الشريط الاخباريسلايدمنوع

بين القبول والرفض الدروس الخصوصية… ضرورة تعليمية أم ظاهرة نفسية؟

فيما مضى كان الطلاب ينهلون العلم في المدارس الرسمية، يعتمدون على ما يقدمه المعلم في الصف، إذ يعي الطلبة أن الدرس لن يشرح مرة أخرى، لذا كان ذهنهم يقظا، ليعودوا إلى البيت يكتبوا واجباتهم ويحفظوا ما تلقوه معتمدين على أنفسهم  ومساعدة الأهل بعض الأحيان، حيثما استعصى عليهم شيء من الحل، وفي نهاية المطاف تتفقد الأم وظائف ابنها لتتأكد من سلامة متابعته واجباته وحفظه فروضه، أما خلال السنوات الماضية فقد انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية سواء بالبيت أو بافتتاح معاهد متابعة الطلاب، واليوم تفشّت هذه الظاهرة بشكل أكبر، فبات الاعتماد عند أغلب الطلاب على الدروس الخصوصية لا على المدرسة، فذهابهم إليها أصبح مجرد شكل روتيني لا أكثر، بينما بعضهم يعتمد على ما ينهله في المدرسة ويكتفي بمتابعة الأهل، إذ لا علاقة لهذا بالتفوق أو عدمه.

“بزنس” .. الدروس الخاصة.؟!

الدروس الخصوصية يلجأ إليها الآباء ليتميز أبناؤهم عن أقرانهم وهي في حقيقة الأمر مسألة مال “بزنس” . فمن يمتلك المال سوف يتمكن من مضاعفة قدراته ونجاحاته. أما الفقراء فلا مكان لهم في الدروس الخصوصية، كما أن  الدروس الخصوصية “سلاح ذو حدين” فهناك بعض المدرسين لا يقومون بواجبهم على أكمل وجه ليستغلوا الوضع لصالحهم.

من هنا انطلقنا في هذا التحقيق نستطلع الآراء حول أسباب انتشار هذه الظاهرة وأبعادها وتأثيرها على العملية التعليمية الرسمية ونتائجها على الطلبة وذويهم..؟؟؟

هل هي إلزامية؟!

أكد بعض ممن التقينا بهم أن الدروس الخصوصية تكون إلزامية في أحيان كثيرة، إذ أن عدداً من الأبناء بحاجة ماسة إليها من أجل تحسين مستواهم الدراسي وخصوصاً في المواد العلمية الصعبة، في حين يؤيدون المعاهد المختصة أكثر فهي على حد قولهم  أرحم ماديا من الدروس الخصوصية.

رأى هؤلاء: إن بعض المدرسين يميزون الطلاب الذين يعطوهم دروسا خصوصية في البيت عندهم فتكون العلامات من نصيبهم أكثر من أقرانهم من الطلاب الآخرين، فلذلك نضطر لتسجيل أولادنا عندهم، الأمر الذي يستنزف إمكانياتنا المادية.

ثمة سيدات بررن لجوؤهن للدروس الخصوصية لانشغالهن بدوامهن طيلة النهار ومن ثم بأمور البيت مما يضطرهن قبل الاختبارات أو الامتحانات للاعتماد على الدروس الخصوصية على أمل إنقاذ ما أمكن إنقاذه.

أجمع بعض الأهل أن المدرسة يجب أن تتكفل بتعليم الطالب بشكل سليم، ليبقى عليهم مسؤولية مراقبة دراسته في المنزل مع السماح له بأخذ الدروس الخصوصية في المادة التي يكون مستواه فيها ضعيف فقط.

أسباب انتشار الظاهرة

يعتقد بعض المستطلعين أن المعلمين لا يقومون بدورهم كمعلمين في المدرسة، وأمام طلابهم داخل قاعة الصف، ولكن يقومون بدورهم أمام طلابهم في المنزل خلال الدروس الخصوصية ، مما يضطر الأهل لتسجيل أبنائهم دورات خصوصية. عدا عن ضعف مستوى الطلبة

وعدم تأسيسهم بالشكل المطلوب والرغبة في الحصول على معدلات عالية، كما أن إصرار أولياء الأمور على الدروس الخصوصية هو من يشجع ويدفع بمدرسيّ الدروس الخصوصية لاستغلالهم، في ظل ضعف الرقابة على أداء المدرسين.”

لا.. “للاتكالية”!!

