الشريط الاخباريسلايدمساحة حرة

حلقات مفقودة في حياة شبابنا!

يرى البعض أن معظم الشباب السوري (اليوم وقبل الحرب) يصطدم بواقع متخبط غير واضح المعالم بعد تخرجه في الجامعة!

إلا أن الواقع غير ذلك، قديماً كان التلميذ في صف الخامس الابتدائي، يدخل منفرداً غرفة الإدارة ليجد أمامه مجموعة أوراق مطوية ينتقي منها واحدة، لتظهر له اللغة الأجنبية التي يجب أن يدرسها، وقد تأكد لي، عن تجربة، أن الأوراق قسمان، مجموعة مكتوب بها “إنكليزي”، ومجموعة أخرى مكتوب بها “فرنسي”، وهي غير مختلطة، وعليه، من الممكن أن يكون على بعض التلاميذ الوقوع في فخ اختيار اللغة الفرنسية فهي اللغة الأدنى لدينا.

ليست هذه أخطر المحطات التي مررنا بها، بل تتواصل العشوائية في التوزيع والانتقائية في مستقبل شبابنا في تحديد مصيره الجامعي على أساس المجموع العام في “البكلوريا”، وكما هو معروف يختلط في مناهجنا ما هو أدبي بما هو علمي، ويكون حظ الطالب الأقدر على الحفظ أكبر من الطالب القادر على المحاكمات العقلية والرياضية، ويبقى هامش للمتفوقين في الوصول الى كافة الاختصاصات، الا أن الوصول غالباً يكون بحكم المجموع، لا بحكم الرغبة أو القدرات، فليس كُل صاحب علامة عالية قادراً على أن يكون طبيباً ناجحاً على سبيل المثال.

الأمر يتعدى الاختصاص الجامعي إلى إيجاد فرصة العمل فأمام واقع محكوم بمعايير غير واقعية يكون لدينا مخرج التعليم محكوماً بالمعدلات والقبول الجامعي، ويبقى احتياج سوق العمل على الهامش، لتتعاظم أعداد الشباب العاطل عن العمل، فالفرص على قلتها ليست متاحة أمام الجميع نتيجة عدم التخطيط الصحيح لمخرجات التعليم.

تتحول المسألة لمشكلات مبنية على هذا الأساس، لنشاهد بعد فترة من يحمل شهادة الآداب يعمل موظف ديوان ونرى خريج الفنون مُدرساً للرياضيات والعلوم.

مسابقات التوظيف حلقة من حلقات اللاتنسيق في مستقبل شبابنا لأنها بالأساس لا تستند إلى التوصيف الوظيفي الدقيق (هو غائب تماماً في معظم مؤسساتنا) ناهيك عن الفساد والمحسوبية التي تلعب دورها في مثل تلك المسابقات.

يطول الحديث عن الحلقات المفقودة في حياتنا، الأمر الذي يتطلب إعادة نظر على المستوى الوطني لتلمّس خيوط البدء في بناء هياكل وظيفية وتربوية واجتماعية متناسقة منظمة يتم الاستناد اليها في بناء مستقبل البلاد، انطلاقاً من تنمية الموارد البشرية وتوجيهها وفقاً للشواغر والميزات النسبية والاحتياجات وبناء مؤسسات متناغمة مع المراحل التي تعيشها الدولة.

بلال ديب – belalwdeb@gmail.com