطعام.

دراسة

ماذكرناه آنفاً حول ضعف دخل الموظف إلى حد أنه لايكفي للأيام الأولى من الشهر، تؤكده دراسة للمكتب المركزي للإحصاء، تقول فيه: (إن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية للعام “2018 بلغ 325 ألف ليرة شهرياً”، مشيرة إلى أن هذا الرقم لايعكس الواقع وذلك بسبب تغير النمط الاستهلاكي وفق معطيات الحرب الذي أدى إلى ظهور إنفاق بات ضرورياً للأسرة إلى جانب الغذاء كالإيجارات ونفقات النقل والرسوم الجديدة ونفقات التعليم)، فيأتي هذا القرض ليؤكد هذه الدراسة فيما يشبه الاعتراف بأن راتب الموظف لا يكفيه، وتحت بند “المساعدة” المؤقتة، لكن السؤال، حين تنتهي مدة المساعدة المحددة بستة أشهر، كيف سيستطيع الموظف أن يؤمن متطلباته، وهل المشكلة تحل بالقروض المؤقتة؟!.

في المحصّلة

قرار توقعت فيه الحكومة أنه قد يحل أزمة من الأزمات المعيشية اللامتناهية، قرض يصرفه الموظف بشهر ويسدده طيلة 4 سنوات، ولم يخطر ببال واضع القرار أسئلة كثيرة يتوقف عندها كل مواطن..! هل أُخذ بعين الاعتبار كيف سيقوم الموظف بدفع هذا القرض طيلة تلك الفترة؟. وكيف ستكون حالته خلال الـ 4 سنوات؟

البعث ميديا- ابتسام جديد