ينبه بعض الأهل لخطورة  مثل هذه الظاهرة،  ويرون ضرورة وضع الأبناء  أمام الأمر الواقع بعدم السماح لهم بالاعتماد على هذه الدروس سواء في المراكز أو في بيوت المدرسين، وأن يكون التعاون أولا في خلق طالب متفوق يبحث عن النجاح ويرغب في التعلم بدافع ذاتي، لأجل العلم وليس لمجرد الحصول على شهادة، كما يجب على الطالب أن يحدد لنفسه جدول عمل ينجز من خلاله دروسه ويتمم واجباته، ويكون أكثر اعتماداً على قدراته وإمكاناته، والعمل على تطويرها ، مع ترك “الاتكالية” التي يجنح إليها في كثير من الأوقات، وعندها سنجد الطالب الذي يلاحظ ويحلل ويستنتج ويتفوق.

في حين يرى بعضهم الآخر بعدم جدوى الدروس الخصوصية، وأن يكون الطلبة  على صلة بالمدرسة وبما تبذله  من جهود بهدف  تحسين أداء الطلبة، والدور الأكبر للمؤسسات التربوية التي يجب عليها أن تضع آلية للحد من هذه الظاهرة، ومراقبة المدرسين الذين يقدمون الدروس الخصوصية، وتوعية الأهالي بضرورة التأكد من إمكانيات هؤلاء المدرسين، مع مراعاة إذا كان ولابد من الدروس الخصوصية فحبذا لو كانت في المراكز المرخص لها من قبل الجهات المعنية،  كما أن وسائل الإعلام مطالبة بأن تقوم بدورات توعية ضد الآثار السلبية للدروس الخصوصية اجتماعياً ومادياً وعلمياً.

  نفسية لا تعليمية..

يرى المختصون النفسيون أن الدروس الخصوصية ظاهرة نفسية أكثر من كونها تعليمية، فهي تحرض الأهل وتشجع الأبناء على الطلب من أوليائهم التسجيل فيها، وأحيانا تولد الغيرة بين الطلاب ليس من باب المنافسة لتحصيل الدرجات العليا، وإنما من باب الغيرة فقط، وفي كثير من الأحيان تولد انعدام الثقة بالنفس لدى الطالب إذ لا يثق بما حصله في المدرسة ليندفع ويسجل في الدروس الخصوصية، كما للدروس الخصوصية آثارا سلبيةً واضحة كضعف علاقة الطالب بمعلمه ومدرسته، حيث يلجأ الطالب للاعتماد على مصدر آخر للتعلم خارج المدرسة، وعدم اهتمامه بالشرح داخل الصف بحيث يغيب الهدوء داخل القاعة الصفية وتعمّ الفوضى والأحاديث الجانبية في يقين

تام لديه بأن أستاذه الخصوصي سيلقنه ما فاته في الصف، كما تسهم بتقليل اعتماد الطالب على نفسه بفهم وتحليل ما يشرح داخل الصف فيلجأ لمعلمه الخاص في التبسيط وحل المشكلات التي تعترض فهمه، كما للدروس الخصوصية  آثارا سلبية إذ هناك أساتذة يجمعون أعدادا كبيرة من الطلاب في مجموعة واحدة مما يقلل من الفائدة المرجوة التي يبتغيها الطالب من الدروس، ومن المدرسين من يرتبط بأكثر من مجموعة مما يصيبهم بالإرهاق والتعب وبالتالي لا يحققون النتيجة المرجوة من دروسهم كما يجب، ألا ننسى أن بعض المدرسين ممن لهم شهرة واسعة وعالية وعليهم إقبال شديد يبالغون في المبالغ المادية التي يطلبونها مما يسبب إرهاقا لميزانية الأسرة.

المنفعة المتبادلة

خلاصة القول..  في خضم تباين الآراء ما بين الإيجاب والسلب، وللأسف، كفة السلبي أكثر رجحانا، وما بين الأسباب والدوافع التي تشجع أولياء الأمور على إتباع أولادهم الدورات الخصوصية، لا مشكلة في الدروس الخصوصية إذا كانت تراعي ظرف الطالب وتنصف المعلم، أي بالمحصلة الاستفادة العلمية التامة للطالب والإنصاف للمعلم بالحق والجهد لما يبذله مما يحقق تبادل المنفعة بين طرفي المعادلة المعلم والطالب.

البعث ميديا || تحقيق – ليندا تلي